الجزائر: اعتقال رجل أعمال مقرّب من بوتفليقة

الجزائريون يتابعون بوادر تصعيد بين «جماعة الرئيس» وقيادة الجيش

سعيد بوتفليقة مع علي حداد
سعيد بوتفليقة مع علي حداد
TT

الجزائر: اعتقال رجل أعمال مقرّب من بوتفليقة

سعيد بوتفليقة مع علي حداد
سعيد بوتفليقة مع علي حداد

شهدت تطورات الحراك في الجزائر، تصعيدا في المواجهة بين قيادة الجيش و«جماعة الرئيس بوتفليقة» التي تقاوم مطلب الرحيل عن الحكم، فاعتقل فصيل أمني تابع لقيادة أركان الجيش، أمس، علي حداد رجل الأعمال البارز المقرَب من بوتفليقة، المتهم بـ«استعمال النفوذ للتربح غير المشروع». وقالت مصادر من الجمارك الجزائرية، بأن حداد اعتقل في حدود الرابعة من فجر أمس بمركز «أم الطبول» الحدودي مع تونس (600 كلم شرق العاصمة). وأوضحت بأن ضباطا من أمن الجيش كانوا بانتظاره بالنقطة الحدودية، إذ كانوا على علم بمسعى الخروج من البلاد عن طريق تونس. وبحسب المصادر، تحاشى حداد السفر عبر المطار، لعلمه أنه سيتم التعرف عليه، وبعد أن تأكد أنه محل أمر بالمنع من السفر. وأضافت المصادر أن حداد كان متنكرا في زي رياضي ويضع على رأسه قبعة.
ونقل عن مراسل صحيفة محلية، بولاية الطارف الحدودية، أن حداد كان مع سائقه الشخصي الذي كان يقود سيارة فاخرة، وبداخلها مبالغ بالدولار واليورو والدينار الجزائري. وبحسب نفس المراسل، كان حداد بصدد السفر إلى فرنسا، حيث يملك عقارات ويدير مصالح، وذلك عن طريق مطار تونس العاصمة.
وتم اقتياد حداد إلى العاصمة، وتحديدا إلى مركز أمني تابع للجيش، بغرض التحقيق معه في تهم الفساد التي تلاحقه. ويملك حداد شركة مقاولات الأكبر في البلاد، وقناتين تلفزيونيتين وصحيفتين. وحقق حداد صعودا في وقت قياسي، إذ كان مقاولا صغيرا قبل وصول بوتفليقة إلى الحكم عام 1999. وبعد سنوات قليلة أضحى صاحب ثروة كبيرة بفضل مشروعات ضخمة في الأشغال العمومية، تم تمويلها بفضل قروض من مصارف حكومية. من جهته نشر محسن بلعباس رئيس الحزب المعارض، «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، بحسابه بـ«فيسبوك»، أن رجل الأعمال البارز محيي الدين تحكوت، اعتقل مع زوجته أمس بمطار العاصمة الجزائرية، بينما كان مسافرا للخارج. ويعد تحكوت من أكثر رجال الأعمال ولاء لبوتفليقة، يملك شركة نقل طلبة الجامعات ومصنعا لتركيب السيارات. وقبل سنوات كان جزارا وبائع خضر، وكوَن ثروته هو أيضا بفضل احتكاكه بالرئيس.

إشادة بالجيش

على صعيد آخر، توالت ردود فعل الأحزاب والناشطين السياسيين على تصريحات مثيرة لرئيس أركان الجيش، أول من أمس، بخصوص مطالبة بوتفليقة بالاستقالة، و«اجتماع مشبوه لأشخاص بغرض شن حملة إعلامية شرسة ضد الجيش».
وأشاد علي بن فليس رئيس «طلائع الحريات»، وهو رئيس وزراء سابق، بـ«خيار القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي، التي رسمت خارطة للخروج من الأزمة الراهنة في الحدود التي يسمح بها النظام الدستوري، في الوقت الذي تسعى فيه القوى غير الدستورية إلى إفشاله».
واعتبر أن هذا الخيار، رغم كل الصعوبات التي قد يواجهها، «يشهد شهادة قطعية على الطابع الجمهوري لقواتنا المسلحة»، في إشارة إلى تمسك رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، بتفعيل المادة 102 من الدستور التي تتحدث عن عزل الرئيس بسبب مرض خطير، أو الاستقالة أو الوفاة.
وذكر بن فليس، أن «استدلال بيان القيادة العليا للجيش بالمادة 28 من الدستور (الجيش يحمي سيادة البلاد واستقلالها) ليس بتاتا في نظري مجرد صدفة. فعندما يصبح استقلال البلد والسيادة الوطنية مهددين بانهيار حتمي ومعمم للمؤسسات، فإن مهمة حماية الدولة الوطنية تصبح بالنسبة للجميع واجبا مقدسا ومسؤولية وطنية لا مفر منها».
وقال قايد صالح أول من أمس، بأن «تطبيق المادة 102 من الدستور، هو الحل الأمثل للخروج من الأزمة الحالية التي تمر بها البلاد. هذا الاقتراح يأتي في إطار المهام الدستورية للجيش الوطني الشعبي بصفته الضامن والحافظ للاستقلال الوطني، والساهر على الدفاع عن السيادة الوطنية والوحدة الترابية، وحماية الشعب من كل مكروه ومن أي خطر محدق، وفقا للمادة 28 من الدستور». وفهم كلامه على أنه موجه مباشرة لـ«جماعة الرئيس»، التي ترفض الخضوع لمطلب الحراك وقيادة الجيش. وكان صالح طلب من الرئيس، التنحي في 26 مارس (آذار) المنصرم. ويقول مراقبون بأن المواجهة أصبحت مفتوحة بين الطرفين، لكن هناك من يرى أن صالح «دعامة نظام بوتفليقة» وحامي ظهره منذ سنوات طويلة، وبخاصة منذ انسحابه من المشهد بسبب الإصابة بجلطة دماغية عام 2013. ويشاع بأن الطيب بلعيز رئيس «المجلس الدستوري»، يرفض عقد اجتماع لتفعيل المادة 102. وتربطه ببوتفليقة علاقة ولاء قوية. وأطلق صالح تصريحات عدَت خطيرة، إذ قال بأن اجتماعا عقد أول من أمس، «حضره أشخاص معروفون، سيتم الكشف عن هويتهم في الوقت المناسب، من أجل شن حملة إعلامية شرسة في مختلف وسائل الإعلام، وعلى شبكات التواصل الاجتماعي ضد الجيش الوطني الشعبي وإيهام الرأي العام، بأن الشعب الجزائري يرفض تطبيق المادة 102 من الدستور». وذكرت وسائل إعلام أن الاجتماع ضم مدير المخابرات السابق محمد مدين، والرئيس السابق اليمين زروال وشقيق الرئيس بوتفليقة.
وقال صالح أيضا: «كل ما ينبثق عن هذه الاجتماعات المشبوهة من اقتراحات، لا تتماشى مع الشرعية الدستورية أو تمس بالجيش الوطني الشعبي، الذي يعد خطا أحمر، هي غير مقبولة بتاتا وسيتصدى لها الجيش الوطني الشعبي بكل الطرق القانونية».
وتضاربت أمس أنباء وشائعات، عن «اعتقال سعيد بوتفليقة» شقيق الرئيس وكبير مستشاريه. وتبيَن أنها غير صحيحة. كما أشيع عن «انتشار قوات الدرك بكثافة في مؤشر على التحضير لانقلاب»، واتضح أن ذلك غير صحيح أيضا.
وقال أستاذ العلوم السياسية محمد هناد: «ترى، من يكون هؤلاء الذين قصدهم قايد صالح، غير الجماعة الموجودة برئاسة الجمهورية تحديدا من أجل إجهاض أي محاولة لتنحية عبد العزيز بوتفليقة؟ لا سيما أن خطاب الضابط العسكري يتحدث عن الوقوف ضد أي حل «خارج إطار الشرعية الدستورية». ومع ذلك، لا نفهم لماذا يؤكد قائد الأركان أن غالبية الشعب الجزائري قد رحب من خلال المسيرات السلمية، باقتراح الجيش الوطني الشعبي، لأن مسيرة الجمعة الفارطة دلت على عكس ذلك تماما واعتبرت أن تطبيق المادة 102 قد تجاوزه الزمن».
وأفاد الكاتب الصحافي والمحلل السياسي نجيب بلحيمر: «تعامل الضابط العسكري الكبير باستخفاف مع الشعب، عندما يلمح إلى أنه يتعرض للتلاعب من المشاركين في الاجتماعات المشبوهة. وهذا التفصيل يعيدنا إلى حكاية المغرر بهم التي علق بها رئيس الأركان على الحراك بعد أول جمعة. الآن نستطيع أن نقول بأن ما شهدناه من تمجيد للفرد في عهد بوتفليقة، لم يتوقف في حدود السياسة بل أصابت عدواه مؤسسة الجيش وهذا مؤشر في غاية السوء. الأمر الأهم الذي يجب أن نتذكره هو أن بوتفليقة صار من الماضي، واللعبة الآن مركزة على ما بعده، وليس هناك أكثر من طريقين. الأول يؤدي إلى تجسيد إرادة ملايين الجزائريين المعبر عنها بوضوح في المظاهرات، والثاني ينتهي إلى تجديد النظام وتأجيل الأزمة إلى زمن آخر بما يرفع تكلفتها، ويجعلها تهدد وحدة الجزائر وشعبها».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.