مستشار الجيش الليبي: نستعد لمعركة طويلة مع المتطرفين وندعو العالم لدعمنا

قال لـ {الشرق الأوسط} إن «الإخوان» قسموا البلاد لبرلمانين وحكومتين.. ومصراتة تسعى لتكون عاصمة لإقليم الغرب

أحد المسلحين يرفع شارة النصر بعد السيطرة على مطار طرابلس الدولي أمس (أ.ف.ب) وفي الاطار مستشار الجيش الوطني الليبي محمد بويصير
أحد المسلحين يرفع شارة النصر بعد السيطرة على مطار طرابلس الدولي أمس (أ.ف.ب) وفي الاطار مستشار الجيش الوطني الليبي محمد بويصير
TT

مستشار الجيش الليبي: نستعد لمعركة طويلة مع المتطرفين وندعو العالم لدعمنا

أحد المسلحين يرفع شارة النصر بعد السيطرة على مطار طرابلس الدولي أمس (أ.ف.ب) وفي الاطار مستشار الجيش الوطني الليبي محمد بويصير
أحد المسلحين يرفع شارة النصر بعد السيطرة على مطار طرابلس الدولي أمس (أ.ف.ب) وفي الاطار مستشار الجيش الوطني الليبي محمد بويصير

قال مستشار الجيش الوطني الليبي، محمد بويصير، لـ«الشرق الأوسط»، إن الجيش الذي أخذ الشرعية من البرلمان المنتخب الجديد، يستعد لمعركة طويلة مع المتطرفين، خاصة بعد سيطرة ميليشيات مصراتة على مطار طرابلس وحرقه أمس، وأكد على أن الجيش الوطني يدعو العالم للوقوف مع ليبيا في هذه المرحلة الخطرة التي يحاول فيها المتطرفون السيطرة على مقادير البلاد باستخدام القوة على الأرض، مشيرا إلى أن عدد الدبابات التي تملكها ميليشيات مصراتة يفوق عدد الدبابات التي تمتلكها دولة مثل تونس. واتهمت مصادر سياسية ليبية، وصلت أخيرا للتباحث مع الجانب المصري بشأن التطورات في الداخل الليبي، جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا التي ينتمي الكثير من قادتها لمدينة مصراتة الواقعة إلى الشرق من العاصمة طرابلس، بالتسبب في تقسيم البلاد لبرلمانين، أحدهما في الشرق والآخر، المنتهية ولايته، في الغرب، قائلة إن مصراتة تسعى لتكون عاصمة لإقليم الغرب، بينما أوضح بويصير في رده على أسئلة «الشرق الأوسط» أن الواقع على الأرض يقول إن الأمور «متجهة إلى مجلسين تشريعيين وحكومتين، وهناك أسماء مرشحة لرئاسة الحكومة في الغرب، من بينها عمرو سليمان الحاسي، حيث إن هذا الاسم بدأ يطرح هناك بالفعل».
وينتمي عمرو سليمان الحاسي إلى الجماعة الليبية المقاتلة التي تأسست في أواخر ثمانينات القرن الماضي في أفغانستان، ودخلت في مواجهات مع نظام العقيد الراحل معمر القذافي في منتصف التسعينات، ومن أبرز قادتها عبد الحكيم بلحاج الذي يصفه البعض بأنه أصبح بمثابة قائد جهاز مخابرات جماعة الإخوان وحلفائها من المتطرفين في ليبيا، رغم نفي بلحاج هذه المزاعم.
ومن جانبه أضاف مستشار الجيش الوطني الليبي أنه «للأسف ليبيا تستعد لمرحلة صعبة سيكون فيها برلمانان وحكومتان»، مشيرا إلى أن عملية حرق مطار طرابلس أمس وإشعال النيران في مبنى الركاب بالكامل، تعد عملية تخريبية، حيث إن هناك حديثا عن أن ميليشيات مصراتة ومن معها تريد تغيير قواعد الجغرافيا، و«يريدون طرابلس أن تكون تابعة لمصراتة أو شيئا من هذا القبيل، وبالتدريج يمكن أن يصلوا إلى تكوين دولة في المنطقة الغربية عاصمتها مصراتة، لأن معظم عناصرهم هم أساسا من مصراتة، واستغلوا ما يسمونه إنجازا بدخول مطار طرابلس، للعودة إلى السلطة، (من خلال إحياء عمل المؤتمر الوطني المنتهية ولايته)، رغم أن ما يعد إنجازا بدخول المطار ما هو إلا إنجاز تكتيكي، كما أراه، لأن المطار أصلا يعد منطقة سقطت سلفا.. هم أرادوا استغلال عملية المطار في الإعلان عن العودة للسلطة». وقال بويصير إن المجموعة التي تريد السيطرة على البلاد بالقوة «هم من رفضوا العملية الديمقراطية»، مشيرا إلى مشاورات جرت في السابق مع أطراف معنية بالشأن الليبي من الداخل والخارج، ومن بينهم السفيرة الأميركية في ليبيا، وأن الصورة التي جرى التحدث بشأنها تتلخص في أن التوجه المدني هو الذي ينبغي أن ينتصر من أجل إقامة دولة القانون وحماية المواطنين، والابتعاد عن حكم المجموعات المتشددة التي أدخلت البلاد في معارك دينية وجهوية يدفع الشعب الليبي ثمنها من استقراره وأمواله ومستقبله، مشيرا إلى أن الليبيين قاموا بالثورة من أجل الحرية والكرامة والعدالة، وبناء الدولة.
