حماس تطلق حملة «خنق رقاب» في شوارع غزة

الحركة وإسرائيل تتحفظان على مبادرة أوروبية للتوجه إلى مجلس الأمن

عناصر من كتائب القسام يحققون مع من يسمونهم «العملاء» قبل إعدامهم (رويترز)، و صورة ضوئية تظهر وثيقة قرار إعدام {عملاء}.
عناصر من كتائب القسام يحققون مع من يسمونهم «العملاء» قبل إعدامهم (رويترز)، و صورة ضوئية تظهر وثيقة قرار إعدام {عملاء}.
TT

حماس تطلق حملة «خنق رقاب» في شوارع غزة

عناصر من كتائب القسام يحققون مع من يسمونهم «العملاء» قبل إعدامهم (رويترز)، و صورة ضوئية تظهر وثيقة قرار إعدام {عملاء}.
عناصر من كتائب القسام يحققون مع من يسمونهم «العملاء» قبل إعدامهم (رويترز)، و صورة ضوئية تظهر وثيقة قرار إعدام {عملاء}.

دشنت حركة حماس مرحلة جديدة أمس في الحرب التي دخلت يومها الـ46، وبدأت حملة ضد مشتبهين بالتخابر مع إسرائيل، والذين يطلق عليهم فلسطينيا مصطلح «العملاء». وقتلت حماس في يوم واحد 18 منهم رميا بالرصاص في شوارع قطاع غزة وأمام العامة، في خطوة أرادت من ورائها التأكيد على مواصلة الحرب الداخلية ضد «العملاء» حتى في ظل الحرب الخارجية الكبيرة عليها، وإرسال رسالة تحذيرية لمتعاونين آخرين غير معروفين، والقول لإسرائيل إن يدها الداخلية باتت تحت المقصلة.
وأطلقت حماس على الحملة الجديدة، والتي تبدو الأوسع من بين حملات سابقة اسم «خنق الرقاب».
وقتلت الحركة في وقت مبكر قبل صلاة الجمعة 11 «متخابرا» بعد أن تم إصدار الحكم عليهم في محكمة ميدانية «ثورية» و7 آخرين بنفس الطريقة بعد الصلاة.
وشوهد رجال حماس الملثمون يرتدون ملابس سوداء ويقتادون «العملاء» الذين تمت تغطية رؤوسهم حفاظا على سمعة عائلاتهم، أمام حشد من الناس إلى موقع تنفيذ الإعدام، ويضعونهم في صف ويطلقون عليهم الرصاص مباشرة.
وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، إن «العملاء الذين تمت تصفيتهم محتجزون من أيام وبعضهم منذ أسبوع وتم التحقيق معهم واعترفوا بالتورط في عمليات أدت إلى استشهاد مقاومين».
وأضاف: «ظروف الحرب حتمت محاكمتهم وتنفيذ الحكم ضدهم بهذه الطريقة».
ونشر موقع «المجد» الأمني التابع لحماس عن مصدر كبير في الحركة.. «لقد جرى إعدام المتخابرين، ثوريا، بعد استيفاء الإجراءات القضائية، وثبوت الحكم عليهم». وأضاف: «في ظل الوضع الميداني والتطورات الخطيرة التي تجري على الأرض، صدرت قرارات صارمة بالبدء بمرحلة (خنق رقاب) العملاء، والتعامل الثوري مع المشبوهين في الميدان، مع ضرورة عدم التهاون مع أي محاولة لخرق الإجراءات الأمنية التي فرضتها المقاومة».
وطالب المصدر «من وقع في وحل العمالة بتسليم نفسه قبل فوات الأوان». وأكد أن «المقاومة لن ترحم أي ‏متخابر يضبط في الميدان، وستحاكمه ثوريا، وستنزل به أشد العقوبات التي يستحقها».
ولاقت طريقة الإعدامات التي نفذتها حماس انتقادات من حقوقيين طالبوا بضرورة أن يخضع أي متهم لإجراءات قانونية كاملة وعادلة.
وعارض البعض فكرة الإعدام وطالب بإلغائها، وندد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بعمليات الإعدام. وقال في بيان: «المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يطالب السلطة الوطنية والمقاومة بالتدخل لوقف هذه الإعدامات الخارجة عن القانون أيا كانت أسبابها أو دوافعها». وردت مصادر في المقاومة لـ«الشرق الأوسط» بقولها، إنه لا يتم قتل «العملاء» قبل التحقيق معهم وسحب معلومات دقيقة منهم تجري مطابقتها عادة مع اعترافات أخرى وحقائق على الأرض.
وقال مصدر كبير في المقاومة: «‏العملاء الذين يتم ضبطهم يقدمون إلى محاكمات عسكرية ثورية، يشرف عليها خبراء في العمل الأمني والقضائي، والعمل الأمني الثوري، مُقر قانونيا في جميع دول العالم، خلال المعارك والحروب».
ونشرت «المحكمة الثورية» بيانا أوضحت فيه الإجراءات التي اتبعتها في «تنفيذ القصاص بحق العملاء».
وكان من هذه المهام حسب ما قالت المحكمة، إنها اعترافات «العملاء»، رصد لتحركات قيادات في المقاومة، ونقل معلومات حولهم وحول عناصر للمقاومة والإرشاد بالوصف الدقيق لمنازلهم وقد ارتقى عدد منهم شهداء نتيجة ذلك، وتحديد مواقع وأهداف مدنية وعسكرية من خلال أجهزة (GPS) وتسلم أجهزة ومعدات من العدو لأغراض التجسس، وتصوير إمكان عامة وإرسالها إلى العدو الصهيوني. وتصوير منازل وشقق سكنية وسيارات تتبع مواطنين وتم استهدافها، وتسلم أموال من العدو وإعادة توزيعها إلى عملاء آخرين عبر النقاط الميتة، ومتابعة أنشطة وفعاليات تنظيمية وإرسالها للعدو، وبث وترويج عدد من الشائعات.
وجاءت الحملة بعد يوم فقط من تمكن إسرائيل من اغتيال 3 من قادة الصف الأول في كتائب القسام هم رائد العطار ومحمد أبو شمالة ومحمد برهوم في قصف استهدف منزلا كانوا بداخله في منطقة رفح، وبعد يومين من محاولة اغتيال لقائد القسام العام محمد الضيف والتي قضى فيها اثنان من أبنائه وزوجته.
ويعتقد على نطاق واسع أن عملاء ساعدوا إسرائيل في تحديد مكان المستهدفين.
وتستخدم إسرائيل العملاء على الأرض منذ عقود وقد بنت «جيشا» منهم. وقدم هؤلاء للإسرائيليين خدمات كبيرة ساعدت في تعقب مطلوبين وتسهيل عمليات اغتيالهم في السابق.
وكشفت تحقيقات مستفيضة أجرتها السلطة وفصائل فلسطينية في السنوات القليلة الماضية عن أن كل عملية اغتيال في الضفة أو غزة قد شارك فيها بصورة أو بأخرى عملاء فلسطينيون، حتى إن بعضهم شارك في تنفيذ هذه الاغتيالات.
ونشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، تقريرا مفصلا عن تفاصيل ما سمته «العملية الذهبية» لاغتيال قادة القسام أظهرت مشاركة عملاء في العملية.
وقالت «يديعوت أحرونوت»، إن عشرات العملاء الذين يعملون لصالح جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) شاركوا في الإدلاء بمعلومات أمنية عن مكان وجود العطار وأبو شمالة وبرهوم قبل أن يتم استهدافهم وقتلهم.
وحفزت العملية حماس على الانقضاض على العملاء مجددا.
وكانت الحركة قتلت 26 على الأقل في الأيام الأولى للحرب.
ونشرت «الشرق الأوسط» في تقرير سابق عن اعتقال حماس مجموعة من العملاء يخضعون لتحقيقات قاسية، في حين يلاحق متخصصون مشتبهين آخرين.
وكانت حماس اكتشفت عددا من العملاء غير معروفين، تم رصدهم في هذه الحرب من خلال ترك «إشارات خاصة» على الأهداف كي تتمكن الطائرات من تحديدها.
وتعمل مجموعات أمنية خاصة بكتائب القسام والأمن الداخلي على متابعة «المشتبهين» بلباس مدني ودون أن يثير ذلك الانتباه.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن هؤلاء يتابعون كل كبيرة وصغيرة في غزة، ويفرضون إقامة جبرية على البعض من دون أن يتضح سبب ذلك كما يمنعون البعض من الخروج ليلا.
ولم تغفل حماس خلال السنوات القليلة الماضية عن متابعة «العملاء»، وكانت تستخدم سياسة فتح الباب للتوبة مع العملاء، لكن بحسب مدى تورطهم مع إسرائيل.
وفي 2010 أطلقت الحركة التي كانت تحكم قطاع غزة حملة لمحاربة العملاء ودعتهم إلى التوبة قبل الوصول إليهم، وفعلا سلم عملاء أنفسهم واعترفوا بالخدمات التي قدموها لإسرائيل، وكررت الحركة الحملة مرة ثانية في 2012، متعهدة بحرب «لا هوادة فيها ضد أيدي عناصر وعملاء الشاباك في قطاع غزة».
وكشفت حماس عن طرق إسقاط العملاء، وبعضها يتم عبر فتيات أو بالمال أو عبر التهديد والضغوط أو داخل السجون.
وتعتقل السلطة الفلسطينية، كذلك، عملاء في سجونها، لكنها لا تؤيد أحكام الإعدام ضد متعاونين مع إسرائيل ولا بشكل عام.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.