أسر المعتقلين السياسيين تعتصم داخل مباني جهاز الأمن في الخرطوم

«تجمع المهنيين السودانيين» يدعو إلى احتجاجات جديدة في ذكرى «ثورة أبريل»

اعتصام "نسائي" بجهاز الأمن مساندةً للمعتقلين
اعتصام "نسائي" بجهاز الأمن مساندةً للمعتقلين
TT

أسر المعتقلين السياسيين تعتصم داخل مباني جهاز الأمن في الخرطوم

اعتصام "نسائي" بجهاز الأمن مساندةً للمعتقلين
اعتصام "نسائي" بجهاز الأمن مساندةً للمعتقلين

دعا «تجمع المهنيين السودانيين» إلى مواكب احتجاجية جديدة في العاصمة الخرطوم وفي المدن الأخرى، تحت اسم «مواكب العدالة الاجتماعية»، تمهيداً لمسيرة كبيرة بمناسبة ذكرى ثورة 1985 الشعبية التي أطاحت نظام الرئيس الأسبق جعفر النميري. وفي غضون ذلك، نظمت أسر المعتقلين السياسيين اعتصاماً داخل مباني جهاز الأمن السوداني، احتجاجاً على طول فترات اعتقال ذويهم وحرمانهم من الزيارة، وطالبت الأسر بإطلاق سراحهم على الفور، أو تقديمهم لمحاكمات، وإلى حين تحقيق ذلك يجب تمكين الأسر من زيارة المعتقلين، وفقاً للقانون.
وقالت سيدة من المعتصمات لـ«الشرق الأوسط»، إن عدداً كبيراً من الأمهات والزوجات والبنات والأبناء، وبينهم أطفال، تجمعوا في مباني «استعلامات جهاز الأمن» بالخرطوم، واعتصموا داخله لساعات قبل أن تطلب منهم إدارة الجهاز تسمية ممثلين عن الأسر لمقابلة الإدارة القانونية بالجهاز لبحث مطالبها. وتعتقل سلطات الأمن السوداني أعداداً كبيرة من الشباب والنشطاء والقادة السياسيين، بلغ اعتقال بعضهم ثلاثة أشهر، بعد أن أوقفوا على ذمة الاحتجاجات المستمرة في البلاد منذ أكثر من مائة يوم. وتقر الحكومة السودانية باحتجاز أكثر من 800 معتقل؛ أطلق سراح بعضهم، بيد أن المعارضة والمنظمات الحقوقية تؤكد أن أعداد المعتقلين في الاحتجاجات الأخيرة تبلغ الآلاف.
وأوضحت السيدة أن أسر المعتقلين انتخبوا ممثلين عنهم التقوا مدير الدائرة القانونية بجهاز الأمن، وطالبوه بإطلاق سراح المعتقلين، أو تقديمهم لمحاكمات. وأشارت إلى مشروعية التظاهر والاحتجاج وعدم قانونية الاحتجاز بسبب ممارسة الحقوق الدستورية. وأضافت: «القانون ينص على السماح لأسرة المعتقل بزيارته كل 15 يوماً، وهناك أسر لم تتمكن من زيارة ذويها لأكثر من شهر. لذلك أبلغنا مدير الإدارة بعدم قانونية الاحتجاز الطويل». وحسب السيدة، فإن المسؤول الأمني أقر بشرعية مطالب ذوي المعتقلين، وأكد على حقهم في رفع دعاوى دستورية ضد جهاز الأمن، ووعد بتنظيم الزيارات للأسر في المواعيد التي يحددها القانون. وأضافت: «برر الرجل طول فترات الزيارة لعدم استطاعة السجن المركزي (كوبر) استقبال الأعداد الكبيرة من الزائرين، لكنه تعهد بتخصيص أماكن أخرى، لتتمكن الأسر من زيارة ذويها».
من جهته، يعمل «تجمع المهنيين السودانيين» وقوى المعارضة المنضوية تحت لواء «تحالف قوى الحرية والتغيير»، على تنظيم أشكال مختلفة من الاحتجاج، تتضمن التظاهر والاحتجاج والاعتصام وحملات التعبئة، تمهيداً وتحشيداً لموكب كبير أعلن عن تنظيمه في 6 أبريل (نيسان) المقبل، بالتزامن مع ذكرى الثورة السودانية التي أطاحت بحكم الرئيس الأسبق جعفر النميري في عام 1985. ودعا «التجمع»، المواطنين، إلى تنظيم مواكب احتجاج مركزية اليوم باسم مواكب «العدالة الاجتماعية»، تشمل مدن العاصمة الثلاثة (الخرطوم، والخرطوم بحري، وأم درمان)، وذلك مواصلة لموجة الاحتجاجات.
وكان «التجمع» قد نظم الكثير من المظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات، بجدول يعلنه أسبوعياً، ويختمه بموكب مركزي الخميس من كل أسبوع، بيد أنه بدأ منذ أسبوعين تنظيم موكب مركزي نهار كل أحد. وحسب صفحة «التجمع» على موقع «فيسبوك»، وهي الوسيلة الوحيدة للتواصل معه، فمن المنتظر أن تتجمع مواكب أحياء مدينة الخرطوم بحري في «المحطة الوسطى»، وتتجه نحو جسر «المك نمر» الرابط بين الخرطوم والخرطوم بحري، والقريب من القصر الرئاسي، فيما ينتظر أن تحتشد مواكب مدينة أم درمان في «المحطة الوسطى، وساحة الشهداء»، لتتجه نحو جسر «النيل الأبيض» الرابط بينها والخرطوم، وبالقرب من المجلس الوطني (البرلمان). وكان «التجمع» قد نظم أمس حملة رفع علم البلاد وحملة تكوين لجان الأحياء، فضلاً عن الاعتصامات في ميادين الأحياء، فيما تفجرت مظاهرات عفوية في عدد من أحياء الخرطوم.
وتستمر في السودان احتجاجات تطالب بتنحي الرئيس عمر البشير وحكومته منذ 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بدأت مطلبية ضد الغلاء وندرة السلع والوقود والنقود، ثم اكتسبت صبغة سياسية ترفع شعار «إسقاط النظام».
وتصدت القوات الأمنية للمتظاهرين باستخدام العنف المفرط، إذ بلغت حصيلة القتلى الرسمية 31 متظاهراً، بينما تقول المعارضة ومنظمات حقوقية دولية إن العدد فاق الـ50 قتيلاً بالرصاص، فضلاً عن آلاف المعتقلين السياسيين، بينهم قادة سياسيون وقادة المجتمع المدني.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.