وتابع قائلا إنه ينبغي عدم تجاهل أمر مهم، وهو أن القيادات التي برزت على السطح عقب «ثورة 17 فبراير (شباط)» لم ينتخبهم أحد، وإنما جرى جمع السلطة وإعطاؤها لهم، ولا يريدون الإقرار بالتحولات التي يرغب فيها الليبيون خاصة بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة. وأضاف: «على سبيل المثال.. المفتي (مفتي البلاد) وخالد الشريف (في وزارة الدفاع) وبلحاج لم ينتخبهم أحد، ولكن جمعت السلطة وأعطيت لهم، وهؤلاء وغيرهم وضعوا الدولة تحت سيطرتهم، ولا يريدون ترك السلطة». وقال إنه، في السنوات الثلاث الأخيرة، تكونت طبقة اجتماعية جديدة تعيش في الفيلات التي كانت تخص النظام السابق، وينعمون بالسلطة ومقدرات الدولة، ولا يريدون التخلي عن هذه المميزات.. البعض يحصل على تعويضات تقدر بـ300 ألف دينار ليبي في السنة (الدولار يساوي نحو 1.3 دينار)، وأعرف منهم أشخاصا كانوا يعيشون على المساعدات الاجتماعية والآن يعيشون في فلل من ثلاثة طوابق، كما أن المال الليبي العام جرى الإنفاق منه على حروب المتشددين في العراق وسوريا.
وتابع قائلا إن هناك نحو 170 مليار دينار ضاعت خلال فترة الحكم الأخيرة.. «ومبالغ كبيرة لا أحد يعرف عنها شيئا إلا هم. فكيف تتوقع أنهم يتركون هذه السلطة؟! هم الآن أقوى».
وعن إمكانات الجيش الوطني الذي يقوده اللواء خليفة حفتر، قال إنه يتحسن، وإن هذا الجيش يمكن الاعتماد عليه لاستعادة الدولة الليبية كما يريدها الليبيون لتحقيق العدالة والأمن والاستقرار، وتوفير الخدمات للجميع.. وقال إنه «يوم انطلاق حفتر لم يكن معه أكثر من 35 شخصا، وإن حفتر أعلن عملية الكرامة موقفا لتنبيه الجميع إلى المنزلق الذي تسير فيه البلاد بسبب المتطرفين، وهاجم المعسكرات الخاصة بهم.. الآن أوضاعه أفضل، وما زال يحتاج إلى وقت».
وفيما يتعلق بمطار بنينة، وهو المطار الرئيس في بنغازي، قال إنه «الآن مهدد. نحن أمامنا معركة طويلة وعلى العالم أن يقف معنا». وأضاف أنه يجري حاليا توجيه رسالة لسفراء العالم لمساعدة الجيش الوطني الليبي، «لأن الجيش الوطني أصبح منذ أمس، ووفقا للبيان الذي أصدره البرلمان، هو الجيش الرسمي للدولة. ولا يصح الصمت على ما تقوم به أطراف إقليمية معروفة في تخريب ليبيا».
وعن الموقف في بنغازي.. قال إنه «من ناحية الجيش أخذ مواقع من المتطرفين، وهم يحاولون السيطرة على مطار بنينة، وهم يقصفون بنينة من مناطق سيدي منصور ومن بوعطني.. القصة متداخلة والجماعة في المرج (مقر قيادة حفتر) قالوا لي إنه لا يوجد قلق، ويسيطرون على الوضع».
وعن معركة طرابلس الأخيرة التي دخلت فيها قوات مصراتة إلى المطار، قال إن «ما حدث في طرابلس هو نصر تكتيكي.. قوات الجيش الوطني فيها عناصر من كل مناطق الغرب، وهم (ميليشيات مصراتة) قصفوا المطار بكل أنواع الأسلحة حتى صواريخ سكود التي جرى استخدامها من خلال حاملتين.. وكذا الهاون والصواريخ من نوع جو جو، حيث استخدموها صواريخ أرض أرض.. الآن نسعى إلى تحقيق التوازن معهم، ولا تنسى أنهم أمضوا السنوات الثلاث والنصف الماضية وهم يجهزون أنفسهم، ولديهم دبابات أكثر من دبابات دولة تونس».
وأضاف: «رجالنا انسحبوا للخلف ناحية ورشفانة والمعركة لم تنته». وقال إن داعش (تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا) حين انتفض مرة واحدة في العراق هرب الجيش. ونحن نواجه ظاهرة مماثلة وشبيهة بداعش مع الفارق، وغرروا بالشباب، بينما كثير من القبائل الأخرى لم تدفع بأبنائها في المعركة بعد. وأفضل ما قام به حفتر هو توحيد القوات الليبية.
وعن العلاقة بمصر قال إن «القاهرة لم تنم كما لم ننم بعد دخول (قوات مصراتة) لمطار طرابلس.. نحن بيننا وبين مصر رباط، حيث تنتشر العشائر الليبية في مصر، وأمن ليبيا من أمن مصر، والعكس صحيح».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.