ردود الأفعال العراقية حيال مجزرة المسجد تظهر عمق الهوة الطائفية في البلاد

الكثيرون لا يتوقعون إلا القليل من العملية السياسية.. لكنها تبقى الأمل الوحيد

جنود ومتطوعون ينتشرون الجمعة الماضية في قرية بمحافظة ديالى التي شهدت مجزرة في مسجد قضى فيها عشرات المصلين على أيدي مسلحين ورد أنهم من ميليشيا شيعية (رويترز)
جنود ومتطوعون ينتشرون الجمعة الماضية في قرية بمحافظة ديالى التي شهدت مجزرة في مسجد قضى فيها عشرات المصلين على أيدي مسلحين ورد أنهم من ميليشيا شيعية (رويترز)
TT

ردود الأفعال العراقية حيال مجزرة المسجد تظهر عمق الهوة الطائفية في البلاد

جنود ومتطوعون ينتشرون الجمعة الماضية في قرية بمحافظة ديالى التي شهدت مجزرة في مسجد قضى فيها عشرات المصلين على أيدي مسلحين ورد أنهم من ميليشيا شيعية (رويترز)
جنود ومتطوعون ينتشرون الجمعة الماضية في قرية بمحافظة ديالى التي شهدت مجزرة في مسجد قضى فيها عشرات المصلين على أيدي مسلحين ورد أنهم من ميليشيا شيعية (رويترز)

