مصر: سكان مدينة زايد يرفضون الأبراج... والحكومة تدافع

مشروع عقاري جديد يثير الجدل في الضاحية الهادئة

نماذج من التصميمات المقترحة لمشروع «زايد بيزنس بارك»
نماذج من التصميمات المقترحة لمشروع «زايد بيزنس بارك»
TT

مصر: سكان مدينة زايد يرفضون الأبراج... والحكومة تدافع

نماذج من التصميمات المقترحة لمشروع «زايد بيزنس بارك»
نماذج من التصميمات المقترحة لمشروع «زايد بيزنس بارك»

أثار الإعلان عن مشروع عقاري جديد بإحدى المدن المصرية موجة من الغضب بين سكان هذه المدينة، خوفاً من انتقال أمراض العشوائية والاستثناءات إلى مدينتهم الهادئة، لتبدأ حملة هجوم شرسة على المشروع الجديد، الذي دافعت عنه الحكومة المصرية ممثلة في وزارة الإسكان، مؤكدة أن «المشروع يعد نقلة حضارية للمدينة».
بدأ الجدل عندما أعلن رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، عن عزمه تنفيذ مشروع عقاري في مدينة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة المصرية، (غرب القاهرة) «زايد بيزنس بارك»، ولم تكن المشكلة في المشروع في حد ذاته، بل في طبيعته، حيث أشار الإعلان إلى أن المشروع يتضمن بناء أبراج يصل ارتفاعها إلى 20 طابقاً، وهو ما أغضب سكان المدينة التي لا تتجاوز ارتفاعات المباني بها منذ إنشائها الأربعة طوابق، ليدشن السكان حملة على مواقع التواصل الاجتماعي ترفض فكرة إقامة المشروع، واشترك في الحملة عدد من الكتاب والصحافيين من سكان المدينة.
الكاتب الصحافي والروائي عمر طاهر، أحد سكان مدينة الشيخ زايد، بدأ حملة هجوم عنيفة على المشروع، وخصص عدداً من مقالاته لتبرير مخاوفه من المشروع، وأسباب هجومه عليه، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «المهندس حسب الله الكفراوي، وزير الإسكان المصري الأسبق، صمم مدينة الشيخ زايد بلا أبراج، واضعاً نموذجاً مختلفاً للمدن العمرانية الجديدة، جذب نوعية من السكان أرادت هذا الشكل والنموذج من العمارة والحياة»، مشيراً إلى أن «من يختار الإقامة في مدينة الشيخ زايد وغيرها من المدن الجديدة، لا يختار منزلاً فحسب، بل يختار نمطاً للحياة».
وأضاف طاهر أن «إنشاء أبراج سكنية يدمر فكرة المدينة القائمة على مباني قليلة الارتفاع»، متخوفاً من أن «يتكرر ما حدث في مدينة نصر بالقاهرة، التي لم تستوعب مرافقها التوسعات العمرانية الجديدة لتنهار في مواجهة الزحام والعشوائية»، مشيراً إلى أن «مرافق مدينة الشيخ زايد لا تتحمل مثل هذه التوسعات».
وعلى الصعيد النيابي قدم الدكتور أيمن أبو العلا، عضو مجلس النواب المصري عن دائرة زايد و6 أكتوبر، بياناً عاجلاً إلى كل من الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والمهندس عاصم الجزار، وزير الإسكان، بشأن المشروع. وقال أبو العلا، في بيانه، إن «هناك حالة من الغضب بين سكان مدينة الشيخ زايد، اعتراضاً على المشروع الذي يخالف مخططات المدينة، وخوفاً من أن يؤثر المشروع على جودة المرافق والبنية التحتية من مياه وصرف صحي». مشيراً إلى أن «تخطيط المدينة لا يسمح بزيادة الارتفاع على 4 طوابق». وأضاف: «طلبت من قبل زيادة ارتفاع مستشفى زايد بطابقين وتم رفض طلبي بسبب مطار سفنكس»، متسائلاً: «كيف وافقت الحكومة على برج 20 دوراً؟». كما قدمت النائبة رشا إسماعيل، بياناً عاجلاً حول الموضوع، مؤكدة أنه «يتنافى مع الخطة الاقتصادية للمدينة، ويكرر أخطاء أحياء أخرى في القاهرة والجيزة».
ورفع عدد من السكان دعاوى قضائية أمام القضاء الإداري لوقف المشروع، مبررين موقفهم بالتخوف من تحول «مدينتهم الهادئة إلى مدينة عشوائية، فمنح ساويرس استثناء بالتعلية سيجعل كثيراً من أصحاب العقارات في المدينة يتجهون إلى تعلية مبانيهم أيضاً»، ولا تقتصر مخاوف السكان على الأبراج بل تمتد إلى الحديقة التي يخشى البعض أن تتحول إلى منطقة تجارية، بدلاً من أن تكون متنفساً لأهالي المدينة.
من جانبه قال تامر ممتاز، الخبير الاقتصادي والعقاري، لـ«الشرق الأوسط» إن «أبراج زايد ستُحدث تنمية في المنطقة، وتزيد من أسعار الأراضي وتفتح فرص الاستثمار في المدينة»، مشيراً إلى أن «مخاوف سكان المدينة ليست في محلها».
