الأسهم الأميركية تتخطى عائق المخاطر... والأوروبية تتبعها

توقعات باستمرار الارتفاع وتحسن نسبي لعوائد السندات

فتحت بورصة «وول ستريت» أمس على ارتفاع مع تحسن نسبي في منحنى عوائد السندات الأميركية (رويترز)
فتحت بورصة «وول ستريت» أمس على ارتفاع مع تحسن نسبي في منحنى عوائد السندات الأميركية (رويترز)
TT

الأسهم الأميركية تتخطى عائق المخاطر... والأوروبية تتبعها

فتحت بورصة «وول ستريت» أمس على ارتفاع مع تحسن نسبي في منحنى عوائد السندات الأميركية (رويترز)
فتحت بورصة «وول ستريت» أمس على ارتفاع مع تحسن نسبي في منحنى عوائد السندات الأميركية (رويترز)

صمدت الأسهم الأميركية في تعاملات أمس، على عكس التوقعات القاتمة بعض الشيء لأكبر اقتصاد في العالم، مع تباطؤ نمو الأرباح، ومخاوف الركود في سوق السندات الأميركية... فيما احتاجت الأسهم الأوروبية للانتظار وقتاً أطول لتتخطى مرحلة الهبوط الصباحي وتتجاوز مخاوفها.
ويعتقد مراقبون أنه في ظل المؤشرات السلبية نوعاً ما، المنتشرة على مستوى العالم، فإن الولايات المتحدة تبرز كأفضل مكان لاستثمارات الأسهم حالياً، نظراً لأن النزاع التجاري الذي لم يتم حله يلحق الضرر بالصين، التي تنمو بالفعل بأبطأ وتيرة لها منذ عام 1990. إضافة إلى أن خطر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مستمر في التأثير على الجانبين سلبياً، فضلاً عن وجود علامات ضعف جديدة في اليابان.
ويتوقع الاقتصاديون نمو الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة بنسبة 2.4 في المائة، وهو أعلى معدل نمو بين دول مجموعة السبع.
ويرى سكوت براون، كبير الاقتصاديين في «ريموند جيمس» لاستثمار الأصول، أن الاقتصاد الأميركي كان الأكثر اكتفاء، مقارنة بالاقتصادات الكبرى في أوروبا؛ حيث التجارة جزء كبير من الاقتصاد. موضحاً أنه «في أميركا يقوم المستهلك بقيادة دفة الاقتصاد، ولا يزال هو الأمر الإيجابي، مع نمو الوظائف وزيادة الأجور وانخفاض أسعار البنزين، ما يزيد القوة الشرائية للمستهلك».
وقال بيتر أوبنهايمر، كبير الاستراتيجيين في «غولدمان ساكس»: «بشكل عام، نرى الأسهم الأميركية كمكان للبحث عن شركات سريعة النمو».
وتساعد القوة النسبية للاقتصاد الأميركي في الحفاظ على ارتفاع الأسهم وانتعاشها، وهناك توقعات باستمرار التوسع على المدى الطويل.
وتوقع خبراء أن تتجه «وول ستريت» إلى الارتفاع، بمستهدفات لمؤشر «ستاندرد آند بورز» عند مستوى 2947 نقطة لعام 2019، أي أعلى من المعدلات الحالية بنحو 100 نقطة، وفقاً لتحليل «سي إن بي سي». وتوقع «كريدي سويس» أن يحقق المؤشر مستوى 3025 نقطة في العام الحالي، موضحاً أن «المخاطر ستدفع السوق إلى الارتفاع».
وبالأمس، فتحت مؤشرات الأسهم الرئيسية في بورصة «وول ستريت» على ارتفاع، وذلك للمرة الأولى في 5 جلسات، في الوقت الذي قاد فيه سهم «آبل» المكاسب في قطاع التكنولوجيا، بينما ارتفعت أسهم القطاع المالي بدعم من البنوك الكبرى.
