احتدام المنافسة على «عسكرة الفضاء»

الهند أعلنت نفسها «قوة عظمى» إلى جانب أميركا وروسيا والصين

مواطنون هنود يتابعون خطاب مودي في جامو أمس (إ.ب.أ)
مواطنون هنود يتابعون خطاب مودي في جامو أمس (إ.ب.أ)
TT

احتدام المنافسة على «عسكرة الفضاء»

مواطنون هنود يتابعون خطاب مودي في جامو أمس (إ.ب.أ)
مواطنون هنود يتابعون خطاب مودي في جامو أمس (إ.ب.أ)

يتابع المجتمع الدولي بقلق احتدام التنافس على «عسكرة الفضاء»، وترجمة لاعبين دوليين بارزين السباق التكنولوجي بينهم، والتوترات الجيوسياسية، إلى «حرب نجوم» لتدمير الأقمار الصناعية. وأصبحت هذه التوترات أكثر وضوحاً عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنشاء «قوة فضاء»، لتصبح الفرع العسكري السادس في القوات المسلحة الأميركية.
وانضمّت الهند، أمس، إلى كل من الولايات المتحدة وروسيا والصين عبر تجربة ناجحة لتدمير قمر صناعي على مدار منخفض، في اختبار صاروخي يضمّها إلى «القوى العظمى» في مجال الفضاء، وفق رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.
وفي خطاب تلفزيوني قبل أسابيع فقط من الانتخابات الهندية العامة، قال مودي، أمس، إن العلماء الهنود «أسقطوا قمراً اصطناعياً سائراً في مدار أرضيّ منخفض». وأضاف في أول خطاب يتوجه به إلى البلاد عبر التلفزيون منذ أواخر عام 2016: «هذه لحظة فخر للهند. لقد سجلت الهند اسمها في قائمة قوى الفضاء العظمى. لم تحقّق سوى ثلاث دول هذا الإنجاز من قبل»، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال رئيس الوزراء إن صاروخاً أُطلِق من منشأة اختبار في أوديشا بشرق الهند أسقط القمر الاصطناعي، وهو سائر في المدار على بعد 300 كيلومتر (185 ميلاً)، في عملية استمرت ثلاث دقائق، ووصفها بـ«الصعبة».
تجدر الإشارة إلى أن الاختبار يأتي بعد شهر من حصول اشتباك بين مقاتلات هندية وباكستانية، مع تصاعد التوتر حول منطقة كشمير المتنازع عليها، في تصعيد عسكري خطير بين القوتين النوويتين.
وسارع مودي إلى تأكيد أن إسقاط القمر الاصطناعي كان «مهمة سلمية، غير مصمّمة لإشاعة أجواء الحرب»، مضيفاً أنها «ليست موجّهة ضد أي بلد». كما أضاف: «أريد أن أؤكد للمجتمع الدولي أن القدرات الجديدة ليست ضد أحد. هذا لضمان الأمن والدفاع عن الهند التي تشهد نمواً سريعاً».
بينما قالت وزارة الخارجية الهندية إن الهند «ليس لديها نية للدخول في سباق تسلُّح في الفضاء الخارجي»، وأضافت: «لقد أكدنا دائماً أن الفضاء يجب أن يُستخدم فقط للأغراض السلمية. في الوقت نفسه، تلتزم الحكومة ضمان مصالح الأمن القومي للبلاد وهي متيقظة للتهديدات التي تطرحها التقنيات الناشئة».
