«داعشي» طاجيكستاني: كثير من المقاتلين الأجانب إما قتلوا أو سجنوا

آلاف من دول آسيا الوسطى انضموا إلى التنظيم الإرهابي في سوريا والعراق

الطاجيكستاني عبد الأحد رستم نزاروف خلال حديثه بمخيم تابع لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في الرميلان بسوريا أمس (رويترز)
الطاجيكستاني عبد الأحد رستم نزاروف خلال حديثه بمخيم تابع لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في الرميلان بسوريا أمس (رويترز)
TT

«داعشي» طاجيكستاني: كثير من المقاتلين الأجانب إما قتلوا أو سجنوا

الطاجيكستاني عبد الأحد رستم نزاروف خلال حديثه بمخيم تابع لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في الرميلان بسوريا أمس (رويترز)
الطاجيكستاني عبد الأحد رستم نزاروف خلال حديثه بمخيم تابع لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في الرميلان بسوريا أمس (رويترز)

قال رجل طاجيكستاني انضم إلى «داعش» إن أجانب كثيرين ممن انضموا إلى دولة «داعش» التي أعلنها التنظيم من جانب واحد في العراق وسوريا تعرضوا إما للسجن أو القتل أثناء محاولتهم الفرار.
وقال الرجل (28 عاماً) الذي عمل ذات يوم سائق سيارة أجرة في موسكو إنه سلم نفسه لـ«قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة، في جيب الباغوز شرق سوريا؛ آخر معاقل التنظيم المتشدد، بعد محاولته الهرب على مدار سنوات.
وحضر مسؤولون من «قوات سوريا الديمقراطية» الحديث الذي أجرته «رويترز» مع عبد الأحد رستم نزاروف، وسجلوه، وذلك في مركز تابع لـ«القوات» في الرميلان بسوريا. ولم يتسن لـ«رويترز» التحقق من صحة ما قاله. وعرضت طاجيكستان العفو على الذين يتركون تنظيم «داعش» ويعودون لديارهم «بشرط ألا يكونوا قد ارتكبوا جرائم أخرى».
ويقول نزاروف إنه لم يقاتل قط في صفوف «داعش». وبدت أجزاء من روايته عن حياته متناقضة، في حين توافقت أجزاء أخرى مع ما قاله آخرون عن تنظيم «داعش»، بما في ذلك نظامه القضائي الصارم وهزيمته في نهاية الأمر. وقال نزاروف: «سجنت 3 مرات لمحاولتي الهرب. أردت أن آتي لمساعدة من تقمعهم الحكومة السورية. لأرى (داعش) بنفسي». وأضاف أن أغلب الرجال الأجانب الذين سافروا إلى سوريا كانوا ينقلون على الفور إلى الموصل في العراق للتدريب العسكري. وتابع أن بعضهم رفض وعوقب. وتحدث عن قسم قضائي خاص بـ«داعش» كان يتعامل مع الذين يحاولون الفرار أو يرفضون البيعة. وقال: «بعض الأصدقاء أعدموا... لأنهم لم يكونوا مستعدين للانتماء إلى (داعش)».
وقال نزاروف إنه حاول الفرار إلى تركيا عبر الحدود مع سوريا. وأضاف أنه أجرى اتصالات مع السلطات في طاجيكستان لترتيب تسليم نفسه إليها. وقال مسؤولون من وزارة الداخلية وجهاز أمن الدولة في طاجيكستان، طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم لأنهم غير مصرح لهم بالتعليق، إن الوزارة والجهاز لم يتلقيا أي طلب من نزاروف.
ويقدر أن آلافاً من دول آسيا الوسطى سافروا إلى سوريا والعراق للانضمام إلى تنظيم «داعش» منذ 2014 عندما أعلن تنظيم «داعش». وطُرد التنظيم من جميع الأراضي التي كان يسيطر عليها في العراق في عام 2017، ومن الباغوز؛ آخر جيب له في شرق سوريا الشهر الماضي.
وقال نزاروف إن «بعض الأجانب؛ ومنهم من دول آسيا الوسطى، سلموا أنفسهم، لكن أغلبهم قتلوا». وتابع: «كان هناك قناصة مدربون بين صفوف التنظيم جاءوا من الشيشان، وقتل أغلبهم في معارك، خصوصاً في الموصل وبيجي والرقة». وقال نزاروف إن «مقاتلي التنظيم حاولوا منع الرجال من تسليم أنفسهم إلى (قوات سوريا الديمقراطية) في الباغوز، وكانوا يحبسونهم في سيارات ويطلقون النار عليهم عندما يهربون في نهاية المطاف». وشملت حملة دعمتها الولايات المتحدة لإخراج تنظيم «داعش» من سوريا والعراق، معارك عنيفة مع المتشددين، خصوصاً في الموصل والرقة.
وقال نزاروف إنه التقى مرة مع جولمورود حليموف، وهو قائد عسكري طاجيكي انضم للتنظيم، في مقهى للإنترنت بالموصل كان يرتاده المتشددون.
وهو يعتقد أن حليموف قتل في إحدى المعارك. وتابع أنه يريد لمّ شمله مع زوجته الحبلى؛ وهي شيشانية موجودة الآن بمخيم «الهول» في سوريا؛ حيث يقيم نحو 60 ألفاً تمكنوا من الفرار أحياء من الباغوز. وقال: «طفلاي الآخران كانا يتضوران من الجوع في الباغوز».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.