عبد العزيز السماعيل على خشبة المسرح...!

عبد العزيز السماعيل على خشبة المسرح...!
TT

عبد العزيز السماعيل على خشبة المسرح...!

عبد العزيز السماعيل على خشبة المسرح...!

إذا كان المسرح هو أبو الفنون، فإن الكاتب والسيناريست والفنان عبد العزيز السماعيل هو أبو المسرح السعودي الحديث بكل اقتدار! قضى أكثر من 45 عاماً من عمره على خشبة المسرح: ممثلاً ومؤلفاً ومخرجاً وناقداً ومُحّكِمَاً وإدارياً ومشرفاً...
حمل هموم المسرح ومعاناة المسرحيين على ظهره، ووقف على الخشبة يقّدم أعمالاً تنضح بالوعي كمسرحية «تراجيع» ومسرحية «الملقن»، حتى مسرحيته الشهيرة «موت المغني فرج».
آمن السماعيل بالمسرح، باعتباره الأسلوب الأدائي الأمثل للتعبير والحوار والنقد مستخدماً الحكاية والخيال، لخلق مساحات مشتركة بعيدة عن التعصب والانغلاق. وعلى رأي الكاتب والروائي والمسرحي الأميركي آرثر ميلر: «رغم تهديدات الحروب... فإن على الفن بامتداده الرقيق، ولكن الطويل المدى أحياناً، أن يتحمل عبء تماسك وترابط المجتمع البشري».
ليس لدينا إرث مسرحي عريق، فمن سوء الحظّ أن تراثنا المسرحي قليل جداً ومتأخر عن بقية الدول، والتجارب التي أمامنا شهدت منذ نشأتها انكسارات حادة ليس أقلها الموقف المضاد للفنّ والإبداع والعمل المسرحي. نعلم أن المسرح العربي تأسس قبل نحو 160 عاماً على يد مارون النقاش (1817 - 1855) الذي قدم أول مسرحية عربية عام 1847 في بيروت حملت اسم «البخيل»، لكّن هذا الفن احتاج إلى أكثر من قرن حتى يتبرعم وينمو ببطء في السعودية، فقد شهدت الخمسينات أولى بوادر التجربة المسرحية السعودية، حين أسس أحمد السباعي مسرح قريش في مكة المكرمة، واختار مسرحية «صقر قريش» لتُعرض في ليلة الافتتاح، رغم أن هذه التجربة تعرضت للإجهاض قبل أن ترى النور.
ورغم الأسماء اللامعة التي تركت بصماتها في حركة المسرح السعودي فإن عبد العزيز السماعيل يختلف عن الكثير بأنه تدرج في كواليس العمل المسرحي وانخرط في تفاصيله، وقدّم تجربة متكاملة وذات رؤية وفلسفة واعية وناضجة بأهمية المسرح ودوره في الحياة العامة وفي نهضة الأمم والشعوب.
في نهضتها الجديدة لإحياء الثقافة وجعلها رافداً مهماً لجودة الحياة، أطلقت وزارة الثقافة السعودية 27 مبادرة (تنتمي إلى 16 قطاعاً ثقافياً) لتحقيق ثلاثة تطلعات: تكريس الثقافة كنمط حياة في المجتمع، والثقافة من أجل النمو الاقتصادي، والثقافة من أجل تعزيز مكانة المملكة الدولية... ونصّت المبادرة السادسة على تأسيس «الفرقة الوطنية للمسرح»، وكتفعيل لهذه المبادرة تمّ تعيين المسرحي عبد العزيز السماعيل رئيساً للفرقة الوطنية للمسرح، وهو القرار الذي يؤكد الثقة بأن الجهاز الجديد للثقافة يعتمد على كفاءات حقيقية قادرة على التفكير والحركة والإبداع.
سألت عبد العزيز السماعيل: ماذا يعني لك المسرح، في ظل ثورة الاتصال؟ فأجاب: «جميع وسائل التعبير الفني والثقافي المعروفة، ويمكن أن نضيف إليها وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي الحديثة كافة مهمة وحيوية لكنها لا تحقق ما يحققه المسرح في اتصاله المباشر الحيوي بين الممثل والجمهور».
ثم يقول السماعيل: «المسرح فنّ بحجم الحياة تماماً، لا أقل ولا أكثر، وما تراه على الخشبة دائماً هو القائم الآن وهنا في هذا الوقت، هذا هو سر المسرح وحاجتنا إليه لعكس واقعنا وتطلعاتنا الطموحة إلى المستقبل القريب في إطار رؤية الدولة والمجتمع 2030».
أما عن تطلعاته فيقول: «يمكن أن نقول بأنه المسرح الذي سيحقق المعادلة المهمة بين الفكرة الأصيلة والفرجة الماتعة والفائدة الثقافية المرجوة منه، من دون أن نفقد هويتنا ولا ثقافتنا ولا تميز قدراتنا المسرحية المحلية، هو مسرح المستقبل الذي نتمناه».



الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر العراقي الراحل كمال سبتي

الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر العراقي الراحل كمال سبتي
TT

الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر العراقي الراحل كمال سبتي

الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر العراقي الراحل كمال سبتي

تصدر قريباً الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر العراقي كمال سبتي (1955 - 2006)، أحد أهم شعراء ما عُرف بجيل السبعينات في العراق. متضمنة ثمانية دواوين، مستهلةً بديوان «وردة البحر ـ 1980»، ومختتمةً بـ«صبراً قالت الطبائع الأربع ـ 2006». هنا نص مقدمة هذه الأعمال التي ستصدر عن «دار جبرا للنشر والتوزيع ـ الأردن»، وبالتعاون مع «دار النخبة للتأليف والترجمة والنشر - لبنان».

