استطلاع: 11 في المائة من السود يستبعدون إنجاز تحقيق عادل في مقتل براون

ارشيفية
ارشيفية
TT

استطلاع: 11 في المائة من السود يستبعدون إنجاز تحقيق عادل في مقتل براون

ارشيفية
ارشيفية

أفاد استطلاع نشر، أول من أمس أن البيض والسود في الولايات المتحدة لا يملكون النظرة نفسها إلى دور الشرطة والمحققين في أحداث فيرغسون، إذ ترى أغلبية السود (57 في المائة) أن مقتل مايكل براون (18 سنة) برصاص الشرطي دارين ويلسون في التاسع من أغسطس (آب) الحالي «لا مبرر له»، في رأي تشاطره أقلية من البيض (18 في المائة)، رغم أن (68 في المائة) من هؤلاء يقولون إنهم لا يملكون ما يكفي من المعلومات لاتخاذ موقف، كما أوضح الاستطلاع الذي أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» وقناة «سي بي إس نيوز».
وفي المقابل ترى أغلبية من البيض (67 في المائة) أن تحركات المتظاهرين الذين اعتقل بعضهم بتهمة النهب وأعمال الشغب، «ذهبت بعيدا»، وكان مبالغا فيها، في حين لا يرى ذلك سوى (43 في المائة) من السود. ويرى نصف السود (50 في المائة) أن رد الشرطة التي تعرضت لانتقادات للإفراط في عنفها، «غالبا ما ذهبت بعيدا في تجاوزاتها»، في حين يرى (27 في المائة) من البيض فقط الشيء نفسه، بينما يعتقد (36 في المائة) منهم أنها تصرفت كما ينبغي.
واتفق (80 في المائة) من السود و (65 في المائة) من البيض على أن تبقى التجهيزات العسكرية (بنادق هجومية ودبابات) التي استخدمتها الشرطة ضد المتظاهرين في بعض الليالي، مقتصرة على الجيش. ومن بين السود لم يعرب سوى (11 في المائة) عن شعوره «بثقة كبيرة في السلطات المحلية للقيام بتحقيق «عادل»، بينما لا يثق فيها «كثيرا» (32 في المائة) و(27 في المائة) «لا يثقون فيها تماما»، بينما هناك (31 في المائة) من البيض يثقون «جدا» فيها، وفقط سبعة في المائة «لا يثقون تماما» فيها، وقد أصدرت الشرطة المحلية بيانا غامضا حول التحقيق، بينما يعتبر المدعي العام المحلي الاستطلاع مطعونا فيه.
وأجرت الاستطلاع بين 19 و20 أغسطس الحالي شركة «إس إس آر إس أوف ميديا» التي استجوبت هاتفيا 1025 شخصا.
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد تطرق أثناء حملته الانتخابية إلى مسألة العلاقات بين السود والبيض بطريقة مباشرة للغاية في مارس (آذار) 2008 في خطاب ألقاه في فيلادلفيا.
لكن بعد أن أصبح سيد البيت الأبيض لم تنطلق الأمور بشكل حسن. ففي يوليو (تموز) 2009 اضطر أوباما إلى الاعتذار علنا، بعد أن وصف توقيف صديق أسود بأنه عمل «أخرق»، وتحدث عن دوافع عنصرية دون أن يمتلك كل العناصر بين يديه.
لكن قضية تريفون مارتن، الفتى الأسود، البالغ من العمر 17 عاما، والذي ضرب في فبراير (شباط) 2012 في فلوريدا على يد حارس، فيما كان يتنزه من دون سلاح في أحد الأحياء السكنية شكلت منعطفا حاسما. فبعد مسار قضائي أدى إلى تبرئة القاتل الذي دفع بحجة الدفاع عن النفس، تحدث الرئيس الأميركي في يوليو 2013 على نحو شخصي إلى حد كبير. ومع امتناعه عن انتقاد الحكم تحدث عن «الألم» الذي أحدثه ذلك القرار في أوساط السود، وقال: «قبل 35 عاما كان من الممكن أن أكون أنا تريفون مارتن».
واعتبر أدولفوس بروت، رئيس فرع الصندوق من أجل العدالة في مدينة سانت لويس، أن المجرى الذي اتخذته الأحداث في فيرغسون، حيث أرسل الحرس الوطني يبرر تدخلا رئاسيا حول ضرورة «التصدي مباشرة إلى مسألة العنصرية والتفاوت الاجتماعي الاقتصادي». وقال إن الوقت قد حان لتوجيه رسالة شديدة اللهجة للغاية، وآن الأوان للاعتناء بجيران مايكل براون».



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.