طلب أميركي ـ أوروبي لعقد جلسة لمجلس الأمن حول السودان

تباين ردود الفعل الدولية على إطاحة البشير في انقلاب عسكري

أحد الضباط السودانيين محمولاً على الأكتاف بعد اعلان وزير الدفاع تنحية البشير (رويترز)
أحد الضباط السودانيين محمولاً على الأكتاف بعد اعلان وزير الدفاع تنحية البشير (رويترز)
TT

طلب أميركي ـ أوروبي لعقد جلسة لمجلس الأمن حول السودان

أحد الضباط السودانيين محمولاً على الأكتاف بعد اعلان وزير الدفاع تنحية البشير (رويترز)
أحد الضباط السودانيين محمولاً على الأكتاف بعد اعلان وزير الدفاع تنحية البشير (رويترز)

تباينت ردود الفعل على الانقلاب الذي وقع في السودان، أمس، وتراوحت بين دعوات بأن يعبر السودان هذه المرحلة بسلام وحكمة، وقالت مصر إنها تدعم خيارات الشعب السوداني، في حين دعت دول غربية إلى عقد جلسة طارئة مغلقة لمجلس الأمن حول السودان، وطالبت بأن تستجيب السلطات الجديدة في السودان لمطالب القوى المدنية والتحول الديمقراطي.
وقالت وزارة الخارجية المصرية، أمس، إن «مصر تتابع عن كثب وببالغ الاهتمام التطورات الجارية والمتسارعة التي يمر بها السودان الشقيق في هذه اللحظة الفارقة من تاريخه الحديث... وتؤكد في هذا الإطار دعم مصر الكامل لخيارات الشعب السوداني الشقيق وإرادته الحرة في صياغة مستقبل بلاده، وما سيتوافق حوله الشعب السوداني في تلك المرحلة المهمة، استناداً إلى موقف مصر الثابت بالاحترام الكامل لسيادة السودان وقراره الوطني».
وأعربت مصر، خلال بيان صادر عن وزارة الخارجية «عن ثقتها الكاملة في قدرة الشعب السوداني الشقيق وجيشه الوطني الوفي على تجاوز تلك المرحلة الحاسمة وتحدياتها بما يحقق ما يصبو إليه من آمال وطموحات في سعيه نحو الاستقرار والرخاء والتنمية... كما تؤكد مصر عزمها الثابت على الحفاظ على الروابط الراسخة بين شعبي وادي النيل، في ظل وحدة المسار والمصير التي تجمع الشعبين الشقيقين، وبما يحقق مصالح الدولتين الشقيقتين».
وأكد بيان الخارجية أن «مصر تدعو المجتمع الدولي إلى دعم خيارات الشعب السوداني، وما سيتم التوافق عليه في هذه المرحلة التاريخية الحاسمة»، كما «تناشد الدول الشقيقة والصديقة مساندة السودان ومساعدته على تحقيق الانتقال السلمي نحو مستقبل أفضل بما يحقق الطموحات المشروعة لشعبه الكريم». وأضاف البيان أن «مصر ستظل شعباً وحكومة سنداً ودعماً للأشقاء في السودان، وصولاً إلى تحقيق ما يصبو إليه الشعب السوداني من استقرار ورخاء».

