لم يعد بإمكان قادة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم غض الطرف عن الانتهاكات العنصرية المخزية التي يتعرض لها اللاعبون السود، خصوصاً في دول البلقان.
لقد تعرض لاعبو منتخب إنجلترا رحيم ستيرلينغ وداني روز وكالوم هدسون أودوي لإساءات عنصرية خلال المباراة ضد الجبل الأسود في تصفيات كأس الأمم الأوروبية الشهر الماضي، ولم تكن هذه المرة الأولى التي يستهدف فيها لاعبو إنجلترا السود خلال مباريات للأندية أو المنتخب الإنجليزي في دول البلقان، بل هو مسلسل يتجدد في أي مواجهات تقام هناك.
كانت المشاهد التي دارت فصولها في عاصمة جمهورية الجبل الأسود، بودغوريتسا، تتشابه إلى حد بعيد مع تلك التي وقعت عام 2012. عندما تعرض روز مجدداً لهتافات عنصرية تنتقد بشرته السمراء وتشبهه بالقرد أثناء مباراة المنتخب الإنجليزي وصربيا في نهائيات أوروبا تحت 21 عاماً في كروشيفاتش، وكذلك في زغرب عام 2008، عندما عانى إميل هيسكي من الأزمة نفسها في كرواتيا. اللاعبون السود في إنجلترا لم يكونوا وحدهم الذين واجهوا هذه الهتافات العنصرية، فقد ألقى مشجعون كرواتيون الموز على اللاعب الدولي الإيطالي ماريو بالوتيللي في نهائيات كأس الأمم الأوروبية 2012، فيما تعرض لاعب خط وسط فريق بارتيزان بلغراد البرازيلي إيفرتون لويز للإيذاء على أيدي مشجعي نادي إف كيه راد في دوري الدرجة الأولى الصربي قبل عامين، والقائمة طويلة جداً لا حصر لها.
العنصرية في كرة القدم في البلقان ليست بالأمر الجديد، وهي منتشرة على نطاق واسع في اللعبة - والمجالات الأخرى أيضاً. الأهم من ذلك، أن التعبير عن الكراهية العرقية تجاه الفرق أو اللاعبين من الدول المجاورة يظل في صلب ثقافة مشجعي كرة القدم في البلقان. والافتقار إلى التنوع والنقاشات الاجتماعية حول العنصرية في المنطقة يدفع الكثيرين إلى التقليل من فظاظة هذا السلوك العنصري واختزاله في شكل من أشكال «المزاح» المقبول المرتبط بكرة القدم. ويلقى هذا النوع من السلوك قبولاً واسعاً كشكل من أشكال الإرهاب النفسي ضد فريق منافس، والأهم من ذلك، لاعبين بعينهم. كان المشجعون الذين قلدوا صوت القرد في مباراة إنجلترا والجبل الأسود يجلسون في المنصة الرئيسية، ومعروفين، ويعتبرون هذا النوع من السلوك أمراً طبيعياً بالنسبة لهم.
عدم رغبة المدير الفني لفريق الجبل الأسود، ليوبيسا تومباكوفيتش، في التعليق على هذه الحوادث يشي بالكثير عن مدى الجدية التي يتم التعامل بها مع هذه القضية. والأمر ينطبق على بيان اتحاد كرة القدم في الجبل الأسود الضعيف الذي لا يتسم بالجدية في التعامل مع القضية. في حين وصف وزير الرياضة والشباب في الجبل الأسود، نيكولا جانوفيتش، المباراة بأنها «كانت مهرجاناً رياضياً» صاحبته «أجواء كرنفالية»، ودان فقط «الرسائل الغامضة» لبعض المشجعين في الملعب. يشار إلى أن اتحاد كرة القدم الكرواتي كان قد تعهد بدعم المدافع جوزيب سيمونيتش بعد تغريمه بسبب ترديده شعاراً فاشياً (من أجل الوطن - مستعدون) في عام 2013. كل ذلك يشير إلى أن إدارات الاتحادات في دول البلقان هي السبب الرئيسي في كل ما يجري اليوم من انتهاكات عنصرية داخل الملاعب.
هل يمكن لهذا الحادث المؤسف أن يؤدي إلى إحداث تغيير ذي معنى؟ على الأرجح لا. هناك غياب تام للإرادة السياسية من اتحادات كرة القدم في جميع أنحاء المنطقة، وفي السياسة على نطاق أوسع، للتصدي بشكل منهجي لوباء العنف والشغب والتمييز في كرة القدم. ودون فرض عقوبات صارمة، يبدو أننا لن نشهد تغييرات واضحة في ثقافة كرة القدم في المنطقة.
فرْض اللجنة التأديبية للاتحاد الأوروبي لكرة القدم غرامات ضد اتحاد كرة القدم في الجبل الأسود وإغلاق جزئي للملعب لم يعد كافياً لردع هذا السلوك العنصري، ويطالب الكثيرون بفرض عقوبات أكثر صرامة، تصل إلى الإقصاء من بطولة أوروبا للعام المقبل. الاتحاد الأوروبي يملك اللوائح الصارمة، لكن المشكلة تكمن في أنها تفتقر إلى الإرادة لتنفيذها. من الواضح أن دول البلقان لا تحتكر العنصرية، فصعود السياسة اليمينية وكره الأجانب والتمييز في أوروبا داخل وخارج الملعب أصبح موثقاً بشكل كبير.
مطالبة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بالتعامل بحزم مع العنصرية
إساءة معاملة لاعبي إنجلترا السود في دول البلقان أحدث حلقات مسلسل الإساءات المثيرة للغضب
مطالبة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بالتعامل بحزم مع العنصرية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة