لبنان في عين المتغيرات الأميركية

رسائل حاسمة بضرورة إبعاد «حزب الله» عن المؤسسات اللبنانية

لبنان في عين المتغيرات الأميركية
TT

لبنان في عين المتغيرات الأميركية

لبنان في عين المتغيرات الأميركية

تتخطى نتائج زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى بيروت التعهد الأميركي بالاستجابة لمطالب لبنان بالمساعدة في حل ملفات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، واللاجئين السوريين، والالتزام بالاستمرار في تقديم المساعدات التي بلغت في العام الماضي 800 مليون دولار.
فقد تصدرت الأولويات الأميركية مباحثات الزيارة، لجهة التحذيرات من مغبة التماهي مع «حزب الله»، وضرورة فصل المسار السياسي والاقتصادي الرسمي اللبناني عن المسار المتعلق بالحزب.
اعتمد وزير الخارجية الأميركي لهجة عنيفة للتعبير عن مطالب الأميركيين خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره اللبناني جبران باسيل، رغم التزام الوزير الأميركي باستقرار لبنان ومواصلة تقديم المساعدات له. في المقابل، بدت الأولويات اللبنانية في مكان آخر، وجرى المرور عليها «مرور الكرام» لجهة تعهد واشنطن بالمساعدة. كانت اللهجة الأميركية حاسمة تجاه ضرورة تحييد لبنان عن المسار الإيراني، وهو ما استدعى قلقاً من «حجم الجدية الأميركية في الملف المرتبط بحزب الله». رسمت اللهجة الأميركية الحاسمة شكلاً جديداً للمواجهة مع إيران، تقوم على استراتيجية «الحرب الناعمة» التي ترتبط بتوسعة مروحة العقوبات الاقتصادية، والدفع بضغوطات اقتصادية مكثفة لتقويض النفوذ الإيراني، والاستمرار في العقوبات «التي أثبتت نجاعتها»، وهو ما توقف عنده بومبيو في إشارته إلى آثار العقوبات على البنية المالية لـ«حزب الله».

تلقى اللبنانيون رسالة أميركية واضحة تفيد بأن سياسة احتواء الحزب، عبر القول بأنه ممثل في الحكومة والبرلمان وجزء من النسيج اللبناني، تبدلت بعد وصول الإدارة الأميركية الجديدة إلى السلطة، والتي أثبتت قطيعة مع موروث إدارة الرئيس السابق باراك أوباما لجهة الانفتاح على إيران، وهي مختبر «الجدية» الأميركية، ومبعث القلق اللبناني من احتمالات انعكاس هذه المقاربة على الوضع الاقتصادي اللبناني الداخلي.
خلال زيارته إلى بيروت، شن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أعنف هجوم على «حزب الله»، معتبراً أنه «يسرق موارد الدولة اللبنانية التي هي ملك الشعب»، داعياً اللبنانيين للوقوف في وجه الحزب، مشيراً إلى أن «الاتجار بالمخدرات وتبييض الأموال يضعان حزب الله تحت مجهر المجتمع الدولي»، متعهداً بأن واشنطن ستواصل استخدام كل الوسائل للضغط على إيران و«حزب الله».
وسعى الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري ووزير الخارجية باسيل إلى تخفيف تداعيات الموقف الأميركي من «حزب الله»، حيث أشار عون إلى أن «الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي هو من الأولويات التي يحرص اللبنانيون على العمل بها»، مشيرا إلى أن «حزب الله هو حزب لبناني ممثل في مجلس النواب وفي الحكومة ومنبثق عن قاعدة شعبية تعيش على أرضها وفي قراها، تمثل إحدى الطوائف الرئيسية في البلاد».
موقف عون، انسجم مع موقف بري الذي أكد أن «حزب الله» هو «حزب لبناني وموجود في البرلمان، والحكومة ومقاومته واللبنانيين ناجمة عن الاحتلال الإسرائيلي المستمر للأراضي اللبنانية». كما يلتقي الموقفان مع موقف باسيل الذي أكد أن «حزب الله» «حزب لبناني غير إرهابي ونوابه منتخبون من قبل الشعب وبتأييد شعبي كبير، وتصنيفه إرهابياً، لا يعني لبنان. نحن نتمسك بوحدتنا الوطنية وأن هذا الأمر يحافظ على علاقاتنا الجيدة مع أميركا».
وتوقف اللبنانيون عند مفردات بومبيو التي استخدمها في المؤتمر الصحافي المشترك مع باسيل، وهو التصريح الرسمي الوحيد له خلال الجولة، معتبرين أن ما قاله ليس من مفردات القاموس الدبلوماسي، إذ تضمنت بعض الجمل تهديدا مبطناً وإحراجا للبنان الرسمي برسالة واضحة: إما أن تكونوا معنا ويكون موقفكم كما موقفنا من «حزب الله» أو أنتم مع الحزب ولا تريدوننا.
ولعل إتيانه على ذكر تجربتي فنزويلا وإيران، بحسب ما تقول مصادر سياسية مواكبة لـ«الشرق الأوسط»، «حملت دلالة بالغة بأن العقوبات جدية، ويمكن أن ترخي بتداعياتها على لبنان في حال لم يمتثل لجهود تقويض إيران وتحييد حزب الله عن المؤسسات اللبنانية».