إلا أن مراقبين اعتبروا إن الاختبار لن يمر مرور الكرام بالنسبة للصين وباكستان، وهما أكبر منافسي الهند في المنطقة المسلحة، ويمكن تفسيره على أنه عرض لقدرات نيودلهي العسكرية المتقدمة. واعتبر أنكيت باندا من «اتحاد العلماء الأميركيين» في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية أن «الأمر لا يتعلق بإسقاط أقمار اصطناعية بقدر ما يتعلق بإثبات كفاءة عالية على (الإصابة والقتل) في الفضاء، وهي الكفاءات الأساسية المطلوبة لتحسين القدرات في مجموعة من المجالات، بما في ذلك التصدي للصواريخ الباليستية ذات القدرة النووية». وأضاف باندا: «هكذا ستُقرأ هذه الرسالة في إسلام آباد». ولم يتأخر رد فعل باكستان، إذ أعلنت وزارة الخارجية الباكستانية في بيان أنه «على كل أمة أن تتجنب الخطوات التي قد تفضي إلى عسكرة الفضاء».
يُشار إلى أن التجربة الهندية تأتي بعد أسابيع فقط من توقيع ترمب أمراً تنفيذياً يفصّل التنظيم والقدرات المطلوبة من «قوة الفضاء»، مؤكداً أن «إدارته جعلت من (مسألة) إنشاء قوة للفضاء قضية أمن قومي». وأضاف الرئيس: «خصومنا موجودون في الفضاء، سواء أعجبنا ذلك أم لا. هم يقومون بذلك، ونحن أيضاً. وسيكون ذلك قسماً كبيراً من الأنشطة الدفاعية وحتى الهجومية لبلادنا، لكن فلنبقَ لطفاء ولنتحدث عن الدفاع عن بلادنا».
وتهدف قوة الفضاء على سبيل المثال إلى حماية الأقمار الصناعية الأميركية من أي اعتداء مادي (عبر الاصطدام بجسم آخر، أو بواسطة صاروخ)، ومن أي محاولة قرصنة أو تشويش من جانب الخصوم، وكذلك إلى تطوير قدرات عسكرية هجومية في الفضاء، وفق تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
وستكون هذه القوة مسؤولة عن حماية المصالح الأميركية و«ردع أي عدوان» ضد الولايات المتحدة أو حلفائها، بحسب النصّ الرئاسي الذي وقعه ترمب في 20 فبراير (شباط) الماضي.
وأعلن ترمب في يونيو (حزيران) 2018 نيّته إنشاء قوة «منفصلة لكن متساوية» للقوات الخمس الأخرى (القوات البريّة والقوات الجوية والقوات البحرية ومشاة البحرية وخفر السواحل). وينبغي على الكونغرس المصادقة على إنشاء هذه القوة. ووفقاً لوثائق وزارة الدفاع، ستتخذ «قوة الفضاء» شكل قيادة عسكرية ضمن سلاح الجوّ. وبعد موافقة الكونغرس، ستصبح قوة منفصلة قائمة بذاتها مع رئيس أركان خاص بها ووكيل وزارة للفضاء، لكن دائماً في صلب القوات الجوية، مثل مشاة البحرية (المارينز) الذين يعملون تحت جناح القوات البحرية. كما سيجتمع جل الموظفين العسكريين والمدنيين الذي يعملون في المجال الفضائي في «البنتاغون» (أقمار صناعية، صواريخ، أسلحة، تكنولوجيات...) تحت قيادة موحدة. وذكر إعلان لوزارة الدفاع، أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تخطط لإنفاق ملياري دولار لإنشاء قوة الفضاء، وسيتم خلالها نقل ما يقرب من 15000 من الأفراد المتصلين بالفضاء من الأدوار الحالية في المؤسسات والوظائف الأخرى إلى هذه الوكالة الجديدة.
ويرى اللفتنانت جنرال جيمس ديكنسون الذي يشرف على قيادة الفضاء والدفاع الصاروخي أنه «في هذه البيئة الاستراتيجية المليئة بالمنافسة الشديدة... يعمل (أعداؤنا) كل يوم لتطوير قدرات الدفاع الجوي والجوي والميدان بقدر أكبر من المرونة والمدى والسرعة والدقة».
وأوضح ديكنسون أن وزارة الدفاع تعمل لخلق وجود أكثر قوة وثباتاً في الفضاء، مبيناً أن الجيش الأميركي أكبر مستخدم عسكري للفضاء، إذ إن لديه 2500 قطعة على الأقل من المعدات التي تعتمد على الفضاء، وما لا يقل عن 250 من الأجهزة التي تدعم الاتصالات عبر الأقمار الصناعية، إذ يعتمد الجيش على المجال الفضائي لأنظمة الإنذار الصاروخي، وقدرات اتصالات القيادة والسيطرة، والملاحة الدقيقة والتوقيت.
ومن الجانب الروسي، تحوّلت مسألة التحذيرات من نشر أسلحة في الفضاء الخارجي إلى واحد من الموضوعات المطروحة بشكل مستمر على جدول أعمال المناقشات التي تجريها الأوساط العسكرية والأمنية.
وأعلن مجلس الأمن القومي الروسي قبل يومين أن «التهديد بعسكرة الفضاء بات يشكل أحد أبرز التحديات والتهديدات أمام روسيا»، في حين لوّحت أوساط عسكرية روسية بأن موسكو ستقوم بخطوات قوية للرد في حال بدأت واشنطن تنفيذ خطط لنشر أسلحة نووية في الفضاء الخارجي.
وقال سكرتير مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف إن «تدمير الغرب لاتفاقاته بشأن الاستخدام السلمي للفضاء الخارجي، ونشر أنظمة الدفاع الصاروخي الأميركية فيه يمثل أحد التهديدات العسكرية الرئيسية لروسيا». وزاد أن «هناك بلا شك تهديدات لروسيا من الفضاء، والتدمير المتواصل للاتفاقات الدولية الموقّعة، والمعاهدات المتعلقة بهذا الشأن يزيد من خطورة الموقف»، مذكّراً بأن «روسيا والصين اقترحتا في عام 2008 في مؤتمر نزع السلاح مناقشة مشروع معاهدة بشأن منع وضع أسلحة في الفضاء الخارجي، أو استخدام القوة أو التهديد باستخدام القوة ضد الأجسام الفضائية».
وكانت الخارجية الروسية حذّرت من أن «خطط واشنطن لاستخدام الفضاء للعمليات القتالية في المستقبل القريب باتت واقعية جداً». وجاء في تعليق أصدرته الوزارة حول «استعراض السياسة الأميركية في مجال الدفاع الصاروخي»: «إننا نعتبر ذلك تأكيداً آخر إلى جانب قرار إنشاء قوات فضائية عسكرية، وتمويل تطوير أنظمة دفاع صاروخي في الفضاء، وهذا يعبر عن واقعية خطط واشنطن لاستخدام الفضاء الخارجي في المستقبل القريب لأغراض العمليات القتالية بهدف ضمان الهيمنة الأميركية على الفضاء».
وفي هذا الإطار، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، الشهر الماضي، أنه سيتمّ نشر أكثر من 10 أنظمة ليزر بصرية وراديو جديدة للكشف والتعرف على الأجسام الفضائية في روسيا بحلول عام 2020. وأفادت الوزارة بأنه «كجزء من برنامج تحسين وتطوير أنظمة الرصد الفضائية الروسية، تواصل القوات الفضائية العمل على إنشاء أنظمة رصد أرضية من الجيل الجديد (حديثة) متخصصة لمراقبة الأجواء»، مشيرة إلى أن نشر التقنيات الحديثة يهدف لتنفيذ مهام مختلفة للكشف والتعرف على الأجسام الفضائية.
وأشارت وزارة الدفاع إلى أنها نشرت أول مجمع ليزر بصري يقوم بتنفيذ مهامه بنجاح لمراقبة الأجواء في إقليم ألطاي الروسي.
إلى ذلك، أكد رئيس لجنة الدفاع والأمن بمجلس الاتحاد الروسي، فيكتور بونداريف، أن بلاده «ستردّ بقوة حال نشرت أميركا سلاحاً نووياً في الفضاء». وقال بونداريف، وهو القائد السابق للقوات الجوية الفضائية الروسية، إن بلاده «لن تكون قلقة في حال التزمت الولايات المتحدة بالإطار القانوني خلال تشكيل قواتها العسكرية الفضائية، لكن شكوكاً كبيرة تساورنا بهذا الشأن». وأوضح بونداريف: «إن احتمال إقدام الأميركيين على انتهاكات صارخة في هذا الشأن ستعرض الأمن والاستقرار الدوليين للخطر مرجح جداً، نظراً لتصرفاتهم في المجالات الأخرى».
