جورج صليبي: الحلقات التي يتخللها عنف لها جذورها لدى المشاهد لذلك يتابعها

يعد الإعلامي جورج صليبي واحدا من أهم المحاورين السياسيين في الإعلام المرئي في لبنان. فبرنامجه التلفزيوني «الأسبوع في ساعة» والذي يعرض على شاشة الجديد «نيو تي في»، يحصد مشاهدة عالية من قبل شرائح لبنانية مختلفة ومنوعة، إذ تجد في شخصيته عنوانا للإعلامي الرصين والهادئ والذي لديه قدرة على تقديم مادة حوارية غير مبتذلة.
وما لا يعرفه كثيرون هو أن جورج صليبي بدأ حياته المهنية عام 1990 في العمل الإذاعي، وبالتحديد في إذاعة «صوت لبنان»، فقدم برامج فنية وثقافية مختلفة بينها «ضيف الأحد» و«الوجه الآخر» و«برلمان الشباب» الذي يعتز به كثيرا. وبعد مرور تسع سنوات على تجربته هذه، قرر ولوج الإعلام المرئي من بابه العريض، فانتقل إلى العمل التلفزيوني من خلال تقديم نشرات الأخبار والبرامج الحوارية السياسية على قناة «الجديد». ويتذكر جورج صليبي بداياته فيقول: «كانت فترة مهمة في حياتي المهنية، زودتني بركائز العمل الإعلامي عامة، ولطالما جذبتني الإذاعة ككل أكثر من أي مجال إعلامي آخر، خصوصا وأنها كانت تلعب دورا أساسيا في الحياة اليومية عند اللبناني في تلك المرحلة، بحيث شكلت مصدر معلومات يرافقه أينما كان لمتابعة الأحداث الحالية في لبنان». وعما إذا ما زال يشعر بالحنين لتلك الفترة أجاب: «طبعا أحن إليها كونها تجربة أغنتني كثيرا ولكن برأي أن لكل مرحلة طابعها وهويتها اللذين يتركان أثرهما». وعن الفرق الذي لمسه بين محاورة الفنانين وأهل السياسة قال: «الفنانون يعيشون نجوميتهم أكثر من السياسيين، كما أن الحوار الفني لا يتطلب الجدية التي نلتزمها مع أهل السياسة فمواضيع الفن تصب في خانة التسلية والمرح، بينما الثانية تتناول مواضيع شائكة وحساسة».
أما أول عمل أطل فيه على الساحة الإعلامية فهو البرنامج الإذاعي «في الصالات»، والذي كان يتناول فيه مواضيع الأفلام السينمائية، فكان أسبوعيا ولا يتعدى وقته النصف ساعة. ويرى جورج صليبي أنه ليس في استطاعته اختيار شخصية إعلامية واحدة تصلح لتكون مثلا أعلى يحتذى، وأوضح قائلا: «لكل زمن رجالاته ولكل حقبة وجوهها الإعلامية الخاصة بها، ولكن يأتيني في ذاكرتي الآن الإعلامي عادل مالك فهو من الإعلاميين اللبنانيين الذين تركوا أثرا كبيرا في المرئي عندما كانت محطة (تلفزيون لبنان) وحدها على الساحة».
ويؤكد أنه لم يحص يوما عدد ساعات عمله ويقول: «أنا في حالة دوام مستمر إذ إن عملي يتطلب مني إضافة إلى وجودي في (نيو تي في)، تحضيرات لبرنامجي الأسبوعي (الأسبوع في ساعة) والتي أقوم بها مرات كثيرة في البيت ولذلك يمكن القول إنه صار جزءا لا يتجزأ من حياتي اليومية ككل».
أما كاتبه المفضل الذي تأثر بأعماله فهو الشاعر والصحافي اللبناني أنسي الحاج ويصفه بالقول: «أجده شخصا استثنائيا لن يتكرر وأنا من الناس الذين يستمتعون بقراءة كتاباته أكثر من مرة وبينها (الرسولة بشعرها الطويل حتى الينابيع) ومجلد (كلمات) المؤلف من ثلاثة أجزاء فهو يتمتع بفلسفة وعمق فكريين لا نجدهما إلا نادرا».
أما عن فريق العمل الذي يساعده في برنامجه التلفزيوني، فيصفه بالمحترف وتتوزع مهماته على ثلاثة أشخاص (ميان صبح وصبحي أمهز وشربل مخلوف) الذين يقومون بالريبورتاجات وإجراء الأبحاث وتحضير مواد كل حلقة، وهو من محبذي عمل الفريق وليس الفرد.
