تأجيل محاكمة موظف بالقنصلية الأميركية في إسطنبول

المعارضة التركية تدعو الناخبين إلى إسقاط تحالف إردوغان في الانتخابات

TT

تأجيل محاكمة موظف بالقنصلية الأميركية في إسطنبول

قررت محكمة الجنايات أمس (الخميس) تمديد حبس الموظف المحلي في القنصلية الأميركية في إسطنبول متين طوبوز المتهم بالتجسس ومحاولة الإطاحة بالحكومة والارتباط بحركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن التي تتهمها السلطات بالوقوف وراء محاولة انقلاب فاشلة وقعت في 15 يوليو (تموز) 2016. على أن تستأنف جلسات محاكمته في منتصف مايو (أيار) المقبل.
واتخذت المحكمة قرارها بناء على طلب المدعي العام لمدينة إسطنبول في ختام 3 جلسات استماع في إطار المحاكمة التي انطلقت يوم الثلاثاء الماضي والتي تشكل إحدى القضايا الخلافية التي تثير توترا في العلاقات الأميركية التركية. ورفض سليمان علي باش، محامي طوبوز، خلال الجلسات الاتهامات الموجهة إلى موكله وطالب المحكمة بالإفراج عنه، لكنها رفضت الطلب وقررت بالإجماع تمديد حبس طوبوز، وتأجيل المحاكمة إلى 15 مايو (أيار) المقبل.
وألقي القبض على طوبوز في عام 2017. ووجهت إليه الاتهامات رسميا في يناير (كانون الثاني) الماضي، وتضمنت التواصل مع عناصر شرطة والمدعي العام السابق لمدينة إسطنبول زكريا أوز، (موجود حاليا خارج تركيا)، يشتبه بارتباطهم بحركة غولن.
وقالت السفارة الأميركية في أنقرة إن الاتهامات الموجهة إلى طوبوز، هي اتهامات لا أساس لها، مشيرة إلى اعتقال مواطنين أتراك آخرين من موظفي البعثات الدبلوماسية الأميركية دون مبرر، منهم الخبير في الوكالة الأميركية للطيران والفضاء «ناسا» سركان غولغ الذي يحمل الجنسيتين التركية والأميركية والمسجون بتهم تتعلق بدعم الإرهاب.
وإلى جانب محاكمة طوبوز، تفرض السلطات التركية الإقامة الجبرية على موظف آخر في القنصلية الأميركية في إسطنبول هو متا شنتورك، الذي يواجه اتهامات مماثلة لاتهامات طوبوز. وسبق أن أدان القضاء التركي، في يناير (كانون الثاني) الماضي حمزة أولوتشاي، وهو موظف سابق في القنصلية الأميركية في أضنة بجنوب تركيا، بتهمة مساعدة مقاتلين من حزب العمال الكردستاني (المحظور). وأُفرج عنه لإنهائه مدة محكوميته أثناء توقيفه رهن الحبس الاحتياطي.
على صعيد آخر، هاجمت المعارضة التركية سياسات الحكومة برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان التي أدت إلى تردي الأحوال المعيشية للمواطنين ووضع البلاد في أتون أزمة اقتصادية حادة. وقال رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، كمال كليتشدار أوغلو في كلمة في إسطنبول أمس في إطار حملة حزبه للانتخابات المحلية التي تجرى بعد غد الأحد والتي يخوضها متحالفا مع حزب «الجيد» المعارض، إن الأطفال في تركيا يذهبون للنوم بلا عشاء بسبب سياسات إردوغان. وأضاف: «في الوقت الذي أقول فيه هذا الكلام، يشعر إردوغان بالانزعاج ويصيح قائلًا إن السيد كمال يتحدث، من الطبيعي أن يتحدث السيد كمال؛ وإلا من سيذكر مشاكل العمال؟».
ودعا كليتشدار أوغلو المواطنين إلى إسقاط «تحالف الشعب»، الذي يضم حزب العدالة والتنمية الحاكم (بزعامة إردوغان) وحزب الحركة القومية، في انتخابات الأحد لإثبات أن تركيا بحاجة إلى التغيير. وقال «الواقع مختلف تماما عن واقعك يا سيد إردوغان، تركيا بها الآباء والأمهات لا يعيشون في بيوتهم في راحة بال، لأن أولادهم عاطلون، هناك 8 ملايين تركي يجلسون في بيوتهم ولا يجدون عملا، و6 ملايين يكسبون قوتهم من العمل في الشارع».
وشدد على أن «تحالف الأمة»، الذي يضم حزبه وحزب «الجيد»، لن يكون أبدا أداة للظلم الذي يمارسه «تحالف الشعب» بين العدالة والتنمية والحركة القومية.
في سياق متصل، بدأت النيابة العامة في أنقرة تحقيقا مع إنجين آلطاي، نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري نائبه بالبرلمان عن مدينة إسطنبول، بتهمة إهانة وتهديد الرئيس رجب طيب إردوغان، بسبب استخدامه كلمة «الزنزانة» في تصريحات صحافية، قال فيها إن «المواطنين الذين يعتقدون أنه تم الاستخفاف بعقولهم في الانتخابات المحلية المقبلة سيحاسبون إردوغان ورئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي داخل الزنزانة». وعلق آلطاي، وهو رئيس الكتلة البرلمانية لحزبه بالبرلمان قائلا إنه «استخدم كلمة حجرة (وهي كلمة تحمل معنيين غرفة أو زنزانة) بمعنى غرفة التصويت وليس الزنزانة، غير أن وسائل الإعلام المقربة للحكومة أساءت فهمها». وأرجع آلطاي هذه المواقف إلى «خوف» تحالف إردوغان وبهشلي من خسارة الانتخابات المحلية التي ستجرى بعد غد. وتعد جريمة إهانة رئيس الجمهورية، الواردة في قانون العقوبات التركي رقم 299. واحدة من أهم وسائل القمع السياسي في تركيا في السنوات الأخيرة، وبموجبها تم اعتقال المئات، وتنص على حبس من يهين الرئيس من سنة إلى 4 سنوات.
وبحسب وزارة العدل التركية شهدت المحاكم خلال العام 2017، 6 آلاف و33 قضية تتعلق بإهانة إردوغان، ونفذت الأحكام الصادرة فيها بحق ألفين و99 متهما. في سياق مواز، أعلنت المديرية العامة للسجون ومراكز الاحتجاز التابعة لوزارة العدل التركية أنه تم التخطيط لبناء 193 سجنا جديدا خلال 5 سنوات بعد الزيادة الكبيرة في أعداد النزلاء.
وقالت المديرية في رد على سؤال مقدم من أحد نواب حزب الشعب الجمهوري، إنه اعتبارا من 17 ديسمبر (كانون الأول) عام 2018 بلغ عدد السجون في تركيا 389 سجنا بطاقة استيعابية تبلغ 211 ألفا و838 سجينا، ومن المخطط له إنشاء 193 سجنا جديدا خلال السنوات الخمس المقبلة بهدف مواجهة الزيادة في عدد السجناء. وأشارت المديرية إلى أنه من بين هذه السجون 126 سجنا في مرحلة الإنشاء و23 سجنا في مرحلة المناقصة و35 سجنا في مرحلة المشروع و9 سجون في مرحلة التخطيط.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.