مئات الآلاف يعتصمون قرب مقر البشير وقيادة الجيش... ويحولون المكان ساحة شعبية

مقتل 6 أشخاص و«مجلس الدفاع والأمن» يقر بضرورة الاستماع لمطالب المتظاهرين

مئات الآلاف يعتصمون قرب مقر البشير وقيادة الجيش... ويحولون المكان ساحة شعبية
TT

مئات الآلاف يعتصمون قرب مقر البشير وقيادة الجيش... ويحولون المكان ساحة شعبية

مئات الآلاف يعتصمون قرب مقر البشير وقيادة الجيش... ويحولون المكان ساحة شعبية

لم يثنِ مقتل 6 متظاهرين سودانيين وإصابة آخرين فجر أمس، آلاف المعتصمين عن مواصلة اعتصامهم الذي بدأوه ليلة السبت واستمر طوال يوم أمس، أمام مقر قيادة الجيش في الخرطوم قرب مقر إقامة الرئيس عمر البشير، للمطالبة بتنحيه وحكومته. وواصل المتظاهرون الاحتجاج والتظاهر قبل أن تتزايد الحشود المقدرة بأكثر من مليون شخص، فيما أقر «مجلس الدفاع والأمن الوطني» بأهمية الاستماع لمطالب المحتجين. ورصدت «الشرق الأوسط» طوال يوم أمس الآلاف وهم يتدفقون من كل الاتجاهات نحو مركز الاعتصام بشارع الجيش، ثم تزايدت أعدادهم بعد العصر وانخفاض حرارة الشمس بحيث فاق الرقم المقدر أكثر من المليون. وناشد المعتصمون قوات الجيش الانحياز إلى الشعب ضد الرئيس البشير وحكومته، فيما حالت قوات الجيش دون الاعتداء على المحتجين السلميين رغم وقوع اشتباكات متفرقة بينها وبين قوات الأجهزة الأمنية التي كانت تراقب الموقف عن كثب، متجنبة الاصطدام بالجيش.
وقالت «لجنة أطباء السودان المركزية» - معارضة - إن 6 أشخاص لقوا مصرعهم أمس، بعضهم أصيب بالرصاص بالقرب من مقر قيادة الجيش، حيث مقر إقامة البشير، فيما أصيب عدد من المحتجين بإصابات خطيرة إثر إطلاق القوات الأمنية الأعيرة النارية عشوائياً وقنابل الغاز المسيل للدموع، أحدهم لقي مصرعه في مدينة أم درمان، وقتلت سيدة في أحد معسكرات النازحين في إقليم دارفور. وبحسب تقارير صحافية، فإن قوات الجيش أبلغت المعتصمين ليلاً بفرض حظر التجوال وأمرتهم بالعودة إلى منازلهم، بيد أنهم واصلوا الاعتصام لتنضم إليهم حشود إضافية لدعمهم وتبديل بعضهم. واستمر المتظاهرون في ترديد الهتافات طوال اليومين الماضيين، قريباً من وزارة الدفاع وقيادة الجيش التي تضم مقر إقامة الرئيس البشير الذي يُعرف بـ«بيت الضيافة».

التمسك باستقالة البشير
ويصر المتظاهرون، الذين تغلب عليهم سمة شباب من الجنسين، على الاستمرار في الاعتصام وعدم المغادرة قبل إنجاز مهمتهم وسقوط النظام واستقالة البشير. وواصلت المعارضة المنضوية تحت تحالف «قوى الحرية والتغيير»، تمسكها باستقالة البشير وحكومته، وخيّرت الجيش بين الانحياز للشعب أو للبشير، مؤكدة أملها في اتخاذ الجيش موقفاً مشابهاً لمواقفه السابقة في ثورتي أكتوبر (تشرين الأول) 1964 ضد حكم الفريق إبراهيم عبود، وفي أبريل (نيسان) 1985 ضد نظام جعفر النميري. ودأب المتظاهرون على التلويح لرجال الجيش والطلب منهم حمايتهم من قوات الأجهزة الأمنية التي تتسم بالولاء القوي للرئيس البشير، والهتاف لهم بشعار «شعب واحد جيش واحد»، المستلف من الانتفاضة التي أطاحت بالنميري، وإعلان قيادة الجيش الانحياز للشعب ضد نظام البشير. لكن البشير واصل تمسكه بسلطته طوال الأشهر الأربعة الماضية، دون الاستجابة لمطالب المحتجين، رافضاً تخليه عنها، إلّا عبر صندوق الانتخابات، وهو الأمر الذي ترفضه المعارضة، وتعتبره محاولة لكسب الزمن، واستمراراً لنهج حكومته في المراوغة، وسعيه لتعديل الدستور للاستمرار في الحكم لدورة رئاسية جديدة.
وحذر «تجمع المهنيين السودانيين» مما سماه «مخططات مكشوفة من الأجهزة الأمنية والموالين من قادة الجيش لتفريق الحشود وتفريغ ساحة الاعتصام»، وقال في نداء عاجل أصدره التجمع إن «الحشود ستصمد بصمود الثوار، وزيادة تماسكهم، ووطنية الشرفاء من الجيش». وتابع: «نناشد جميع الثوار في بحري وشرق النيل والكلاكلات وأم درمان، وكل مناطق الخرطوم الحضور إلى القيادة العامة للمساندة». في غضون ذلك، سارع مواطنون وأسر بتقديم مياه الشرب والطعام للمحتجين، بل إن محتجاً ذكر لـ«الشرق الأوسط» أن المواطنين وفروا للمحتجين كل شيء بما في ذلك السجائر والقهوة والشاي، وشوهدت سيدات كبيرات في السن وشابات وشباب وهم يوزعون الأغذية والماء، في الوقت الذي استجابت فيه شركات تصنيع الأغذية وتعبئة مياه الشرب والمياه الغازية لدعوة «تجمع المهنيين»، وزودت للمعتصمين احتياجاتهم من المياه. كما شوهدت مبردات محملة على ناقلات ضخمة تدخل إلى أماكن الاحتجاج وتوزع مياه الشرب والمياه الغازية والوجبات الخفيفة، وعليها علاماتها التجارية المعروفة، مثل شركة «كوكاكولا» المملوكة لرجل الأعمال أسامة داوود.
وسارعت «لجنة أطباء السودان المركزية» لتوفير المستلزمات الطبية للمعتصمين، بما في ذلك إتاحة عدد من الأطباء وسيارات الإسعاف في المكان، ووجهت نداء للصيادلة والمواطنين لتوفير الأدوية والمحاليل ومعدات التعامل مع الغازات للمواطنين. وشارك نجوم مجتمع وفن ورياضة في الاعتصامات، وتم تناقل فيديوهات للمغنية الشهيرة نانسي عجاج وهي تقدم وصلات من الأغنيات الوطنية والحماسية وسط المعتصمين أمام القيادة العامة، فيما تناقل النشطاء صوراً تظهر مشاركة نجوم الرياضة في الاعتصام، وأشهرهم نجم فريق «الهلال» السابق هيثم مصطفى ونجم فريق المريخ السابق فيصل العجب، اللذان يعدان من أشهر نجوم كرة القدم السودانية. كما حملت الجماهير على الأعناق الصحافي الحاصل على جائزة «بيتر ماكلر» المكافئة للشجاعة والنزاهة، فيصل محمد صالح، ويلقبه نشطاء ومعارضون بـ«ضمير الحراك»، ورددوا خلفه هتافات «جيش واحد شعب واحد، سلمية سلمية، حرية سلام وعدالة والثورة خيار الشعب».

شل الحركة في العاصمة
وشلت الاحتجاجات الحياة في الخرطوم بشكل شبه كامل، إذ سد المتظاهرون من جهتهم مداخل وسط الخرطوم الشرقية والشمالية، وأغلقوا جسري «الجيش» والجامعة اللذين يربطان الخرطوم بالخرطوم بحري، وسدوها بالحجارة وبالحشود البشرية، وتعطل عمل كثير من الدوائر الرسمية، فيما أعلنت مؤسسات خاصة يوم أمس عطلة. كما أغلق المحتجون شوارع الجامعة والجمهورية والبلدية، وهي أكبر شوارع الخرطوم عند تقاطعها مع شارع «قيادة الجيش»، ومنعوا مرور السيارات عدا تلك التي تحمل الأغذية والمياه والمؤن، بالإضافة إلى سيارات الجيش. أما وسط العاصمة فقد بدأ مشلولاً بالكامل، خصوصاً مناطق السوقين العربي والأفرنجي اللتين تناقصت فيهما أعداد السيارات والمارة وتركزت الكثافة البشرية عند محطات المواصلات العامة، إلى الغرب والجنوب الغربي من مركزها، وخلت للقوات الأمنية التي نصبت مصايد اعتقال للنشطاء في عدد من شوارعها. ورغم حرارة الخرطوم الغائظة، التي بلغت أمس وأول من أمس، 42 دجة مئوية، فإن المعتصمين واصلوا الاعتصام والاحتجاج دون كلل، بيد أن نشطاء و«تجمع المهنيين» دعوا المواطنين لتوفير «الخيام» والمظلات للمحتجين.
رسمياً، عقد الرئيس البشير أمس، «اجتماعاً طارئاً» مع «مجلس الدفاع والأمن الوطني»، ببيت الضيافة داخل القيادة العامة للجيش ناقش المستجدات في البلاد، وأكد وفقاً لمنشور صادر عن الإعلام الرئاسي، أهمية الاستجابة لمطالب المحتجين، باعتبارهم شريحة من المجتمع يجب الاستماع إليها. وحجبت سلطات الاتصالات السودانية الوصول إلى مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت مثل «فيسبوك» و«تويتر» و«واتساب»، ما اضطر النشطاء للعودة إلى استخدام «البروكسي»، وهو نفس ما فعلته السلطات بعد أيام من اندلاع الاحتجاجات في البلاد في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.