وجورج صليبي الذي يدرس في جامعة (الأنطونية) مادة الحوار التلفزيوني، يرى أن لدى جيل اليوم جرأة أكبر من تلك التي يتمتع بها أبناء جيله، وأنها أحيانا تصل إلى حد الوقاحة، ولكن في المقابل ينقصه الجدية والرصانة لإتقان عمله ويقول «نصيحتي له األا يستخف بطريقة تنفيذ عمله وألا يستعجل الأمور ويحرق المراحل للوصول إلى النجومية، فعملنا يتطلب الجهد والمثابرة والمسؤولية وهي صفات أطلبها في شخصية أي مساعد لي، وبرأي أن الإعلامي الناجح هو الذي يستطيع إيصال الرسالة التي يرغب فيها بشكل دقيق وموضوعي للمتلقي». ويرفض جورج صليبي أن يكون لديه هاجس «المنافس الإعلامي» وأنه من الأشخاص الذين يكنون كل احترام ومودة لزميله مارسال غانم الذي يتمتع بخبرة طويلة تسبقه بعشرين عاما وبأنه لا يحب التعليق على ما يقوله البعض بأنه متأثر به، فبرأيه هناك خطوط موحدة في عالم الحوار السياسي، إن من ناحية لغة الجسد أو طريقة التفاعل وغيرها من الأمور التي قد تجعل هذا التشابه تحصيل حاصل.
أما عن أنجح الحلقات التي قدمها حسب رأيه فهي تلك التي استضاف فيها شخصيات قليلا ما تطل على الإعلام المرئي كرئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان وأمين عام «حزب الله» حسن نصر الله.
ويصف الإعلامي جورج صليبي بعض ضيوفه السياسيين بعبارات مختصرة فيقول عنهم: «النائب وليد جنبلاط يستطيع جذب المشاهد بمعلوماته وحديثه لساعات طويلة فهو شخص لا ينضب، أما الجنرال ميشال عون فلديه القدرة على تقديم حلقة حماسية بامتياز فيما الدكتور سمير جعجع يتمتع بذكاء وحضور لافتين، أما الرئيس أمين الجميل فيتميز بإطلالة جدية يرافقها دائما هيبة رجل الدولة». أما عن رأيه بالنائب وئام وهاب فيقول: «هو صاحب أعلى نسبة مشاهدة في إطلالاته فإلى جانب حضوره الأخاذ فهو يعرف كيف يتعامل مع الحوار التلفزيوني، كما أنه يتمتع بظرافة تجذب المشاهد». أما عن ظاهرة الحلقات الحوارية الساخنة التي يتخللها تبادل العنف جسدي والشتائم بين الضيوف السياسيين يقول: «لعل الضغوطات التي يعيشها الناس اليوم في ظل الأوضاع الراهنة في سوريا والانقسام السياسي اللافت على الساحة اللبنانية تسبب في انتشارها، كما أنني اكتشفت أن لديها جذورا نفسية، فالمشاهد يحب متابعتها تماما كما يتابع مباراة في المصارعة الحرة أو تلك التي تحصل بين الديوك والثيران فتحفر في أذهانهم ولا ينسونها». وعما إذا كانت طريقة طرحه الأسئلة على ضيوفه واستفزازهم يلعب دورا أساسيا في الموضوع أجاب: «استفزاز الضيف هو من أدوات الحوار السياسي في العمل الإعلامي، ولكن من الضروري على الضيف أن يضبط أعصابه ويسيطر على الوضع».
وعن إنتاجه لفيلم وثائقي بعنوان «سنوات الضوء» يحكي عن أوجه لبنان الثقافية والسياحية والفنية قال: «هي فكرة راودتني بشغف فأردت إلقاء الضوء على لبنان منذ عام 1950 إلى عام 1975 عندما كان يعرف بـ(سويسرا الشرق). وهو يتضمن لقاءات مع عدد من رموز لبنان الثقافي والفني كرئيسة مهرجانات بعلبك مي عريضة والراحل وديع الصافي، إضافة إلى إلياس الرحباني وروميو لحود وأنسي الحاج ونضال الأشقر وغيرهم من الأشخاص الذين عاصروا تلك الفترة التاريخية من لبنان». يذكر أن الفيلم ومدته 90 دقيقة عرض في أبريل (نيسان) الماضي في «معهد العالم العربي» في باريس كما عرض وبعدها في نيويورك وواشنطن ومن المتوقع أن يعرض في لبنان قريبا.