- الاعتراف بالجولان وانعكاسه على لبنان
تزامنت زيارة بومبيو مع الاعتراف الأميركي بضم الجولان إلى إسرائيل، وهو ما رسم أسئلة حول ما إذا كانت هناك انعكاسات لهذا التطور على الوضع اللبناني، ورسائل بومبيو للبنانيين بضرورة تحييد أنفسهم عن أي مواجهة أميركية – إيرانية، أو سورية إسرائيلية محتملة على خلفية الاعتراف بمسألة الجولان.
لكن سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة، يستبعد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» المواجهة العسكرية، وارتباط التصعيد الأميركي بوجه إيران بهذا التطور حول هضبة الجولان. يقول طبارة: «لا أعتقد أن هناك علاقة بين التطورين، بالنظر إلى أن تغريدة ترمب حول الجولان فاجأت أشخاصاً كثرا في الإدارة الأميركية، ولا أعتقد أنها ستكون مرتبطة مباشرة بذرائع اهتزاز الأمن الإقليمي»، موضحاً أنه «لا مواجهات مباشرة الآن، فليست من مصلحة أميركا ولا إيران، ذلك أن واشنطن تحاول أن تخفف من عملها العسكري بالمنطقة وليس زيادته، وهي تمضي بالعقوبات الاقتصادية التي أثبتت نجاحها حتى الآن، أما الإيرانيون فلا يستطيعون دفع ثمن حرب ستكون قاسية، وهو باعتقادي ليسوا انتحاريين، لذلك ستبقى الأمور تحت سقف العقوبات، وستصبح عقوبات مكثفة»، لافتاً إلى أنها «مواجهة سياسية واقتصادية مكثفة».
هذه الوقائع قد يكون لها تأثيرات مباشرة على الواقع اللبناني، وهو ما دفع بومبيو لرفع لهجة التحذيرات. وفي المقابل، كان للبنان مطالب «جرى المرور عليها مرور الكرام»، كما يقول طبارة، شارحاً: «كان واضحاً أن هناك تعهداً بمساعدة لبنان في الملفات التي يطلبها من الأميركيين، لكن في الواقع، ركز الأميركيون على مطالبهم لجهة تحييد حزب الله عن المؤسسات اللبنانية، منعاً أن تطال العقوبات المؤسسات اللبنانية، وفي المقابل قدم وعوداً للبنان، لكن ملف اللاجئين لم يحن وقت حله بعد، أما ترسيم الحدود البحرية، فوعد الأميركيون بالمساعدة، وهو لا يمثل نقلة نوعية في الموقف الأميركي، بقدر ما يُقرأ على أنه تأجيل البحث به». ويرى طبارة، أمام هذه الوقائع، أن الأميركيين «ركزوا على مطالبهم من لبنان بما يتخطى أن تكون الملفات اللبنانية لها الأولوية في المحادثات».

- مقاربة أميركية جديدة
تنطلق التحذيرات الأميركية من واقع جديد، مفاده أن واشنطن بدلت مقاربتها تجاه التعامل مع الملف الإيراني، ومن ضمنه ملف «حزب الله»، عما كان عليه قبل العام 2015. وهو ما يستدعي تغييراً في المقاربة اللبنانية تجاه الملف. ويؤكد مدير «مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية» الدكتور سامي نادر أن الرسالة الأميركية واضحة بأنه لا تراجع بمسألة العقوبات، وهناك ضرورة لفصل الحزب عن باقي القوى السياسية في لبنان إذ «لم يعد ينفع نفس الأسلوب المعتمد في احتوائه على قاعدة أن الحزب جزء من النسيج اللبناني وموجود في الحكومة والبرلمان وأنه لا يمكن اعتباره إرهابياً، وهو ما كان مقبولاً بالنسبة للإدارة الأميركية قبل العام 2015».
ويقول: «هذا التبرير لم يعد مقبولاً مع وصول ترمب للرئاسة، وبعد حرب اليمن، حيث توجد اليوم سياسة مواجهة عربية وأميركية مع إيران، حتى أن واشنطن تعاتب الأوروبيين الذين يميزون بين الجناح السياسي والعسكري، ما يعني أن هامش التسامح الذي كان قائماً مع التمييز بين جناحي الحزب لم يعد ينفع»، ويضيف: «إثر التغييرات الأميركية في المقاربة الجديدة، لم تعد الخصوصية اللبنانية والتمييز بين جناحي الحزب التي كانت قاعدة للتسوية تسمح بذلك، بل صارت عبئاً على حزب الله وعلى لبنان، لأنها تكبر مخاطره من أن يسيطر على لبنان، وتشكل خطراً على البلد». لذلك، يرى نادر أن رسالة بومبيو «تنطوي على تحذير، بمعنى أن واشنطن لا تريد أذية لبنان، لكن على اللبنانيين في المقابل الفصل، ومسؤوليتهم التمييز بين ما هو سياسي وعسكري، ومن غير المسموح للحزب باستخدام الموارد اللبنانية»، مشدداً على أن «المقاربة الجديدة جاءت لأن المعطى الخارجي تغير».
ورغم أن تحييد لبنان عن أي مواجهة محتملة والنأي بالنفس هو الاستراتيجية اللبنانية القائمة، إلا أن الرسالة الأميركية تعني أن «المواجهة مستمرة مع أفرقاء تدعمه»، إذ «لم تعد استراتيجية جمع الحزب ومحاوله تذويبه بالتركيبة اللبنانية واحتمائه بالاقتصاد اللبناني ممكنة»، وهو ما شدد عليه بومبيو في مقابله مع «فوكس نيوز» حيث شدد على مصطلح «الفصل» في المقابلة.

- تحييد لبنان عن المسار الإيراني
اتضح أن بومبيو، جاء ليؤكد من بيروت على ما صرح به الموفدون الأميركيون قبله، مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد، ووكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية السفير ديفيد هيل ومسؤولون آخرون، وأثبت خلال وجوده في بيروت ما كانوا صرحوا به في لبنان، بأن تحذيرات الولايات ليست عبثية، كما يقول سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة الذي يرى أن ما تريده الولايات المتحدة، هو تحييد لبنان لنفسه قدر الإمكان عن المسار الإيراني. ويقول طبارة لـ«الشرق الأوسط»: «يدرك الأميركيون أن هناك حالة خاصة للبنان، وهم يسمحون بهامش للتحرك عادة ما لا يطبق على دول أخرى، لكن رسائل واشنطن واضحة أن هناك حدوداً لهذه العملية».
تزامن التحذير الأميركي المكثف، مع تسلم «حزب الله» لوزارة الصحة، رغم أن الوزير جميل جبق معتبر مقرباً من الحزب وليس عضواً فيه، إلا أنها وزارة حساسة لجهة موازنتها الضخمة، والخدمات التي تقدمها، وشبكة العلاقات التي تؤسسها. وعليه، يقول السفير طبارة بأن هذا الواقع «دفع الأميركيين للتحذير بأن اللبنانيين وصلوا إلى الخط الأحمر، وعليهم مراقبة وزارة الصحة وحزب الله بشكل جدي»، لافتاً إلى أن الرسالة الأميركية حاسمة بأنه «لا تسامح من جهتنا أبدا تجاه ذلك». ويقول: «ما يعنينا من الزيارة أن بومبيو أبلغ اللبنانيين بوصولهم إلى الخط الأحمر، وهدد بالعقوبات بطريقته الدبلوماسية الخاصة».

- نهج واحد في العقوبات
في الواقع، لا يختلف الخبراء والمتابعون على أن ما قاله بومبيو، يمثل رسالة تنبيه للبنانيين بأن المرحلة المقبلة ستتضمن عقوبات إضافية على إيران، وعليهم الانتباه بأن المرحلة لن تكون عادية، وستتضمن تشديداً إضافياً تجاه «حزب الله». لكن مع ذلك، لا يعتقد السفير طبارة أن نوعية العقوبات ستتغير»، بمعنى أنها «ستؤثر على الحزب ومموليه من الخارج، لكنها لن تؤثر على الاقتصاد اللبناني والنظام المصرفي». وقال: «في الماضي القريب، عندما فرضوا عقوبات مالية على حزب الله ومموليه، استدعوا الأفرقاء اللبنانيين بينهم حاكم المصرف المركزي ووفد برلماني ومصرفي للتأكيد بأن العقوبات لا تؤثر على الاقتصاد اللبناني». ويضيف: «هذه المرة، تغير الأمر. تضمن تصريح بومبيو تحذيرات كي لا تؤثر العقوبات على النظام المصرفي»، لافتاً إلى أن وتيرة التصعيد والتهديد الأميركيين «تضاعفت بسبب وصول ترمب إلى السلطة».

- مواجهة إيران أولوية بعد إنهاء «داعش»
التصعيد الاميركي تجاه ايران، مرتبط بشكل مباشر بمواجهة ايران حيث اتخذت الادارة الاميركية هذا الخيار وجعلت منه أولوية، في قطيعة كاملة مع استراتيجية الادارة السابقة، وباتت الاولوية الآن بعد انتهاء المهمة التي كانت تحتل أولوية وهي انهاء تنظيم «داعش» الذي تحقق في الباغوز في الاسبوع الماضي. وكان ملف الحرب ضد داعش أبعد الاضواء عن مواجهة ايران، لتتحول كل الجهود الآن والضغوط باتجاه طهران، كما يرى الدكتور سامي نادر. ويشير نادر الى ان هناك بعداً آخر مرتبط بالتصعيد الاميركي، هو البعد الانتخابي في اسرائيل والولايات المتحدة.

- غاز المتوسط وترسيم الحدود
اتخذت الزيارة عنواناً آخر هو رسم خريطة الغاز في الشرق الاوسط، في ضوء اجتماع اليونان والاعلان عن خط تصدير للغاز يصل تل ابيب باوروبا، وهو من أول الانانيب التي تُقام من غير تنسيق مع روسيا. ويرى سامي نادر ان هذا التطور «هو اعلان مواجهة مع روسيا وتركيا، ولبنان من ضمنه».
لكن في الوقت نفسه، فتح بومبيو ثغرة ايجابية على صعيد ترسيم الحدود البحرية المتنازع عليها مع اسرائيل، اذ أعرب بومبيو عن رغبة الولايات المتحدة الاميركية في «المساعدة مع جهود الامم المتحدة لمعالجة» ملف ترسيم الحدود جنوباً، وذلك خلال لقائه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي شدد على ان «يبدأ الحل بالحدود البحرية». واحيت الزيارة ما كان متفقاً عليه سابقاً لجهة أن تجمع الامم المتحدة ممثلين عن الطرفين، على طاوتها وتحت علمها وبرئاستها وحضور الوسيط الاميركي، لتثبيت حق لبنان وترسيم الحدود البحرية».

- لا توطين... ولا معالجة فورية لملف اللاجئين
لم يغب ملف عودة النازحين السوريين عن جدول أعمال مباحثات وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في بيروت، ونقل عنه عدد من الوزراء والنواب قوله: إن عودة هؤلاء يجب أن تكون آمنة وطوعية، انسجاماً مع ما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة الواجب علينا احترامه والتقيُّد به في التعامل مع هذا الملف. وتعليقاً على تعهد بومبيو بأن «لا توطين للنازحين السوريين في لبنان»، لا تنفي مصادر لبنانية مطلعة على أجواء زيارة بومبيو أن وزير الخارجية الأميركي تعهد بأنه «لا توطين للاجئين السوريين في لبنان»، لكنها أكدت في الوقت نفسه أن هذا التعهد غير كافٍ، قائلة: «الفلسطينيون لم يتم توطينهم منذ وصولهم إلى لبنان قبل 71 عاماً، لكنهم في الواقع موجودون، ولا يستطيع أحد إرجاعهم إلى بلادهم. من هنا مصدر الخوف، ما يحتم السؤال عن ضرورة أن تكون هناك آلية لإعادة السوريين إلى بلادهم، مقرونة بتوقيت لإعادتهم».
ويقول السفير طبارة إن الواضح أنه «لا اختراق لملف اللاجئين، لا بزيارة بومبيو، ولا بالاتصالات الأخرى، ومن ضمنها زيارة الرئيس اللبناني ميشال عون إلى روسيا»، مؤكداً على أن ملف اللاجئين «لا يزال على نار خفيفة، ويجري استغلاله لأنه ملف حساس بالنسبة لأوروبا ولبنان ولكل المعنيين».
وأعلن بومبيو في بيروت تأييد عودة النازحين السوريين بشكل آمن في أسرع وقت يسمح بها، وأضاف: «أريد من الجميع أن يتأكد أن الولايات المتحدة سوف تبقى صديقاً للشعب اللبناني، وسنستمر في مساندة ودعم مؤسسات الدولة الشرعية في لبنان وجميع شعبه»، وأشار إلى أنه في عام 2018، قدمت الولايات المتحدة أكثر من 800 مليون دولار على شكل مساعدات للبنان.
وخلال لقائه مع الرئيس ميشال عون، قدم المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، عرضاً للآلية التي يعتمدها الأمن العام لتنظيم عودة النازحين السوريين منذ شهر مايو (أيار) الماضي، وقد بلغ عدد العائدين حتى أمس، 175 ألف عائد، مشيراً إلى أن «الأمن العام مستمر في تنظيم هذه العودة، سواء كانت فردية أو جماعية، ويتابع عن قرب أوضاعهم في مناطق وجودهم، ولم يتبلغ حتى الساعة أي معلومات عن تعرض العائدين لأي مضايقات». وسلم الرئيس عون، الوزير الأميركي، خريطة تظهر كثافة النزوح السوري في المناطق اللبنانية كافة.


مقالات ذات صلة

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

حصاد الأسبوع شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت

فاضل النشمي (بغداد)
حصاد الأسبوع ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

رجل واحد حمله المستشار الألماني أولاف شولتس مسؤولية انهيار حكومته، وما نتج عن ذلك من فوضى سياسية دخلت فيها ألمانيا بينما هي بأمس الحاجة للاستقرار وتهدئة

راغدة بهنام ( برلين)
حصاد الأسبوع شيل

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

مع أن «الحزب الديمقراطي الحر»، الذي يعرف في ألمانيا بـ«الحزب الليبرالي»، حزب صغير نسبياً، مقارنةً بالقطبين الكبيرين «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (المحافظ)

«الشرق الأوسط» (برلين)
حصاد الأسبوع لقاء ترمب وبوتين على هامش "قمة العشرين" عام 2017 (آ ف ب)

موسكو تترقّب إدارة ترمب... وتركيزها على سوريا والعلاقة مع إيران

لم تُخفِ موسكو ارتياحها للهزيمة القاسية التي مُنيت بها الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة. إذ في عهد الرئيس جو بايدن تدهورت العلاقات بين البلدين إلى أسوأ

رائد جبر (موسكو)
حصاد الأسبوع يأتي انتخاب «عرّو» في وقت حرج لإقليم أرض الصومال لا سيما مع تحديات استمرار رفض مقديشو توقيع الإقليم مذكرة تفاهم مع إثيوبيا

عبد الرحمن محمد عبد الله «عرّو»... دبلوماسي يقود «أرض الصومال» في «توقيت مصيري»

حياة مغلفة بـ«هم الاستقلال»، سواءً عن المستعمر القديم في السنوات الأولى، أو تشكيل «الدولة المستقلة» طوال فترتَي الشباب والشيخوخة، لم تثنِ عبد الرحمن محمد عبد

محمد الريس (القاهرة)

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
TT

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين

رجل واحد حمله المستشار الألماني أولاف شولتس مسؤولية انهيار حكومته، وما نتج عن ذلك من فوضى سياسية دخلت فيها ألمانيا بينما هي بأمس الحاجة للاستقرار وتهدئة اقتصادها المتدهور. رجل وصفه المستشار بأنه «أناني»، وشن عليه هجوماً شخصياً نادراً ما يصدر عن شولتس المعروف بتحفظه وهدوئه. ذلك الرجل كان وزير ماليته كريستيان ليندنر، زعيم «الحزب الديمقراطي الحر» الذي كان شريكاً في الحكومة الائتلافية الثلاثية منذ عام 2021، برئاسة «الحزب الديمقراطي الاجتماعي» (الاشتراكي)، ومشاركة حزب «الخضر». ولقد طرده شولتس من الحكومة بعد خلافات حول ميزانية سنة 2025، ما تسبب بخروج الوزراء المتبقين من «الحزب الديمقراطي الحر»، ليبقى المستشار يقود حكومة أقلية حتى إجراء الانتخابات المبكرة في 23 فبراير المقبل. ثم إن شولتس تعرض لانتقادات كثيرة لهجومه الشخصي على ليندنر، خاصة من المستشارة السابقة أنجيلا ميركل التي وصفته بأنه كان «خارجاً عن السيطرة». لكن مع ذلك، فإن الصورة التي رسمها المستشار عن وزيره قد تحمل شيئاً من الواقع؛ إذ خرجت انتقادات من أوساط الديمقراطيين الأحرار لليندنر و«تصرفه بشكل أحادي» في دفع المستشار لإقالته. وقبل ذلك طالته انتقادات بعدما أصبح «الوجه الأوحد» لـ«الحزب الديمقراطي الحر» إبان الانتخابات الماضية عام 2021 وقبلها عام 2017. ولعل الحزب تسامح مع تصرفات ليندنر «الأنانية» تلك لنجاحه بإعادة الحزب إلى الخارطة السياسية بعد انهياره تقريباً عام 2013 وفشله بدخول البرلمان للمرة الأولى في تاريخه. إلا أن مستقبل الرجل الذي أعاد حزبه إلى الحياة... هو نفسه في خطر. فهل يستمر ليندنر بالبناء على تاريخه حتى اليوم للنهوض مجدداً؟

قد يكون كريستيان ليندنر أصغر زعيم انتُخب ليرأس حزبه «الديمقراطي الحر»، عن عمر 34 سنة فقط عام 2013، بيد أنه لم يكن ناجحاً على الدوام. وبعكس حياته السياسية وصعوده السريع إلى القمة، فشل ليندنر في مشاريع أعمال أطلقها عندما كانت السياسة ما زالت هواية بالنسبة إليه. واعترف لاحقاً بإخفاقاته تلك، مستعيناً بعبارة «المشاكل هي مجرد فرص شائكة» لكي يدفع نفسه إلى الأمام.

وبين عامَي 1997 و2001 أسس شركات خاصة مع أصدقاء له، انتهت بالفشل آخرها شركة «موماكس» التي انهارت وأفلست بعد أقل من سنة على إطلاقها.

هذه «الإخفاقات» التي طبعت مغامراته التجارية وهو في مطلع العشرينات قد تكون دفعته للتوجه إلى السياسة بجدية أكبر. وبالفعل، نجح عام 2001 بدخول البرلمان المحلي في ولايته شمال الراين-وستفاليا وهو ابن 21 سنة ليغدو أصغر نائب يدخل برلمان الولاية. ولصغر سنه وقسمات وجهه الخجولة كسب ليندنر آنذاك لقب «بامبي» بين أعضاء الحزب نسبة للغزال الصغير عند «ديزني».

«بامبي» في «البوندستاغ»

في عام 2009، فاز ليندنر بمقعد في البرلمان الفيدرالي (البوندستاغ) ليعود عام 2012 إلى ولايته أميناً عاماً للحزب في الولاية ونائباً محلياً مرة أخرى.

وبعدها ساعدت إخفاقات الديمقراطيين الأحرار في الانتخابات العامة عام 2013 بتسليط الضوء على ليندنر، الشاب الكاريزماتي الطموح الذي وجد فرصة سانحة أمامه للصعود داخل الحزب. ويومذاك فشل الحزب بتخطي عتبة الـ5 في المائة من أصوات الناخبين التي يحددها القانون شرطاً لدخول «البوندتساغ». وعقد أعضاؤه اجتماعاً خاصاً لمناقشة النتائج الكارثية التي لم يسبق للحزب أن سجلها في تاريخه، وانتخب ليندنر، وهو في سن الـ34، زعيماً للحزب مكلفاً بتأهيله وإعادته للحياة... وبذلك بات أصغر زعيم ينتخب لـ«الحزب الديمقراطي الحر».

شاب أنيق وجذّاب

شكّل سن ليندنر وأناقته وشخصيته عاملاً جاذباً للناخبين الشباب خاصة. وقاد حملة مبنية على أساس جذب الشباب ونفض صورة الحزب القديم التقليدي عنه، كما ساعده حضوره على وسائل التواصل الاجتماعي في التواصل مع مستخدميها من الشباب وتقريبهم إلى الحزب.

وغالباً ما نُشرت له صور من حياته الشخصية على «إنستغرام»، منها صورة لإجازة مع فرانكا ليهفيلدت، زوجته الصحافية التي كانت تعمل في قناة «دي فيلت»، ولقد عقدا قرانهما وهو في الحكومة عام 2022 في حفل ضخم وباذخ بجزيرة سيلت حضره عدد كبير من السياسيين. وينتظر الزوجان مولودهما الأول في الربيع المقبل.