ولفت إلى أن «روسيا تستخدم الفضاء ليس من أجل نشر أسلحة ضاربة فيه، وإنما بهدف تنفيذ العمليات الاستطلاعية ولأغراض مماثلة أخرى، فيما يعمل الأميركيون بنشاط على تطوير الأسلحة الخاصة بتنفيذ الهجمات من الفضاء، وينفقون أموالاً ضخمة على البرامج والمشاريع المناسبة في هذا المجال».
وكرر التحذير بأنه «إذ انسحبت الولايات المتحدة من معاهدة عام 1967 التي تفرض حظراً على نشر الأسلحة النووية في الفضاء، فإن روسيا والدول الأخرى ستقوم برد قوي من أجل صون الأمن العالمي».
وقد أجرت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق أول الاختبارات الصاروخية الناجحة لاستهداف أقمار اصطناعية في عام 1985، والصين في عام 2007، لتليها الهند أمس بتجربة ناجحة. وتعلن هذه الدول جميعها اليوم أنها تعمل على تطوير «أسلحة ليزر حرب النجوم» لتدمير الأقمار الاصطناعية.
ومع تزايد أهمية أقمار الاتصالات لدورها في جمع المعلومات الاستخبارية وسعي الدول الكبرى إلى الحصول على موطئ قدم في الفضاء، رفضت الولايات المتحدة في عام 2014 اقتراحاً روسياً - صينياً للتوقيع على معاهدة لحظر الأسلحة في الفضاء، قائلة إنه يتضمن «عيوباً أساسية» في غياب آليات التحقق من الأسلحة.
من جانب آخر، اجتمع خبراء حكوميون من 25 دولة قبل أسبوعين في مكتب الأمم المتحدة بجنيف، لعقد مباحثات حول كيفية منع تحول الفضاء الخارجي إلى ساحة معركة. وقال رئيس المباحثات، غيلهيرم باتريوتا، للصحافيين قبل بدء جلسة المباحثات إن «الفضاء أصبح أكثر أهمية بصورة متزايدة للهيمنة العسكرية بشكل عام»، كما نقلت عنه وكالة الأنباء الألمانية.
وأضاف الدبلوماسي البرازيلي أن معظم العمليات العسكرية التي تجري على الأرض تعتمد على الأقمار الاصطناعية الخاصة بالاتصالات، وأن الدول قلقة بشكل متزايد من إمكانية تدمير مثل هذه الأقمار في الفضاء.
وتم إطلاق مبادرة مباحثات الأمم المتحدة قبل أن يعلن ترمب عن خططه لتأسيس قوة فضائية كفرع عسكري جديد لضمان «الهيمنة الأميركية في الفضاء». وهدف اجتماع جنيف، الذي ضم أيضاً إيران وباكستان والهند، لتخفيف حدة المنافسة عبر وضع عدة بنود يمكن تضمينها في معاهدة للأمم المتحدة في المستقبل.
وقال مسؤول أميركي في مباحثات جنيف، طلب عدم الكشف عن اسمه، إن «سلامة وأمن بيئة الفضاء الخارجي مهددة»، لكنه رأى في الوقت ذاته أن التدابير «على أساس تطوعي وغير ملزمة قانوناً» ستكون أكثر فعالية من اتفاقية ملزمة. وتفضل دول الاتحاد الأوروبي بما فيها ألمانيا منهجاً ليناً لمنع حدوث سباق تسلح في الفضاء، مثل إجراءات الشفافية وبناء الثقة.
وقال بيتر بيرويرث، مبعوث برلين لنزع السلاح إلى جنيف لوكالة الأنباء الألمانية، إن المناقشات دارت حول «القواعد الممكنة التي يمكن أن تعزز الثقة وتقلل من القلق وتمنع نشوب النزاعات».


