كنعان: الإصلاحات المطلوبة في الدَّيْن والرواتب والكهرباء
بيروت:«الشرق الأوسط»
TT
بيروت:«الشرق الأوسط»
TT
كنعان: الإصلاحات المطلوبة في الدَّيْن والرواتب والكهرباء
شدد رئيس لجنة المال والموازنة، النائب إبراهيم كنعان، على أن «الإصلاحات البنيوية مطلوبة في مثلث الدَّيْن والرواتب والكهرباء»، مؤكداً أن «العهد يقوم بمحاولة جدية سياسية وقضائية ومالية واقتصادية لتغيير الوضع، ويجب عدم العرقلة؛ لأن رقبة الجميع تحت المقصلة إذا لم يكتب للخطوات الإصلاحية النجاح». ودعا الحكومة، في حديث تلفزيوني، إلى «التركيز الأسبوع المقبل على الملف المالي لإقرار الموازنة والحسابات المالية، وإحالتهما على المجلس النيابي»، معتبراً أن «عدم الإقرار في وقت معقول سيمنع تطبيق الإصلاحات، ويعرض مليارين و200 مليون دولار مشروعات ممولة من البنك الدولي، إلى إمكانية الإيقاف». وقال كنعان إن «عجز الكهرباء مليارا دولار، وهو أولوية لموازنة الدولة وماليتها». ولفت إلى أن «هناك مسألتين ينتظرهما المجتمعان الدولي والمحلي، هما الموازنة الإصلاحية والكهرباء، وبمجرد إقرار الخطة بشفافية وبدء تنفيذها، ستعطي دفعاً للبنان بماليته واقتصاده والثقة به». وأشار إلى معلومات بحوزته تفيد بأن «التخفيض الذي تتحدث عنه وزارة المال في الموازنة، يأخذ في الاعتبار الخطوات الإصلاحية التي طالبنا بها في لجنة المال، في الجمعيات والاحتياط وسواها». أما في ملف التوظيف فقال: «نقوم بعملنا بشكل كامل بملف التوظيف»؛ مشيراً إلى أنه ورده كتاب من ديوان المحاسبة يؤكد فيه بدء التدقيق بالملف، لإنهاء التعاقدات والتوظيفات. وأضاف أن «المخالفات والأمور ذاهبة لقرار حاسم ومؤلم، لإعطاء نموذج عن المحاسبة التي تبدأ بالوزراء، والحشو السياسي للملاك سيتوقف». وأكد أنه «إذا أردنا الإصلاح، فعلينا القبول بعدم تسييس النتائج التي سنصل إليها في نهاية عملنا الرقابي في ملف التوظيف، فمصلحة لبنان تقتضي القيام بخطوات جدية، بعيداً من التجاذبات؛ لأن المسألة ليست سياسية ولا طائفية ولا مذهبية». وأشار إلى أن «المسح الشامل للإدارة يجب أن يستمر، والإجراءات يجب أن تتخذ؛ لأن الرواتب وصلت إلى 40 في المائة من الموازنة». ولفت كنعان إلى «إننا أمام واقع مالي واقتصادي خطير نعم؛ لكنه قابل للتغيير، شرط عدم إضاعة الإصلاح بالسجالات السياسية، فلبنان غير مفلس؛ لكنه يعاني من التسيب حتى لا نقول السرقة، وهو ما يجب أن ينتهي بالمحاسبة وعدم تغطية المرتكبين». وتكررت الدعوات أمس إلى إقرار موازنة المالية العامة لعام 2019. فقد دعت رئيسة لجنة المرأة والطفل النيابية النائبة الدكتورة عناية عز الدين، إلى «الإسراع بإقرار الموازنة التي يصر عليها دولة الرئيس نبيه بري، والتي تشكل أولوية لمواكبة الواقع الاقتصادي للبلاد، ولاختصار النفقات غير الضرورية، مع الحفاظ على كل ما يدعم حقوق المواطن والخدمات الأساسية لعيشه الكريم».
الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.
وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.
وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.
وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.
انتهاكات مروّعة
وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.
وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».
ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.
وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.
ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.
وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.
وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.
وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.
إقبال على الهجرة
يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.
لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.
وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».
وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.
وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.
ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.
وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.