المرأة الأفغانية واتفاق السلام المرتقب

الرئيس غني يصر على عدم التراجع عن حقوقها في أي اتفاق مع «طالبان»

الصحافية الأفغانية فرهناز فورونتان في مكتبها بكابل (رويترز)
الصحافية الأفغانية فرهناز فورونتان في مكتبها بكابل (رويترز)
TT

المرأة الأفغانية واتفاق السلام المرتقب

الصحافية الأفغانية فرهناز فورونتان في مكتبها بكابل (رويترز)
الصحافية الأفغانية فرهناز فورونتان في مكتبها بكابل (رويترز)

قبل التوصل إلى اتفاق سلام بين المبعوث الأميركي لأفغانستان و«طالبان»، بدأت أوضاع المرأة في أفغانستان ومستقبل النساء في البلد، الذي عانى من ويلات الحرب خلال أكثر من أربعين عاماً متواصلة، تظهر على السطح، ويطرحها بعض الأفغان والقوى الدولية كنقطة يجب بحثها.
ففي حديثه أمام تجمع للنساء قبل نحو أسبوعين، طرح الرئيس الأفغاني أشرف غني مسألة «مكتسبات النساء» في أفغانستان ما بعد الغزو الأميركي، وأنه يجب عدم التراجع عن حقوقهن في أي اتفاق سلام مع «طالبان»، مشدداً على عدم قبول الحكومة الأفغانية وأنصارها، عودة معاملة المرأة الأفغانية بالطريقة التي كانت إبان حكم «طالبان» ما بين عامي 1996 - 2001، وقال: «هناك مئات الآلاف من البنات الأفغانيات تلقين التعليم في المدارس والجامعات، وأصبح ثلث البرلمان الأفغاني من النساء، كما شهدت أفغانستان وجود أول حاكمة ولاية في باميا، إضافة إلى وصولها لمناصب وزارية». وشدد المبعوث الأميركي زلماي خليل زاد، على ضرورة عدم التراجع عن حقوق النساء في المجتمع الأفغاني، في أي اتفاق قادم مع «طالبان». الأمم المتحدة من جانبها أكدت على هذا الجانب من خلال تصريحات لسفيرة الأمم المتحدة للنوايا الحسنة، الممثلة الأميركية أنجيلنا جولي، فيما قالت المغنية الأفغانية إلهام إن المرأة الأفغانية ما زالت غائبة عن قضايا المجتمع الأفغاني ودوائر الحكم فيه، مشددة: «صوتي مهم للمرأة الأفغانية، وبقية الفتيات في أفغانستان سيتسلحن بالشجاعة، مثل المغنية أريانا سيد، التي اعتبرها مثالاً لي». لكنها تتساءل: «ماذا لو عادت (طالبان) للحكم مجدداً؟»، وتجيب المغنية الأفغانية: «سوف أحارب (طالبان) بالغناء، لأنني أريد أن أجعل حياتي كلها غناءً وموسيقى!».
وينتقد كثير من الأفغان والدول الغربية موقف «طالبان» سابقاً من المرأة، وتعليمها، وعملها، في أفغانستان، بالقول إن «طالبان» حرمت الفتيات الأفغانيات من التعليم، ومن فرص العمل، في ظل حكم الحركة قبل ربع قرن من الزمان. الممثلة الأميركية وسفيرة النوايا الحسنة للأمم المتحدة أنجلينا جولي انتقدت المجتمع الدولي وصمته حيال وضع المرأة الأفغانية بالقول: «موقف المجتمع الدولي الصامت تجاه حقوق المرأة في أفغانستان يعد أمراً مريباً وينذر بالخطر». وقالت في كلمة أمام مؤتمر للأمم المتحدة قبل أسبوع: «في أفغانستان الآلاف من النساء يأتين للعمل حالياً، ويعرضن أنفسهن للمخاطر، ويجب على المجتمع الدولي ضمان فرص عملهن ومستقبل أولادهن في أي اتفاق سلام يتم التوصل إليه»، مضيفة: «لا يمكن أن يحدث سلام واستقرار في أفغانستان، أو أي مكان في العالم، إن تم التغاضي عن حقوق النساء».
«طالبان» من ناحيتها لم تعلق على مواقف الحكومة الأفغانية والمجتمع الدولي حيال حقوق المرأة في أفغانستان ما بعد اتفاق السلام المتفاوض حوله بين «طالبان» والمبعوث الأميركي.
لكن رفض حركة «طالبان» للدستور الأفغاني الحالي الذي يعطي، ولو نظرياً، حقوقاً متساوية للمرأة والرجل، يثير مخاوف لدى الكثير من القوى الأفغانية، خصوصاً التجمعات النسائية.
فـ«طالبان» قالت على لسان شير عباس ستانكزي، كبير مفاوضيها مع المبعوث الأميركي زلماي خليل زاد، إن الحركة ترفض الدستور الأفغاني الحالي، لكنها في الوقت نفسه ليست ضد حقوق المرأة التي نصت عليها الشريعة الإسلامية، سواء في الميراث أو فرص العمل أو غيرها من القضايا.
أحد قادة «طالبان» من قندهار قال في حوار معه، «نحن حاولنا تعليم الفتيات إبان حكم (الإمارة الإسلامية) (طالبان)، وطلبنا المساعدة من الأمم المتحدة، لكنهم اشترطوا علينا سابقاً من أجل المساعدة المالية ألا نجعل أسواراً عالية على مدارس البنات، وأن يكون التعليم مختلطاً في المدارس، وهو ما نرفضه من ناحية شرعية لتعارضه مع تعاليم الشريعة الإسلامية، وجره المجتمع إلى أبواب الفساد».
وكالة الصحافة الفرنسية نقلت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عن تجمعات نسائية في ولاية قندوز، التي تسيطر «طالبان» على غالبيتها، قول بعضهن: «(طالبان) لم تمنعنا من العمل والأسواق، ونحن نقبل حكم الشريعة ونظرتها للمرأة ودورها في المجتمع، لكن عدداً من القوى المحلية والدولية يريدون استخدام ورقة المرأة لإحداث البلبلة وعدم الاستقرار في أفغانستان».
نصير أحمد صحافي من القومية الأزبكية، وكانت عائلته من المقربين من الجنرال دوستم سنوات طويلة، يعمل في كابل حالياً، قال في لقاء معه «ليست المسألة تتعلق بالنساء وحقوقهن في الغالب، فالمرأة في عهد كرزاي وأشرف غني وفي ظل الدستور الأفغاني الحالي لها الحقوق نفسها مثل الرجل، لكن كثيراً من النساء يشتكين من عدم المساواة حتى في الدوائر الحكومية في فرص العمل والرواتب، إضافة إلى التحرش الجنسي بهن من قبل المسؤولين في الحكومة وموظفيها، وما حدث مع فريق كرة القدم النسائي الأفغاني من تحرش جنسي من قبل المسؤولين عن الفريق ومدربيه إلا مثال لذلك». وأضاف: «المجتمع الدولي والقوى الأخرى يجب أن يفهموا أن المجتمع الأفغاني ليس مجتمعاً أوروبياً، وأن الشريعة الإسلامية وتقاليد الأفغان المجتمعية ما زالت تسيطر وستبقى في المجتمع، وأنه في الحكومات قبل (طالبان)، والحكومات التي أعقبت حكم (طالبان)، لم يتغير شيء كثير إلا نسبة التعليم للبنات، وهذا ناتج عن الأموال الطائلة التي دفعت في أفغانستان، وإن توقف تقديم الدعم لأي حكومة جديدة في أفغانستان، فأعتقد أنه لن يكون بإمكانها الإبقاء على تعليم البنات ومنح الوظائف لهن كما هو حالياً».
لكن أحمد نصير سرماست مؤسس الأوركسترا النسائية الأفغاني، قال إن الشعب الأفغاني يجب ألا يبقى صامتاً حيال حقوق النساء، مضيفاً: «لقد تعرضنا في الأوركسترا النسائية الأفغانية للكثير من التهديدات من (طالبان)، وهو ما جعلنا نلجأ إلى العيش في لندن والعمل من هناك».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.