المغرب: «الأغلبية» تتشبث بـ«التوظيف بالتعاقد» في أزمة إضراب المعلمين

TT

المغرب: «الأغلبية» تتشبث بـ«التوظيف بالتعاقد» في أزمة إضراب المعلمين

بينما يستمرّ إضراب المدرسين المتعاقدين في المغرب حتى نهاية الأسبوع الحالي، أعلن قادة الأغلبية الحكومية تشبثهم بالتوظيف عن طريق التعاقد، باعتباره «خياراً استراتيجياً لا رجعة فيه»، ولأنّ هذا النظام «يوفر إمكانات مهمة وغير مسبوقة لتعزيز الموارد البشرية للجهات (المناطق)، والتقليص من البطالة في صفوف الشباب».
وجاء موقف أحزاب الأغلبية خلال اجتماع عُقِد مساء أول من أمس، خُصّص لمناقشة ملف أساتذة الأكاديميات الجهوية المضربين.
وطالبت أحزاب الأغلبية في بيان أصدرته عقب الاجتماع، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، الحكومة بـ«توسيع نطاق هذا الإجراء ليشمل قطاعات حيوية أخرى، خصوصاً التي تعرف نقصاً حادّاً في الموارد البشرية». كما دعت المدرسين المنقطعين عن العمل إلى «تغليب صوت الحكمة والعقل والضمير المهني، واستحضار مصلحة التلاميذ والتلميذات، والمصلحة العليا للوطن».
ويطالب المدرسون المضربون بإلحاقهم بنظام الوظيفة العمومية، بدل نظام التعاقد الذي شرعت الحكومة في اعتماده في قطاع التعليم منذ 2016، رافضين كل التعديلات التي أدخلتها الحكومة على النظام الأساسي الخاص بأساتذة الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، تلبية لمطالبهم، الذي جعلتهم «يتمتعون في إطار التوظيف الجهوي بوضعية نظامية، مماثلة للأساتذة الخاضعين للنظام الأساسي لموظفي قطاع التربية الوطنية، تضمن استقرارهم المهني وأمنهم الوظيفي».
في السياق ذاته، دعت أحزاب الأغلبية، وهي «العدالة التنمية»، و«التجمع الوطني للأحرار»، و«الحركة الشعبية»، و«الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية»، و«الاتحاد الدستوري»، و«التقدم والاشتراكية» الحكومة إلى «مواصلة اتخاذ كل ما يلزم من تدابير من أجل تأمين استمرارية الخدمة التربوية العمومية، وتأمين حق التعلم، الذي هو حق دستوري غير قابل للتصرف، وذلك من خلال تمكين التلميذات والتلاميذ من استكمال مقرراتهم الدراسية داخل الزمن المدرسي المخصص لذلك، خصوصاً بالقرى». كما طالبت بـ«المزيد من الحرص على ضمان ممارسة الحقوق والحريات المكفولة دستورياً وقانوناً، ومواجهة كل التجاوزات التي تستهدف المس بالأمن العام»، وذلك في إشارة إلى اعتصام الأساتذة الذين خاضوا إضراباً في الشارع، ليلة السبت الماضي، وتدخُّل قوات الأمن لتفريقهم.
وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت عزمها «التصدي بكل حزم لكل الممارسات، التي لا تحترم القانون، وتستهدف المسّ بالأمن والنظام العموميين»، مع ضمان ممارسة الحقوق والحريات المكفولة دستورياً، مبرزةً أن تدخّل القوات العمومية في فض اعتصام أطر الأكاديميات السبت الماضي كان «متناسباً ومستوفياً لكل الشروط القانونية، وبعيداً عما تم الترويج له من صور مفبركة عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
وانتقدت الوزارة «تواصل منطق الرفض»، و«الرفع من وتيرة الأشكال الاحتجاجية» من قِبَل المدرسين المضربين، بشكل لا يتناسب مع حجم تجاوب الحكومة، «مما اضطرت معه هذه الأخيرة إلى اتخاذ قرار بمنع بعض السلوكيات الماسّة بمرتكزات الأمن العمومي، وغير المستندة على أي أساس قانوني، والمتمثلة في الاعتصام ليلاً بالشارع العام».
وقالت الداخلية المغربية إن السلطة المحلية وقوات الأمن حرصت على الدخول في حوار مباشر مع المعنيين بالأمر، مقترحةً أن تضع ولاية الجهة رهن إشارتهم 50 حافلة من أجل نقلهم إلى مدنهم، مع إمكانية تخصيص فضاء للإيواء، وهي العروض التي قابلها المتجمهرون بالرفض، والإصرار على المبيت ليلاً بالشارع العام.
وخلص المصدر ذاته إلى أنه، وبعد انتهاء الحوار وتلاوة الإنذارات القانونية، شرعت القوات العمومية في «فضّ الاعتصام عن طريق ضخ المياه وتفريق المعتصمين، الذين أصر بعضهم على نهج سلوكيات تحريضية واستفزاز القوات العمومية ومواجهتها، مما خلّف إصابة 21 شرطياً، وخمسة من عناصر القوات المساعدة، بعد رشقهم بالحجارة وقنينات زجاجية».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم