تراجع التهديدات الإرهابية في سيناء يكرّس انتظام التعليم

أكثر من 11 ألف طالب مسجل في مدارس الشيخ زويد

تلاميذ في قرية الجورة في شمال سيناء يتوجهون إلى مدارسهم (الشرق الأوسط)
تلاميذ في قرية الجورة في شمال سيناء يتوجهون إلى مدارسهم (الشرق الأوسط)
TT

تراجع التهديدات الإرهابية في سيناء يكرّس انتظام التعليم

تلاميذ في قرية الجورة في شمال سيناء يتوجهون إلى مدارسهم (الشرق الأوسط)
تلاميذ في قرية الجورة في شمال سيناء يتوجهون إلى مدارسهم (الشرق الأوسط)

بشغف شديد أنساه كل المخاطر من حوله يقطع، أحمد حسن، الطالب بالمرحلة الابتدائية بقرية الجورة جنوب مدينة الشيخ زويد بشمال شبه جزيرة سيناء المصرية، نحو 400 متر من منزله وصولاً إلى مدرسته الابتدائية، التي تحمل اسم قريته، يومياً برفقة شقيقته سارة التي تصغره بعامين؛ فالمدرسة التي انتظم عملها، أخيراً، اضطربت الدراسة فيها طوال 5 سنوات مضت بسبب التهديدات «الإرهابية» التي واجهتها قرى عدة، وتراجعت بشكل ملحوظ في غضون الشهور الأخيرة.
وتشنّ قوات الجيش والشرطة المصرية عملية كبيرة في شمال ووسط سيناء، منذ فبراير (شباط) من العام الماضي، لتطهير المنطقة من مسلحين موالين لتنظيم «داعش» الإرهابي، وتُعرف العملية باسم «عملية المجابهة الشاملة»، وتسبب التنظيم المتطرف في مقتل مئات الجنود والشرطيين والمدنيين؛ خصوصاً في شمال سيناء.
الطالب أحمد حسن، واحد من بين آلاف الطلاب بالمدارس الابتدائية والإعدادية في قرى الجورة، والظهير، وأبو العراج، والعكور، والمعنية بمناطق جنوب الشيخ زويد بسيناء، التي كانت هدفاً لعمليات «إرهابية»؛ ما تسبب في حرمان الطلبة من التعليم لسنوات كان خلالها يعاني أولياء أمورهم من مصاعب نقلهم إلى المدارس التي افتقرت إلى وجود معلمين، واعتمد الطلبة فيها على التعلم عن بعد، والاكتفاء بحضور الامتحانات نهاية العام داخل لجان خاصة تعقد لهم بمدارس في مناطق آمنة نسبياً.
وأعرب حسن السواركة (والد الطالب أحمد) في حديث لـ«الشرق الأوسط»، عن سعادته بنجاح «صموده وأسرته في قريتهم، وعدم انصياعهم لمحاولات العناصر الإرهابية التأثير عليهم لمغادرة ديارهم، وكذلك تمكن نجليه من الانتظام في دراستهم بالمرحلة الابتدائية».
وزاد السواركة: «انتظام وصول المعلمين للمدارس، عزز من استمرار العملية التعليمية، فضلاً عن حضور لجان تفتيش من الإدارة التعليمية بين الحين والآخر؛ ما أعاد الزخم التعليمي للمدارس».
وتحدث أحد المعلمين، رفض ذكر اسمه لأسباب تتعلق بسلامته الشخصية، قائلاً، إنه وعدداً من زملائه المعلمين يسكنون بمدينتي العريش والشيخ زويد، وتقلهم حافلة خُصصت لنقل المعلمين من العريش غرباً، ووصولاً إلى مدينة الشيخ زويد شرقاً عبر طريق تمتد لمسافة 35 كيلو، ومنها ينتقلون جنوباً بسيارة مخصصة لهم لمسافة تصل لنحو 15 كيلو عبر طريق مؤمّنة، ويؤدون عملهم في مدارسهم ثم العودة بشكل منتظم.
وأضاف، إنه كان «في قمة السعادة بالعودة إلى طلبتي واستئناف التدريس، بعد فترة طويلة من مصاعب الوصول إلى مقر عمله».
وقال الشيخ عرفات خضر، أحد رموز القبائل بمنطقة الجورة بسيناء، لـ«الشرق الأوسط»: إن «الأوضاع الأمنية التي تحسنت بالتدريج كان لها الأثر على التعليم في مدارسهم»، ومضيفاً إنه «مع انطلاق الفصل الدراسي الثاني من العام الدراسي الحالي الذي بدأ مع مطلع فبراير الماضي، أصبح المعلمون يصلون بسهولة إلى مدارسهم، بعد أن كان ذلك مستحيلاً؛ نظراً لإغلاق الطرق، وكان التعليم يتم بجهود ذاتية وتطوعية ومعلمين من أبناء القرية المقيمين فيها».
في السابق، كانت مناطق جنوب الشيخ زويد بسيناء، ميداناً لعمليات ملاحقة القوات للعناصر الإرهابية الموالية لـ«داعش»، وحاول «الإرهابيون» تعطيل منظومة التعليم في مناطقهم، عبر تفجير المدرسة الإعدادية في قرية الظهير، وتلغيم المدرسة الابتدائية، وقابل الأهالي ذلك بتخصيص ديوان القرية كمدارس بديلة، وقام متطوعون من الشباب الحاصلين على مؤهلات دراسية عليا بتعليم الطلبة ومعاونة المعلمين.
ومن بين أبرز من انخرطوا في الجهود التطوعية للتعليم، عميرة علي عميرة، أحد الأهالي بقرية المعنية، الذي خصص منزلاً بسيطاً يملكه مقراً لتدريس الطلبة، وقرر اللواء محمد عبد الفضيل شوشة، محافظ شمال سيناء، في أواخر مارس (آذار) الماضي تكريم عميرة. وقال المحافظ، بسحب بيان رسمي، إنه «بهذا التكريم يعطي المثل والقدوة لكل مواطن شريف يساعد في بناء ونهضة الوطن»، وقدم شوشة الشكر لعميرة، وأهداه شهادة تقدير ومكافأة مالية تقديراً له على ما قدمه لخدمة العملية التعليمية بمدينة الشيخ زويد، والتأكيد على استعداد المحافظة لأي متطلبات المنزل الذي احتضن الأطفال والذين يقدر عددهم بـ180 تلميذاً.


مقالات ذات صلة

آسيا مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مرة أخرى وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام».

«الشرق الأوسط» (باراشينار (باكستان))
المشرق العربي إردوغان وإلى جانبه وزير الخارجية هاكان فيدان خلال المباحثات مع بيلنكن مساء الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان أبلغ بلينكن باستمرار العمليات ضد «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا أنها ستتخذ إجراءات وقائية لحماية أمنها القومي ولن تسمح بالإضرار بعمليات التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا. وأعلنت تعيين قائم بالأعمال مؤقت في دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

قال رئيس هيئة أركان وزارة الدفاع النيجيرية الجنرال كريستوفر موسى، في مؤتمر عسكري، الخميس، إن نحو 130 ألف عضو من جماعة «بوكو حرام» الإرهابية ألقوا أسلحتهم.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.