أسفرت جولة المحادثات الموسعة التي أجراها الرئيس فلاديمير بوتين مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان، أمس في موسكو، عن إطلاق «مرحلة جديدة في العلاقات الثنائية» وفقاً لتصريح دبلوماسي روسي، أشار إلى تفاهم الرئيسين على توسيع مجالات التعاون بشكل غير مسبوق. وبرز تأكيد الطرفين عزمهما على إتمام صفقة تزويد تركيا بأنظمة صاروخية روسية متطورة من طراز «إس 400» على رغم الاعتراضات الأميركية، لكن اللافت أن بوتين تعمد الإشارة إلى أن التعاون العسكري بين البلدين سوف يشمل طرازات كثيرة من الأسلحة والتقنيات الحربية الروسية الحديثة، في رسالة بدت موجهة بشكل مباشر إلى واشنطن.
وعقد الرئيسان جولة محادثات ثنائية أمس، قبل أن ينتقلا معاً للمشاركة في جلسة أعمال «المجلس الحكومي المشترك للتعاون»، وأكدا خلال اللقاء على الأهمية التي يوليها الطرفان لتعزيز التعاون في المجالات المختلفة. وقال إردوغان إن روسيا تعد ثالث أكبر شريك تجاري لتركيا، مؤكداً توجه الطرفين لتجاوز سقف 100 مليار دولار في حجم التبادل التجاري، علما بأن حجم التبادل التجاري حالياً لا يزيد على 30 مليار دولار.
ولفت إردوغان إلى أن البلدين يعملان من أجل الانتقال في أسرع وقت ممكن لاستخدام العملات الوطنية في التبادلات التجارية الثنائية. وشكل هذا التأكيد تحدياً جديداً لواشنطن، عززه بوتين من خلال الإعلان عن اتفاق الطرفين على توسيع حجم التعاون العسكري، الذي أطلقه الطرفان في عام 2017 من خلال توقيع عقد لتزويد أنقرة بصواريخ «إس 400» الروسية وهو العقد الذي سيبدأ تنفيذه بوصول الأنظمة الصاروخية إلى تركيا في يونيو (حزيران) المقبل. وكان هذا العقد أثار استياء واسعاً لدى واشنطن التي لوحت بتقليص تعاونها مع أنقرة في المجال العسكرية.
وقال بوتين أمس إن مشروعات تزويد تركيا بالأسلحة وغيرها من العتاد العسكري الروسي لا يقتصر على صفقة «إس - 400»، موضحاً أن «لدى الطرفين مشاريع مستقبلية أخرى على جدول الأعمال تتعلق بتزويد تركيا بالمنتجات العسكرية الروسية الحديثة». وأشاد بتطور «الاتصالات بشكل فعال عبر وزارتي الخارجية والدفاع، والتعاون العسكري التقني. أي أن هناك حزمة كبيرة من القضايا التي نعمل على تطويرها».
كما استعرض الرئيسان خلال المحادثات سير تنفيذ مشروعات طاقة استراتيجية بين البلدين، وأبرزها محطة «أكويو» الكهروذرية وأنبوب إمدادات الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا «السيل التركي».
وقال بوتين، خلال الاجتماع إن «بناء محطة أكويو بحاجة لجذب تمويل إضافي، مشيرا إلى استعداد أطراف للمشاركة في المشروع».
ويتضمن المشروع وهو الأول من نوعه في تاريخ التعاون الروسي التركي بناء 4 مفاعلات تبلغ الطاقة الإنتاجية لكل منها 1200 ميغاواط بتكلفة 20 مليار دولار. وفيما يتعلق بمشروع مد أنبوب الغاز من روسيا إلى تركيا «السيل التركي»، شدد بوتين على ضرورة الانتهاء من بناء محطة استقبال الغاز، حتى يصبح بالإمكان بدء تشغيل الأنبوب قبل نهاية هذا العام.
وأعلن بوتين أن روسيا وتركيا ستطلقان منصة استثمارية بقيمة مليار دولار لتمويل المشاريع المشتركة بين البلدين. وأكد أن الحكومة الروسية ستواصل العمل لتهيئة الظروف المناسبة للعمل للشركات الأجنبية في روسيا. وأشاد باهتمام الشركات التركية بالاستثمار في روسيا.
ومع الملفات الاقتصادية والتعاون العسكري، أعرب الطرفان عن نيتهما تعزيز التنسيق في كل الملفات السياسية المطروحة، بما في ذلك الأزمات العالقة في المنطقة. وكان إردوغان استبق اللقاء بإعلان نيته مناقشة «الخطوات الأميركية، التي تنتهك القانون الدولي خاصة اعترافها بسيادة إسرائيل على الجولان السوري، وكذلك السياسة التي تتبعها إسرائيل مع الفلسطينيين بدعم أميركي، ومكافحة الإرهاب». وشدد إردوغان على أن الضفة الغربية «أرض فلسطينية بالتأكيد»، مضيفاً أن «كل عمل يقوم به نتنياهو منافٍ للقانون الدولي»، في إشارة إلى تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخيرة حول احتمال ضم أجزاء من الضفة الغربية، وقال إن هذا الموضوع محور مهم للنقاش مع القيادة الروسية.
القمة الروسية ـ التركية تفتح «مرحلة جديدة» في العلاقات
موسكو وأنقرة تتحديان الاعتراضات الأميركية بتوسيع التعاون العسكري
القمة الروسية ـ التركية تفتح «مرحلة جديدة» في العلاقات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة