هدوء حذر في الفلوجة بعد اتفاق العشائر ورجال الدين

الحكيم يقترح «قوات دفاع ذاتي» للأنبار

عراقي يسير في سوق لبيع الخضار في الفلوجة
عراقي يسير في سوق لبيع الخضار في الفلوجة
TT

هدوء حذر في الفلوجة بعد اتفاق العشائر ورجال الدين

عراقي يسير في سوق لبيع الخضار في الفلوجة
عراقي يسير في سوق لبيع الخضار في الفلوجة

في الأيام العادية، تستغرق الرحلة من الفلوجة إلى بغداد أقل من ساعة. غير أن الرحلة التي قام بها أسامة العاني مع عائلته صباح الأحد الماضي استغرقت، حسب قوله، أكثر من 12 ساعة بسبب التوقف المستمر عند نقاط التفتيش حيث كانت السيارة، التي تضم سبعة أفراد من عائلته في طريقها إلى العاصمة بغداد، تخضع للتفتيش طوال الوقت.
خرج العاني وعائلته من الفلوجة المحاصرة التي تمتلئ مشرحتها بالموتى ويعاني سكانها من نقص الطعام والماء والوقود اللازم لتوليد الطاقة. ورغم أنه أُجبر على الفرار من البلدة من أجل الحفاظ على سلامة عائلته، فإن العاني بقي متعاطفا بشدة مع المسلحين أكثر من تعاطفه مع حكومة بلاده المركزية. وقد أقام المسلحون، الذين يتعاونون مع تنظيم «القاعدة»، كثيرا من نقاط التفتيش في طول الفلوجة وعرضها.
يقول العاني، الذي يقيم في الوقت الحالي مع أقارب له في منطقة العامرية: «لم يكن لدينا طعام أو كهرباء أو مياه، وكانت قذائف الهاون تتساقط حولنا في كل مكان. غير أن كثيرين منا يفضلون دعم (القاعدة) بدل الجيش الذي تسبب في تلك المذبحة».
وبعد سيطرتهم على الفلوجة الأسبوع الماضي، انخرط المسلحون في قتال خلال الأيام القليلة الماضية ضد الحكومة. وينتمي بعض أولئك المسلحين إلى تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)» التابع لتنظيم لـ«القاعدة»، كما يشترك معهم في القتال عناصر قبلية مسلحة على خلاف مع الحكومة. والثلاثاء، تجددت المصادمات الشرسة بين الطرفين، في الوقت الذي تنتظر فيه القوات الحكومية مدعومة بالدبابات والأسلحة، التي أحاطت بالفلوجة من جميع الجهات، أوامر رئيس الوزراء للانقضاض على البلدة.
أما في بغداد، فقد توقف المسؤولون عن دعوات شن عمل عسكري ضد البلدة بعد مناشدات من الزعماء المحليين في محافظة الأنبار الذين حذروا من أن سقوط مزيد من الجرحى في صفوف المدنيين سيقضي على دعم قبائل المحافظة الذي تعول عليه الحكومة كثيرا في سعيها للقضاء على تنظيم القاعدة.
وبينما تمنح الحكومة مزيدا من الوقت للمدنيين لمغادرة البلدة، ومزيدا من الوقت للقبائل لطرد مقاتلي «القاعدة» منها، تلقي التصريحات، التي أدلى بها العاني وكثير من سكان الفلوجة وزعماء القبائل خلال المقابلات التي أُجريت معهم أخيرا، مزيدا من الضوء على وضع الصراع المعقد في تلك البلدة. فهناك في الفلوجة، يقول كثيرون من أهلها إنهم يكرهون الحكومة أكثر من تنظيم القاعدة، وهو ما يوضح الصعوبات التي يواجهها رئيس الوزراء نوري المالكي الذي يسعى للقضاء على التمرد المتصاعد في محافظة الأنبار من خلال شن هجوم عسكري شديد يقول هو ومستشاروه إنه من الممكن أن يبدأ في أي لحظة.
الصدامات بين المسلحين والحكومة تتركز في أكبر مدينتين في محافظة الأنبار: الفلوجة والرمادي. وقد حققت القوات الحكومية انتصارات كبيرة خلال الأيام الماضية في مدينة الرمادي، التي تعد كبرى مدن محافظة الأنبار من حيث المساحة وأقل إيواء للعناصر المتطرفة من الفلوجة. ويقول المسؤولون العراقيون إن قوات الأمن تقاتل جنبا إلى جنب مع الميليشيات القبلية بغية السيطرة على غالبية المدينة وطرد مقاتلي «القاعدة» منها.
أما الفلوجة فتبقى قصة مختلفة للغاية.. فعلى الرغم من قيام المالكي، بإيعاز من الولايات المتحدة، بطلب المساعدة من قبائلها وتوفير الأسلحة والأموال لهم، فإن تجاوب القبائل كان أقل بكثير مما أبدته قبائل الرمادي. وخلال حديث هاتفي، حذر الشيخ محمد البشاري، أحد زعماء القبائل في مدينة الفلوجة، الجيش من أنه سيلقى مقاومة شديدة من ميليشيات القبائل إذا ما سعى إلى اقتحام البلدة. ويقول البشاري: «تعتد قبائل الفلوجة أشد القبائل العراقية قوة، فنحن لدينا أشد الرجال. وكما أرينا الأميركيين المعدن الحقيقي لرجال قبائل الفلوجة، فنحن على استعداد لأن نري المالكي وجيشه أي نوع من الرجال نحن».
وقد المالكي وصف أي شكل من أشكال التعبير عن الشكوى من قبل السنة بأنه عمل إرهابي ويمت بصلة لتنظيم القاعدة، وهو الطرح الذي جعل من الصعب الحصول على دعم المواطنين وزعماء القبائل السنة المعتدلين.
ويقول سيف الجميلي، أحد سكان الفلوجة: «سنقاتل دفاعا عن بلدتنا». ولا يريد الجميلي أن يعيش تحت حكم «القاعدة»، غير أنه مستعد للقتال ضد الجيش العراقي إذا ما قرر استعادة السيطرة على الفلوجة.
وقد أدى القصف، الذي شنته الحكومة على الفلوجة خلال الأيام الماضية، فضلا عن ردها القاسي على اعتصامات الأنبار، إلى تفاقم مشاعر السخط في صفوف السنة ضد الحكومة المركزية. كما أحيا القصف الحكومي للبلدة ذكريات أهلها الأليمة عن الأيام الأولى للاحتلال الأميركي للعراق، عندما قاتلت قوات الولايات المتحدة في معركتين كبيرتين من أجل السيطرة على الفلوجة، وهو ما أوقع كما هائلا من الضحايا المدنيين.
ويقول محمد حميد (35 سنة)، أحد سكان البلدة: «لقد سئمنا وتعبنا من الحروب التي لا تتوقف في الفلوجة. ففي كل مرة يتجدد فيها القتال، نعتقد أنها ستكون آخر معركة نخوضها. نريد أن نحيا حياة طبيعية، فقد شهدنا ما يكفي من الحروب خلال الأعوام الماضية، كما شاهدنا (القاعدة) والأميركيين والجيش العراقي وهم يدمرون بلدتنا». ويضيف حميد: «إنني أجهش بالبكاء اليوم عند مغادرتي منزلي في الفلوجة. لقد رأيت أعلام (القاعدة) مرة أخرى، ورأيت المباني المدمرة. كما رأيت رجالا ملثمين يحملون السلاح. المشهد يبدو كما لو أنني أسير في الفلوجة في عام 2005. إنني أتذكر تلك الأيام السيئة وأسأل نفسي: ما السبب وراء القتال الذي دارت رحاه في ذلك الوقت؟ ولماذا مات هذا العدد الكبير من العراقيين والأميركيين من أجل هذه المدينة؟ إننا نرى الآن تكرارا لتلك المشاهد التي رأيناها في 2005».
وخلال الصراع الحالي في الفلوجة، ربما يفضل كثير من المواطنين العاديين أن يروا بلدتهم في قبضة ميليشيات ملثمة ترتدي ملابس مدنية - حتى لو لم يعرفوا لمن تدين تلك الميليشيات بالولاء - على أن يروا الفلوجة تحت سيطرة الجنود الموالين للحكومة الفيدرالية.
وقد أدت مشاهد العناصر الشيعية، التي يحمل بعض منها علم حزب الله اللبناني، وهم يصطفون في أحد مراكز التجنيد التابعة للجيش في بغداد طلبا للتطوع للقتال في محافظة الأنبار، إلى تفاقم الطابع الطائفي لشكاوى السنة ضد الحكومة. كما أدى العرض الإيراني بتوفير مساعدات عسكرية لرئيس الوزراء العراقي إلى زيادة التوترات الطائفية في محافظة الأنبار.
ويبدي شاكر نزال، أحد سكان الفلوجة، دهشته من قصف الفلوجة بقوله: «إنني أتساءل: لو أن واحدة من المدن الشيعية وقعت تحت سيطرة مسلحين، فهل سيعطي المالكي أوامره بقصف تلك المدينة، بغض النظر عن العائلات والنساء والأطفال الذين يعيشون فيها؟ إن المالكي وجيشه يتخذون من وجود المسلحين في الفلوجة ذريعة لاجتياح مدينتنا وإذلال شعبها».
ويقول بعض سكان الفلوجة، الذين يتذكرون أنماط السلوك القاسية والصارمة التي فرضها مقاتلو «القاعدة» الذين بثوا الرعب في مجتمعاتهم على مدار العقد الماضي، إن المقاتلين الحاليين الذين يسيطرون على بلدتهم يعاملونهم بلطف ويجلبون الوقود ويقومون بتشغيل المخابز ويوفرون لهم الخبز.
غير أن غالبية المواطنين العاديين في الفلوجة يقولون إنهم لا يعرفون على وجه الدقة من الذي يسيطر على البلدة. ويقول الحاج محمود (60 سنة)، أحد سكان الفلوجة: «كل شيء يبدو مربكا، فنحن نرى كثيرا من المسلحين في شوارع الفلوجة، لكننا لا نعرف ما إذا كانوا يحاولون حمايتنا أم يسعون لقتلنا».
* خدمة «نيويورك تايمز»



تشديد يمني رئاسي على توحيد الجهود لحسم المعركة ضد الحوثيين

عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
TT

تشديد يمني رئاسي على توحيد الجهود لحسم المعركة ضد الحوثيين

عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

شدد عضوا مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح وسلطان العرادة على توحيد الجهود في مواجهة الانقلاب الحوثي وتسريع خطوات استعادة الدولة وتحرير العاصمة المختطفة صنعاء، مع ضرورة إنهاء الخلافات البينية وإغلاق الملفات العالقة، وذلك قبيل انطلاق جولة مفاوضات جديدة بين الحكومة والحوثيين بشأن الأسرى والمحتجزين برعاية دولية.

وفي لقاء جمع عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح، مع رئيس مجلس النواب سلطان البركاني وعدد من أعضاء المجلس، عرض صالح رؤية المقاومة الوطنية ومقاربتها للمعركة ضد الجماعة الحوثية، موضحاً أنها إطار وطني جامع لا يقوم على أي اعتبارات حزبية أو مناطقية، وأن معيار الانضمام إليها هو الإيمان بأولوية قتال الميليشيات واستعادة مؤسسات الدولة.

واستعرض صالح خلال اللقاء عدداً من مشاريع وبرامج المقاومة الوطنية في الساحل الغربي، مؤكداً أنها موجّهة لخدمة المواطنين في كل المناطق دون تمييز. كما شدد على أن الانقسامات بين القوى المناهضة للحوثيين تُضعف الجبهات وتمنح الميليشيا مساحات للتقدم، محذراً من انعكاساتها السلبية على معنويات المقاتلين.

طارق صالح خلال لقائه قيادات برلمانية في المخا (إعلام رسمي)

وأشار صالح إلى أن توحيد مسرح العمليات العسكرية يمثّل حجر الزاوية في أي تحرك لاستعادة صنعاء، مجدداً تأكيده أن استعادة الجمهورية مرهونة بهزيمة الحوثيين. كما دعا مجلس النواب إلى مضاعفة الجهود بما يخدم المصلحة الوطنية العليا ويعزّز الثقة الإقليمية والدولية بالقوى الشرعية.