وأضاف أن «السكان يقولون إن التوسع في المدينة يجب أن يكون أفقياً، وليس رأسياً، لأن التوسع الرأسي عادةً ما يكون مرتبطاً بالأماكن المكدسة سكانياً، ويؤدي إلى عشوائيات كما حدث في مدينة نصر والمهندسين، لكنّ الواقع يقول إن مدينة الشيخ زايد ليس بها عشوائيات، والأبراج ستكون في منطقة محددة»، مؤكداً أنه «ما دامت الحكومة لم تمنح تراخيص أخرى بالارتفاعات، واقتصر الأمر على هذا المشروع، فلا توجد مشكلة بشرط أن تكون للحكومة حصة من عائده، ليعود بالنفع على الدولة ككل ويحقق التنمية والمنفعة العامة».
ورداً على الهجوم كتب ساويرس، تغريدات متتالية على حسابه الشخصي على «تويتر»، أوضح فيها أن «المشروع يتكون من برج واحد بارتفاع 20 طابقاً، يمثل نحو 10% من مساحة المشروع، والباقي عمارات مكونة من أرضي و9 طوابق»، مشيراً إلى أن «هذه الارتفاعات موجودة فعلاً في مدينة الشيخ زايد».
وأكد ساويرس أن «المشروع حاصل على ترخيص من عام 2017، وفقاً للمخطط العام للمنطقة، وهو يستوعب نفس الكثافة السكانية لأي تجمع سكني في المنطقة».
وأعلنت شركة «أورا إيجيبت للاستثمار العقاري»، المملوكة لرجل الأعمال نجيب ساويرس، عن إطلاق مشروع «ZED» في مدينة الشيخ زايد، على مساحة 165 فداناً، ويطل المشروع على حديقة الشيخ زايد المركزية البالغة مساحتها 65 فداناً، ويتضمن المشروع مجموعة من الأبراج يتراوح ارتفاعها ما بين 10 و20 طابقاً، سيتم الانتهاء من المرحلة الأولى من المشروع بعد 4 سنوات، ويبدأ سعر المتر في البرج المكون من 20 طابقاً، من 29 ألف جنيه مصري، (الدولار الأميركي يعادل 17.3 جنيه مصري)، وتتراوح مساحات الوحدات السكنية به ما بين 131 متراً و416 متراً، على أن تُخصص الأدوار الثلاثة الأولى للأعمال التجارية والخدمية، أما الأبراج ذات الطوابق العشرة، فيبدأ سعر المتر فيها من 19 ألف جنيه.
لكن هذا الرد لم يرضِ أهالي مدينة الشيخ زايد، وأعلن الكاتب عمر طاهر توقفه عن التفاوض مع شركة ساويرس السينمائية، بخصوص إنتاج أفلام سينمائية من تأليفه، كما أعلن مقاطعته مسابقته الثقافية، مؤكداً أنه «مستمر في معارضته وهجومه على المشروع، وإن كان غير واثق من استجابة الحكومة لمطالب السكان»، معرباً عن «أمله أن تستجيب الحكومة وتستمع لشكوى سكان الشيخ زايد».
وفي ظل حملة الهجوم المتصاعدة على المشروع خرجت وزارة الإسكان المصرية عن صمتها، وأصدرت بياناً مطولاً تدافع فيه عن المشروع، وقال المهندس وليد عباس، معاون وزير الإسكان لشؤون هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، إن «المشروع محل الشكوى بمساحة إجمالية 165 فداناً، مقسمة إلى قطعتين، الأولى بمساحة 106.1 فدان، وتشتمل على حديقة الشيخ زايد المركزية بمساحة نحو 65 فداناً، وأنشطة استثمارية سكنية، وترفيهية، وخدمية بمساحة 41.1 فدان، والثانية أرض فضاء بمساحة 58.9 فدان بأنشطة استثمارية تجارية، وفندقية، وطبية، وترفيهية، بما يمثل 1% من مساحة المدينة الأصلية».
وأضاف أن «المشروع يتفق مع المخطط الاستراتيجي العام لمدينتي الشيخ زايد و6 أكتوبر، والمعدّ من قِبل أحد بيوت الخبرة الهندسية، والتي بناءً عليها تم تحديد الاحتياجات الخاصة بالمرافق، والتوسع في طاقة محطة المياه، وتطوير محاور الطرق بالمدينة».
وأكد عباس أن «الارتفاعات الموجودة في المشروع تتماشى مع المخطط الاستراتيجي، ولا تتعارض مع شؤون الدفاع عن الدولة، وتتماشى مع قواعد وزارة الطيران المدني»، وقال إن «المشروع لن يكون بأكمله أبراجاً، وسيلتزم المستثمر بتوفير أماكن انتظار السيارات اللازمة للمشروع»، مشدداً على أن «المشروع لن يتسبب في أي أضرار بالطرق الخارجية أو مرافق المدينة، وأن الحديقة المركزية ستكون متاحة لجميع المواطنين».
وقال إن «المشروع سيمثل قيمة مضافة لمدينة الشيخ زايد، وتنوعاً مطلوباً في ارتفاعات المباني بها، خصوصاً أنه تمت الاستعانة بكبريات شركات التصميم، وسيتم التنفيذ بالمستوى الذي يليق بمدينة الشيخ زايد».
جدير بالذكر أن مدينة الشيخ زايد أُنشئت عام 1995 بمنحة من صندوق أبوظبي للتنمية (منحة الشيخ زايد)، وتضم مجموعة من التجمعات السكنية (كمبوند) الراقية، ويسكنها عدد من الفنانين والإعلاميين.


مقالات ذات صلة

«إكسون موبيل» تستعد لحفر بئر جديدة للتنقيب عن الغاز في مصر

الاقتصاد اجتماع وزير البترول  والثروة المعدنية المصري كريم بدوي بمسؤولي شركة «إكسون موبيل» (وزارة البترول والثروة المعدنية)

«إكسون موبيل» تستعد لحفر بئر جديدة للتنقيب عن الغاز في مصر

ستبدأ شركة «إكسون موبيل» المتخصصة في أعمال التنقيب عن البترول وصناعة البتروكيماويات يوم 15 ديسمبر (كانون الأول) المقبل بأنشطة الحفر البحري للتنقيب عن الغاز.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مصريون يلجأون للمعارض لشراء احتياجاتهم مع ارتفاع الأسعار (الغرفة التجارية المصرية بالإسكندرية)

الغلاء يُخلخل الطبقة الوسطى في مصر... رغم «التنازلات»

دخلت الطبقة الوسطى في مصر مرحلة إعادة ترتيب الأولويات، بعدما لم يعد تقليص الرفاهيات كافياً لاستيعاب الزيادات المستمرة في الأسعار، فتبدلت معيشتها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

قال مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، إن مصر وقطر ستتعاونان خلال المرحلة المقبلة في مشروع استثماري عقاري «مهم للغاية» في منطقة الساحل الشمالي المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد مقر البنك المركزي المصري بالعاصمة الإدارية الجديدة (رويترز)

تحويلات المصريين بالخارج زادت بأكثر من 100 % في سبتمبر

أظهرت بيانات البنك المركزي المصري، اليوم الاثنين، أن تحويلات المصريين بالخارج ارتفعت لأكثر من مثليها على أساس سنوي في سبتمبر (أيلول) الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»