جددت الحكومة الأردنية موقفها المعلن من غموض تفاصيل صفقة القرن التي من المتوقع أن يعلن عنها في وقت قريب على ضوء نتائج الانتخابات الإسرائيلية، إلا أن وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي، عبّر للمرة الأولى عن عزم بلاده «التحوّط» لما قد يأتي من تبعات صفقة القرن.
وجاءت تصريحات الصفدي، أمس الخميس، في لقاء في البرلمان الأردني مع لجنة الشؤون الخارجية، أعاد فيها التأكيد على أن «القضية الفلسطينية هي قضية الأردن المركزية»، وأن «حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يكمن بحل الدولتين وقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس على حدود 4 يونيو (حزيران) 1967»، وفق قرارات الشرعية الدولية والمبادرة العربية.
وتحدث الصفدي في السياق الذي تحدث عنه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني مرارا، عندما أطلق اللاءات الثلاث التي ترفض التوطين، والوطن البديل، والتنازل عن الوصاية الهاشمية عن المقدسات، فقال إن «الوطن البديل» قضية غير قابلة للنقاش، وليست مطروحة على طاولة البحث «ونرفض من حيث المبدأ التحدث بها».
وينطوي تصاعد وتيرة تصريحات مسؤولين أردنيين حيال القضية الفلسطينية خلال الأسابيع الأخيرة، على مخاوف واضحة من غموض حيثيات الصفقة، وهو ما عبّر عنه الوزير الصفدي نقلا عن مصدر نيابي حضر اللقاء قال لـ«الشرق الأوسط»: نريد أن نتحوط لما قد سيأتي ونعمل مع الأشقاء والأصدقاء»، لافتا إلى أن الأردن «لا يعرف ماذا ستقدم الولايات المتحدة في صفقة القرن».
واستخدام وصف «التحوّط» الذي ورد على لسان الوزير الأردني، ورد للمرة الأولى على مستوى التصريحات الرسمية، ولم يتطرق له بيان الخارجية الأردنية لاحقا، فيما كانت وكالة «هلا أخبار» المحلية، وهي الذراع الإعلامية للقوات المسلحة الأردنية (الجيش العربي) بثت التصريح، وفقا لما نقله المصدر البرلماني.
ولدى سؤال «الشرق الأوسط» عن معنى «التحوط» الذي جاء على لسان الصفدي، كشفت مصادر دبلوماسية عن إعداد الأردن خطة لمواجهة تداعيات وتفصيلات صفقة القرن، تحت عنوان عريض يرتكز بالأساس إلى «المحافظة» على المصالح الأردنية العليا المتمثلة بمصالح المملكة في قضايا الوضع النهائي. ولم تخف المصادر في حديثها «لـ«الشرق الأوسط»، بأن خطة المواجهة القادمة، قد لا تخلو من إعلان حجة قانونية تفند أي طرح لتسوية نهائية تتجاوز الحقوق الثابتة تاريخيا للفلسطينيين تم إعدادها كخطوة احتياطية استباقية، وفقا لأطر ونصوص قرارات الشرعية الدولية، وسلسلة الاجتماعات والمبادرات الأميركية التي تبعت معاهدة أوسلو خلال الثلاثين عاما الماضية، خصوصا أن الأردن هو أكبر الدول المستضيفة للاجئين الفلسطينيين، وتربطه أطول حدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة، بواقع نحو ٧٠٠ كم، ما يجعله طرفا في أي تسوية سياسية قادمة.
وعلى صعيد المخاوف الأردنية من عودة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لرئاسة الحكومة مجددا، لم تعتبر المصادر الدبلوماسية أن ذلك ينطوي على أي عنصر مفاجأة سياسيا، لما قالت إنه استمرار لنهج نتنياهو السابق الذي يعني تصاعد سياسات اليمين المتطرف، في ظل حظوته بثقل في الكنيست الإسرائيلي يسمح له بتشكيل حكومته في غضون الأسابيع القليلة القادمة، على أن استمرار نتنياهو لن يفضي إلى توافقات مع الطرف الآخر للنزاع وهم الفلسطينيون.
ومن هنا، رجحت المصادر الدبلوماسية التي فضلت عدم الكشف عن اسمها لـ«الشرق الأوسط»، أن مضامين صفقة القرن تدور حول التوصل إلى تسوية نهائية لقضية معقدة، وأن إطارها التنفيذي يحتاج لتوافق بين طرفي النزاع على الأرض.
وقالت المصادر: «صيغة ما يتسرب عن وثيقة صفقة القرن، هي حكم ذاتي للسكان، وليس على الأرض، وهو ما لا تستطيع السلطة الوطنية الفلسطينية قبوله بأي حال من الأحوال».
وفيما يتعلق بالضغوط التي تتعرض لها المملكة وشغلت مساحات لافتة في التصريحات الملكية والحكومية والإعلام الأردني، للتجاوب مع ما بات يعرف بصفقة القرن، قال رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن مفهوم الضغوط يتخذ شكلا مباشرا وغير مباشر، فيما رأى أن الضغط الحقيقي الأكثر تأثيرا على الأردن، يجسده استمرار الانقسام الفلسطيني الداخلي، والتراجع المستمر في مركزية القضية الفلسطينية في ظل بروز الأولويات الداخلية لدول الثقل العربي، على حد تعبيره.
الصفدي: الأردن «يتحوّط» لتبعات «صفقة القرن»
ذكّر أمام البرلمان باللاءات الثلاث التي أطلقها العاهل الأردني
الصفدي: الأردن «يتحوّط» لتبعات «صفقة القرن»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة