السعودية تؤصل للعلاقات بين آسيا والجزيرة العربية

تنظم المؤتمر الأول للاستعراب الآسيوي بمشاركة 17 دولة

السعودية تؤصل للعلاقات بين آسيا والجزيرة العربية
TT

السعودية تؤصل للعلاقات بين آسيا والجزيرة العربية

السعودية تؤصل للعلاقات بين آسيا والجزيرة العربية

تستقبل العاصمة الرياض اليوم، زوارها الآسيويين من عشاق اللغة العربية، في المؤتمر الأول للاستعراب الآسيوي، الذي يسعى لتسليط الضوء على الدور التاريخي لشعوب آسيا في إثراء الحضارة الإسلامية، ودعم الجهود البحثية المعاصرة في هذا المضمار، الذي يلبي توجهات السعودية نحو آسيا، وتطلعاتها لتوثيق علاقات شعوب أمم آسيا، من أجل بناء شراكات إنسانية وحضارية، تمهد الطريق أمام شراكات واسعة تضمنتها الاتفاقيات الواعدة التي وقعتها السعودية مع شركائها في آسيا.
ويستضيف المؤتمر أبرز المستعربين من أبناء القارة الآسيوية، ليلقوا أوراقهم البحثية المتعلقة ببحوث الاستعراب، وتأثير الحضارة العربية والإسلامية على حضارات آسيا.
ويعد المؤتمر الذي ينظمه «مركز البحوث والتواصل المعرفي» على مدار ثلاثة أيام، ثمرة جهود طويلة للمركز المعني بتأصيل العلاقات التاريخية بين الشعوب الآسيوية قديماً والجزيرة العربية، عبر توثيق الروابط المشتركة بين أقطار آسيا القديمة وعرب الجزيرة، والقواسم الثقافية المشتركة والمعاملات التجارية قديماً.
ويثري جلسات المؤتمر 120 باحثاً من 17 دولة آسيوية، أبرزها الصين، وإندونيسيا، وأوزبكستان، والهند، وباكستان، واليابان، وتركمانستان، وكازاخستان، وطاجيكستان، وكوريا الجنوبية، والفلبين، وماليزيا، والمالديف، وبروناي، وبنغلاديش، وأفغانستان، وقيرغيزستان.
ومن أبرز الحضور من الأكاديميين والباحثين في حقل الاستعراب الآسيوي؛ مؤسس الفرع المتخصص في تعليم الخط العربي في جامعة «العلوم الإسلامية» بمدينة تشنغتشو في الصين، الفائز في 11 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2016 بجائزة الاقتصاد الإسلامي العالمي عن فئة الفن الإسلامي بدبي. وعلى مدى تسع سنين متتالية من 2009 إلى 2018م، عدته جامعة «جورج تاون» الأميركية من أهم 500 شخصية إسلامية عالمية لها تأثيرها الفاعل، وعرضت أعماله الفنية في عدد من المتاحف والمعارض الدولية حول العالم، منها: المتحف البريطاني، ومتحف «أصلان» في سان فرنسيسكو، والمتحف الوطني في اسكوتلندا، ومتحف الفن في جامعة «هارفارد».
وتناقش أوراق العمل المقدمة للمؤتمر، التواصل الثقافي بين السعودية واليابان، وأثره في إثراء حركة الترجمة بين اللغتين العربية واليابانية، وتدريس اللغة العربية في مدارس بلاد ما وراء النهر، والنهوض باللغة العربية والدفاع عنها في باكستان، وترجمة المصادر التاريخية من اللغة العربية إلى اللغة الأوزبكية، والارتقاء بالعلاقات العربية الصينية لمرحلة جديدة؛ حيث إن القيم المشتركة بين السعودية والصين تسهم في التقارب الإنساني بين الدولتين، وتأليف الكتب الجامعية لتعليم اللغة العربية في الصين بين النظرية والتطبيق، والتبادلات الإنسانية العربية الصينية والوعي الذاتي الثقافي، وضرورة التعاون الصيني العربي لرفع جودة الترجمة من الصينية إلى العربية والعكس، وتعليم اللغة العربية في الصين، وتعليم اللغة الصينية في الدول العربية، وإظهار دور الشباب في التواصل والتعاون بين الصين والدول العربية.
كما تقدم أوراق العمل لمحة عن تأثير الإسلام في الثقافة الإندونيسية، وتعليم اللغة العربية في المدارس والجامعات الدينية الباكستانية، ومدونة اللغة العربية في إندونيسيا بين الفرص والتحديات لمستقبل ديناميكية اللغة العربية في إندونيسيا، والتواصل بين اليابان والسعودية في مجال الآثار والتراث الثقافي، والتواصل الثقافي بين باكستان والسعودية، والحركات التجديدية في تعليم اللغة العربية بإندونيسيا.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».