كان السياسيون العراقيون يجتهدون للوفاء بالمهلة الدستورية من أجل تشكيل الحكومة الجديدة، عندما دخل رجلان ملثمان إلى مسجد سني في قرية بعيدة وفتحا النار الجمعة الماضية، مما أسفر عن مقتل العشرات من المصلين.
وخلال ساعات، أعلن زعماء السنة انسحابهم من المفاوضات، وتجمدت العملية السياسية مرة أخرى وعلى نحو مفاجئ إثر ذات الانقسامات الطائفية التي أفسدت هذا البلد من قبل.
ويعد تشكيل حكومة جديدة وجامعة يمكنها أن تحظى ببعض الدعم من السنة والشيعة على حد سواء من الخطوات الحيوية والضرورية لمواجهة مسلحي تنظيم «داعش» الذين اكتسحوا العراق، واستولوا على الأراضي وسيطروا على المدن الكبرى في الشمال والغرب. وقد أشاد الرئيس باراك أوباما بتعيين رئيس الوزراء الجديد، حيدر العبادي، ويأمل العديد من المراقبين أن يعمل العبادي على إبطال سياسات خلفه، نوري المالكي، الذي وجهت له اتهامات بتهميش الأقلية السنية وفتح الطريق، فعليا، أمام تقدم الجماعات المتشددة.
لكن لا يمكن إبطال تلك السياسات، التي تضمنت تنشيط الميليشيات الشيعية واعتقال العديد من السنة وتوجيه ضربات عسكرية ضد المناطق السنية تحصد أرواح المدنيين، إلا من خلال حكومة جديدة. وتكمن المشكلة هنا الآن، والتي أبرزتها تداعيات الهجوم الأخير على المسجد، في أن الاستقطاب الطائفي ازداد عمقا، مما يجعل من العسير تشكيل مثل تلك الحكومة المنشودة.
ويميل السنة والشيعة إلى مشاهدة العديد من القضايا الداخلية الأكثر إلحاحا من زوايا متباينة بصورة كبيرة، مما يجعل من فرضية الحل الوسط أمرا عسيرا. إذ يتكلم الزعماء الشيعة عن تنظيم «داعش» بوصفه تنظيما إرهابيا تتعين مقاتلته بكل الوسائل المتاحة. وقد اتهم بعضهم الزعماء السنة بتوفير الغطاء السياسي لأولئك المتشددين.
وقال قيس الخزعلي، وهو قائد ميليشيا «عصائب أهل الحق» الشيعية التي يراها السنة الأكثر رعبا «يتحمل السياسيون المسؤولية عن انهيار الأمن في بعض المحافظات. لا يزالون في مرحلة الموالاة لأحزابهم، وليس للعراق».
وبينما يدين زعماء السنة تنظيم «داعش» فإنهم يقولون إن الجماعة قد استغلت حالة الفراغ التي أحدثتها الحكومة عن طريق تهميش مناطقهم وإساءة معاملة السكان. ويقول أحمد الدليمي، محافظ الأنبار، التي يسيطر تنظيم «داعش» على مساحات واسعة منها، إن «الوسيلة الوحيدة لمحاربة تنظيم (داعش) هي عن طريق دعم المواطنين الذين فقدوا كرامتهم وحقوقهم في ظل الحكومة القديمة».
وبدت الخلافات المماثلة بينة وجلية أول من أمس في استجابة الزعماء السياسيين للهجوم الذي خلف عشرات القتلى من المصلين السنة في مسجدهم بمحافظة ديالى. فقد دعا سالم الجبوري، الرئيس السني للبرلمان العراقي، إلى الوحدة السياسية، وقال إن ذلك الهجوم يهدف إلى «إحباط كل الجهود التي بذلت لتشكيل الحكومة الجديدة».
وقد اختفى المسلحان الملثمان اللذان نفذا الهجوم داخل الريف بعد ذلك، ولم تتضح هويتهما. لكن الجبوري وغيره يبدو أنهم يعتقدون أن القاتلين ينتميان للميليشيات الشيعية. وقال الجبوري إنه تم إيفاد لجنة للتحقيق في الهجوم، ومن المفترض أن ترفع تقريرها خلال يومين. وأضاف «في الوقت الذي ندين فيه ما يفعله تنظيم (داعش) فإنه يتحتم علينا كذلك إدانة ما تقوم به الميليشيات».
على النقيض من ذلك، اتهم الزعماء الشيعة تنظيم «داعش» بالتسبب في الهجوم على المسجد. وقال رجل الدين مقتدى الصدر إن الحادثة تعتبر «تصعيدا طائفيا واضحا، وتحمل لمسات تنظيم داعش».
كانت المفاوضات لتشكيل الحكومة الجديدة يشوبها الكثير من المشاكل بالفعل قبل وقوع الهجوم، حيث دفع السياسيون السنة بمطالب يعتبرونها ضرورية لكنها لا تتمتع بفرصة كبيرة من حيث القبول ومن بينها: إيقاف القصف والغارات الجوية الحكومية على المناطق السنية التي ينتشر فيها تنظيم «داعش»، وانسحاب الميليشيات الشيعية من المدن ذات الغالبية السكانية السنية، وإطلاق سراح المعتقلين من السنة الذين لم يدانوا بارتكاب أي جرائم، وإسقاط التهم الجنائية عن عدد من السياسيين السنة التي يصفونها بالجرائم ذات الدوافع السياسية، وإلغاء القانون الذي يحظر على الأعضاء السابقين في نظام صدام حسين تولي مناصب حكومية.
وأعرب دبلوماسيون في بغداد عن قلقهم من أن تلك المطالب قد تحول دون التوصل إلى اتفاق، وحثوا الزعماء السنة على التحلي بقدر أكبر من المرونة. وقال زيد العلي، وهو مستشار قانوني سابق لدى منظمة الأمم المتحدة في العراق وصاحب كتاب حول مستقبل العراق، إن الإصرار الأميركي على السياسة العراقية الجامعة أمر مضلل، مشيرا إلى أن الحكومات العراقية الأخيرة ضمت ممثلين من كل الأطياف الرئيسة في البلاد. وأضاف « لكن هذا ليس حلا.. إذ لم يترجم إلى واقع يحس الجميع بمزاياه بخلاف ما كان يفترض».
ويقر المسؤولون الغربيون في بغداد بأن الحكومة الجديدة لن تكون سوى خطوة أولى ومتواضعة على طريق طويل من عملية إصلاح ضرورية. ومع تسليط الضوء على حالة عدم الثقة المتبادل، فإن العديد من السنة ألقوا بلائمة الاتهام بشأن هجوم المسجد على الميليشيات الشيعية. وقال أحد السكان السنة الذي يعيش بالقرب من المسجد، والذي تحدث شريطة عدم ذكر اسمه خوفا من الانتقام «ما حدث ليس إلا إعداما جماعيا بدم بارد. وكانت رسالة إلينا بأن وقتنا على هذه الأرض قد انتهى».
ويقول عبد السلام هاشم (55 عاما)، وهو سني من أصحاب المتاجر في بغداد «إنني أؤيد أي نوع من أنواع الانتقام ضد تلك الجريمة الجبانة. هذا ما تركه المالكي للعراق، ولن ينتهي ذلك بسهولة».
وكانت الميليشيات الشيعية، التي شكلت في الأساس لقتال القوات الأميركية، تحظى بدعم السيد المالكي. وقد استدعيت مرة أخرى للخدمة لمحاربة «داعش». غير أن السنة لا يعتبرونهم أكثر من عصابات مسلحة تعمل خارج القانون، وقد اتهمتهم جماعات حقوق الإنسان بقتل واعتقال المواطنين المدنيين من السنة.
لكن هذه الميليشيات تعتبر جزءا لا يتجزأ من الواقع السياسي الحالي، حتى إن وزير النقل الحالي، هادي العامري، يرأس بنفسه ميليشيا شيعية قوية.
الشيخ عبد الصمد الزركوشي، وهو زعيم إحدى الميليشيات الشيعية المحلية في منطقة تقع بالقرب من المسجد الذي تعرض للهجوم، اصطدم بأولئك الذين يرغبون في تفكيك جماعته، ويرى أن وجودها ضروري لمحاربة «داعش». وتساءل «كيف يجرؤ السياسيون على إبلاغنا بما نفعل وما لا نفعل، في الوقت الذي لا يعرفون فيه ما يجري في منطقتنا؟ إذا انسحبت قواتي من المنطقة، فسيكون ذلك بمثابة الوداع للجميع هنا. سيستولي عليها (داعش) في سويعات قليلة».
ورغم أن الكثيرين من العراقيين لا يتوقعون سوى القليل للغاية من العملية السياسية الجارية حاليا، إلا أنهم مع ذلك يعتبرونها السبيل الوحيد لإصلاح البلاد. وفي هذا السياق، يشبه حامد المطلك، وهو عضو سني في البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار، السياسيين بغريق يتعلق بقطعة من الخشب. ويقول «قد لا تنقذه قطعة الخشب تلك، لكنه يحاول إنقاذ نفسه. هذا ما نقوم بفعله الآن».
* خدمة « نيويورك تايمز»



اتهامات لـ«الانتقالي» بارتكاب انتهاكات جسيمة في حضرموت

قوات «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمة بارتكاب انتهاكات ضد المدنيين (إكس)
قوات «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمة بارتكاب انتهاكات ضد المدنيين (إكس)
TT

اتهامات لـ«الانتقالي» بارتكاب انتهاكات جسيمة في حضرموت

قوات «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمة بارتكاب انتهاكات ضد المدنيين (إكس)
قوات «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمة بارتكاب انتهاكات ضد المدنيين (إكس)

اتهمت تقارير حقوقية يمنية القوات التابعة لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المدنيين في محافظة حضرموت، شملت الاعتقالات والإخفاء القسري ومداهمة المنازل، وهو ما من شأنه أن يُعمق حالة الفوضى وزعزعة الاستقرار في المحافظة التي اجتاحتها قوات الانتقالي بشكل أحادي منذ مطلع ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

وفي هذا السياق، أصدرت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات بياناً شديد اللهجة أدانت فيه الممارسات القمعية التي طالت الأحياء السكنية والمنازل الخاصة، مؤكدة أن هذه الأعمال تُشكل انتهاكاً صارخاً لأحكام الدستور اليمني والقوانين الوطنية، فضلاً عن التزامات اليمن الدولية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.

ووفق شهادات ميدانية موثوقة، قامت القوات التابعة لـ«المجلس الانتقالي» بمداهمة منازل المدنيين واعتقالهم تعسفياً، فضلاً عن عمليات الإخفاء القسري التي طالت عدداً من السكان، في انتهاك للحق في الحرية والأمان الشخصي وحرمة المساكن وضمانات المحاكمة العادلة.

ووصفت الشبكة الحقوقية هذه الممارسات بأنها نمط ممنهج من الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري، محذرةً من خطورة استمرارها دون مساءلة.

تجمع قبلي في حضرموت أدان انتهاكات قوات «المجلس الانتقالي الجنوبي» (إكس)

كما وثّقت الشبكة فرض «المجلس الانتقالي» حصاراً عسكرياً غير مشروع على مناطق واسعة ضمن نطاق قبائل الحموم، بما فيها وادي خرد، وحلفون، وغيل بن يمين. وهذا الحصار أدّى إلى تقييد حرية التنقل، ومنع وصول المرضى للحالات الطارئة، بالإضافة إلى إعاقة الخدمات الصحية الأساسية، مع تسجيل حالات اعتداء على الممتلكات الخاصة وأعمال نهب وسرقة واسعة.

ويصف التقرير هذا الحصار بأنه لا يمكن تبريره بوصفه إجراءً أمنياً مشروعاً، بل يُعدّ عقاباً جماعياً محظوراً بموجب القانون الدولي الإنساني.

ويشير إلى أنه يُمثل أيضاً نمطاً من الاضطهاد السياسي ضد سكان هذه المناطق، بسبب رفضهم العلني لمشروع «المجلس الانتقالي الجنوبي»، ما يرقى إلى انتهاك صارخ لمبدأ عدم التمييز وحرية الرأي والتعبير والموقف السياسي، مع استخدام القوة العسكرية أداةً للإكراه السياسي.

انتهاكات ممنهجة

وقالت الشبكة الحقوقية إن استهداف الأحياء السكنية على أساس المواقف السياسية وفرض القيود الجماعية على السكان يمس حياتهم وكرامتهم وسبل عيشهم، ويُشكل جريمة خطيرة وفق المعايير الدولية، قد تصل إلى جرائم جسيمة تتطلب المساءلة الجنائية الفردية.

وحمّل التقرير الحقوقي القيادات العسكرية والسياسية لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» كامل المسؤولية القانونية عن الانتهاكات، مطالباً بالوقف الفوري لكل أعمال الحصار والعقاب الجماعي، ورفع القيود عن حرية التنقل، وضمان وصول الخدمات الصحية والإنسانية دون معوقات.

كما طالبت الشبكة بالإفراج الفوري عن جميع المحتجزين تعسفياً، والكشف عن مصير المخفيين قسراً، وفتح تحقيقات عاجلة ومستقلة وفعالة، مع محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات وفق معايير العدالة الدولية.

ودعت المجتمع الدولي وهيئات الأمم المتحدة إلى التحرك العاجل لحماية المدنيين وضمان احترام القانون الدولي الإنساني ومنع إفلات الجناة من العقاب.

وقالت الشبكة الحقوقية إنها مستمرة في رصد وتوثيق الانتهاكات بحياد وموضوعية مهنية، داعية كل أبناء حضرموت والضحايا والشهود للإبلاغ عن أي انتهاكات لتوثيقها قانونياً، وإعداد الملفات اللازمة للمساءلة الوطنية والدولية، بما يضمن إنصاف الضحايا وعدم إفلات الجناة من العقاب.

