قوة المواجهة ضد إيران تعجّل إخراج كل مخططات استهداف السعودية

«درون» الحوثي... حلقة جديدة بعد فشل «الباليستي» والزوارق البحرية

TT

قوة المواجهة ضد إيران تعجّل إخراج كل مخططات استهداف السعودية

كان مضيق باب المندب أحد الأوجه الرئيسية في المشروع التوسعي الإيراني، حيث يعد أحد أهم مفاتيح الحركة التجارية العالمية، وسعى الحوثي لاستخدام ما لديه من مقدرات لإخضاع المضيق والمناطق المطلة عليه لسيطرته، ما جعل قوات التحالف بقيادة السعودية على أهبة وضع المضيق في دائرة التأمين في الأشهر الأولى من بدء «عاصفة الحزم».
قبل أعوام كانت فئة القوارب المفخخة الانتحارية، حينها، جديدة على منافذ البحار في المنطقة، وفشلت رغم محاولات استهداف القوارب العسكرية والمنظومة الحمائية الدولية والمضيق ذا الأهمية الذي تمر به أكثر من 7 في المائة من إجمالي الملاحة العالمية، ونحو 26 ألف سفينة نقل على مدار العام، ومن ضمن ذلك ما يقرب من 4 ملايين برميل نفط يومياً، وفقاً لتقارير وكالة الطاقة الدولية، يضاف إلى ذلك فشلهم السياسي في إحداث تقدم في انقلابهم وفرض هيمنتهم، لذلك كان الاتجاه لديهم نحو مرحلة أخرى كان فيها الخيار المسلح للعمق السعودي.
لم يتحقق ما يريده الحوثيون واقعاً، ومعهم الإيرانيون، حيث يمسكون بالخطوط الحقيقية للتهديدات، وأنهم حزام النار حول خاصرة الجزيرة العربية، حيث ينقلون مواجهتهم وتهديداتهم للسعودية، على وجه الخصوص، إلى مرحلة الصواريخ الباليستية. وإن كانت تجاوزت الصواريخ التي تحاول استهداف الأراضي السعودية، المائتي صاروخ، إلا أن مرحلة جديدة بدأت في تحريك الطائرات المسيرة من دون طيار.
الحوثيون ميليشيا تملك طائرات «درون» متطورة وكذا صواريخ باليستية، ومع ذلك تضمها الأمم المتحدة للتفاوض، وهذا لا يجعل الأمر خافياً حول دعم إيران لإمداد ميليشيا الحوثي بالأسلحة، من خلال عمليات تهريب السلاح الكثيرة، التي تم اكتشافها وإحباطها، وتأكد أن مصدرها إيران ووجهتها الحوثي، حيث يؤكد مراقبون أن المقدرات المالية واللوجستية التي تضعها إيران تحت تصرف جماعة الحوثي هي ما يجعلها تخوض كل هذه المواجهات.
أول من أمس، قال العقيد الركن تركي المالكي، المتحدث باسم تحالف دعم الشرعية، إن استمرار المحاولات المتكررة للميليشيا الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران في استهداف الأعيان المدنية والمدنيين من خلال هجمات الطائرات من دون طيار، وكذلك الزوارق المفخخة والمسيّرة عن بعد، واتخاذ محافظة الحُديدة تحديداً نقطة لانطلاق هذه العمليات الإرهابية والعدائية «يأتي في الوقت الذي تلتزم فيه قيادة قوات التحالف بوقف إطلاق النار بالحُديدة تماشياً مع نصوص (اتفاق استوكهولم)، وأن الميليشيا بهذه الأعمال الإرهابية تسعى لاستفزاز قوات التحالف لتنفيذ عمل عسكري بمحافظة الحُديدة».
وأكد المالكي أن قيادة القوات المشتركة للتحالف تحذر وبأشد العبارات الميليشيا الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران من استهدافها للأعيان المدنية والمدنيين، «وأن استخدامها لأساليب إرهابية في الهجوم الانتحاري ستكون له وسائل ردع حازمة، وستتخذ قيادة القوات المشتركة الإجراءات الرادعة كافة بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية».
الحوثيون ومن قبلهم الإيرانيون يعلمون أن كل صاروخ حوثي باليستي، يتم تحطيمه دون أضرار، لكن الطائرات المسيرة ذات أسلوب مختلف، وتستطيع تحقيق دوي، وإن كانت تحت أعين الدفاعات الجوية السعودية، حيث إن استهدافها حتمي، لكن تحت ارتفاعات أقل، ما يجعل تكرارها أمراً يحاكي أسلوب الاستفزاز المسلح.
وفي ظل مرحلة زمنية حالية يحضر فيها الحوثي في طهران، ترى إيران في الحوثي أساساً في خريطة السياسة اليمنية، وسبق لها أن أعلنت على لسان اللواء إسماعيل قائاني، نائب قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري الإيراني»، عن دعمها وتقديمها استشارات للجماعة الحوثية، مضيفاً بقوله: «ندعم بقوة كل من يقاتل تحت راية الجمهورية الإسلامية.. ومدافعو اليمن (الحوثي) تربوا على يد الجمهورية الإسلامية، ولن يستطع الأعداء مواجهتهم».
الخريطة اليمنية أصبحت أكثر وضوحاً، وكذا غامضة في تفاصيل معقدة، وضوحها أن التقدم العسكري الميداني من قبل قوات الشرعية، والهدير الأضخم لقوات التحالف، وأن الحوثي ومن معه يستبقون كل خسارة ميدانية بالبحث عن مندوبي الأمم المتحدة، لضخ رسائل السلام الواهية لوضع مبادرات كثيرة، لعل درس استوكهولم أكبر أثر.
طائرات «الدرون» اليوم، هي حلقة لن تكون أخيرة في أسلوب الاستهداف للأراضي السعودية، لأن كل ما سبق من فئات الرمي الإيرانية من خلف الصفوف، أفشلته القوة العسكرية والممارسات السياسية السعودية، حيث أفقدت إيران الكثير من أدوات اللعبة، ودمرت الكثير مما كانوا يعدون العدة له، بمواجهة المشروع الفارسي الحالم بتطويق المنطقة، ولم يعد بيد الحوثي أي محاولة للمغامرة في المجالات السياسية أو العسكرية، ولعل محاولات الانقلابيين وضع دول تحظى بالقبول لدى عدد من دول التحالف في موقف المفاوض الموثوق بغية وضع حد لخسائرهم، وإعادة ترتيب صفوفهم، ورفع الأوراق الأخرى التي يخبئونها، دليل آخر على الوهن.
هي محاولة لتحقيق بعض المكاسب لاستغلالها في الدعاية الإعلامية بعد أن ألحق بهم القصف الجوي الذي ينفذه التحالف، خسائر فادحة على مستوى العمل الاستراتيجي، وهو ما يراه متابعون أنه أفقدهم حلم السيطرة على الجمهورية اليمنية، في مواجهة دولية ترفض ذلك الانقلاب.
خلاصة الأمر، أن محاولة الاستهداف المتعمد للأراضي السعودية، من زواق بحرية، وقذائف، وصواريخ باليستية، وآخرها «الدرون»، هي أساس الفكر الذي تسير عليه إيران، حيث تمارس بحرفية سياسة خلط الأوراق، وإشاعة الرعب، وما اللغة الإيرانية بأيادي الحوثي في جعل السعودية مرمى للصواريخ والاعتداءات إلا تأكيدٌ بأن الحوار عبر «عاصفة الحزم» كان المنطق لسد منابع التهديدات مهما كلف ذلك من وقت وجهد.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم