مرة أخرى، فعلها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. فقد خلد منافسه، رئيس حزب الجنرالات، بيني غانتس، إلى النوم في ساعات الفجر، وهو منتصر في الانتخابات، لكنه استيقظ، صباح أمس (الأربعاء)، وإذا بالنتيجة متساوية. واحتمالات أن يشكل نتنياهو الحكومة القادمة أكبر من احتمالاته هو.
على الرغم من المشهد المحرج، الذي ظهر فيه غانتس، وهو يلقي خطاب «النصر التاريخي»، فإنه كعادة الجنرالات لم يعترف بالهزيمة، ولم يرفع يديه مستسلماً، بل قال إن الأمور لم تنتهِ بعد، وقد تتغير الصورة عندما تنتهي لجنة الانتخابات من فرز أصوات الجنود. وإن احتمالات تشكيله الحكومة القادمة ما زالت قائمة. لكن رفاقه في قيادة الحزب، الذين لا يضعون على صدورهم نياشين، ولا على أكتافهم نجمات، بدأوا يعدون العدة لقبول النتيجة بشكل مختلف. فاعتبروا ما حققوه حتى الآن إنجازاً ضخماً، حتى لو بقي نتنياهو رئيساً للحكومة، وإنهم سيجلسون في المعارضة، ليشكلوا قوة فاعلة وكبيرة ونشيطة للتغيير المستقبلي.
بنيامين نتنياهو، من جهته، لم يتسرع مثل غانتس. فالنتيجة التي أعلنتها شركات الاستطلاعات، والتي كانت قد أشارت إلى فوز غانتس عليه بأربعة مقاعد، لم تقنعه. وقال إن لديه نتائج مختلفة. وعندما بدأ يظهر أنه تساوى في المقاعد مع غانتس، لكن معسكر اليمين ما زال متفوقاً (64 مقابل 56 مقعداً لمعسكر الوسط واليسار والعرب)، بدأ سلسلة اتصالات مع رؤساء أحزاب اليمين، واتفق معهم على التحالف في ائتلاف يميني. وفقط بعد 4 ساعات من ظهور غانتس، خرج إلى مؤيديه، وأعلن عن «نصر جبار».
لكن الصحيح هو أن أياً منهما لم يحقق نصراً جباراً، وأياً منهما لم يمنَ بهزيمة. فعلى الرغم من أن التنافس بينهما تحول إلى حلبة ملاكمة، تلقى كل منهما الضربات الشديدة في كل أنحاء جسده. والآن يعدون النقاط.
نتنياهو بدا فرحاً جداً بالنتيجة، مع أنه تساوى مع زعيم حزب تأسس فقط قبل شهرين. وهو يعرف لماذا. فقد أدار معركته الانتخابية بمراس شديد ومهنية عالية. نقلها إلى العالم، مجنداً إلى جانبه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي منحه الاعتراف بالقدس عاصمة ونقل السفارة الأميركية إليها، وعشية الانتخابات منحه هدية ثمينة هي الاعتراف بالقرار الإسرائيلي ضم الجولان السوري المحتل، وجند الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي قدم له هدية رفات الجندي المدفون في سوريا منذ 37 سنة. ورؤساء البرازيل وقبرص واليونان وتشيخيا وهنغاريا وتشاد الذين حجوا إليه في القدس الغربية. وعلى الصعيد الداخلي، أدار نتنياهو معركة عنصرية ضد المواطنين العرب ليكسب اليمين المتطرف، ونجح. وقام بتوحيد صفوف قوى اليمين المشتتة. وعندما رأى أنها تزداد قوة على حسابه، دخل حرباً شعواء معها، فحطم اثنين منها تماماً، حزب «اليمين الجديد» بقيادة وزير المعارف نفتالي بنيت ووزيرة القضاء أييلت شكيد، وحزب «هوية» بقيادة النائب الليكودي السابق، موشيه فاغلين، فلم يتجاوزا نسبة الحسم، وسقطا سقوطاً مدوياً. وهشم حلفاء آخرين له، مثل حزب وزير المالية، موشيه كحلون، (هبط من 10 إلى 4 مقاعد). وفي كل مرة، علا إلى العناوين موضوع ملفات الفساد المفتوحة ضده، حرص على طمسها، بإعلاء قضية أخرى إلى العناوين. وفي الأيام الأخيرة، توج هذه الحملة بنداءات الاستغاثة، التي قال فيها إن حكم اليمين يواجه خطر السقوط، ويحتاج إلى دعم اللحظة الأخيرة. وقد شهدت الساعتان الأخيرتان تحولاً في الصناديق لصالحه، إذ لبى كثير من مصوّتي اليمين نداءه، وتدفقوا إلى الصناديق، وهذا ما يفسر الفرق بين نتائج الصناديق النموذجية التي أعلنت في العاشرة، واعتمدت على التصويت خلال النهار، وبين النتائج الفعلية.
غانتس من جهته يستطيع القول إنه حقق إنجازاً هائلاً، إذ إنه خلال شهرين تمكن من إحراز 35 مقعداً، وهو الأمر الذي لم ينجح فيه أي حزب معارضة خلال عهد نتنياهو. وهو ما زال يأمل بتطور جديد، ولكنه، كما في معاركه في قيادة الجيش، تقدم خطوة كبيرة إلى الأمام، والآن يريد تحصين مواقعه المتقدمة هذه حتى ينقض على الهدف المركزي، رئاسة الحكومة، لاحقاً. وهو يؤكد أن الانتخابات القادمة قريبة، فحكومة نتنياهو لن تستمر طويلاً، وسيضطر إلى التخلي عندما توجه إليه لائحة اتهام في قضايا الفساد، وهو الأمر المتوقع حصوله في نهاية السنة الحالية، أو الربع الأول من السنة المقبلة. وحسب رأيه، فإن نتنياهو سيفشل في سن قانون جديد يمنع محاكمته.
لذلك، فإن حزب الجنرالات لم يستسلم أمام نتنياهو، ولا يزال يجابهه، من ساحة لأخرى.
تحليل إخباري: الجنرالات لا يستسلمون لنتنياهو
تزايد احتمالات أن يشكل الحكومة القادمة
تحليل إخباري: الجنرالات لا يستسلمون لنتنياهو
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة