مجلس الأمن يضع كل ثقله خلف سلامة

TT

مجلس الأمن يضع كل ثقله خلف سلامة

وضع مجلس الأمن «كل ثقله» خلف الجهود الدبلوماسية المكثفة التي يبذلها المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة من أجل «وقف التحركات العسكرية» لكل الأطراف، ولا سيما قوات الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر.
وبطلب من بريطانيا، عقد مجلس الأمن جلسة مغلقة طارئة استمع فيها إلى إحاطة من سلامة. وعلمت «الشرق الأوسط» من دبلوماسيين شاركوا في الجلسة أن المبعوث الدولي «قدم صورة قاتمة» عن الوضع على الأرض على أثر التحركات العسكرية الأخيرة. وأوضح أن بيان الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش عقب اجتماعه مع كل من رئيس حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً فائز السراج في طرابلس وحفتر في بنغازي «يعكس الواقع المتردي على الأرض»، مضيفاً أن «الأمين العام «حاول إقناع حفتر بعدم جدوى الخيارات العسكرية، وأنه لا حل عسكرياً للأزمة في ليبيا. لكن المشير حفتر كانت لديه وجهة نظر مختلفة».
وكشف أن غوتيريش «عرض على كل من السراج وحفتر أن يعقدا اجتماعاً في جنيف»، فكان رد السراج «هو الموافقة بشرط أن يوقف حفتر التحركات العسكرية في اتجاه طرابلس»، أما «حفتر فرفض فكرة عقد اجتماع في الوقت الراهن».
وكان غوتيريش غرد عبر «تويتر» قبيل مغادرته بنغازي، قائلاً: «أغادر ليبيا بقلب مثقل وقلق عميق. لا أزال آمل أن يكون من الممكن تجنب المواجهة الدموية في طرابلس وحولها».
وخلال جلسة مجلس الأمن، عبر سلامة عن «خشية من تقاسم النفوذ العسكري في طرابلس بين القوات الحكومية الضعيفة نسبياً بقيادة السراج وقوات حفتر».
وعلى أثر المشاورات في الجلسة المغلقة، توافق أعضاء مجلس الأمن على موقف موحد عبر عنه رئيس المجلس للشهر الجاري المندوب الألماني الدائم لدى الأمم المتحدة كريستوف هوسيغن الذي قال: «دعا أعضاء مجلس الأمن قوات الجيش الوطني الليبي إلى وقف كل التحركات العسكرية»، مطالبين أيضاً كل القوات بـ«نزع فتيل التوتر ووقف النشاطات العسكرية».
وأعربوا عن «القلق العميق من النشاطات العسكرية في طرابلس التي تهدد استقرار ليبيا والوساطة التي تقوم بها الأمم المتحدة والحل السياسي الشامل للأزمة». وشددوا على أنه «لا يوجد حل عسكري للنزاع»، معبرين عن «رغبتهم في محاسبة المسؤولين عن تصاعد النزاع».
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أبدى هوسيغن مخاوفه من «الانطباع السائد هو أنه لا يمكن المضي في العملية السياسية التي تسعى إليها الأمم المتحدة في منتصف الشهر الجاري إذا تواصلت العمليات العسكرية في طرابلس ومحيطها»، مبدياً خشيته من «ألا تسمح الأجواء الراهنة بعقد مؤتمر غدامس»، علماً بأن سلامة «يسعى إلى إعادة الجميع إلى السكة السياسية». وأشار إلى أنه سيبقى على تواصل مع المبعوث الخاص في عطلة نهاية الأسبوع من أجل «تقديم كل الدعم الممكن» من مجلس الأمن لجهود سلامة.
وقال المندوب الدائم لجنوب أفريقيا جيري ماثيو ماتجيلا لـ«الشرق الأوسط» إنه «من العوامل التي أدت إلى تطور الوضع» على النحو الجاري حالياً أن «حفتر يسيطر على غالبية مناطق النفط في البلاد، لكنه لا يحصل سوى على نحو 5 في المائة من عائداته».
وباشرت بريطانيا إعداد مشروع بيان جديد أكثر تفصيلاً حول الوضع في ليبيا على أن يبحثه مجلس الأمن في أقرب فرصة، وبالتنسيق مع سلامة الذي سيواصل إطلاع مجلس الأمن على حصيلة مشاوراته المكوكية بين طرابلس وبنغازي.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».