وشددت الشبكة في بيانها على أن حماية المدنيين ليست خياراً سياسياً، بل التزام قانوني وإنساني غير قابل للتصرف، وأي صمت أو تهاون يُعد إخلالاً جسيماً بمسؤولية الحماية.


«الجامعة العربية» تدين اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
TT

«الجامعة العربية» تدين اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)

أدان مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين، الأحد، بـ«أشد العبارات اعتراف إسرائيل بانفصال إقليم الشمال الغربي بالصومال ما يسمى (إقليم أرض الصومال) طمعاً في تحقيق أجندات سياسية وأمنية واقتصادية مرفوضة رفضاً قاطعاً». وأكد «الرفض الكامل لأي إجراءات تترتب على هذا الاعتراف الباطل بغية تسهيل مخططات التهجير القسري للشعب الفلسطيني أو استباحة مواني شمال الصومال لإنشاء قواعد عسكرية فيها».

وأصبحت إسرائيل أولَ دولة تعترف رسمياً بـ«جمهورية أرض الصومال» المعلنة من جانب واحد «دولة مستقلة ذات سيادة». وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الخميس الماضي، إنَّ إسرائيل ستسعى إلى تعاون فوري مع «أرض الصومال».

ولبحث تداعيات القرار؛ عقد مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين، الأحد، دورةً غير عادية بناءً على طلب من جمهورية الصومال الفيدرالية.

وأكد مجلس الجامعة، في بيان عقب الاجتماع، على «الموقف العربي الثابت والواضح بشأن عدّ إقليم الشمال الغربي بالصومال جزءاً لا يتجزأ من جمهورية الصومال الفيدرالية، ورفض أي محاولة للاعتراف بانفصاله بشكل مباشر أو غير مباشر».

وتضمن البيان المكون من 13 بنداً «التأكيد على أن هذا الاعتراف الإسرائيلي غير القانوني يعدّ جزءاً من محاولات إسرائيل لزعزعة الأمن والسلم الدوليين، واعتداءً على الأمن القومي العربي، يستوجب اتخاذ إجراءات قانونية واقتصادية وسياسية ودبلوماسية ضده»، مؤكداً «دعم أمن واستقرار ووحدة وسيادة الصومال وسلامة أراضيه، ودعم حكومة الصومال الفيدرالية في جهودها للحفاظ على السيادة الصومالية براً وبحراً وجواً».

وطالب البيان الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، بالتعاون والتنسيق مع حكومة الصومال وكل من مفوضية الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، والدول العربية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، بـ«وضع خطة عمل عربية -أفريقية مشتركة تحُول دون إحداث أي تغيير في الوضع الأمني والجيوسياسي القائم ومنع أي تهديد لمصالح الدول العربية والأفريقية في هذه المنطقة الحيوية».

كما دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى «مخاطبة رئاسة مجلس الأمن، وسكرتير عام الأمم المتحدة ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي ودعوتهم لاتخاذ موقف حازم إزاء الاعتراف الإسرائيلي بـ(إقليم أرض الصومال) بعدّه إجراءً تهديدياً للسلم والأمن الدوليين، واتخاذ ما يلزم من تدابير تكفل منع خلق بؤر نزاع جديدة في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر وتعزيز الاستقرار السياسي والأمني فيها».

وأصبحت إسرائيل أول دولة تعترف بإقليم أرض الصومال الانفصالي في الصومال؛ ما منحها شريكاً جديداً مطلاً على ساحل البحر الأحمر الاستراتيجي.

وأعرب مجلس الجامعة عن «التأييد الكامل والتضامن مع موقف الدولة الصومالية الذي عدّ أن أي إجراء يعترف بانفصال (إقليم أرض الصومال) هو باطل ولاغي وغير مقبول ويمثل انتهاكاً صارخاً لمبادئ القانون الدولي، وتدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية الصومالية»، كما «يعدُّ انتهاكاً لسيادة ووحدة أراضي جمهورية الصومال الفيدرالية من شأنه تقويض السلم والأمن الإقليميين، ومفاقمة التوترات السياسية في الصومال والبحر الأحمر وخليج عدن والقرن الأفريقي».

وعدّ مجلس الجامعة العربية «التحركات الإسرائيلية محاولة خطيرة لإعادة تشكيل الخريطة الجيوسياسية في خليج عدن والبحر الأحمر»، مطالباً المجتمع الدولي بـ«التصدي لتلك الإجراءات بوصفها مهدِّدةً للسلم والأمن الإقليميين والدوليين ولحُرية الملاحة والتجارة الدولية».

وجدَّد مجلس الجامعة «رفضه القاطع لأي شكل من أشكال تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، ومحاولات تغيير التركيبة الديموغرافية في الأرض الفلسطينية، بعدّ ذلك صورةً من صور جريمة الإبادة الجماعية وانتهاكاً جسيماً للقانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية»، وفي هذا السياق «أكد على رفض استخدام الأراضي الصومالية منصةً لتنفيذ هذه المخططات العدوانية الإسرائيلية».

وخلال أشهر الحرب على غزة، تصاعدت تصريحات إسرائيلية رسمية بشأن المضي قدماً في مخططات تهجير فلسطينيي غزة إلى خارج القطاع، بينما تحدثت وسائل إعلام عبرية عن وجهات محتملة شملت دولاً أفريقيةً، بينها الصومال والإقليم الانفصالي.

كما أكد «الرفض القاطع لاستخدام أراضي الصومال، أو أي جزء منها، بواسطة أذرع خارجية منصة لأي أعمال عدائية أو استخباراتية تستهدف الدول الأخرى أو تمس أمنها واستقرارها». وأعلن «التعاون مع حكومة الصومال (بعدّها عضواً غير دائم في مجلس الأمن لعامي 2025 - 2026)؛ لحشد الدعم اللازم لاستصدار ما يلزم من قرارات من الأمم المتحدة تؤكد على وحدة وسيادة الصومال وسلامة أراضيه، ورفض خطوة الاعتراف الإسرائيلي وعدّها لاغية وباطلة ومهددة للسلم والأمن الدوليين والإقليميين».

وطالب البيان مجالس السفراء العرب في نيويورك، وجنيف، وفيينا، وبروكسل، وأديس أبابا، وواشنطن، ولندن، وباريس، وبكين وموسكو، بـ«اتخاذ ما يلزم نحو إيضاح خطورة هذه الخطوة وتداعياتها السياسية والأمنية على السلم والأمن الصوماليين والإقليميين والدوليين».

ودعا جميع الدول والمنظمات الدولية والإقليمية إلى الامتناع عن أي تعامل رسمي أو شبه رسمي مع سلطات «إقليم أرض الصومال» خارج إطار السيادة الصومالية، مؤكداً على أن «أي مساس بوحدة أراضي الصومال يعدّ عملاً عدائياً تجاه الدولة الصومالية والدول العربية والأفريقية وانتهاكاً لقواعد القانون الدولي يتحمل مرتكبيه المسؤولية القانونية الدولية الكاملة».

وكان الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي، قال في تصريحات متلفزة مساء السبت، إن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال «لم يأت من فراغ»، مشيراً إلى أن الدول العربية تابعت مؤشرات تمهّد لمثل هذه الخطوات. وأضاف أن «عدم احترام إسرائيل للقانون الدولي بات نهجاً اعتيادياً في سياستها». وحذّر زكي من أن تؤدي التحركات الإسرائيلية إلى «زعزعة الأمن والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي وجنوب البحر الأحمر»، مشدداً على أن «أمن هذه المنطقة مسألة بالغة الحساسية»؛ ما يحتم ضرورة «عدم تجاهل التحركات الإسرائيلية وما يترتب عليه من تبعات».