للعلم، كان ليندر متزوجاً قبل ذلك من صحافية أخرى كانت نائبة رئيس تحرير «دي فيلت» أيضاً، هي داغمار روزنفلت، التي تكبره سناً ولم ينجبا أطفالاً معاً. لكنهما ظلا متزوجين من 2011 وحتى 2018 عندما أعلن طلاقهما وكشف عن علاقته مع ليهفيلدت.

أيضاً، لا يخفي ليندنر حبه للسيارات السريعة، وكان قال غير مرة قبل دخوله الحكومة مع حزب «الخضر» بأنه يهوى السيارات القديمة ويملك سيارة بورشه قديمة ومعها يملك رخصة للسباقات. وبجانب هذه الهواية يحب اليخوت ويملك رخصة للإبحار الرياضي وأخرى للصيد.

صورة شبابية عصرية

هذه الصورة التي رسمها ليندنر لنفسه، صورة الرجل الأنيق الذي يهتم بمظهره (لدرجة أنه خضع لزرع شعر) ويمارس هوايات عصرية، ساعدته على اجتذاب ناخبين من الشباب خاصة، وجعلته ينجح بإعادة حزبه إلى البرلمان عام 2017 بحصوله على نسبة أصوات قاربت 11 في المائة.

في حينه دخل في مفاوضات لتشكيل حكومة ائتلافية مع المستشارة أنجيلا ميركل التي فاز حزبها بالانتخابات، وكانت تبحث عن شركاء للحكم إثر حصولها على 33 في المائة من الأصوات. وفعلاً، بدأت ميركل مفاوضات مع الديمقراطيين الأحرار و«الخضر»، لكن ليندنر انسحب فجأة من المفاوضات بعد 4 أسابيع، ليعلن: «أفضل عدم الحكم من الحكم بشكل خاطئ».

ليندنر كان يختلف آنذاك مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين قبل سنتين. ويومها واجه الانتقاد لتفويته على حزبه فرصة الحكم، وهي فرصة خشي بعض الحزبيين ألا تُتاح مُجدداً.

ائتلاف مع اليسار

غير أن الفرصة أتيحت مرة أخرى في الانتخابات التالية عام 2021 عندما حقق «الحزب الديمقراطي الحر» نتائج أفضل من الانتخابات السابقة، حاصلاً على نسبة 11.5 في المائة من الأصوات. ومع أن «الحزب الديمقراطي الحر» حزب وسطي ليبرالي يؤيد الحريات الاقتصادية، ويعدّ شريكاً طبيعياً لحزب «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (يمين معتدل)، قرر ليندنر عام 2021 الدخول في ائتلاف حاكم مع الاشتراكيين و«الخضر»؛ ذلك أن الأخير يعتبر نقيضاً فكرياً للديمقراطيين الأحرار الذين يرون سياساته البيئية مكلفة وكابحة للتقدم الاقتصادي.

وهكذا تسلم ليندنر إحدى أهم الوزرات؛ إذ عُيّن وزيراً للمالية وثاني نائب للمستشار. وحقق بذلك حلمه الذي غالباً ما كرره خلال الحملات الانتخابية بأنه يريد أن يصبح وزيراً للمالية، وحتى إنه عرّف نفسه في إحدى الحملات ممازحاً: «تعرّفوا على وزير ماليتكم المقبل!».

خلفيته العلمية والفكرية

اهتمام ليندنر بالسياسة الاقتصادية ينبع من اهتماماته منذ تخرّجه من الجامعة؛ حيث درس العلوم السياسية ثم القانون والفلسفة في جامعة بون المرموقة (واسمها الرسمي جامعة راينيشه فريدريش - فيلهامز).

ثم إنه لم ينضم فور مغادرته المدرسة للخدمة العسكرية التي كانت إجبارية آنذاك، وأجّلها للدراسة وإكمال مغامراته التجارية، لكنه عاد لاحقاً وانضم إلى جنود الاحتياط ووصل لرتبة رائد. ورغم فشل مغامراته التجارية، بقيت اهتماماته السياسية منصبّة على الجانب المالي، ومن هنا جاء طموحه بأن يصبح وزيراً للمالية في الحكومة الفيدرالية.

