المعارضة الموريتانية تطالب بإصلاحات قبل الانتخابات الرئاسية

من أبرزها ضمان الشفافية وحضور مراقبين أوروبيين

TT

المعارضة الموريتانية تطالب بإصلاحات قبل الانتخابات الرئاسية

تظاهرت المعارضة الموريتانية أمس أمام مبنى اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، للمطالبة بضرورة حل اللجنة، وإعادة تشكيلها لتضم ممثلين عن أحزاب المعارضة، وذلك قبل ثلاثة أشهر فقط من انتخابات رئاسية مصيرية، ستشهد تناوباً على السلطة، هو الأول من نوعه في موريتانيا.
وتجمع العشرات من الشباب الناشطين في صفوف تحالف انتخابي، يضم كثيراً من الأحزاب السياسية المعارضة أمام مبنى اللجنة الانتخابية، رافعين شعارات تدعو إلى إشراك المعارضة في تشكيلة اللجنة، وواصفين تشكيلتها الحالية بأنها «غير شرعية».
واستخدمت الشرطة الموريتانية القوة لتفريق المحتجين، من دون حدوث أي اعتقالات أو إصابات، بينما اكتفت الشرطة بمصادرة اللافتات التي كانت بحوزة المحتجين، واستخدمت الهراوات لتفريقهم، ومنعهم من إعادة التجمهر أمام مقر اللجنة الواقع على ناصية شارع المختار ولد داداه، في قلب العاصمة نواكشوط.
وكان التحالف الانتخابي للمعارضة الديمقراطية في موريتانيا، قد طالب، أول من أمس، بضرورة «ضمان الحد الأدنى من الشفافية في الانتخابات»، وهو ما اعتبر أنه يتجسد في تلبية جملة من المطالب، سبق أن قدمها للحكومة، من أبرزها «حل اللجنة الانتخابية، وتدقيق اللائحة الانتخابية، وحضور مراقبين دوليين، وخصوصاً من الاتحاد الأوروبي».
وقال محمد ولد مولود، الرئيس الدوري للتحالف الانتخابي المعارض، خلال مؤتمر صحافي، إنه «يجب أن تكون هذه الانتخابات مختلفة عن سابقاتها، وأن تمتاز بالشفافية والنزاهة، وذلك من أجل تحقيق الاستقرار وفتح صفحة جديدة في موريتانيا»، معلناً أن المعارضة أجرت لقاءين مع وزير الداخلية، ووجهت له رسالتين ضمن اتصالات تحضيرية للانتخابات.
وقال ولد مولود إن المعارضة وجهت رسالة مطلع شهر فبراير (شباط) الماضي إلى وزير الداخلية، تتضمن جملة من المطالب حول شفافية الانتخابية، وبعد ثلاثة أسابيع استدعى وزير الداخلية قادة المعارضة، وطلب منهم تقديم مطالبهم بشكل مفصل، وهو ما أكد ولد مولود أنه تم مطلع مارس (آذار) الجاري، ليتم اللقاء الثاني بين وزير الداخلية وقادة المعارضة في الثالث من مارس الجاري، وكان ذلك آخر اتصال مباشر بين الطرفين.
وأوضح ولد مولود أن النقاش مع الحكومة تركز حول اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، وتدقيق ومراجعة اللائحة الانتخابية، وهي النقاط التي أبدت الحكومة استعداداً للتفاوض بخصوصها، وذلك ما اعتبرته المعارضة «إيجابياً».
لكن المعارضة الموريتانية أبدت في الوقت ذاته مخاوفها من «مماطلة» و«تضييع للوقت» تقوم به الحكومة لتفويت الفرصة أمام تحقيق مطالبها، مشيرة إلى أن ثلاثة أشهر فقط هي التي باتت تفصل الموريتانيين عن موعد الانتخابات الرئاسية، وهي فترة بالكاد تكفي لإعادة هيكلة اللجنة، وإجراء إحصاء جديد يفضي إلى إعداد لائحة انتخابية جديدة.
ولوحت المعارضة الموريتانية بالتصعيد، واللجوء إلى الشارع من أجل فرض مطالبها، فاتحة الباب أمام خيارات أخرى، قد تكون من ضمنها مقاطعة الانتخابات في حالة غياب الحد الأدنى من الشفافية.
من جهة أخرى، أكدت الحكومة استعدادها للتفاوض مع المعارضة، وجميع الأطراف السياسية بخصوص ظروف تنظيم الانتخابات، موضحة أن السنوات الأخيرة «شهدت إصلاحات وتحسينات هيكلية في آليات وأدوات تنظيم الانتخابات، من أبرزها وجود لجنة مستقلة تشرف على العملية الانتخابية، يتولى رئاستها عضو سابق في المعارضة».
كما قالت مصادر رسمية موريتانية، إن اللجنة الانتخابية لا يمكن حلها إلا بنص قانوني واضح وصريح. غير أنه في حالة حدوث توافق سياسي، يمكن العمل على «إعادة هيكلة»، تضمن مشاركة أحزاب المعارضة في اللجنة. لكن المصادر الرسمية بررت غياب المعارضة عن اللجنة بالقول إن المعارضة قاطعت جميع الحوارات السياسية والانتخابات الأخيرة، وبالتالي فإنها لم تكن شريكة في المشهد السياسي خلال السنوات الأخيرة «وعليها أن تدفع ثمن مواقفها السياسية السلبية»، وفق تعبيرها.
إلا أن المعارضة أعلنت مشاركتها في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهي انتخابات مصيرية، إذ ستضمن لأول مرة في تاريخ موريتانيا التناوب السلمي على السلطة، بعد عقود من الانقلابات العسكرية.
وقد أعلن الرئيس الحالي للبلاد محمد ولد عبد العزيز احترامه للدستور، وعدم الترشح لهذه الانتخابات. لكنه دعم في المقابل ترشح وزير دفاعه السابق والجنرال المتقاعد محمد ولد الغزواني.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.