مقالات ذات صلة

صورة استثنائية لنجم يُحتضَر على بُعد 160 ألف سنة ضوئية من الأرض

يوميات الشرق يمرّ بالمرحلة الأخيرة من حياته قبل موته (إكس)

صورة استثنائية لنجم يُحتضَر على بُعد 160 ألف سنة ضوئية من الأرض

أظهرت أول صورة مقرَّبة لنجم يُعرَف باسم «WOH G64» إحاطته بالغاز والغبار، مُبيِّنة، أيضاً، اللحظات الأخيرة من حياته، حيث سيموت قريباً في انفجار ضخم...

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مركبة الفضاء «ستارشيب» تظهر وهي تستعد للإطلاق من تكساس (رويترز)

«سبيس إكس» تستعد لإجراء اختبار سادس لصاروخ «ستارشيب» وسط توقعات بحضور ترمب

تجري «سبيس إكس» اختباراً سادساً لصاروخ «ستارشيب» العملاق، الثلاثاء، في الولايات المتحدة، في محاولة جديدة لاستعادة الطبقة الأولى منه عن طريق أذرع ميكانيكية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد جانب من الجلسة الافتتاحية لـ«منتدى دبي للمستقبل»... (الشرق الأوسط)

«منتدى دبي»: 7 تطورات رئيسية سيشهدها العالم في المستقبل

حدد نقاش المشاركين في «منتدى دبي للمستقبل - 2024» 7 تطورات رئيسية تمثل لحظة محورية للبشرية، منها العودة إلى القمر والطاقة الشمسية.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الاقتصاد جناح «مجموعة نيو للفضاء» في معرض «جيتكس» (إكس) play-circle 01:45

رئيس «الخدمات الجيومكانية» في «نيو للفضاء»: سنطلق تطبيقاً للخرائط الرقمية

تمضي السعودية نحو مساعيها في التنويع الاقتصادي عبر تطوير قطاعات جديدة ومستقبلية، يبرز من ضمنها قطاع الفضاء بوصفه أحد القطاعات التي يتسارع فيها التقدم.

مساعد الزياني (الرياض)
يوميات الشرق رواد الفضاء ماثيو دومينيك ومايكل بارات وجانيت إيبس يعقدون مؤتمراً صحافياً في مركز جونسون الفضائي في هيوستن (أ.ب)

بعد 8 أشهر في الفضاء... رواد «ناسا» يرفضون الإفصاح عن شخصية من أصيب منهم بالمرض

رفض 3 رواد فضاء تابعين لـ«ناسا» انتهت مهمة طويلة قاموا بها في محطة الفضاء الدولية بالمستشفى، الشهر الماضي، كَشْفَ مَن منهم كان مريضاً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«اعتقال نتنياهو وغالانت»: التزام أوروبي ورفض أميركي... ومجموعة السبع تدرس الأمر

بنيامين نتنياهو (يسار) ويوآف غالانت (أ.ب)
بنيامين نتنياهو (يسار) ويوآف غالانت (أ.ب)
TT

«اعتقال نتنياهو وغالانت»: التزام أوروبي ورفض أميركي... ومجموعة السبع تدرس الأمر

بنيامين نتنياهو (يسار) ويوآف غالانت (أ.ب)
بنيامين نتنياهو (يسار) ويوآف غالانت (أ.ب)

أعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، اليوم (الجمعة)، أن وزراء خارجية مجموعة السبع سيناقشون خلال اجتماعهم يومي الاثنين والثلاثاء قرب روما، مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، والتي شملت خصوصاً رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت ميلوني في بيان، إن «الرئاسة الإيطالية لمجموعة السبع تعتزم إدراج هذا الموضوع على جدول أعمال الاجتماع الوزاري المقبل الذي سيعقد في فيوجي بين 25 و26 نوفمبر (تشرين الثاني). وتستهدف مذكرات التوقيف الصادرة يوم الخميس، نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، وقائد الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، محمد الضيف.

وأضافت ميلوني: «هناك نقطة واحدة ثابتة: لا يمكن أن يكون هناك تكافؤ بين مسؤوليات دولة إسرائيل وحركة (حماس) الإرهابية».

رفض أميركي

وندَّد الرئيس الأميركي جو بايدن بشدة، أمس (الخميس)، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية أوامر الاعتقال بحق نتنياهو وغالات، وعدّ هذا الإجراء «أمراً شائناً».

وقال بايدن في بيان: «دعوني أكُن واضحاً مرة أخرى: أياً كان ما قد تعنيه ضمناً المحكمة الجنائية الدولية، فلا يوجد تكافؤ بين إسرائيل و(حماس)». وأضاف: «سنقف دوماً إلى جانب إسرائيل ضد التهديدات التي تواجه أمنها».

المجر

بدوره، أعلن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الجمعة، أنه سيدعو نظيره الإسرائيلي إلى المجر في تحدٍ لمذكرة التوقيف الصادرة في حقه.

وقال في مقابلة مع الإذاعة الرسمية: «لا خيار أمامنا سوى تحدي هذا القرار. سأدعو في وقت لاحق اليوم نتنياهو للمجيء إلى المجر، حيث يمكنني أن أضمن له أن قرار المحكمة الجنائية الدولية لن يكون له أي تأثير».

وبحسب أوربان، فإن «القرار وقح ومقنّع بأغراض قضائية لكن له في الحقيقة أغراض سياسية»، ويؤدي إلى «الحط من صدقية القانون الدولي».

