«الفتاة كارلا»... للإيطالي إليو بالياراني في ترجمة عربية

«الفتاة كارلا»... للإيطالي إليو بالياراني في ترجمة عربية
TT

«الفتاة كارلا»... للإيطالي إليو بالياراني في ترجمة عربية

«الفتاة كارلا»... للإيطالي إليو بالياراني في ترجمة عربية

صدر حديثاً عن المركز القومي للترجمة الرواية الشعرية «الفتاة كارلا»، للكاتب الإيطالي إليو بالياراني، وهو العمل الذي يعبر عن مرحلة فاصلة بين الاتجاه ما بعد الرمزي في الشعر، والواقعية الجديدة في فن الرواية، ليسجل بداية التجريب الطليعي الجديد.
وتقع الرواية في 42 صفحة، وترجمها للعربية دكتور حسين محمود، أستاذ الأدب الإيطالي بجامعة حلوان، وضمت مقدمة للكاتب الإيطالي ألدو نوفي، حول أثر التداعيات الفكرية للآيديولوجيات الكبرى في القرن العشرين على الإبداع الأدبي، والتحول للاتجاه الطليعي الجديد، وتحول الشعراء من الكتابة عن المدن للتعبير عن مكنونات النفس البشرية وصراعاتها. ويشيد ألدو نوفي بالتقاط بالياراني الصوت الداخلي، مبلوراً من خلاله ما هو خارجي، ليمنحه قالباً شعرياً كموضع للتخييل الجمعي، كما ذيل الكتاب بشهادة إبداعية للكاتب، يعبر فيها عن المنهج الإبداعي، والتحديات التي واجهته في كتابه نصه، في زمن كانت إيطاليا تعاني فيه من صدمة الحرب العالمية الثانية، وتمور بتغيرات اجتماعية واقتصادية وسياسية عنيفة.
وينتمي بالياراني إلى تيار عرف في إيطاليا بالشعراء «النووفيسيمي» الجدد جداً، وقد كتب هذه الرواية الشعرية «الفتاة كارلا» ما بين عامي 1954 و1957، ونشرت بالكامل في مجلة «مينابو» الثقافية عام 1960. وتجسد حكاية فتاة عمرها 17 ربيعاً، تمتهن الكتابة على الآلة الكاتبة، وتعيش مرحلة العبور من كونها فتاة إلى امرأة ناضجة تسعى للتحرر من القيود المجتمعية، وأن تتحقق إنسانياً، دون التخلي عن مبادئها.
إن كارلا فتاة عادية تتعرض للانتهاكات والقمع، لكنها تشكل معادلاً رمزياً لصانعي الأحلام المدفونة.
ومن أهم ما يميز هذه الرواية اللعب على التعدد الصوتي بتركيبات متنوعة أشبه بتقنية المونتاج السينمائي، كما تستفيد من تقنيات السرد القصصي، وتنطوي على موسيقى داخلية، عبر النسيج اللغوي وبراعة صياغته، مما أضفى عليها مسحة ملحمية، كما في هذا المقطع الذي يجسد نهاية حياة «كارلا» على هذا النحو: «كم من موت يحيط بنا، وكم يجدر بنا أن نحول شيئاً منه إلى حياة كي نعيش كالماسة على الزجاج، إنجاز بشري ملموس في تاريخ حي يقاوم منسلخاً عن الزمن، عندما يركد الإيقاع، وعندما يستثمر الجسم البشري نفسه في التحول».
ويمكن اعتبار «الفتاة كارلا» رواية شعرية، كما تمت مسرحتها وتحويلها أيضاً لفيلم سينمائي، للمخرج ألبرتو سايبينه. وفي شهادته الإبداعية عن «الفتاة كارلا»، يروي بالياراني أنه كتبها في أثناء تدريسه بمدرسة إعدادية في شارع أومبريا، وبدأها بمطلع لم يتغير: «عبر جسر السكة الحديدية، عند تقاطع شارع ريبامونتي، يقع بيت كارلا...». ويذكر أنه كان متخوفاً من طغيان «الأنا» على كتابته، لذا قرر أن يؤلف الرواية - القصيدة بضمير الغائب، ليتطرق للأحداث المعاصرة، في ظل صراع وسجال أدبي كان دائراً بسبب الحكم المسبق على «الكلمات الشعرية»، واستخدام اللغة الدارجة لنقل التناقضات الاجتماعية في ما بين الحربين العالميتين.
ولد إليو بالياراني في فيزربا (ريميني)، عام 1927، وتوفي في روما، عام 2012. وكان قد عمل صحافياً في صحيفة «أفانتي» و«بايزي سيرا»، ومارس النقد المسرحي. ورأس لفترة تحرير مجلة «نووفاكورنتي» أو «التيار الجديد»، وأسس عدة مجلات ثقافية، وشارك مع «مجموعة 63» الأدبية الشهرية، ومن أبرز أعماله التي لاقت صيتاً عالمياً قصيدة «بالاتا دي رودي» التي صدرت عام 1995.



«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
TT

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كرّمت «جائزةُ الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي»، بدولة قطر، مساء الثلاثاء، الفائزين في فئات الدورة العاشرة، وذلك خلال حفل كبير حضره الشيخ ثاني بن حمد آل ثاني الممثل الشخصي لأمير البلاد، وشخصيات بارزة، وأعضاء البعثات الدبلوماسية، ونخبة من الباحثين والعاملين بمجال الترجمة.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المترجمين وتقدير دورهم في تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين شعوب العالم، وتقدير دورهم عربياً وعالمياً في مد جسور التواصل بين الأمم، ومكافأة التميز في هذا المجال، وتشجيع الإبداع، وترسيخ القيم السامية، وإشاعة التنوع، والتعددية والانفتاح.

الشيخ ثاني بن حمد لدى حضوره حفل تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كما تطمح إلى تأصيل ثقافة المعرفة والحوار، ونشر الثقافة العربية والإسلامية، وتنمية التفاهم الدولي، وتشجيع عمليات المثاقفة الناضجة بين اللغة العربية وبقية لغات العالم عبر فعاليات الترجمة والتعريب، ويبلغ مجمل قيمة الجائزة في مختلف فئاتها مليوني دولار أميركي.

وقال الدكتور حسن النعمة، أمين عام الجائزة، إنها «تساهم في تعزيز قيم إنسانية حضارةً وأدباً وعلماً وفناً، اقتداءً بأسلافنا الذي أسهموا في بناء هذه الحضارة وسطروا لنا في أسفار تاريخها أمجاداً ما زلنا نحن اليوم الأبناء نحتفل بل ونتيه مفتخرين بذلك الإسهام الحضاري العربي في التراث الإنساني العالمي».

وأشاد النعمة بالكتاب والعلماء الذين ترجموا وأسهموا في إنجاز هذه الجائزة، وبجهود القائمين عليها «الذين دأبوا على إنجاحها وإخراجها لنا في كل عام لتكون بهجة ومسرة لنا وهدية من هدايا الفكر التي نحن بها حريُّون بأن نرى عالمنا أجمل وأسعد وأبهج وأرقى».

الدكتور حسن النعمة أمين عام الجائزة (الشرق الأوسط)

من جانب آخر، أعربت المترجمة والأكاديمية، ستيفاني دوغول، في كلمة نيابة عن الضيوف وممثلة للمترجمين، عن شكرها لجهود دولة قطر وجائزة الشيخ حمد للترجمة في تكريم المترجمين والمثقفين من كل أنحاء العالم، موجهة التحية لجميع الفائزين، وللغة العربية.

يشار إلى أنه في عام 2024، توصلت الجائزة بمشاركات من 35 دولة حول العالم، تمثل أفراداً ومؤسسات معنية بالترجمة، من بينها 17 دولة عربية. وقد اختيرت اللغة الفرنسية لغة رئيسية ثانية إلى جانب اللغة الإنجليزية، بينما اختيرت الهنغارية والبلوشية والتترية واليوربا في فئة اللغات القليلة الانتشار.

الفائزون بالدورة العاشرة

وفاز بالجائزة هذا العام «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية»، في المركز الثاني رانية سماره عن ترجمة كتاب «نجمة البحر» لإلياس خوري، والثالث إلياس أمْحَرار عن ترجمة كتاب «نكت المحصول في علم الأصول» لأبي بكر ابن العربي، والثالث (مكرر): ستيفاني دوغول عن ترجمة كتاب «سمّ في الهواء» لجبور دويهي.

وعن «فئة الترجمة من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية»، فاز بالمركز الثاني الحُسين بَنُو هاشم عن ترجمة كتاب «الإمبراطورية الخَطابية» لشاييم بيرلمان، والثاني (مكرر) محمد آيت حنا عن ترجمة كتاب «كونت مونت كريستو» لألكسندر دوما، والثالث زياد السيد محمد فروح عن ترجمة كتاب «في نظم القرآن، قراءة في نظم السور الثلاث والثلاثين الأخيرة من القرآن في ضوء منهج التحليل البلاغي» لميشيل كويبرس، والثالث (مكرر): لينا بدر عن ترجمة كتاب «صحراء» لجان ماري غوستاف لوكليزيو.

