أبرز المواجهات بين الشرطة والمحتجين في الولايات المتحدة

بدأت منذ ستينات القرن الماضي.. وآخرها مقتل مايكل براون

الشرطة الأميركية تعتقل أحد المشاركين في مظاهرة بفيرغسون الخميس الماضي (إ. ب. أ)
الشرطة الأميركية تعتقل أحد المشاركين في مظاهرة بفيرغسون الخميس الماضي (إ. ب. أ)
TT

أبرز المواجهات بين الشرطة والمحتجين في الولايات المتحدة

الشرطة الأميركية تعتقل أحد المشاركين في مظاهرة بفيرغسون الخميس الماضي (إ. ب. أ)
الشرطة الأميركية تعتقل أحد المشاركين في مظاهرة بفيرغسون الخميس الماضي (إ. ب. أ)

في فترة الستينات غالبا ما كانت تتسبب المزاعم بشأن وحشية الشرطة في إثارة الاضطرابات، كما حدث في يوليو (تموز) 1964 عندما أعقبت أيام من الاضطرابات مقتل فتى أميركي من أصل أفريقي، يبلغ من العمر 15 سنة، على يد ضابط شرطة بمنطقة «هارلم» في مدينة نيويورك. ونتيجة لذلك وقعت أعمال شغب في مدن أخرى في الأسبوع التالي، وكانت في بعض الأحيان حوادث خاصة بالشرطة المحلية. كما اندلعت أعمال شغب «واتس» عام 1965 في إحدى مناطق لوس أنجليس بعد اعتقال سائق أسود في أحداث اتسمت بالفوضى. ووقعت حادثتان كبيرتان في يوليو 1967 بسبب الغضب من سلوكيات الشرطة في ديترويت ونيوارك بنيوجيرسي. ومباشرة بعد ذلك نشبت اضطرابات على يد جماعات تمثل أقليات أيضا، بما في ذلك أعمال الشغب التي حدثت في عام 1966 التي أعقبت إطلاق الرصاص على رجل من بورتو ريكو في شيكاغو، وكذلك أعمال شغب «ستونوول» عام 1969 في منطقة «غرينويتش فيلدج» في نيويورك خلال مداهمة حانة مشهورة للمثليين.
وفي الثمانينات والتسعينات اندلعت اضطرابات كبيرة عام 1980 بعد تبرئة أربعة ضباط في قضية قتل خطأ تتعلق بالضرب حتى الموت لقائد دراجة بخارية أميركي من أصل أفريقي دفع الشرطة إلى ملاحقته في عملية مطاردة بسرعة مرتفعة.
وعلى نحو مماثل، أعقبت أعمال شغب في لوس أنجليس عام 1992 تبرئة القضاء للشرطة بعد أن تم تصوير ضباط يضربون السائق الأسود رودني كينغ، وتمت إدانة الضباط فيما بعد بانتهاكات للحقوق المدنية الفيدرالية. وفي عام 1996 اندلعت أعمال شغب في سان بطرسبرغ بفلوريدا في أعقاب قتل الشرطة لأفريقي من أصل أميركي يبلغ من العمر 18 سنة كان يقود سيارة مسروقة.
ومنذ عام 2000 قتلت الشرطة «سينسيناتي» في أوهايو بالرصاص شابا أسود، يبلغ من العمر 19 سنة خلال مطاردة على الأقدام، مما تسبب في حدوث اضطرابات بالمنطقة استمرت عدة أيام في عام 2001. كما أطلق أحد ضباط شرطة النقل والمواصلات الرصاص على شخص أسود غير مسلح يبلغ من العمر 23 سنة على رصيف محطة قطارات خلال الاحتفالات بالعام الجديد عام 2009 في أوكلاند بكاليفورنيا، وهي الواقعة التي سجلها المارة من خلال تصويرها باستخدام هواتفهم الجوالة. وبعد ستة أيام، تحولت الاضطرابات إلى أعمال شغب، رغم صدور حكم بالسجن على الضابط. وسيطرت اضطرابات مناهضة للشرطة على حي بروكلين بنيويورك لأيام في مارس (آذار) 2013 بعد إقدام ضباط على قتل فتى أميركي من أصل أفريقي يبلغ من العمر 16 سنة بزعم إشهاره بندقيته في وجوههم.
وفي التاسع من أغسطس (آب) الجاري، أثار قتل الشرطة لمايكل براون (18 سنة) غير المسلح في سانت لويس بضاحية فيرغسون في ولاية ميسوري أياما من الاحتجاجات، وأعمال شغب ليلية، وهو ما عجزت القوات الحكومية والحرس الوطني عن إخماده.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.