هزيمة الانقلاب

في لقاء آخر جمع طارق صالح بعدد من أمناء عموم وممثلي الأحزاب السياسية، أكد عضو مجلس القيادة أن المرحلة الراهنة تتطلّب حشد الجهود وتوحيد المعركة شمالاً لهزيمة الانقلاب وتحرير العاصمة المختطفة صنعاء.

وأشار صالح إلى أن التباينات بين القوى الوطنية أمر طبيعي، لكنها لا تلغي وجود هدف جامع هو «قتال الحوثي واستعادة الدولة»، مؤكداً أن المجلس الانتقالي الجنوبي شريك في هذه المعركة منذ الحرب الأولى في صعدة، وأن تضحيات أبناء الجنوب في جبال مرّان تشكّل شاهداً حياً على دورهم الوطني.

لقاء طارق صالح مع ممثلي الأحزاب السياسية (إعلام رسمي)

وشدد صالح على ضرورة تهيئة البيئة المناسبة للمعركة القادمة، لافتاً إلى أن «دول التحالف لدعم الشرعية قدّمت الكثير من الدعم، وإذا أردنا دعماً إضافياً فعلينا أن نوحّد جهودنا نحو صنعاء». وأعاد تأكيد أن المقاومة الوطنية لن تنشغل عن هدفها في مواجهة الحوثي، ولن تعود إلى «تحرير المحرر»، في إشارة إلى عدم الدخول في صراعات جانبية.

كما عبّر عن تقديره للأحزاب والمكونات السياسية، وعدّ حضورهم دليلاً على «وعي متقدم بأهمية اللحظة الوطنية وضرورة التكاتف في مواجهة المشروع الإيراني».

استعادة الدولة

أكد عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، سلطان العرادة، خلال لقائه رئيس هيئة الأركان العامة الفريق الركن صغير بن عزيز، ووكلاء محافظة مأرب، وعدداً من القيادات العسكرية والأمنية، أن ما تمر به البلاد اليوم هو «نتيجة طبيعية لانقلاب ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني»، مشدداً على أن كل الإشكالات ستتلاشى بمجرد استعادة مؤسسات الدولة.

وقال العرادة إن القوات المسلحة والأمن يشكّلان «عماد الاستقرار والتحرير»، وإن مجلس القيادة يقدّر تضحيات منتسبي المؤسستَين ويتابع قضاياهم بشكل دائم. ودعا إلى تجاوز المشكلات الآنية والخلافات الجانبية وإرث الماضي، مؤكداً أن القضية الوطنية الكبرى هي استعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

سلطان العرادة خلال اجتماعه بقيادات عسكرية في مأرب (إعلام رسمي)

وأضاف مخاطباً القيادات العسكرية: «الناس يعلّقون عليكم آمالاً كبيرة... فاحملوا الراية لتحرير البلاد»، مشدداً على استعداد الجميع للتضحية في سبيل إنهاء الانقلاب واستعادة المجد للشعب اليمني. كما شدد على أن اليمن «لن يستعيد مكانته إلا بالتخلص من الميليشيا الحوثية الإيرانية»، معبّراً عن امتنانه لتحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية.

وفي سياق آخر أعلنت السلطات اليمنية في محافظة مأرب عن تسليم 26 جثماناً من قتلى الحوثيين الذين قُتلوا في جبهات مأرب والجوف، بعد التعرف عليهم من قبل الجماعة.

وأوضح العميد يحيى كزمان أن العملية تمت «بوصفها مبادرة من طرف واحد لدواعٍ إنسانية»، وبإشراف من لجنة الصليب الأحمر الدولية، وبتنسيق مع رئاسة هيئة الأركان العامة والجهات المعنية.

وأكد كزمان، وهو عضو الفريق الحكومي المفاوض، أن الحكومة تسعى من خلال هذه الخطوة إلى إظهار حسن النية قبل جولة المفاوضات المرتقبة، وتهيئة الأجواء للانتقال إلى قاعدة «الكل مقابل الكل» في ملف المحتجزين والمختطفين والمخفيين قسراً.

وأوضح أن المبادرة جاءت بناءً على توجيهات عليا ضمن جهود تهدف إلى إغلاق هذا الملف الإنساني الذي يفاقم معاناة آلاف الأسر اليمنية.


الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.