بن فليس: الانتخابات الرئاسية الرهان الأول بعد استقالة بوتفليقة

رئيس الحكومة الأسبق اقترح خريطة طريق كحلٍّ لإدارة المرحلة الانتقالية

علي بن فليس (أ.ف.ب)
علي بن فليس (أ.ف.ب)
TT

بن فليس: الانتخابات الرئاسية الرهان الأول بعد استقالة بوتفليقة

علي بن فليس (أ.ف.ب)
علي بن فليس (أ.ف.ب)

قال رئيس الحكومة الجزائري الأسبق ورئيس حزب «طلائع الحريات» المعارض علي بن فليس، إن استقالة الرئيس بوتفليقة من منصبه «خطوة جاءت متأخرة جداً»، مؤكداً أن الشعب بمسيراته المليونية هو الذي أسقط الرئيس، وأنهى حكم ما سماها «القوى غير الدستورية» التي استولت على صنع القرار، وأرادت ضرب الدولة الوطنية وتكسيرها، واستهداف حراك الجزائريين بمحاولة اختراقه وإجهاضه.
وأوضح بن فليس في حوار خصّ به الشقيقة «المجلة» تنشره كاملاً في عدد الجمعة، أن المخاوف التي أطلقها البعض بخصوص إمكانية تدخل الجيش وترتيبه للمشهد السياسي المقبل غير مبررة، مؤكداً أن الجيش كان مرافقاً وحامياً لحراك الجزائريين، وفقاً لما يقتضيه الدستور، وهو ما أوضحته قيادة الأركان في بيانها الأخير حينما أعلنت دعمها المطلق لمطالب الجزائريين، على حد تعبيره.
ورغم أهمية استقالة بوتفليقة، فإن بن فليس اعتبر الأهم الآن هو «التوافق على ترتيبات ما بعد بوتفليقة»، واقترح خريطة طريقة يعدها حلاً لإدارة المرحلة الانتقالية، مؤكداً أن تنظيم انتخابات رئاسية في مدة لا تتجاوز ستة أشهر على أقصى تقدير «هو الرهان الأول والمهم الذي يجب على الجزائريين التوافق بشأنه والذهاب إليه». وبخصوص سيناريوهات المرحلة المقبلة، وعن دور الجيش فيها، قال بن فليس: «أنا لست مطلعاً على أسرار الدولة وخباياها، لكن يظهر لي أن الجيش الوطني الشعبي الذي رافق هذه المسيرات ولم يعرقلها سيكون له من دون شك دور ساعي خير... ومن يريد ضرب واستهداف المؤسسة العسكرية لا يريد خيراً للجزائر... ولا أتصور إطلاقاً أن يكون الجيش على رأي مخالف للإرادة الشعبية... أو أن يكون ضد طموحات الشعب».
وبالنسبة إلى تصوره لإدارة هذه المرحلة المهمة جداً في تاريخ البلاد، بعد تنحي بوتفليقة، أوضح بن فليس: «أنا أرفض التطرق إلى الأشخاص، لكن ما أقوله هو أن المؤسسة العسكرية أكدت أن المخرج هو تطبيق المادة 102 من الدستور، وهي استجابت لنداءات الشارع، الذي رفض الاكتفاء بتطبيق المادة 102 في آخر بيان لها بالدعوة إلى تطبيق المواد 7 و8 من الدستور، إلى جانب المادة 102، وفي رأيي المتواضع فإن المادة 102 سمحت وعبّدت الطريق لقبول استقالة الرئيس بوتفليقة... المادة السابعة تقول إن الشعب مصدر كل سلطة، وإن السيادة الوطنية ملك للشعب وحده، والمادة الثامنة تنص على أن السلطة التأسيسية هي ملك للشعب، وإن الشعب يمارس سيادته بواسطة المؤسسات الدستورية التي يختارها، أي أن للشعب الحق في التأسيس للدستور... أعتقد أن المؤسسة وضعت وحددت بعض الأطر الواسعة للوصول إلى المخرج».
وبخصوص المقترحات التي يقدمها حزبه «طلائع الحريات» كخريطة طريق للمرحلة المقبلة، أوضح بن فليس أن الحزب لديه تصور «نعتبره مخرجاً وخريطة طريق للخروج من الوضع الحالي، ونطرحه ونقترحه على الشعب الجزائري. نحن قلنا بضرورة تطبيق جزء من المادة 102 من الدستور، ونعالج من خلالها قضية استقالة الرئيس، بعدها يتم الاتفاق على شخصية واحدة بمفردها، أو على شخصيتين أو ثلاث في رئاسة، إما فردية وإما جماعية، مع تأكيد أنه لا توجد لدينا أسماء مقترحة ولا نقترح أسماء بعينها. ولكن نمنح موافقتنا فقط، ثم يتم اختيار رجل أو رجال أنقياء في اليد، أنقياء في الجيب، لا يملكون طموحاً سياسياً مستقبلياً، وليس لديهم سوابق في ماضيهم، يتطوعون لمرحلة من أربعة إلى ستة أشهر لا تزيد، لقيادة الجزائر، والرسوّ بها عاجلاً إلى انتخابات رئاسية». مضيفاً أن الرهان القادم «هو انتخابات نظيفة ونزيهة، ومنح سلطة التشريع لهذا الرئيس المؤقت، أو الهيئة الرئاسية للتشريع في قانونين لا ثالث لهما، الأول قانون الانتخابات من أجل تنقية وتطهير الانتخابات من الفساد والتزوير، وتشكيل لجنة مستقلة تنظّم وتراقب الانتخابات. بعد ذلك يُنتخب الرئيس الذي يمهّد للانتقال الديمقراطي الحقيقي لمدة خمس سنوات أو تزيد، وكل واحد مترشح للرئاسة يمنح ويقدم رؤيته للانتقال الديمقراطي، ولدينا الوقت لتحقيق هذا الانتقال الديمقراطي السلس».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».