السفن السياحية تتنافس من خلال مطاعمها

كان السفر على متنها لاكتشاف المدن أما اليوم فلاختبار الطعام

السفن السياحية تتنافس من خلال مطاعمها
TT

السفن السياحية تتنافس من خلال مطاعمها

السفن السياحية تتنافس من خلال مطاعمها

صباح يوم سبت، توافد قرابة 4 آلاف سائح غالبيتهم من الجنسية الأميركية لدخول سفينة «رويال برنسيس» Royal Princess، التابعة لشركة «برنسيس» التي تعتبر واحدة من أشهر شركات السفن السياحية المحيطية العملاقة. وعند المدخل، وقف شبان وشابات في زي موحد جميل، وتعلو الابتسامات وجوههم، وهم يقدمون عصير البرتقال، وعصير التفاح، وعصير الأناناس الطازج والبارد.
هكذا، من أول لحظة، وحسب خطة شعارها «كسب السائح، كسب معدته»، صارت شركات السفن السياحية المحيطية تركز على تقديم أحسن أنواع المأكولات والمشروبات.
قبل عامين، في لوس أنجليس، دعت شركة «برنسيس» صحافيين إلى غداء فاخر بمناسبة تعاقدها مع الطباخ العالمي كيرتس ستون. وكتبت روزماري ماكلير، المشرفة على صفحة الطعام في صحيفة «لوس أنجليس تايمز»، والتي حضرت المناسبة: «توضح دعوات صحافيين لمناسبة شوكولاتية أن شركات السفن السياحية المحيطية صارت تتنافس، ليس فقط على الدول التي تزورها السفن، ولكن، أيضا، على جودة الطعام. لهذا، صارت هذه الشركات تتعاقد مع أشهر الطباخين في العالم وتتنافس عليهم».
مثل الطباخ الإيطالي المشهور برونو باربيري، الذي تعاقدت معه شركة سفن «كوستا»، وصاحب مطاعم حازت على ميداليات «ميشيلين» في 7 دول، ليؤسس مطعما باسمه داخل واحدة من هذه السفن.
ومثل الطباخ الأميركي المشهور توماس كيلر، الذي تعاقدت معه شركة سفن «سيبورن» ليؤسس مطعما باسمه داخل السفينة «سيبورن كويست».
تتضمن قيمة تذكرة «برنسيس» كل أنواع الأكل تقريبا. لا يدفع المسافر لقاء شراب غير كحولي، لكنه يدفع للكحوليات (سفن شركة «إم إس إن» تقدم هذه الأخيرة من دون مقابل).
ويقدم ركن «إكسبرسو» (الطابق الخامس) 15 نوعا من هذه القهوة التي يتفوق فيها الإيطاليون (قبطان الباخرة، وعدد من مساعديه، وكبار الطباخين من إيطاليا).
يتمرن كل «باريستا» (صانع القهوة) في مطاعم إيطالية قبل أن ينضم للعمل على متن السفينة. ويوجد سعر واحد لكل الأنواع، هذا ما قاله الفلبيني «سواريز» الذي، فعلا، قضى فترة تدريب في إيطاليا وهذا ما يجعل مذاق القهوة في مطاعم السفن الإيطالية مميزا جدا على عكس محلات بيع القهوة ذائعة الصيت التي لا تعتمد على خبرة الباريستا إنما على الاسم والترويج.
توجد في السفينة قاعتا «بوفيه» عملاقتان، فيهما كل أنواع الأكل تقريبا من دون مقابل. وتوجد قاعتا طعام موائد تقدم قوائم طعام راقية، من دون مقابل أيضا. لكن، يدفع الشخص مبلغا إضافيا في قاعتين أخريين: قاعة «ساباتيني» التي تتخصص في الأكل الإيطالي، وقاعة «غريل» (الشواء) التي تتخصص في الأكل الأميركي.
هذه غير القاعة الخاصة التي يديرها الطباخ العالمي كيرتس ستون، تقدم وجبات عشاء من ستة أطباق.
هذه مقتطفات من قائمة كيرتس ستون التي تتكون من ستة صحون:
مشهيات
«نندوجا»، لحم مفروم من منطقة «كالابريا» في إيطاليا. مع أنواع راقية من الفلفل الحار والبهارات المميزة. وشرائح البط والبقر الرقيقة المحفوظة. وفينوكشيونا مغروسة فيها نكهة الشمار، وجبنة «تاليغيو».
سلطات
أنواع مختلفة من الطماطم الإيطالية مع زيت أوراق «أوريغانو» (صعتر)، والهليون والهليون المحمص، مع «بستو أرغولا» (الجرجير). و«الكروتون» (قطع خبز صغيرة محمصة).
مكرونات
تصنع يوميا طازجة. مع جبنة «روكوتا»، وجبنة «موتزاريلا»، وجبنة «بوكورينوا رومانو»، وجبنة «آسياغو». وتقدم مع أنواع راقية من كريم الليمون، والكاري الأخضر، وورق «جيجارون». بالإضافة إلى «رافيولى» له 3 أحجام، وطبقات «لازانيا» من 4 أو 7 أو 10 طوابق.
لحوم بحرية
قطع ذيل جراد البحر في شوربة باردة. وفيها صلصة «ماديرا» الحمراء، وكريم «فرانشيس». وجمبري عملاق مع فلفل حار، وثوم محمص، على طريقة «بايا» المكسيكية. وسيقان «كراب» (سلطعون) من ولاية ألاسكا، مع سلطة الطماطم، وصفار البيض المتبل.
لحوم برية
ساق البط مملحة بملح البحر. ونصف طائر «كويل» محشو بعنب وزبيب فرنسيين. وربع طائرة «بنسون» يعوم في شوربة «شاوسنشي» من جنوب إيطاليا. ولحم بقر «ستيك» أميركي، مشوي حسب الطلب. ومع الفطر المطهو ببطء من شحم فراخ «بيركشير». وجزر «كونفيت»، وسائل «بروكولي»، وخردل كامل محمص.
شوكولاته
توجد خيارات: شوكولاته داكنة. ومع البندق. و«موس» مقرمش. وفانيلا محروقة. ولوز ملبس، وكريم «كوليه» دافئ، مع الفراولة والزبيب.

رحلة الشوكولاتة
- من وقت لآخر، تنظم سفن «برنسيس» ما تسميه «رحلة الشوكولاته». بالإضافة إلى وجود الشوكولاته في قوائم الطعام اليومية، تحت فقرة «حلويات»، تقام مهرجانات للشوكولاته. ولحسن الحظ، استمتع السياح في هذه الرحلة بذلك: شوكولاته غامقة، باللبن، بيضاء، بملح البحر، داخل كيك، داخل قطع حلوى، داخل فطائر، مع «ترفل»، في «موس»، سويسرية، بلجيكية، أميركية، إلخ...
ليس الأكل فقط، ولكن البيع أيضا. يوجد في السفينة متجر صغير خاص بالشوكولاته (الطابق السادس). وأكثر ما فيه شوكولاته «نورمان لاف»، صاحب مصنع شوكولاته في فورت مايرز (ولاية فلوريدا) على الطريقة الفرنسية، التي تتفنن في أنواع الشوكولاته.
شعار الرجل: «تلبية الشهوات من دون حدود لشوكولاته لا تقل عن الكمال». ويفتخر بأن الماكينات لا تصمم حلوياته، ولكن رجالا ونساء يفعلون ذلك، تماما مثلما في المصنع الذي تدرب فيه في فرنسا، قبل أن ينتقل إلى فلوريدا.
قبل المصنع كان مسؤول الشوكولاته في فنادق «رتز كارلتون»، وكانت وظيفته «المسؤول التنفيذي لصناعة الحلويات العالمية المخبوزة». وأكثر من مرة، مثل الولايات المتحدة في منافسات كأس العالم في الحلويات المخبوزة Coup Du Monde De La Patissiere التي تقام في فرنسا.
متجر الشوكولاته الصغير يديره النمساوي «فيليب» (توجد نحو 60 جنسية وسط العاملين في السفينة، خاصة في أقسام الطعام والفندقة).
الشاي الإنجليزي
لإضافة نكهة بريطانية راقية على الشاي، يقدم الشاي على الطريقة الإنجليزية فترة بعد الظهر في غرفة طعام «مايكل أنجلو» في الطابق الخامس. وبعد الظهر وجبة كاملة تدخل فيها السندويتشات، والحلويات، والشاي. لكن، لا يكثر الأميركيون الإقبال عليه، لأن العشاء (بالميعاد الأميركي الذي تسير عليه السفينة) في السادسة، أو السابعة، وليس في أوقات متأخرة (كما بالمواعيد الأوروبية).



«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.