ألمانيا تدرج مادة الإسلام في مدارسها لدمج الجالية ومحاربة التطرف

مسؤولون يدقون ناقوس الخطر بعد مقتل شابين ألمانيين التحقا بالمسلحين في سوريا

تيمور كوملو يدرس لتلاميذه المنحدرين من عائلات مسلمة مادة الدين الإسلامي في مدرسة هنري دينانت في فرانكفورت (نيويورك تايمز)
تيمور كوملو يدرس لتلاميذه المنحدرين من عائلات مسلمة مادة الدين الإسلامي في مدرسة هنري دينانت في فرانكفورت (نيويورك تايمز)
TT

ألمانيا تدرج مادة الإسلام في مدارسها لدمج الجالية ومحاربة التطرف

تيمور كوملو يدرس لتلاميذه المنحدرين من عائلات مسلمة مادة الدين الإسلامي في مدرسة هنري دينانت في فرانكفورت (نيويورك تايمز)
تيمور كوملو يدرس لتلاميذه المنحدرين من عائلات مسلمة مادة الدين الإسلامي في مدرسة هنري دينانت في فرانكفورت (نيويورك تايمز)

في سابقة من نوعها، سمحت المدارس العامة الحكومية بألمانيا بتدريس مادة الدين الإسلامي لطلاب المدارس الابتدائية من خلال معلمين أشرفت على تدريبهم الدولة وباستخدام كتب مدرسية أعدت خصيصا لهذا الغرض. وتأتي هذه الخطوة في إطار محاولات المسؤولين لمساعدة الجالية المسلمة المتزايدة على الاندماج بشكل أفضل ومواجهة التأثير المتزايد للتشدد الديني.
ويجري تدريس مادة الدين الإسلامي في ولاية هيسن في ضوء تزايد القناعة بضرورة منح السلطات الألمانية مزيدا من الاهتمام للسكان المسلمين وخدمتهم، بعد تجاهلها لهم على مدار عقود.
ويقول الكثيرون هنا في ألمانيا، إن «الحاجة إلى اتخاذ تلك الخطوة باتت أكثر إلحاحا من أي وقت مضى». ووفقا لتصريحات مسؤولين أمنيين ألمان وتقارير متداولة في وسائل الإعلام الألمانية، قتل شابان ألمانيان، على الأقل، من ولاية هيسن – يعتقد أن أحدهما لا يزيد عمره على 16 عاما – في سوريا، خلال الفصل الدراسي الماضي، بعد تلبيتهما للدعوة إلى «الجهاد». وجرى على ما يبدو تجنيد هذين الشخصين من متشددين في فرانكفورت. ودقت حالتا الشابين ناقوس الخطر ليس بسبب الشعور المتزايد لدى بعض الشباب الألمان بالعزلة عن المجتمع وقابلية التعرض لعمليات التجنيد فحسب، بل بسبب الإحساس بأن حالة القتل ستنتقل إلى بلادهم في نهاية المطاف، ناهيك بتعلم المهارات الجديدة لاستخدام الأسلحة والمتفجرات التي اكتسبها الشباب في ساحات المعركة في المناطق البعيدة أيضا. وعلاوة على ذلك، تواجه الدول الأوروبية الأخرى التي ينتشر فيها المسلمون – بما فيها فرنسا وبريطانيا وإسبانيا والدول الإسكندنافية – تحديات مشابهة تتمثل في كيفية تحقيق الاندماج ومواجهة التطرف.
وعليه، تحول الاهتمام بشكل متزايد إلى التعليم وطرق التنشئة بهدف احتواء المسلمين، البالغ عددهم في ألمانيا نحو أربعة ملايين شخص، بشكل أكبر. ويذكر، أن هذا العدد يزيد بشكل مطرد منذ أن جلب القائمون على الصناعة الألمانية أول دفعة من الأتراك، كعمالة أجنبية، إلى ألمانيا في فترة الستينات من القرن الماضي. وفي هذا الصدد، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف نحقق الاندماج للأقلية التي كانت لفترة طويلة مصدرا للتوتر في بلد يزيد عدد سكانه على 80 مليون نسمة، في حين أن هؤلاء السكان يكافحون – بل ويقاومون - عملية استيعاب المسيحيين والأوروبيين الغرباء ودمجهم داخل نسيج الحياة في ألمانيا؟
وتتمثل الإجابة الوحيدة لهذا السؤال – حسبما يأمل المسؤولون في هيسن - في تنفيذ تلك الخطوة من خلال تدريس مادة الدين الإسلامي للأطفال وتوجيههم من قبل المعلمين الذين دربتهم الدولة ووافقت على المناهج التي يستخدمونها لهذا الغرض.
في داخل أحد الفصول، طلب تيمور كوملو من كل واحد من تلاميذه، البالغ عددهم 19 في سن السادسة، أن يأخذ خيطا من بكرة صوف كبيرة. ثم طلب من الأطفال، الذين قدم آباؤهم من دول مسلمة مختلفة مثل أفغانستان وألبانيا والمغرب وتركيا، أن يفحصوا شكل الخيوط المنسوجة مع بعضها بعضا أيضا.
وكان ذلك الأمر بمثابة درس بسيط يهدف بث رسالة مليئة بالرمزية مع ربطها بالعقيدة الإسلامية للطلاب. ولتذكير الأطفال بحقيقة ولادتهم جميعا في ألمانيا، على الرغم من أن أولياء أمورهم جاءوا من أفغانستان أو ألبانيا، يقول كوملو مخاطبا تلاميذه «هكذا صرنا جميعا مربوطين برباط واحد الآن، مع أنكم جئتم من دول مختلفة، وكذلك أولياء أموركم».
وأصاب التلاميذ المهذبين، بشكل عام، بعض الارتباك، لكنهم أصغوا إلى كوملو بانتباه.
وبعد انتهاء الدرس، قال كوملو «لقد جاء هؤلاء التلاميذ إلى هنا ولديهم هذه الخلفيات الثقافية المختلفة. يجب علينا أن نعلمهم كيفية تطوير الشخصية باستخدام الأسس المشتركة في ألمانيا وفي الإسلام».
وجدير بالذكر أن الارتياب والشكوك بشأن التطرف الإسلامي زادت عندما تورطت خلية من العرب - كانت تتخذ من هامبورغ مقرا لها - في هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001. وعلاوة على ذلك، كان المواطنون الألمان متورطين فيما أطلق عليه خلية ساورلاند التي استهدفت الألمان في عام 2007، وكذلك المحاولة الفاشلة لزرع قنبلة في محطة قطار بون في ديسمبر (كانون الأول) 2012.
وفي المقابل، تؤكد الصراعات المستمرة، بخصوص إمكانية السماح للموظفات بالقطاع العام بارتداء الحجاب، مدى الفجوة المتواصلة بين الألمان غير المسلمين والمسلمين الذين يشكلون، على الرغم من ذلك، جزءا كبيرا من كل مظاهر الحياة. ويعد التدريس الشامل للإسلام - بالنسبة للكثير من المعلمين والمسؤولين الألمان، وعلى وجه الخصوص المسلمين في ألمانيا – محاولة متأخرة لمعالجة مشكلة الإقصاء السائدة منذ عقود. ويقول هؤلاء الأشخاص، إن «سنوات التهميش هذه كانت تعني الكثير بالنسبة للمسلمين الألمان الذي تعلموا عقيدتهم بطريقة تقليدية في المدارس أو من المفكرين المتشددين المنتشرين على الإنترنت أو في أفنية المساجد في المناطق المجاورة للمدن الرئيسة مثل هامبورغ أو برلين».
وتقول نيكولا بير «أعتقد أن من الواضح الآن أننا ارتكبنا خطأ اتباع الإجراءات العدائية للعزل بين أطياف الشعب على مدار سنوات كثيرة». ويذكر أن بير كانت، بوصفها وزيرة التعليم، واحدة من بين الكثير من السياسيين والأساتذة الجامعيين والمعلمين الذين يشجعون على تدريس التعاليم الإسلامية. وتقول بير، إن «الألمان يعترفون الآن أننا نعيش في هذا البلد معا ونعمل معا ونثقف ونعلم أطفالنا معا».
وبشكل أشمل، تعد المناهج الدراسية المتبعة في ولاية هيسن محاولة لمواجهة النغمة الحادة والعالية التي تقود وتوجه الكثير من النزعات الإسلامية المتشددة. وفي حين ينظر إلى تدريس مادة الدين الإسلامي كجزء من المساواة التي يرغبها الكثير من المسلمين في ألمانيا، فإن الأمر ليس مهمة بسيطة في ألمانيا الفيدرالية والمقيدة بالقانون.
فكل ولاية من الولايات الـ16، تحدد نظام التعليم الخاص بها وكيفية تدريس التعاليم الدينية – أو العرقية – غير الإجبارية. ويعد التعليم الإسلامي - بشكل ما - متاحا في جميع ولايات ألمانيا الغربية السابقة، مع عدم وجوده، على الرغم من ذلك، في ولايات ألمانيا الشرقية، حيث يعيش – وفقا للحقائق التاريخية - القليل من المهاجرين المسلمين. وما يجعل الأمر في هيسن وضعا خاصا هو أن هذه الولاية طورت برنامجا جامعيا وأخذت على عاتقها مهمة تدريب المعلمين.
ليس واضحا ما إذا كانت الولايات الألمانية الأخرى ستتجه نحو تدريس مادة الدين الإسلامي واتباع هذا المنهج الذي ابتكرته ولاية هسن أما لا؟ اضطر كوملو، مدرس الصف الأول والبالغ من العمر 31 عاما، إلى حضور 240 ساعة إضافية من التدريب في جامعة غيسن من أجل اجتياز اختبار القبول ليكون ضمن أول 18 مدرسا لمادة الدين الإسلامي في ولاية هيسن. وقال كوملو، إن «الدافع وراء ذلك كان عدم درايته بالإسلام الذي واجهه بالأفكار المسبقة ضده مع تقدمه في السن»، مشيرا إلى أنه يريد إزالة هذه الفكرة. وأوضح أن تلاميذه يشكلون الجيل الثالث إلى الخامس من الألمان، ويجب أن يكونوا على قدم المساواة مع التلاميذ الذين يدرسون الأديان الأخرى.
* خدمة «نيويورك تايمز»