وفكرياً، يؤمن ليندنر وحزبه بتقليص الإنفاق العام وخفض الضرائب وفتح الأسواق أمام الشركات الخاصة. ودائماً عارض خططاً عدّها متطرفة يدعمها «الخضر» لاستثمارات أكبر في الطاقة النظيفة بحجة تكلفتها العالية وتأثيرها على الشركات والأعمال. وكانت المفارقة أنه تسلّم حكومة كانت مسؤولة عن تطبيق سياسات تروّج للطاقة البديلة وتزيد من النفقات الاجتماعية وترفع من الضرائب.

هذا الأمر كان صعباً عليه تقبّله. ورغم وجود اتفاق حكومي حدّدت الأحزاب الثلاثة على أساسه العمل خلال السنوات الأربع من عمرها، عانى عمل الحكومات من الخلافات منذ اليوم الأول. وطبعاً لم تساعد الحكومة الأزمات المتتالية التي اضطرت لمواجهتها وكانت لها تأثيرات مباشرة على الاقتصاد، بدءاً بجائحة كوفيد-19 إلى الحرب الأوكرانية.

ولذا كان شولتس غالباً ما يعقد خلوات مع ليندنر وزعيم «الخضر»، روبرت هابيك، ويطول النقاش لساعات بأمل التوصل لحلول وسط يمكن للحكومة أن تكمل فيها عملها. وفي النهاية، كان من أبرز نقاط الخلاف التي رفض ليندنر المساومة فيها هي ما يُعرف في ألمانيا بـ«مكابح الدَّين العام»؛ إذ يرفض الدستور الألماني الاستدانة إلا في حالات الطوارئ، ولقد استخدمت الحكومة كوفيد-19 كطارئ للتخلي عن «مكابح الدَّين العام»، وبالتالي، الاستدانة والإنفاق للمساعدة عجلة الاقتصاد.

وأراد شولتس تمديد العمل بحالة الطوارئ كي تتمكن حكومته من الاستدانة وتمويل الحرب في أوكرانيا من دون الاقتطاع من الخدمات العامة، لكن ليندنر رفض مقترحاً تخفيض الإنفاق العام في المقابل، الأمر الذي اعتبره شولتس «خطاً أحمر».

تهم وشكوك

وحقاً، اتُّهم ليندنر بعد طرده بأنه كان يخطط للانسحاب من الحكومة منذ فترة، وبأنه وضع خطة لذلك بعدما وجد أن حزبه منهار في استطلاعات الرأي وأن نسبة تأييده عادت لتنخفض إلى ما دون عتبة الـ5 في المائة.

أيضاً، كُشف بعد انهيار الحكومة عن «وثيقة داخلية» أعدّها ليندنر وتداولها مع نفر من المقرّبين منه داخل الحزب، تحضّر للانسحاب من الحكومة بانتظار الفرصة المناسبة. وقيل إنه بدأ يخشى البقاء في حكومة فقدت الكثير من شعبيتها بسبب المشاكل الاقتصادية وارتفاع التضخّم خلال السنوات الثلاث الماضية، ما أثر على القدرة الشرائية للألمان. وبناءً عليه، خطّط ليندنر للخروج منها قبل موعد الانتخابات واستخدام ذلك انتخابياً لإعادة رفع حظوظ حزبه الذي يبدو الأكثر تأثراً من الأحزاب المشاركة في الحكومة، بخسارة الأصوات. وطرحت «الوثيقة» التي كُشف عنها مشكلة أخرى بالنسبة لليندنر - داخل حزبه هذه المرة - فواجه اتهامات بالتفرّد بالقرارات وحتى دعوات لإقالته.

طامح لمواصلة القيادة

حتى الآن، يبدو كريستيان ليندنر مصراً على قيادة حزبه في انتخابات فبراير (شباط)، وما زال لم يفقد الأمل العودة حتى إلى الحكومة المقبلة وزيراً للمالية في حكومة يقودها زعيم الديمقراطيين المسيحيين، فريدريش ميرتز، الذي يتقدّم حزبه في استطلاعات الرأي ومن المرجح أن يتولى المستشارية. وللعلم، ميرتز نفسه أبدى انفتاحاً على ضم ليندنر إلى حكومته المحتملة، وشوهد الرجلان بعد أيام من إقالة ليندنر يتهامسان بتفاهم ظاهر داخل «البوندستاغ».

ولكن عودة ليندنر للحكومة ستتطلب منه بدايةً تخطي عقبتين: الأولى أن يبقى على رأس حزبه لقيادته للانتخابات. والثانية أن ينجح بإقناع الناخبين بمنح الحزب أصواتاً كافية لتخطي عتبة الـ5 في المائة الضرورية لدخول البرلمان.