قائد السبسي يؤكد عدم رغبته في الترشح لولاية ثانية

مؤتمر «النداء» ينطلق برفع تجميد عضوية رئيس الحكومة في الحزب

السبسي يحيي أنصاره خلال انطلاق مؤتمر حزب النداء في المنستير أمس (أ.ف.ب)
السبسي يحيي أنصاره خلال انطلاق مؤتمر حزب النداء في المنستير أمس (أ.ف.ب)
TT

قائد السبسي يؤكد عدم رغبته في الترشح لولاية ثانية

السبسي يحيي أنصاره خلال انطلاق مؤتمر حزب النداء في المنستير أمس (أ.ف.ب)
السبسي يحيي أنصاره خلال انطلاق مؤتمر حزب النداء في المنستير أمس (أ.ف.ب)

فاجأ الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي نحو 10 آلاف من أنصار حزبه، الذين تجمعوا في موطن الزعيم الحبيب بورقيبة بالمنستير، خلال افتتاح مؤتمرهم الوطني، بالإعلان أنه لا يعتزم الترشح للرئاسة نهاية العام الحالي، وطلب من المؤتمرين التراجع عن قرار تجميد عضوية رئيس الحكومة يوسف الشاهد وأنصاره «الوسطيين» من الحزب. ووافق المؤتمرون بالإجماع على هذا الطلب، في خطوة من المقرر أن تؤثر في المشهد السياسي، وفي التحضيرات للانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة نهاية العام الحالي.
وتعهد الرئيس بدعم أحد المرشحين للرئاسة، بعد أن نوه بالشاهد، وطلب من المؤتمر «لم شمل» كل كوادره ومناضليه، الذين انسحبوا من الحزب، وبينهم رئيس الحكومة. وأوضح السبسي في هذا السياق أن 3 قوى تتحكم في المشهد السياسي والانتخابي؛ هي اليسار المتجمع حول «الجبهة الشعبية» بزعامة حمة الهمامي، و«حركة النهضة» الإسلامية، وتيار الأغلبية، التي وصفها بـ«قوى الوسط»، معتبراً أن حزبه يتزعمها، وطلب من المواطنين دعمها والانخراط في مشروعها السياسي خلال السباق الانتخابي المقبل.
ويشارك في أشغال المؤتمر الانتخابي الأول لحزب النداء، الذي ينعقد تحت شعار «مؤتمر الإصلاح والالتزام»، أكثر من 1800 نائب، تمّ انتخابهم على مستوى المكاتب المحليّة في ظل غياب كامل لممثلي مختلف الأحزاب التونسية. وسيتم خلال المؤتمر الذي يمتد على يومين، المصادقة على التقريرين الأدبي والمالي والمصادقة على اللوائح، وتنقيح النظام الداخلي لحزب النداء. وسيشمل التنقيح التركيبة الجديدة للحركة، وهياكل جديدة للحزب. ومن المقرر أن ينتخب المؤتمر هيئة قيادية موسعة من 217 شخصية، بينها وزراء سابقون ومسؤولون كبار في الدولة.
وتتنافس 3 قائمات انتخابية على قيادة حزب النداء؛ هي قائمة حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس الحالي، وقائمة ناجي جلول وزير التربية السابق، وقائمة سلمى اللومي مديرة ديوان رئاسة الجمهورية.
لكن إلى أي حد سوف يسهم «العفو» عن المنشقين والغاضبين في لم شمل كوادر حزب قائد السبسي، وتحسين إشعاعه رغم الأزمات الحادة التي مر بها خلال الأعوام الأربعة الماضية، وتطورت إلى قطيعة سياسية بين رئاسة الجمهورية والحكومة؟ وهل سيقبل الشاهد عرض المصالحة الذي عرضه عليه مؤتمر حزب الرئيس قائد السبسي، مقابل وعد بدعمه في الانتخابات المقبلة؟
القيادي في حزب النداء مصدق بسباس اعتبر أن تفاعل رئيس الحكومة يوسف الشاهد مع عرض السبسي ومؤتمر حزب النداء «يمكن أن يؤثر في المشهد السياسي والانتخابي الجديد، ويضعف حركة النهضة وأقصى اليسار». كما يمكن، حسبه، أن يفتح الباب أمام الشاهد ليخوض الانتخابات المقبلة باسم كل الدستوريين، وحلفائهم المعارضين للنهضة وأقصى اليسار، تحت يافطة حزب «النداء» الذي فاز بالأغلبية في انتخابات 2014.
إلا أن هذا التطور سوف يضعف مشروع حزب «تحيا تونس»، الذي يتزعمه الوزير السابق سليم العزابي، وعدد من الوزراء وكوادر الدولة والبرلمانيين، والذي يسمى في وسائل الإعلام والصالونات السياسية التونسية «حزب يوسف الشاهد»، رغم عدم إعلانه الانضمام إليه حتى الآن.
لكن بعض القياديين في حزب «تحيا تونس»، المحسوب على رئيس الحكومة، استبعدوا أن يتخلى الشاهد والموالون له عن مشروعهم السياسي والحزبي والانتخابي الآن. وفي هذا السياق أورد البرلماني الصحبي بن فرج، القيادي بحزب «تحيا تونس» في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «مبادرة الباجي قائد السبسي تجاه يوسف الشاهد والغاضبين، جاءت متأخرة جداً، وكان يمكن أن تؤثر فعلاً في المشهد السياسي، ولمّ شمل رفاق الأمس، لو صدرت قبل عام أو عامين على الأقل»، معتبراً أن السبسي أصبح منذ مدة يقدم تنازلات علنية للشاهد والغاضبين في محاولة لاستمالتهم، بعد أن انحاز ضدهم خلال خلافاتهم مع ابنه حافظ قائد السبسي.
ووصف بن فرج المبادرة الجديدة التي قدمها قائد السبسي الأب بمثابة «رمي المنديل»، كما أن كل استطلاعات الرأي ترجح فوز الشاهد في الانتخابات بفارق كبير، بما في ذلك في حالة مشاركة الرئيس في السباق.
وتوقع بن فرج أن يتغير المشهد الحزبي والسياسي والانتخابي في الاتجاه المعاكس، عبر انضمام غالبية من تبقى في حزب النداء إلى حزب «تحيا تونس»، الذي تأسس الشهر الماضي بزعامة الوزير سليم العزابي، ويعتبر يوسف الشاهد زعيمه السياسي ومرشحه الافتراضي لرئاسة الجمهورية أو الحكومة، بعد انتخابات نهاية العام الحالي. وقد دخل هذا الحزب منذ شهور في تحالف استراتيجي مع عدة أحزاب، بينها «النهضة»، و«مشروع تونس» و«المبادرة الدستورية»، استعداداً للانتخابات المقبلة، وانسحاب الشاهد سيعني إعادة خلط كاملة للأوراق، وتغييراً جوهرياً للمشهد السياسي.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».