انطلاق معركة رئاسة منظمة {الفاو} بأربعة متنافسين

TT

انطلاق معركة رئاسة منظمة {الفاو} بأربعة متنافسين

تدور بعيدا عن الأضواء معركة حامية لترؤس المنظمة الدولية للتغذية والزراعة «الفاو» التي تتخذ من روما مقرا لها. ومن المنتظر أن تحسم خلافة مديرها العام الحالي البرازيلي جوزيه غرازيانو دا سيلفا الذي أمضى على رأسها ثماني سنوات، بمناسبة مؤتمر المنظمة العام الذي سيلتئم في العاصمة الإيطالية ما بين 22 و29 يونيو (حزيران) القادم. وبعد الانسحاب المفاجئ للمرشح الكاميروني ميدي مونغي، لم يبق في الميدان إلا ثلاثة مرشحين ومرشحة هم الصيني كو دونغيو، الهندي رامش شاند، الجيورجي ديفيد كيرفاليدذ والفرنسية كاترين جيزلين ــ لانييل. ومنذ اليوم، تبدو المنافسة حامية بين المرشحة الفرنسية والمرشح الصيني.
تريد باريس إيصال كاترين جيزلين ــ لانييل إلى رئاسة الفاو بحيث تكون المرأة الثانية بعد أودري أزولاي التي أوصلتها إلى رئاسة اليونيسكو في شهر أكتوبر (تشرين الأول) عام 2017. لذلك، فإنها عملت أولا على أن تكون مرشحة فرنسا والاتحاد الأوروبي معا وهو ما صادق عليه وزراء الاتحاد الأوروبي قبل تقديم ترشيحها. وبذلك، يكون الاتحاد، لأول مرة، قد قدم مرشحا واحدا لمنصب رئيسي لمنظمة تابعة للأمم المتحدة ينتظر منها أن تكون على مستوى التحديات الكبيرة التي يواجهها العالم في ميدان التغذية.
ومن ناحية ثانية، اختارت باريس امرأة متمكنة من الملفات بفضل مؤهلاتها والخبرات الكثيرة التي اكتسبتها في حياتها المهنية. ومنذ انطلاقتها عام 1945. لم تشغل أبدا امرأة هذا المنصب. وأخيرا، فإن باريس تعتمد على «صداقاتها» وعلى الصداقات الأوروبية في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية لتمكين مرشحتها من الوصول إلى هذا المنصب الذي لم يسبق لأي فرنسي أو أي امرأة أن احتلته. ومنذ العام 1975، لم يتبوأ أي أوروبي إدارة الفاو وآخر مدير عام لها يعود للعام 1975 وكان الهولندي هندريك بورما. أما بالنسبة للعرب، فإن الفاو كانت بإدارة مدير عام لبناني هو إدوار صوما ما بين العام 1976 وحتى العام 1993.
تقول كاترين جيزلين ــ لانييل في لقاء ضيق شاركت فيه «الشرق الأوسط» إنها «لا تخشى المنافسة» وإنها «أعدت نفسها وحضرت برنامجا طموحا تريد تطبيقه» وذلك لغرض «توفير انطلاقة قوية وجديدة» لهذه المنظمة المدعوة لأن «تلعب دورا أساسيا في محاربة الجوع وسوء التغذية في العالم». ووفق الأرقام التي ساقتها، فإن ما لا يقل عن 800 مليون شخص في العالم يعانون من الجوع بينما مليارا إنسان يعانون من سوء التغذية بينهم مئات الملايين من الأطفال. وبطبيعة الحال، فإن هذه الأعداد المخيفة تتركز في أفريقيا وجنوب شرقي آسيا بالدرجة الأولى. ولا تعود الأسباب للعوامل المناخية وحدها بل أيضا للنزاعات المشتعلة عبر العالم.
في استراتيجية التواصل التي تعتمدها في إطار السعي لبلوغ الهدف الذي رسمته لنفسها، ترصد كاترين جيزلين ــ لانييل مكانا متميزا للعالم العربي لمجموعة من الأسباب أولها أنها تعرفه عن قرب لأنها عملت في أكثر من بلد عربي منها مصر ولبنان والمملكة السعودية... وثانيها أن المجموعة العربية، كما المجموعة الأفريقية، تشكل خزانا رئيسيا من الأصوات ويمكن أن يكون لها تأثير على النتيجة. وبعكس اليونيسكو حيث المجلس التنفيذي وحده هو الذي ينتخب المدير العام، فإن نظام الفاو الداخلي ينص على أن الجمعية العامة «أي كامل الأعضاء البالغ عددهم 194 عضوا» هي الهيئة الناخبة. وتتم العملية الانتخابية على عدة دورات ويفوز بالمنصب من يحصل على النصف زائد واحد أو على أكبر عدد من الأصوات في جولة التصويت الأخيرة.
من هذه الزاوية، يبدو المرشح الصيني الأكثر خطورة. ولا شك أن بكين لا تريد أن يكون مصير كو دنغيو، مرشحها للفاو شبيها بمصير مرشحها لليونيسكو الذي أخرج من السباق باكرا ليفسح المجال أمام فوز المرشحة الفرنسية. ورغم العلاقات الجيدة التي تربط باريس ببكين كما تبين في زيارة الدولة للرئيس الصيني شي جينبينغ لفرنسا مؤخرا والعقود الكبرى التي وقعها (ليس أقل من أربعين مليار يورو)، فليس هناك من سبب يمكن أن يدفع الجانب الصيني لـ«تقديم هدية» لفرنسا عن طريق سحب مرشحه. وبحسب جهات تتابع تطورات هذه «المعركة»، فإن باريس يمكن أن تستفيد من وجود المرشح الهندي رامش شاند الذي ترجح تجيير أصواته للمرشحة الفرنسية بسبب التنافس الاستراتيجي القائم بين بكين ونيودلهي. وفي أي حال، ووفق الجهات المشار إليها، فإن بكين يمكن أن تعول على مشاريعها الاقتصادية الضخمة التي تنفذها في عشرات البلدان في إطار ما يسمى «طريق الحرير الجديدة».
ما هي التحديات التي تريد المرشحة الفرنسية التركيز عليها؟ تقول كاترين جيزلين ــ لانييل إن التحدي الأول ديموغرافي وعنوانه زيادة أعداد السكان ومعه زيادة الطلب على الغذاء. وثاني التحديات مواجهة التغيرات البيئية من تصحر وارتفاع حرارة الأرض والفيضانات... وثالثها المحافظة على التعددية البيولوجية وعلى الموارد الطبيعية من مياه وتربة صالحة وهواء نقي غير ملوث..
. ومواجهة هذه التحديات يجب أن تتم على كل المستويات المحلية والوطنية والإقليمية والدولية. وهي تشدد على أنه «لا وقت يمكن إضاعته» وبالتالي يتعين توفير دينامية جماعية جديدة لمنظمة الفاو التي ساهمت في محاربة الجوع وسوء التغذية والسعي لتوفير الأمن الغذائي وتطوير الزراعة والصيد البحري والمحافظة على الغابات وكلها مهام أساسية، لكنها تضيف: «علينا أن نذهب أبعد من ذلك» عبر رؤية استراتيجية جماعية تساهم في تحقيق أهداف الفاو. ولذلك، فإنها تشرح وتفصل برنامجها قطاعا وراء قطاع بالاعتماد على الخبرات التي اكتسبتها وعلى معرفتها للمؤسسات الفرنسية والأوروبية والدولية.
أقل ما يقال إن برنامجها طموح وإن رغبتها في النجاح لا حدود لها. لكن عليها أولا اجتياز عقبة الانتخاب حتى تفتح بوجهها الأبواب لتنفيذ برنامجها وهنا التحدي الأكبر.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.