الأرجنتين

وعدّت الرئاسة الأرجنتينية أن مذكرتي التوقيف الصادرتين بحق نتنياهو وغالانت، تتجاهلان «حق إسرائيل المشروع في الدفاع عن نفسها».

وذكر بيان نشره الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي بحسابه على منصة «إكس»، أن «الأرجنتين تعرب عن معارضتها الشديدة لقرار المحكمة الجنائية الدولية الأخير»، الذي يتجاهل «حق إسرائيل المشروع في الدفاع عن نفسها في مواجهة هجمات مستمرة تشنها منظمات إرهابية مثل (حماس) و(حزب الله)».

وأضاف: «إسرائيل تواجه عدواناً وحشياً، واحتجاز رهائن غير إنساني، وشن هجمات عشوائية على سكانها. إن تجريم دفاع مشروع تمارسه دولة ما مع تجاهل هذه الفظائع هو عمل يشوه روح العدالة الدولية».

الصين

ودعت الصين، الجمعة، المحكمة الجنائية الدولية، إلى «موقف موضوعي وعادل» غداة إصدارها مذكرات التوقيف. وقال لين جيان الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية في مؤتمر صحافي دوري: «تأمل الصين في أن تحافظ المحكمة الجنائية الدولية على موقف موضوعي وعادل وتمارس صلاحياتها وفقاً للقانون».

بريطانيا

ولمحت الحكومة البريطانية، الجمعة، إلى أن نتنياهو يمكن أن يتعرض للاعتقال إذا سافر إلى المملكة المتحدة.

وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء كير ستارمر للصحافيين: «هناك آلية قانونية واضحة ينبغي اتباعها. الحكومة كانت دائمة واضحة لجهة أنها ستفي بالتزاماتها القانونية». وأضاف: «ستفي المملكة المتحدة دائماً بالتزاماتها القانونية كما هو منصوص عليه في القوانين المحلية والقانون الدولي»، لكنه رفض الإدلاء برأي محدد في شأن رئيس الوزراء الإسرائيلي.

هولندا

بدورها، نقلت وكالة الأنباء الهولندية (إيه إن بي)، الخميس، عن وزير الخارجية، كاسبار فيلدكامب، قوله إن هولندا مستعدة للتحرّك بناءً على أمر الاعتقال الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية بحقّ نتنياهو، إذا لزم الأمر.

الاتحاد الأوروبي

وقال مسؤول السياسة الخارجية لدى الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، خلال مؤتمر صحافي، الخميس، إن جميع الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، ومنها دول أعضاء في الاتحاد، كلها ملزَمة بتنفيذ قرارات المحكمة. وأضاف بوريل: «هذا ليس قراراً سياسياً، بل قرار محكمة. وقرار المحكمة يجب أن يُحترم ويُنفّذ».

وكتب بوريل، في وقت لاحق على منصة «إكس»: «هذه القرارات ملزمة لجميع الدول الأعضاء في نظام روما الأساسي (للمحكمة الجنائية الدولية) الذي يضم جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي».

آيرلندا

كذلك قال رئيس الوزراء الآيرلندي، سيمون هاريس، في بيان: «القرار... خطوة بالغة الأهمية. هذه الاتهامات على أقصى درجة من الخطورة». وأضاف: «آيرلندا تحترم دور المحكمة الجنائية الدولية. ويجب على أي شخص في وضع يسمح له بمساعدتها في أداء عملها الحيوي أن يفعل ذلك الآن على وجه السرعة»، مؤكداً أنه سيتم اعتقال نتنياهو إذا جاء إلى آيرلندا.

إيطاليا

وقال أنطونيو تاياني، وزير الخارجية الإيطالي، إن روما ستدرس مع حلفاء كيفية تفسير القرار واتخاذ إجراء مشترك. وأضاف: «ندعم المحكمة الجنائية الدولية... لا بد أن تؤدي المحكمة دوراً قانونياً، وليس دوراً سياسياً». بينما أكد وزير الدفاع الإيطالي جويدو كروزيتو، أن روما سيتعين عليها اعتقال نتنياهو إذا زار البلاد.

النرويج

أما وزير الخارجية النرويجي، إسبن بارت أيدي، فقال إنه «من المهم أن تنفذ المحكمة الجنائية الدولية تفويضها بطريقة حكيمة. لديّ ثقة في أن المحكمة ستمضي قدماً في القضية على أساس أعلى معايير المحاكمة العادلة».

السويد

وقالت وزيرة الخارجية السويدية، ماريا مالمر ستينرغارد، إن استوكهولم تدعم «عمل المحكمة» وتحمي «استقلالها ونزاهتها». وأضافت أن سلطات إنفاذ القانون السويدية هي التي تبتّ في أمر اعتقال الأشخاص الذين أصدرت المحكمة بحقّهم مذكرات اعتقال على أراضٍ سويدية.

كندا

بدوره، قال رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، إن بلاده ستلتزم بكل أحكام المحاكم الدولية، وذلك رداً على سؤال عن أمري الاعتقال بحقّ نتنياهو وغالانت. وأضاف، في مؤتمر صحافي، بثّه التلفزيون: «من المهم حقاً أن يلتزم الجميع بالقانون الدولي... نحن ندافع عن القانون الدولي، وسنلتزم بكل لوائح وأحكام المحاكم الدولية».

تركيا

ووصف وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي التوقيف، بأنه «مرحلة بالغة الأهمية».

وكتب فيدان على منصة «إكس»: «هذا القرار مرحلة بالغة الأهمية بهدف إحالة المسؤولين الإسرائيليين الذين ارتكبوا إبادة بحق الفلسطينيين أمام القضاء».

ألمانيا

قال شتيفن هيبشترايت، المتحدث باسم الحكومة الألمانية، الجمعة، إن الحكومة ستدرس بعناية مذكرتي الاعتقال الصادرتين بحق نتنياهو وغالانت، لكنها لن تخطو خطوات أخرى حتى تكون هناك بالفعل زيارة لألمانيا.

وأضاف هيبشترايت: «أجد صعوبة في تخيل أننا سنجري اعتقالات على هذا الأساس»، مشيراً إلى أنه كان من الضروري توضيح المسائل القانونية المتعلقة بمذكرتي الاعتقال. ولم يحدد ما هي هذه المسائل. ولم يرد على سؤال عما إذا كان نتنياهو محل ترحيب في ألمانيا.

وقال المتحدث إن موقف الحكومة الألمانية بشأن تسليم أسلحة إلى إسرائيل لم يتغير بعد إصدار مذكرتي الاعتقال، ولا يزال خاضعاً لتقييم كل حالة على حدة.

فرنسا

بدوره، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، الخميس، إن ردّ فعل باريس على أمر المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو، سيكون متوافقاً مع مبادئ المحكمة، لكنه رفض الإدلاء بتعليق حول ما إذا كانت فرنسا ستعتقل نتنياهو إذا وصل إليها.

ورداً على سؤال خلال مؤتمر صحافي حول ما إذا كانت فرنسا ستعتقل نتنياهو، قال كريستوف لوموان إن السؤال معقد من الناحية القانونية، مضيفاً: «إنها نقطة معقّدة من الناحية القانونية، لذا لن أعلّق بشأنها اليوم».

أمل فلسطيني

وأفادت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية الرسمية (وفا) بأن السلطة الفلسطينية أصدرت بياناً ترحب فيه بقرار المحكمة الجنائية الدولية. وطالبت السلطة جميع الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية وفي الأمم المتحدة بتنفيذ قرار المحكمة. ووصفت القرار بأنه «يعيد الأمل والثقة في القانون الدولي ومؤسساته».

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية، أمس (الخميس)، أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بخصوص «جرائم حرب في غزة»، وكذلك القيادي في حركة «حماس» محمد الضيف.

وقالت المحكمة، في بيان، إن هناك «أسباباً منطقية» لاعتقاد أن نتنياهو وغالانت ارتكبا جرائم، موضحة أن «الكشف عن أوامر الاعتقال هذه يصبّ في مصلحة الضحايا».

وأضاف بيان المحكمة الجنائية الدولية أن «قبول إسرائيل باختصاص المحكمة غير ضروري». وأشارت المحكمة الجنائية الدولية إلى أن «جرائم الحرب ضد نتنياهو وغالانت تشمل استخدام التجويع سلاح حرب... وكذلك تشمل القتل والاضطهاد وغيرهما من الأفعال غير الإنسانية».