طوارئ في المستشفيات غرب البلاد و{الهلال الأحمر} يرفع جاهزيته

TT

طوارئ في المستشفيات غرب البلاد و{الهلال الأحمر} يرفع جاهزيته

رفعت حكومة الوفاق الوطني التي يرأسها فائز السراج، أمس، حالة الاستعداد إلى درجة قصوى في المستشفيات التابعة لها في عموم العاصمة طرابلس، وما حولها من مدن وبلدات، في وقت دعا رئيس مجلس أعيان ليبيا للمصالحة محمد المُبشر، إلى «التهدئة وإيقاف الاقتتال بين الجانبين»، وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «الخيار العسكري يكلفنا كثيرا من الدماء، والأرامل، والأيتام».
وفي وقت أعلنت جمعية الهلال الأحمر الليبي، عن أرقام الطوارئ التي يلجأ إليها الأهالي في المناطق الواقعة في محيط الاشتباكات، طالبت وزارة الصحة التابعة لحكومة الوفاق مديري المستشفيات والمراكز الصحية بتكثيف تقديم جميع خدمات الإسعاف والطوارئ في العاصمة طرابلس.
وأعلنت وزارة الصحة، أن وكيل الوزارة محمد هيثم عيسى، ترأس اجتماعا عاجلا مع عدد من مديري المستشفيات، وحضهم وفق بيان لوزارة الصحة على رفع حالة الجاهزية لأي أمر طارئ. وكانت إدارة شؤون الجرحى بمستشفى طرابلس أعلنت حالة الطوارئ والنفير العام أيضاً بجميع أقسامها بالتعاون مع مركز الطب الميداني. ونقل عدد من المواطنين لـ«الشرق الأوسط» أن هناك حالة هلع تتزايد بين المواطنين، خاصة مع اندلاع الاشتباكات في منطقة وادي الربيع عين زارة، التي تبعد 16 كيلومترا عن قلب طرابلس، مشيرين إلى أن بعض المواطنين تركوا منازلهم ولاذوا بالهرب إلى محيط غرب العاصمة.
وانتشرت أخبار في بعض وسائل الإعلام المحلية تتعلق بتأجيل الدراسة في مدارس وجامعات العاصمة، لكن وزارة التعليم بحكومة الوفاق الوطني نفت ذلك. وقال رئيس مجلس أعيان ليبيا للمصالحة الشيخ محمد المبشر، إن «الخيار العسكري غير منطقي، ويكلف الليبيين كثيرا من الدماء»، مشيراً إلى أن «المتقاتلين في الجانبين من أبنائنا، وعلينا إنقاذهم من هذه الحرب، وحمايتهم حتى من أنفسهم». وقال إن «البارود وإزهاق الأرواح وتربص الأطراف ببعضها واستعمال الشباب وقودا لمعارك الرابح فيها خاسر، معطيات تدعو للقلق».
وأضاف المبشر أن «الحل لا يأتي بالبندقية ولكن بالمصالحة والحوار، ونحن نقوم بدورنا أمام هذا الاقتتال».
في السياق ذاته، سادت حالة من القلق مجلس شيوخ ليبيا، ودعا المجلس في بيان، أمس «جميع الأطراف المتقاتلة، إلى تغليب مصالح الوطن العليا على كل المصالح الذاتية والشخصية»، لافتاً إلى أن البلاد في حاجة إلى «ترسيم التفاهمات والاستعداد للملتقى الوطني الجامع الذي يحقق عودة الأمل في نتاج عمل وطني يهدف إلى إنشاء مشروع للمصالحة الوطنية ومقررات من شأنها أن تقرب ليوم الخلاص من الأزمة الليبية».
وطالب المجلس البعثة الأممية والمجتمع الدولي أن يعملوا على وقف الحرب الدائرة في البلاد، ووقف نزف الدماء، وانتهى المجلس إلى ضرورة إسكات صوت البنادق، مع قيام مجلس الأمن الدولي بدوره.
وكانت جمعية الهلال الأحمر، شكلت غرفة طوارئ، مساء أول من أمس، وعممت أرقام الطوارئ على وسائل الإعلام المحلية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.