بايدن يؤكد أن بوتين في «وضع صعب» ولم يحقق أي هدف استراتيجي

President Joe Biden addresses the nation from the Oval Office of the White House in Washington, July 24, 2024, about his decision to drop his Democratic presidential reelection bid. (AP)
President Joe Biden addresses the nation from the Oval Office of the White House in Washington, July 24, 2024, about his decision to drop his Democratic presidential reelection bid. (AP)
TT

بايدن يؤكد أن بوتين في «وضع صعب» ولم يحقق أي هدف استراتيجي

President Joe Biden addresses the nation from the Oval Office of the White House in Washington, July 24, 2024, about his decision to drop his Democratic presidential reelection bid. (AP)
President Joe Biden addresses the nation from the Oval Office of the White House in Washington, July 24, 2024, about his decision to drop his Democratic presidential reelection bid. (AP)

قال الرئيس الأميركي جو بايدن إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بات في «وضع صعب»، بعد أن فرضت واشنطن ولندن، الجمعة، عقوبات جديدة ومنسقة على قطاع الطاقة الروسي على خلفية الحرب في أوكرانيا. وعدّت حزمة العقوبات الجديدة ضربة أخيرة للاقتصاد الروسي قبيل انتهاء ولاية بايدن، حيث يسعى إلى ترسيخ إرثه في الدفاع عن أوكرانيا، وإرساء الأساس للضغط المستمر على موسكو من قبل الرئيس المنتخب دونالد ترمب. وقال مسؤول أميركي كبير إن تلك العقوبات «هي الأكثر أهمية حتى الآن ضد القطاع الذي يعد أكبر مصدر للإيرادات لآلة الحرب التابعة للكرملين».