وقد كتب مقدمة المجموعة الكاملة الشاعر العراقي باسم المرعبي، التي جاءت بعنوان «كمال سبتي... المرافعة عن الشعر» ويقول فيها:

«يحتاج شعر كمال سبتي، بالمجمل، إلى جَلَد عند قراءته، فهو على نقيض الكثير مما هو شائع من تقنيات شعرية تعتمد البساطة والعفوية والمباشرة، مع عدم تسفيه هذه النزعات الأسلوبية، طالما أن الشعر كقيمة وجوهر يبقى مُصاناً، غير منتهَك به. على أنّ إشاحة الشاعر عن مثل هذا الاتجاه ومخالفته، لم يجعل شعره غامضاً أو عصيّاً.

شعر مثقل بالمعنى ومزدحم به، لأنه ذو مهمة توصيلية، وهو يتطلب إصغاءً وإعمال فكر. والقصيدة لدى كمال معمار ذهني - فكري ونفسي، في الآن ذاته، يستمدّ فيها الشاعر مادته من مغاور النفس والسيرة الشخصية، فضلاً عن استثمار راهن التجربة الحياتية، مشظّياً كلّ ذلك في النص، صراحةً أو رمزاً. دون أن يستثني مادة الحلم من استثماره الفني والموضوعي، وهو ما يُتبيَّن أثره في نصوصه، لا سيّما النصوص النثرية الطويلة، المتأخرة، ليتصادى ذلك مع قراءات الشاعر في الرواية أو اعتماده السينما مصدراً مفعّلاً في كتابته الشعرية. وعن هذه الأخيرة قد أشار إلى ذلك الشاعر نفسه في واحد من الحوارات التي أُجريت معه، ليرقى كلّ ذلك إلى أن يكون جزءاً عضوياً من تجربته الحياتية، الذهنية هذه المرة، مُسقَطة بالمحصلة على القصيدة، لتنعكس خلالها حركةً وتوتراً درامياً. وهو ما ينسحب بالقدر ذاته على نزوع الشاعر في سنواته الأخيرة إلى قراءات في التصوف والقرآن والتراث، ما نجمَ أثره بشكل جلي، في مجموعته الأخيرة «صبراً قالت الطبائع الأربع»، وإلى حد ما في المجموعة السابقة لها. وهو فارق يلمسه القارئ، إجمالاً، بين المنحى الذي اتخذه شعر كمال سبتي في السبعينات أو الثمانينات وما صار إليه في التسعينات وما بعدها. وعلى الرغم مما ذهب إليه الشاعر من مدى أقصى في التجريب الكتابي مسنوداً برؤية يميزها قلق إبداعي، شأن كلّ شاعر مجدّد، إلا أنه وبدافع من القلق ذاته عاد إلى القصيدة الموزونة، كما تجسد في كتابيه الأخيرين. وكان لقراءاته المذكورة آنفاً، دورها في بسط المناخ الملائم لانتعاش هذه القصيدة، ثانيةً، وقد بدت محافظة في شكلها، لكن بالاحتفاظ بقدر عال ورفيع من الشعرية المتينة، المعهودة في شعر كمال سبتي، وبدافع من روح المعنى الذي بقي مهيمناً حتى السطر الأخير، لأن الشعر لديه مأخوذ بجدية حدّ القداسة، وهو قضية في ذاتها، قضية رافع عنها الشاعر طوال حياته بدم القلب.

تصدر هذه الأعمال في غياب شاعرها، وهو ما يجعل من حدث كهذا مثلوماً، إذ عُرف عن كمال اهتمامه المفرط بنتاجه وتدقيقه ومتابعته، واحتفائه به قبل النشر وبعده، لأن الشعر كان كل حياته، هذه الحياة التي عاشها شعراً. فكم كان مبهجاً، لو أن مجموع أعماله هذا قد صدر تحت ناظريه.

ولأهمية هذه الأعمال وضروة أن لا تبقى رهينة التفرّق والغياب، أي في طبعاتها الأولى المتباعدة، غير المتاحة للتداول إلّا فيما ندر، ولأهمية أن تأخذ مكانها في مكتبة الشعر، عراقياً وعربياً، كانت هذه الخطوة في جمعها ومراجعتها وتقديمها للنشر. وقد كان لوفاء الصديق، الفنان المسرحي رياض سبتي، لشقيقه وتراثه الشعري، دوره الحاسم في حفظ مجموعات الشاعر، ومن ثمّ إتاحتها لكاتب سطور هذه المقدمة، حين تم طرح فكرة طباعتها ونشرها، إسهاماً في صون هذا الشعر وجعله قابلاً للانتشار من جديد، بما يجدر به».

من المجموعة الكاملة:

«الشاعر في التاريخ»

الرجل الجالسُ في المكتبة

مورّخٌ يكتبُ عن شاعرٍ

الرجل الهاربُ في سيرةٍ

مشرّدٌ في الليل كالليلِ

رغيفهُ باردْ

رغيفهُ واحدْ

عنوانه مصطبة

محطّةٌ مغلقةُ البابِ

الرجلُ الخائفُ في سيرةٍ

يغيّر الشكلَ تباعاً، فمرّةً

بلحية كثةٍ

ومرّةً بشاربٍ، ثمّ مرّةْ

بنصفِ قلبٍ حائرٍ في الطريقْ

يسيرُ فوقَ جمرةٍ، ثمّ جمرةْ

تلقيه فوقَ جمرةٍ، في الطريقْ.