وخلال الاجتماع أكد مندوب الصومال الدائم لدى الجامعة العربية والسفير الصومالي بالقاهرة، علي عبدي أوراي، في كلمته خلال الاجتماع، الاعتراف الإسرائيلي يعدّ «عملاً عدوانياً واستفزازياً مرفوضاً جملة وتفصيلاً ويشكل انتهاكاً فاضحاً وغير مسبوق للقانون الدولي، ولقرارات الأمم المتحدة ولميثاق جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي». وأشار إلى أن الاعتراف الإسرائيلي «يعدّ اعتداءً مباشراً ومساً بالأمن القومي العربي ككل، وأمن الملاحة في البحر الأحمر».

بدورها، أدانت فلسطين اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»، وعدَّته «اعتداءً صارخاً على وحدة وسلامة أراضي جمهورية الصومال الفيدرالية، وانتهاكاً واضحاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة». وحذَّر مندوب فلسطين الدائم لدى الجامعة العربية السفير مهند العكلوك، في كلمته أمام الاجتماع، من أن إسرائيل سبق أن استخدمت «إقليم أرض الصومال» ضمن مخططاتها لتهجير الشعب الفلسطيني، من قطاع غزة، مؤكداً «رفض فلسطين التام لأي مخططات إسرائيلية للتهجير القسري تحت أي مسمى، وعدّ ذلك خطاً أحمر».


«الجامعة العربية»: الاعتراف بـ«أرض الصومال» اعتداء على الأمن القومي

الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (د.ب.أ)
الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (د.ب.أ)
TT

«الجامعة العربية»: الاعتراف بـ«أرض الصومال» اعتداء على الأمن القومي

الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (د.ب.أ)
الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (د.ب.أ)

وصف مجلس جامعة الدول العربية، الأحد، اعتراف إسرائيل بإقليم «أرض الصومال» دولةً مستقلةً بأنه «اعتداء على الأمن القومي العربي، ويزعزع الأمن والسلم الدوليَّين».

وأكد مجلس جامعة الدول العربية، في بيان عقب اجتماع طارئ على مستوى المندوبين، أن إقليم «أرض الصومال» جزء لا يتجزأ من جمهورية الصومال.

وأدان المجلس في بيانه اعتراف إسرائيل بـ«إقليم أرض الصومال». وقال إنه يستهدف تحقيق «أجندات سياسية وأمنية»، مضيفاً: «الخطوة الإسرائيلية تهدف لتسهيل مخططات تهجير الفلسطينيين أو استباحة مواني شمال الصومال لإنشاء قواعد عسكرية».

ودعا البيان إلى وضع خطة عربية - أفريقية لمنع أي تهديد لمصالح الدول العربية والأفريقية بمنطقة البحر الأحمر وخليج عدن، وكذلك دعا جميع الدول والمنظمات الدولية والإقليمية لعدم التعامل مع سلطات إقليم «أرض الصومال».

وشدد المجلس على دعمه «حق الصومال في الدفاع عن أراضيه»، مؤكداً مساندته في أي إجراءات يتخذها. ولفت النظر إلى رفضه «استخدام أراضي الصومال منصةً أو منطلقاً لأي أعمال عدائية تستهدف الدول الأخرى».

واعترفت إسرائيل، الجمعة، رسمياً بـ«أرض الصومال» دولةً مستقلةً، في قرار لم يسبقها إليه أحد منذ إعلان الأخيرة انفصالها عن الصومال عام 1991.

وتقع أرض الصومال التي تبلغ مساحتها 175 ألف كيلومتر مربع، في الطرف الشمالي الغربي من الصومال. وأعلنت استقلالها من جانب واحد في عام 1991، بينما كانت جمهورية الصومال تتخبّط في الفوضى عقب سقوط النظام العسكري للحاكم سياد بري. ولأرض الصومال عملتها الخاصة، وجيشها، وجهاز شرطة تابع لها.