تشكيل حكومة جديدة في موريتانيا.. وإلغاء وزارة الإعلام
ضمت تسعة وزراء جددا.. وسبع سيدات
نواكشوط: «الشرق الأوسط أونلاين»
TT
TT
تشكيل حكومة جديدة في موريتانيا.. وإلغاء وزارة الإعلام
أعلن في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) عن تشكيل حكومة جديدة يرأسها وزير النقل السابق يحيى ولد حدمين، إثر تقديم الحكومة السابقة استقالتها، بعد إعادة انتخاب محمد ولد عبد العزيز رئيسا للجمهورية في ولاية ثانية وأخيرة في يونيو (حزيران) الماضي وتنصيبه رسميا مطلع أغسطس (آب) الماضي.
واحتفظ 17 وزيرا بحقائبهم، في حين انضم 9 وزراء إلى التشكيلة الجديدة، ليصبح عدد الحقائب 26 بدلا من 27 في الحكومة السابقة.
ولم يطل التغيير الوزارات السيادية، باستثناء الدفاع الوطني الذي تولاه ديالو مماو باتيا، وهو من المجموعة الزنجية في البلاد.
وأسندت وزارة الشؤون الإسلامية إلى أحمد ولد أهل داود، وهو فقيه شاب عرف بمواقفه الوسطية المعتدلة.
واحتفظ وزير الشؤون الاقتصادية والتنمية الدكتور سيدي ولد التاه بحقيبته في الحكومة، ليكون بذلك أقدم وزير في التشكيلة، حيث يتولى الوزارة نفسها منذ منتصف 2008.
وشكل إلغاء وزارة الاتصال (الإعلام)، أبرز متغير في الحكومة الجديدة. وأصبح وزير العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، ناطقا رسميا باسم الحكومة.
وجاء إلغاء وزارة الإعلام بعد ترسيخ دور «السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية»، وإنهاء هيمنة الدولة على وسائل الإعلام العمومية، من خلال تحويلها إلى شركات مساهمة ذات رأسمال مفتوح، إضافة إلى فتح المجال لتأسيس القنوات والإذاعات الخاصة.
وقسمت وزارة التنمية الريفية إلى وزارتين إحداهما للزراعة، والأخرى للبيطرة، وأنشئت وزارة مستقلة للشباب والرياضة، بعد أن كانت قطاعا في وزارة الثقافة.
وشكلت وزارة جديدة تحمل اسم «الوزارة المنتدبة لدى وزير الخارجية المكلفة بالشؤون المغاربية والأفريقية والموريتانيين بالخارج» بعد أن كانت مقسمة إلى وزارتين في الحكومة السابقة، وكلفت بها هند بنت عينين، وهي إعلامية معروفة، سبق أن تولت رئاسة تحرير صحيفة «القلم».
وضمت الحكومة الجديدة 7 وزيرات، وهو رقم قياسي في الحكومات الموريتانية منذ الاستقلال عن فرنسا عام 1960.
وكان الرئيس الموريتاني قد كلف أول من أمس (الأربعاء) كلف ولد حدمين بتشكيل الحكومة الجديدة بعد أن تسلم الرئيس استقالة الوزير الأول (رئيس الوزراء) مولاي ولد محمد لغظف الذي تولى هذا المنصب منذ وصول ولد عبد العزيز إلى سدة الحكم في 2008.
وتواجه الحكومة الجديدة تحديات كبيرة، تتمثل أساسا في التنمية وإدارة الموارد الطبيعية المتزايدة في البلد، ومحاربة الفقر والتهميش، وجلب الاستثمارات العربية والأجنبية، وترسيخ الأمن في محيط إقليمي مضطرب.
القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.
ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.
ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.
وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.
وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».
وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.
وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.
أزمات الفلاحين
سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.
يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.
على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.
تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».
ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.
وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».
ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.
وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.
يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».
فرصة ثانية
يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.
أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.
ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».
أنواع جديدة
يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.
ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.