- الدول الغربية
طلبت الولايات المتحدة وخمس دول أوروبية، أمس، عقد جلسة لمجلس الأمن الدولي لبحث الوضع في السودان عقب إطاحة الجيش بالرئيس عمر البشير. وقال دبلوماسيون إنهم يتوقعون أن يعقد المجلس جلسة مغلقة اليوم لبحث الوضع في السودان تلبية للطلب الذي قدمته الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وبلجيكا وبولندا. وطالبت واشنطن بأن يُسمح لمؤسسات المجتمع المدني بأن تشارك في المرحلة الانتقالية التي تفضي إلى تحول ديمقراطي، وحضّت السلطات السودانية على السماح للسودانيين بالتظاهر دون عنف آملةً في ألا تطلق قوات الأمن النار على المتظاهرين.
وكتب تيبور ناجي، مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون أفريقيا، على «تويتر»، قائلاً: «ندعو السلطات السودانية إلى احترام حقوق جميع السودانيين في التعبير عن شكواهم بشكل سلمي».
كما أعلن وزير الخارجية البريطاني، جيرمي هنت أن ما حدث في السودان لا يلبي مطالب الحراك الشعبي الذي تواصل في السودان على مدى الأشهر الأربع الماضية، مطالباً بإشراك الأحزاب السياسية في إدارة البلاد.
وأكد الاتحاد الأوروبي أنه يتابع عن كثب تطورات الوضع في السودان، مطالباً جميع الأطراف بالامتناع عن العنف وإطلاق عملية سلام. وخلال المؤتمر الصحافي اليومي بمقر المفوضية في بروكسل، أمس، قالت المتحدثة باسم منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد، فيديريكا موغيريني، إن الاتحاد يراقب التطورات المتسارعة في السودان عن كثب. وقالت مايا كوسيانيتش: «نحن ناشدنا جميع الأطراف الامتناع عن العنف والتصعيد، والعمل على إطلاق عملية سلام تأخذ بعين الاعتبار آمال الشعب السوداني في تحقيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية».
وفي موسكو، وصف المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، أمس، ما يجري في السودان بأنه «شأن داخلي»، معرباً عن أمله في عودة الأوضاع إلى الأطر الدستورية في السودان.
وقال بيسكوف في حديث للصحافيين: «نراقب الوضع عن كثب، ونأمل أولاً ألا يكون هناك تصعيد في الوضع يمكن أن يؤدي إلى خسائر بشرية. ونأمل كذلك أن يعود الوضع في السودان، في القريب العاجل، إلى الإطار الدستوري». وأكد ممثل الكرملين، أن روسيا تعتبر ما يجري في السودان حالياً من الشؤون الداخلية لهذه الدولة، قائلاً: «بالطبع، وبغضّ النظر عما يحدث، فما حدث هو شأن داخلي للسودان ويجب أن تحل الأمور هناك وفقاً لما يقرره السودانيون أنفسهم». وأعرب بيسكوف عن ثقته في أنه مهما كانت نتيجة ما يجري، فإن العلاقات الروسية السودانية ستكون من الاتجاهات الثابتة في سياسة السودان الخارجية.
وفي أنقرة، دعا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى مصالحة وطنية في السودان بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير في انقلاب عسكري. وقال إردوغان، الذي وسّع نطاق الاستثمارات التركية في السودان في الآونة الأخيرة، إن البلدين لديهما علاقات وطيدة تريد أنقرة الحفاظ عليها. وأضاف في مؤتمر صحافي بأنقرة: «أتعشَّم أن ينجح السودان في هذا الأمر بهدوء... وأعتقد أن عليه البدء في تفعيل عملية ديمقراطية طبيعية».
وانتقد الاتحاد الأفريقي الانقلاب العسكري الذي نفذه الجيش السوداني ضد الرئيس البشير، داعياً إلى الهدوء وضبط النفس. وقال رئيس مفوضية الاتحاد، موسى فقي، في بيان، إن «سيطرة الجيش على السلطة ليست الحل المناسب للتحديات التي يواجهها السودان ولتطلعات شعبه». وأضاف أن مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي سيجتمع «بسرعة، لبحث الوضع واتخاذ القرارات المناسبة». ودعا فقي «كل الأطراف المعنية إلى الهدوء والتزام أكبر قدر من ضبط النفس واحترام حقوق المواطنين والرعايا الأجانب والملكية الخاصة، بما فيه صالح البلد وشعبه».
وحثّ رئيس المفوضية الأفريقية أيضاً كل الأطراف على «الانخراط في حوار شامل لتهيئة الظروف التي تتيح تلبية تطلعات الشعب السوداني إلى الديمقراطية، والحكم الرشيد والرخاء، واستعادة النظام الدستوري في أقرب وقت ممكن».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».