مخيم «بحركة» في أربيل يجمع كافة مكونات الموصل

أم رضوان قتل زوجها أمام عينيها فهربت مع أطفالها الخمسة مشيا على الأقدام

نازحات بمخيم بحركة بأربيل، نازحو بحركة يصطفون لتلقي المعونات الغذائية، مشهد لمخيم («الشرق الأوسط»).
نازحات بمخيم بحركة بأربيل، نازحو بحركة يصطفون لتلقي المعونات الغذائية، مشهد لمخيم («الشرق الأوسط»).
TT

مخيم «بحركة» في أربيل يجمع كافة مكونات الموصل

نازحات بمخيم بحركة بأربيل، نازحو بحركة يصطفون لتلقي المعونات الغذائية، مشهد لمخيم («الشرق الأوسط»).
نازحات بمخيم بحركة بأربيل، نازحو بحركة يصطفون لتلقي المعونات الغذائية، مشهد لمخيم («الشرق الأوسط»).

على بعد نحو 13 كلم شمال مدينة أربيل يتمركز مخيم بحركة للنازحين، المخيم الذي أنشأ حديثا ليضم أكثر 2500 نازح من جميع مكونات سهل نينوى. مئات العوائل العربية والكردية والتركمانية والمسيحية توزعت على شكل خيام تجاور الواحدة منه الأخرى، فبعد إن كانت هاربة في الأمس من «داعش»، أصبحت اليوم في ملاذ آمن في أربيل.
صابور بايز كاظم مواطن كردي من الطائفة الكاكائية جاء مع عائلته إلى أربيل، بعد أن سيطر مسلحو «داعش» على قريته في قضاء الحمدانية قبل أسابيع، وجرى إيواؤه في مخيم بحركة. قال كاظم لـ«الشرق الأوسط»: «بعد أن انسحبت قوات البيشمركة من قرانا في الحمدانية في السابع من أغسطس (آب) الحالي، هربنا نحن من قرانا التي كانت قريبة من الجبهات الأمامية بين البيشمركة و(داعش)، أنا لا أملك أي وسيلة نقل، اضطررت أن أخرج ليلا مع عائلتي المكونة من سبعة أفراد بعد سماع خبر تقدم (داعش) باتجاهنا، واستمررنا بالمشي ليومين إلى أن وصلنا إلى أربيل، حيث نمنا تلك الليلة في العراء، ثم دخلنا أربيل وجرى إيواؤنا في هذا المخيم».
وتابع كاظم: «الأوضاع هنا صعبة، فرغم أن المشرفين على المخيم يوفرون لنا الطعام والماء باستمرار، فإننا نعيش حالة نفسية صعبة؛ تركنا أموالنا وبيوتنا وماشيتنا، وهناك أخبار تقول إن (داعش) نهبت بيوتنا وأخذت مواشينا، لذا نريد أن نعود إلى مناطقنا لنطرد (داعش) منها».
في الجانب الآخر من المخيم، جرى إيواء عوائل موصلية أخرى في قاعات كبيرة، حيث قسمت عن طريق أقمشة نسيجية إلى عدة غرف تسكن في كل واحدة منها عائلة من العوائل النازحة على اختلاف قومياتها وطوائفها، فعدد النازحين في الإقليم (بحسب المصادر الرسمية) وصل إلى أكثر من مليون ومائتي ألف نازح من جميع أنحاء العراق. الزائر لمخيم بحركة يشاهد عشرات من الشبان الكرد المتطوعين الذين يعملون في المخيم على مدار الساعة لخدمة النازح وتلبية متطلباتهم، لكن أعداد النازحين كبيرة جدا.
يحمل كل نازح من هؤلاء في مخيلته صورة وقصة حزينة وألما بسبب نزوحه من مدينته، لكن قصة أم رضوان النازحة الموصلية كانت مروعة وحزينة؛ أم رضوان نازحة من منطقة حي صدام وسط الموصل، وهي أم لخمسة أطفال لا يتعدى عمر كبيرهم التسع سنوات، قُتل زوجها قبل أن تهرب هي وأطفالها إلى أربيل.
وروت أم رضوان قصتها لـ«الشرق الأوسط»، قائلة: «قُتل زوجي أمام عيني في منزلنا بحي صدام في الموصل، قتلوه لأنه كان من أفراد الشرطة، وذلك في الأيام الأولى لسقوط الموصل، هربت أنا وأطفالي الخمسة إلى أربيل، وجرى إيواؤنا في مخيم خازر، لكن (داعش) هاجمت خازر خلال الأسابيع القليلة الماضية، فهربت مرة أخرى مع أطفالي إلى ناحية كلك في أربيل».
