تونس: هيئة الانتخابات تطلق حملة مكثفة لتسجيل 3.5 مليون ناخب

استعداداً للاستحقاقين الرئاسي والبرلماني المقررين نهاية السنة الحالية

TT

تونس: هيئة الانتخابات تطلق حملة مكثفة لتسجيل 3.5 مليون ناخب

في إطار التحضير للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في تونس نهاية السنة الحالية، أطلقت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات (هيئة دستورية تشرف على الانتخابات)، حملة لتسجيل نحو 3.5 مليون، ناخب يحق لهم التصويت لكنهم غير مسجلين في سجل الناخبين.
وأعلنت الهيئة عن افتتاح مركز «نداء» (خطوط هاتفية مجانية) يمكن من خلاله تلقي كافة التساؤلات والملاحظات والشكاوى، بالإضافة إلى إعلام المواطنين حول آخر مستجدات المسار الانتخابي. وفي هذا الشأن قال نبيل بافون، رئيس الهيئة الانتخابية: إن هذه الخطوة مهمة؛ لأن الشروع في تسجيل الناخبين التونسيين يمثل «الانطلاق الفعلي للمسار الانتخابي» في تونس. مشيراً إلى فتح 64 مكتب تسجيل داخل مقرات البعثات الدبلوماسية والقنصليات لفائدة التونسيين المقيمين بالخارج، موضحاً أن هيئة الانتخابات تساهم في التشغيل على المستوى المحلي ولو بصفة مؤقتة؛ لأنها تتعامل خلال فترة الانتخابات مع نحو 60 ألف متعاقد، بالاعتماد على ميزانية تقدر بنحو 139 مليون دينار تونسي (نحو 46 مليون دولار). وسيسهر على سير عمليات التسجيل خلال الانتخابات المرتقبة نحو 3 آلاف موظف، و350 منسقاً جهوياً.
وبخصوص الاستراتيجية المعتمدة لضمان تسجيل نحو 3.5 مليون مواطن غير مسجل، قال عادل البرينصي، عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، لـ«الشرق الأوسط»: إن أعداد غير المسجلين الذين يمنحهم الدستور حق الانتخاب تقدر بنحو 3.5 مليون ناخب، «وهو عدد مهم بإمكانه أن يؤثر على نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة نهاية السنة الحالية». مبرزاً أن الفئات المستهدفة تتكون من التلاميذ والطلبة الذين يتجاوز سنهم 18 سنة (السن القانونية للتصويت)، والعاطلين عن العمل، وربات البيوت والنساء، العاملات في القطاع الفلاحي، والمتقاعدين والمقيمين في دور المسنين، وغيرهم من الفئات الاجتماعية غير المصنفة، على حد تعبيره.
في سياق ذلك، كشف البرينصي عن تشكيل هيئة الانتخابات لفرق تسجيل تنتقل إلى النساء العاملات في القطاع الفلاحي قصد تسجيلهن داخل الضيعات الفلاحية، كما برمجت هذه الفرق زيارات إلى مراكز الصحة الأساسية، والمنشآت العمومية ومراكز التكوين المهني، والمعاهد والجامعات، والأسواق القارة والشعبية، وأثناء التظاهرات الثقافية، وفي الشوارع الرئيسية للمدن، وداخل الأحياء الشعبية والتجمعات السكنية.
لكن رغم هذه الجهود والبرامج، فإن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تخشى من تكرار مشكلة عزوف المواطنين عن المشاركة في الانتخابات، بعد أن ظهرت بوادر هذا العزوف خلال الانتخابات البلدية التي جرت في تونس في السادس من مايو (أيار) الماضي؛ إذ قدرت نسبة المشاركة بنحو 33.7 في المائة فقط، وهذا أحد الأسباب التي جعلت هيئة الانتخابات تسعى إلى تنفيذ خطة كبيرة لإقناع أكبر عدد من التونسيين بالمشاركة وأداء واجبهم الانتخابي.
على صعيد آخر، أعلن حزب النداء عن تركيبة المكتب السياسي المنتخب، التي تتضمن 32 عضواً بعد الانتهاء من عقد مؤتمره الانتخابي الأول. وضمت التركيبة الجديدة بالخصوص حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس الحالي ورئيس الهيئة السياسية قبل إجراء المؤتمر، وعبد الرؤوف الخماسي، المقرب من حافظ قائد السبسي، وناجي جلول وزير التربية السابق، وسلمى اللومي، مديرة الديوان الرئاسي، وسفيان طوبال، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب النداء.
ولئن أكدت سميرة بلقاضي، رئيسة المؤتمر الانتخابي الأول لحزب النداء، أنها لم تتلقَ أي طعن في قائمة أعضاء تركيبة المكتب السياسي، إلا أن فاطمة المسدي، النائبة في البرلمان عن حزب النداء، أعلنت من ناحيتها تقديم طعون لدى المحكمة الإدارية (المحكمة المكلفة الفصل في القضايا المتعلقة بتجاوز القانون)، بسبب وجود إختلالات قانونية عدة، على حد تعبيرها.
ولخصت المسدي أهم هذه الاختلالات في عدم مطابقة مراحل إنجاز المؤتمر لقانون الأحزاب على مستوى تحديد الآجال، أو ضبط لجنة الطعون، علاوة على وجود أسماء أشخاص تحوم حولهم شبهات ضمن الفائزين بعضوية المكتب السياسي، ومنهم أيضاً أعضاء بمكاتب تنفيذية لأحزاب سياسية أخرى.
يذكر أن القائمة المعلنة للمكتب السياسي لحزب النداء جرت بالتوافق بين ثلاث قوائم، كانت مرشحة لخوض الانتخابات، وسجلت نقائص عدة، وبخاصة على المستوى التنظيمي خلال المؤتمر، الذي امتد على أربعة أيام. وقد تمكن المؤتمر الانتخابي الأول لحزب النداء من انتخاب أعضاء اللجنة المركزية منذ يوم الاثنين الماضي، وهي تتكون من 217 عضواً في انتظار توزيع المهام والمسؤوليات القيادية داخل الحزب.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».