«كيميا»... مطاردة طيف زهرة برية

المصري وليد علاء الدين يسائل جلال الدين الرومي في روايته الجديدة

«كيميا»... مطاردة طيف زهرة برية
TT

«كيميا»... مطاردة طيف زهرة برية

«كيميا»... مطاردة طيف زهرة برية

يعترف الكاتب المصري وليد علاء الدين في المشاهد الافتتاحية لروايته «كيميا» بورطته التاريخية مع عالم الأحلام، وعلاقته الغريبة بها، فهو يُهيمن عليها أحياناً ويُديرها إذا لزم الأمر، يقول بطل الرواية: «ليست الأحلام غريبة عليّ، فأنا أحد الحالمين الكبار».
هذا التمهيد لغرائبيات سردية مُنتظرة يرتفع سقفه مع اكتشاف القارئ أن بطل الرواية هو الكاتب نفسه، بشخصيته الواقعية، والذي فجرت رحلته الشخصية والمهنية إلى مدينة «قونية» في نفسه بحوراً من الشك، ترجم هذا الشك برحلة موازية من البحث والتحري.
كان غرض رحلة البطل الصحافية هو مواكبة احتفال منظمة «اليونيسكو» بالشاعر جلال الدين الرومي في مئويته الثامنة، وكانت المهمة هي تسجيل يومياته وتقاريره عن تلك الرحلة في رحاب «مولانا» الرومي. واستعداداً لهذه المهمة المشحونة بالتأمل، والكتابة الوصفية، تسلح بطل الرواية، بالقراءة المكثفة عن جلال الدين الرومي، إلا أن رواية «بنت مولانا» للكاتبة البريطانية مورل مفروي، قلبت موازين البطل، وأصابته بتشويش سيطر على حالة التقدير التي يكنها لجلال الدين الرومي، وهي التي تدور عن «كيميا» الفتاة التي تربت في بيت الرومي كابنته، وأحبها ابنه حباً شديداً، ولكنه أهداها كزوجة لصديقه شمس الدين التبريزي وهي تصغره بنحو 48 عاماً.
تتكشف على مدار الرواية، الصادرة عن دار «الشروق» المصرية وتقع في 232 صفحة، تفاصيل الرحلة الشاقة التي قطعها البطل إلى «قونية»، يُسجل يومياته ويرسلها، ويظل على هامش يوميات الرحلة التي تحتفي بالرومي في حالة تقفٍ لأثر «كيميا»، وقبرها وسيرتها، والحقيقة التاريخية حول إهداء جلال الدين الرومي لها كزوجة لشمس الدين التبريزي، يبحث في هوامش القُطبين الرومي والتبريزي عن حقيقة موت هذه الفتاة أو قتلها، يغمره تساؤل على مدار الرحلة عن سبب تعلقه بمعرفة قصتها ومصيرها، تصورات كانت تتوالد وتؤجج خياله.
الشغف بقصة «كيميا» وحقيقتها، تضافر مع طبقات السرد في الرواية وألاعيب أحلام المؤلف، حتى ما عاد يُميّز بين ما هو حقيقي وما هو خيال، وتضاعف الأمر عندما تراءى له علاء الدين ولد جلال الدين الرومي شاكيّاً له حبه لـ«كيميا» وحرمان والده له منها بإهدائها لشمس التبريزي، حتى كادت تلك الخيالات تُطيح بالبطل في هوة لا تنتهي من الصراخ والشك، وكما يقول مصوراً هذه المشهد: «استلقيت على السرير مُندهشاً من تلك اللعبة التي تلعبها الأحلام معي. هل حلمت بعلاء الدين؟ لم يكن هو من يخوض بقدمين حافيتين في مستنقعات قونية الباردة. كنت أنا. لم أكن أنا من يخشى لقاء جلال الدين... كان هو».
تبادل الأدوار بين وليد علاء الدين، وعلاء الدين ولد، كان أحد أبرز مفاتيح المؤلف لاختراق حُجب التاريخ ووصله بذاته وضميره، فخلق خط وصال وهمياً بين أحد أبرز الشهود على مأساة «كيميا»، وهو ابن جلال الدين الرومي الذي أحبها ومع ذلك أهداها الرومي للتبريزي برغم علمه بهذا الحب، وتتوالد عند هذه النقطة التساؤلات التي تفرض نفسها على السرد، منها سبب موافقة التبريزي على الزواج بـ«كيميا» التي كانت تصغره بما يقارب الـ50 عاماً، ولماذا مرضت «كيميا» بعد زواجه بها بفترة قليلة حتى غادرت منها الروح، ولماذا تلاشت سيرتها حتى من أشعار جلال الدين الرومي الذي كان لها بمثابة الأب، ثم لم يُعرف لها قبر قط، وكان القبر أحد شواهد حياة «كيميا» الغامضة التي كان يتحرى عنها البطل، وظل يتخيله: «تصورت قبر (كيميا) رقيقاً. تخيلت شاهِدته من زجاج أو رخام يضاهي البللور شفافية. تسري بين حبيباته عروق وردية. لا شيء يشبه ذلك هنا».
تمر الرواية بمقاطع من مشاهد جلال الدين الرومي وسيرته، أيضاً المواقع الحقيقة التي تحتضن السيرة والتي مرّ بها المؤلف خلال رحلته إلى قونية، في تماهٍ سلس لعدة قوالب أدبية ما بين يوميات، وسيرة، وأدب رحلات، ومُراسلات، وتقنية الأحلام، والتخييل الروائي، وجعل المؤلف التنقيب عن أثر «كيميا» هو العربة الأمامية التي تقود قطار روايته، تنقيب في الذاكرة الشعبية، والأضرحة، في الأعمال الأدبية التي تناولت سيرتها كـ«بنت مولانا» و«قواعد العشق الأربعون» الأكثر ذيوعاً، حتى غبَّر التنقيب خيالاته التي جسدت له ابن جلال الدين الرومي كقرين يهمس له أوجاعه منذ فارقت «كيميا» بيتهم وفرّق بينهم والده.
يُطارد وليد علاء الدين أحلامه كمُحارب يتحرر من حُجب الماضي ويُحاكمه، وهو يسلك دروب المعرفة بالفتاة التي نشأت في بيت الشاعر والعاشق الصوفي جلال الدين الرومي، لا يخشى من أن يسأل: هل قتل شمس (كيميا)؟، يجد نفسه في منتصف رحلته إلى «قونية» عاجزاً عن بلوغ رؤية صافية سديدة وهو يسجل مُهمته الصحافية عن رحلة «مولانا»، حتى أنه في رسالته الأخيرة الموجهة لبريد رئيسه الإلكتروني قال له:
«أظنني في حاجة إلى وقت طويل... طويل بالفعل... لمراجعة الكثير من الأمور قبل أن تتضح الرؤية أمامي، واسمح لي أن أحتفظ بعنوان ما أرسله إليك من مشاهدات وخواطر كما هو: (في الطريق إلى مولانا)، فأنا - في الواقع لم أصل بعد». يعترف الكاتب بالتشوش وهو لا يعلم إذا كان حقاً لجلال الدين الرومي ضحايا بهيئة زهرة بريّة، كما كان ينعت «كيميا» في روايته، التي حمل طيفها من «قونية» في رحلة عودته إلى دبي.



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.