وتضيف هذه النازحة: «توجهنا مشيا على الأقدام من خازر إلى كلك هربا من المواجهات العسكرية التي دارت بين (داعش) والبيشمركة»، مستدركة بالقول: «نزفت أقدام الأطفال دما نتيجة المشي وشدة حرارة الجو، لأن أحذيتنا تقطعت، ومشينا مسافة طويلة حفاة».
ودعت أم رضوان التي أصبحت المعيلة الوحيدة لعائلتها بعد أن فقدت زوجها، العالم إلى تسهيل سفرها إلى الخارج، لأنها تخشى العودة إلى الموصل حتى وإن عاد المواطنون إليها، لفقدانها الثقة في المجاميع المسلحة والحكومة العراقية، وتخشى أن يقتلوا أولادها أيضا.
المواطن محمد حسن نازح تركماني من الموصل كان يحمل بيده وجبة غذاء الظهيرة التي تسلمها من المطعم الذي أنشأته مؤسسة بارزاني الخيرية بالتعاون مع منظمة الغذاء العالمي في المخيم، قال محمد لـ«الشرق الأوسط» إن «الوضع الحالي أفضل من السابق، نتسلم يوميا وجبتي الغذاء والعشاء، ويطبخون لنا اللحم مرتين في الأسبوع»، لكنه شكا من الأجواء الحارة وإصابة الأطفال بالجفاف نتيجة الحر رغم تزويدهم بالكهرباء وتسلمهم مبردات هواء.
وقررت حكومة الإقليم نقل مخيم خازر إلى ناحية بحركة بعد أن شهد خازر عمليات عسكرية خلال الأسابيع القليلة الماضية، فاختارت ناحية بحركة لإنشاء مخيم واسع يؤوي جميع النازحين الذي نزحوا من محافظة نينوى إلى أربيل، حيث يتواصل العمل في توسيع المخيم ليسع أعدادا أكبر من النازحين الذي يأتون باستمرار إلى إقليم كردستان من المحافظات العراقية الأخرى.
مؤسسة بارزاني الخيرية هي المؤسسة الوحيدة التي فتحت لها فرعا داخل مخيم بحركة، لتشرف باستمرار على أوضاع النازحين، حيث توفر المؤسسة، وبالاشتراك مع منظمة الغذاء العالمي، وجبات الطعام اليومية للنازحين، إضافة إلى الدواء والماء والملاءات والمبردات، والاحتياجات اليومية الأخرى.
وقال محمد بهاء الدين محمد مسؤول فرع مؤسسة بارزاني الخيرية في مخيم بحركة في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «نستقبل يوميا أعدادا كبيرة من النازحين العراقيين من جميع القوميات والأديان، ونوفر لهم جميع المستلزمات اليومية، إضافة إلى توفير وجبتين من الطعام بالتعاون مع منظمة الغذاء العالمي، وهما وجبة الغذاء والعشاء».
وتابع محمد: «المؤسسة توفر أغلبية هذه المواد للنازحين مع تعاون من قبل الخيرين من أربيل والمنظمات الدولية. حاليا، نوفر الغذاء لأكثر من 450 عائلة نازحة، أي أكثر من 2500 شخص. مؤسستنا توفر الغذاء والدواء وجميع المستلزمات لأكثر من مليون ومائتي ألف نازح في جميع أنحاء الإقليم، لكن الأعداد تتزايد، وهي أكبر من طاقة الإقليم، لذا نحتاج إلى مساعدات دولية كبيرة لاحتواء هذه الأزمة».
وحول أسباب إخلاء الإقليم لمخيم خازر ونقله إلى بحركة، قال محمد: «مخيم خازر كان يستوعب ألف عائلة، لكن بسبب المعارك الأخيرة بين قوات البيشمركة ومسلحي (داعش) بالقرب من جسر خازر، جرى نقل النازحين إلى مخيم بحركة، الأعداد تتضاعف هنا، فاتفقنا مع منظمة كوردس والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين على توسيع هذا المخيم، وسيجري في المرحلة الأولى نصب 500 خيمة في المنطقة، ثم نجمع جميع العوائل النازحة الموجودة في أربيل، وننقلهم إلى هذا المخيم».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».