من ندوة «الترجمة من اللغة العربية وإليها... واقع وآفاق» (الشرق الأوسط)

أما (الجائزة التشجيعية)، فحصل عليها: عبد الواحد العلمي عن ترجمة كتاب «نبي الإسلام» لمحمد حميد الله. بينما فاز في «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية»، حصلت على المركز الثالث: طاهرة قطب الدين عن ترجمة كتاب «نهج البلاغة» للشريف الرضي. وذهبت الجائزة التشجيعية إلى إميلي درومستا (EMILY DRUMSTA) عن ترجمة المجموعة الشعرية «ثورة على الشمس» لنازك الملائكة.

وفي (فئة الترجمة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية) حصل على المركز الثاني مصطفى الفقي وحسام صبري عن ترجمة كتاب «دليل أكسفورد للدراسات القرآنية» من تحرير محمد عبد الحليم ومصطفى شاه، والثاني (مكرر): علاء مصري النهر عن ترجمة كتاب «صلاح الدين وسقوط مملكة بيت المقدس» لستانلي لين بول.

وفي «فئة الإنجاز»، في قسم اللغة الفرنسية: (مؤسسة البراق)، و(دار الكتاب الجديد المتحدة)، و«في قسم اللغة الإنجليزية»: (مركز نهوض للدراسات والبحوث)، و(تشارلز بترورث (Charles E. Butterworth)، وفي لغة اليورُبا: شرف الدين باديبو راجي، ومشهود محمود جمبا. وفي «اللغة التترية»: جامعة قازان الإسلامية، و«في قسم اللغة البلوشية»: دار الضامران للنشر، و«في اللغة الهنغارية»: جامعة أوتفوش لوراند، وهيئة مسلمي المجر، وعبد الله عبد العاطي عبد السلام محمد النجار، ونافع معلا.

من ندوة «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة» (الشرق الأوسط)

عقدٌ من الإنجاز

وعقدت الجائزة في الذكرى العاشرة لتأسيسها ندوة ثقافية وفكرية، جمعت نخبة من أهم العاملين في مجال الترجمة والمثاقفة من اللغة العربية وإليها، تتناول الندوة في (الجلسة الأولى): «الترجمة من اللغة العربية وإليها: واقع وآفاق»، بينما تتناول (الجلسة الثانية): «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة، وكيفية تطوير هذا الدور».

وخلال مشوارها في عشر سنوات، كرّمت الجائزة مئات العاملين في الترجمة من الأفراد والمؤسسات، في نحو 50 بلداً، لتفتح بذلك آفاقاً واسعة لالتقاء الثقافات، عبر التشجيع على الاهتمام بالترجمة والتعريب، ولتصبح الأكبر عالمياً في الترجمة من اللغة العربية وإليها، حيث اهتمت بها أكثر من 40 لغة، كما بلغت القيمة الإجمالية السنوية لمجموع جوائزها مليوني دولار.

ومنذ تأسيسها، كرمت الجائزة 27 مؤسسة ودار نشر من المؤسسات التي لها دور مهم في الترجمة، و157 مترجماً و30 مترجمة، حيث فاز كثيرون من مختلف اللغات الحية عبر العالم. حتى اللغات التي يتحدث بها بضعة ملايين بلغتها الجائزة وكرمت رواد الترجمة فيها من العربية وإليها. أما اللغات الكبرى في العالم فكان لها نصيب وافر من التكريم، مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألانية والصينية والكورية واليابانية والتركية والفارسية والروسية.

وشملت الجائزة كذلك ميادين القواميس والمعاجم والجوائز التشجيعية للمترجمين الشباب وللمؤسسات الناشئة ذات الجهد الترجمي، وغطت مجالات الترجمة شتى التخصصات الإنسانية كاللغوية والتاريخية والدينية والأدبية والاجتماعية والجغرافية.

وتتوزع فئاتها على فئتين: «الكتب المفردة»، و«الإنجاز»، تختص الأولى بالترجمات الفردية، سواء من اللغة العربية أو إليها، وذلك ضمن اللغات الرئيسية المنصوص عليها في هذه الفئة. وتقبل الترشيحات من قبل المترشح نفسه، ويمكن أيضاً ترشيح الترجمات من قبل الأفراد أو المؤسسات.

أما الثانية فتختص بتكريم الجهود الطويلة الأمد المبذولة من قبل الأفراد والمؤسسات في مجال الترجمة من اللغة العربية أو إليها، في عدة لغات مختارة كل عام، وتُمنح الجائزة بناء على عدد من الأعمال المنجزة والمساهمة في إثراء التواصل الثقافي والمعرفي.