الرئيس الأميركي جو بايدن في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض (إ.ب.أ)

بوتين لم يحقق أي أهداف استراتيجية

وخلال لقاء بالصحافيين في البيت الأبيض قال بايدن: «بوتين في وضع صعب حالياً، وأعتقد أن من المهم حقاً ألا يكون لديه أي متنفس للاستمرار في فعل الأشياء الفظيعة جداً التي يواصل القيام بها». وأكد البيت الأبيض أن بايدن تحدث إلى نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الجمعة، وشدد على أهمية الاستمرار في دعم كييف في الحرب ضد روسيا. وأضاف البيت الأبيض في بيان: «بات جلياً الآن أن الحرب التي بدأها الرئيس (فلاديمير) بوتين ضد أوكرانيا كانت كارثة بالنسبة لروسيا. وبفضل شجاعة الشعب الأوكراني وعزيمته وبدعم من الولايات المتحدة، لم تتمكن روسيا من تحقيق أي من أهدافها الاستراتيجية في أوكرانيا».

فولوديمير زيلينسكي في اجتماع «مجموعة الاتصال» (أ.ب)

زيلينسكي يرحب

وشكر زيلينسكي لبايدن «دعمه الراسخ لاستقلال أوكرانيا، والدور الحيوي الذي أدته الولايات المتحدة لتوحيد المجتمع الدولي»، وفق ما جاء في منشور للرئيس الأوكراني على منصة «إكس». وقال زيلينسكي إنه قدّم التعازي (لبايدن) بضحايا حرائق الغابات التي تجتاح لوس أنجليس. ويسابق بايدن الوقت لتوفير أكبر قدر ممكن من الدعم لأوكرانيا قبل تولي ترمب سدة الرئاسة الأميركية، وسط مخاوف من قطع الملياردير الجمهوري الدعم عن كييف. ورحّب زيلينسكي بالعقوبات الأميركية الجديدة، وقال: «هذه الإجراءات توجه ضربة قوية للأساس المالي لآلة الحرب الروسية من خلال تعطيل سلسلة التوريد بالكامل».

جنود أوكرانيون يوجِّهون مدفع «هاوتزر» باتجاه القوات الروسية وسط هجوم موسكو على كييف في منطقة خاركيف 3 يناير 2025 (رويترز)

وفي المجمل، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على 183 سفينة ناقلة للنفط، من أصل ما يقدر بنحو 1000 سفينة ضمن ما يُسمى «أسطول الظل» أو «الأسطول الشبح»، رغم أن عدداً من هذه السفن يرفع علم باربادوس وبنما. وشملت العقوبات إضافة لشركتي «غازبروم نفت» و«سورغوتنيفت غاز»، أكثر من 20 شركة تابعة لهما، تعمل في روسيا في تجارة النفط وفي حقول النفط.

كما شملت أيضاً تدابير ضد قائمة طويلة من الكيانات الأخرى المشاركة في جميع قطاعات أعمال الطاقة في روسيا تقريباً، إلى جانب ما وصفه المسؤولون بأنه «تضييق» لترخيص وزارة الخزانة الأميركية الذي سمح لروسيا بالحصول على أموال بالدولار مقابل صادراتها من الطاقة. وقالت الحكومة البريطانية إن أرباح الشركتين «تملأ صندوق الحرب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتسهل الحرب» في أوكرانيا.

ونقل بيان عن وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي تأكيده أن «مواجهة شركات النفط الروسية من شأنها أن تستنزف صندوق الحرب الروسي، وكل روبل نأخذه من يدي بوتين يساعد في إنقاذ أرواح الأوكرانيين». ونددت «غازبروم نفت» بالعقوبات الأميركية والبريطانية التي استهدفتها، موضحة أنها «غير مبررة وغير مشروعة». وقالت الشركة، كما نقلت عنها وكالات الأنباء الروسية، إنها ترى أن «إقرار إدراج أصولها ضمن قائمة العقوبات الأميركية هو أمر غير مبرر وغير مشروع».

زيلينسكي في جولة ميدانية 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

عقوبات من أجل سلام عادل

وأوضح مسؤولون أميركيون أن هذه الإجراءات تهدف إلى منح الولايات المتحدة نفوذاً إضافياً للمساعدة في التوسط في «سلام عادل» بين أوكرانيا وروسيا. وقال جون هاردي، كبير الباحثين في الشأن الروسي في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، المحسوبة على الجمهوريين، إن تلك العقوبات تساهم في دعم جهود ترمب الذي كان واضحاً في رغبته في التوسط في اتفاق سلام في أقرب وقت ممكن. وأضاف هاردي قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، إنه لتعظيم فرصه في التوصل إلى اتفاق جيد ودائم، ينبغي لترمب أن يطلب من الكونغرس تمرير مشروع قانون آخر للمساعدات لأوكرانيا.

جنديان أوكرانيان يشغّلان مسيّرة للتجسس قرب الحدود مع روسيا (أ.ف.ب)

وجاء إعلان العقوبات في أعقاب إصدار إدارة بايدن في الأسابيع الأخيرة، مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية الأميركية لكييف، في مسعى لتوفير أقصى الدعم لها، قبل تسلم ترمب منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) الحالي، في ظل غموض سياساته لحل هذا الصراع. وكان ترمب قد وعد خلال حملته الانتخابية بإنهاء النزاع في أوكرانيا «خلال 24 ساعة»، داعياً إلى «وقف فوري لإطلاق النار»، وإلى إجراء مفاوضات لإنهاء الحرب. وقال، الخميس، إنه يحضر للقاء مع فلاديمير بوتين «لإنهاء» النزاع في أوكرانيا. وفي وقت سابق الجمعة، أعلن الكرملين أن الرئيس بوتين جاهز للتحاور مع ترمب دون شروط مسبقة، معرباً عن استعداده للتفاوض بشرط أخذ «الوقائع على الأرض» في الاعتبار في أوكرانيا.

ماكرون وترمب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عند اجتماعهم في قصر الإليزيه خلال 7 ديسمبر 2024 (رويترز)

وقالت أنّا بورشيفسكايا، كبيرة الباحثين في الشأن الروسي في معهد واشنطن، إن الرئيس ترمب يبدو أنه يريد أن يبعث برسالة قوة قبيل تنصيبه، على الرغم من التعارض الظاهر في تصريحاته. وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس من مصلحة أميركا التخلي عن دورها القيادي في مواجهة منافسة شرسة من خصومها، سواء الصين أو روسيا أو إيران أو كوريا الشمالية، بعد الإنجازات السياسية غير المسبوقة التي جرت خلال عام 2024، والتغييرات الكبيرة في المشهد السياسي، سواء في منطقة الشرق الأوسط، أو غيرها من المناطق الساخنة الأخرى.

أهمية مواصلة دعم كييف

وقال هاردي إن من شأن إقرار الكونغرس مساعدات جديدة أن يُظهِر لموسكو أن الدعم الأميركي لأوكرانيا سوف يستمر بعد نفاد سلطة المساعدات التي ورثها ترمب من بايدن. وأضاف قائلاً: «إذا كان الكرملين يعتقد أن المساعدات الأميركية سوف تنفد، فمن المرجح أن تكون روسيا أقل استعداداً للتنازل، وتختار بدلاً من ذلك الضغط من خلال ميزتها في ساحة المعركة سعياً إلى تحقيق شروط سلام قصوى. ولا تزال القوات الروسية تحقق تقدّماً على الجبهة الشرقية، وباتت تسيطر على نحو 20 في المائة من مساحة أوكرانيا. وطالب بوتين باحتفاظ روسيا بالأراضي الأوكرانية التي أعلنت ضمها، داعياً أيضاً أوكرانيا إلى التخلي عن الرغبة في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.

ناقلة النفط «إيفنتين» التي ترفع علم بنما وهي تطفو في البحر غير قادرة على المناورة شمال جزيرة روجين الألمانية في بحر البلطيق (أ.ف.ب)

أسر جنديين كوريين شماليين

قالت وزارة الدفاع الروسية، السبت، إن الجيش سيطر على حي شيفتشينكو في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا. وأضافت أن روسيا شنت ضربات بالطائرات والمسيرات والصواريخ على مطار عسكري في أوكرانيا وبنية تحتية للطاقة يستخدمها جيشها.

وأكد الجيش الروسي، السبت، التقدّم ميدانياً شمال غربي مدينة كوراخوف الأوكرانية التي أعلنت موسكو السيطرة عليها في وقت سابق من هذا الأسبوع، وتشكل معقلاً رئيسياً في منطقة دونيتسك في شرق أوكرانيا.

وقالت قوات الدفاع الأوكرانية إنها أسقطت 47 مسيرة روسية من طراز «شاهد» ومن أنواع أخرى، واختفت 27 طائرة مسيرة أخرى من أمام الرادار.

كما اعترفت روسيا أن أوكرانيا شنت هجمات بطائرات مسيرة على عدة مناطق في روسيا، مما أسفر عن تضرر مبنيين سكنيين في منطقة تامبوف، وإصابة ثلاثة أشخاص على الأقل.

وأفادت وزارة الدفاع الروسية باعتراض وتدمير 85 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل في عدة مناطق من البلاد، منها 31 طائرة مسيرة فوق البحر الأسود، و16 في كل من منطقتي فورونيج وكراسنودار، و14 فوق بحر آزوف، وعلى جبهة إقليم كورسك في روسيا التي احتلت أوكرانيا مئات الكيلومترات منها في هجوم خاطف، الصيف الماضي.

أعلن الرئيس الأوكراني زيلينسكي، السبت، أنه تم أسر جنديين كوريين شماليين جريحين من ساحة المعركة في المنطقة، ونُقلا إلى كييف للاستجواب. وهي المرة الأولى التي تؤكد فيها أوكرانيا احتجاز قوات كورية شمالية منذ نشرها في أواخر العام الماضي. وكتب زيلينسكي على «إنستغرام» في منشور تضمن صوراً للسجناء: «نجا جنديان، رغم إصابتهما، وتم نقلهما إلى كييف، حيث يتواصلان الآن مع جهاز الأمن الأوكراني». وأضاف: «لم تكن هذه مهمة سهلة: عادة ما تقوم القوات الروسية وأفراد عسكريون كوريون شماليون آخرون بإعدام جرحاهم لمحو أي دليل على تورط كوريا الشمالية في الحرب ضد أوكرانيا».

معرفة الحقيقة

جندي من لواء العمليات الثالث عشر «خارتيا» التابع للحرس الوطني الأوكراني يطلق مدفع هاوتزر من طراز «دي - 30» باتجاه قوات روسية في موقع على خط المواجهة (رويترز)

وقد يوفر أسر الجنديين لكييف معلومات استخباراتية مهمة حول التعاون بين بيونغ يانغ وموسكو.

وكتب زيلينسكي: «كما هو الحال مع جميع أسرى الحرب، يتلقى هذان الجنديان الكوريان الشماليان المساعدة الطبية اللازمة»، مضيفاً أنه أصدر تعليمات لمسؤولي الأمن بمنح الصحافيين حق الوصول إلى السجينَيْن، «والعالم يحتاج إلى معرفة الحقيقة حول ما يحدث». ووقعت روسيا وكوريا الشمالية اتفاقية دفاع مشترك في نوفمبر (تشرين الثاني)، وقالت أوكرانيا إن ما لا يقل عن 11 ألف جندي كوري شمالي تم إرسالهم إلى روسيا للمساعدة في الجهود الروسية لاستعادة الأراضي المحتلة من قبل أوكرانيا. وأبلغت القوات الأوكرانية لأول مرة عن وصول قوات كورية شمالية على نطاق واسع إلى ساحة المعركة في منتصف ديسمبر (كانون الأول)، وقال زيلينسكي هذا الأسبوع إن ما لا يقل عن 4000 شخص قُتلوا أو جُرحوا بالفعل.