وزاد المؤشر «داو جونز الصناعي» 132.73 نقطة، أو 0.52 في المائة إلى 25649.56 نقطة، وصعد المؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بمقدار 14.30 نقطة، أو 0.51 في المائة إلى 2812.66 نقطة، بينما ارتفع المؤشر «ناسداك المجمع» 62.46 نقطة، أو 0.82 في المائة إلى 7700 نقطة.
جاء ذلك فيما اتسم أداء الأسهم الأوروبية بالخفوت، بعد خسائر على مدى 4 جلسات، وسط مخاوف من ضعف في الاقتصاد العالمي، وعدم تيقن بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وبعد افتتاح «وول ستريت»، ارتفع المؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بعد يوم من تسجيل أدنى مستوياته في 12 يوماً. وانخفضت بورصتا ألمانيا ومدريد صباحاً، قبل أن تعودان إلى التعويض، في حين زادت باريس ولندن زيادة طفيفة.
وفي آسيا، انتعش المؤشر «نيكي» الياباني من أدنى مستوياته في 5 أسابيع، ليغلق على مكاسب قوية، أمس، مع صعود الأسهم المرتبطة بالدورة الاقتصادية، بفعل عمليات تغطية للمراكز المدينة، عقب انخفاضها في اليوم السابق، جراء المخاوف من تباطؤ حاد للاقتصاد العالمي.
ومع قُرب نهاية السنة المالية في 31 مارس (آذار) لمعظم الشركات اليابانية المدرجة، تدعمت السوق أيضاً بمشتريات المستثمرين في الأسهم، قبيل بدء تداولها دون الحق في توزيعات الأرباح، في وقت لاحق أمس. وأغلق «نيكي» مرتفعاً 2.15 في المائة عند 21428.39 نقطة، بعد أن شهد المؤشر القياسي يوم الاثنين أكبر انخفاض له منذ أواخر ديسمبر (كانون الأول). وقال المحللون إن تحاشي المخاطرة انحسر بعض الشيء، بعد توقف تراجع الأسهم الأميركية، الليلة قبل الماضية. وزاد المؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً 2.57 في المائة، إلى 1617.94 نقطة، مع صعود جميع قطاعاته الفرعية الثلاثة والثلاثين.
وتفاقمت مخاوف المستثمرين بشأن سلامة الاقتصاد العالمي، يوم الجمعة، إثر بيانات صناعية مخيبة للآمال من ألمانيا والولايات المتحدة، أدت إلى انعكاس منحنى عائد أدوات الخزانة الأميركية، الذي يراه البعض مؤشراً ينبئ بالركود.
وتعافت عوائد السندات الأميركية كثيراً خلال تعاملات أمس، لكن منحنى العائد واصل انعكاسه، رغم التحسن النسبي لليوم الثالث على التوالي. وبحلول الساعة 14:40 بتوقيت غرينتش، ارتفع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى مستوى 2.42 في المائة، بعد أن سجل أدنى مستوى منذ ديسمبر (كانون الأول) 2017 أول من أمس. في حين تراجع عائد أذون الخزانة الأميركية، التي يحين موعد استحقاقها بعد 3 أشهر، إلى مستوى 2.45 في المائة.


مقالات ذات صلة

اختراق معلومات شخصية ومصرفية لمئات الآلاف من سكان ولاية أميركية

الولايات المتحدة​ شعار شركة ديلويت المسؤولة عن البوابة الإلكترونية للولاية (وسائل إعلام محلية)

اختراق معلومات شخصية ومصرفية لمئات الآلاف من سكان ولاية أميركية

اخترقت مجموعة دولية من المجرمين المعلومات الشخصية والمصرفية لمئات الآلاف من سكان ولاية رود آيلاند الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

خاص قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات محبطة قد تشير إلى تباطؤ بالنمو الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يشتري الناس الهدايا في منطقة تايمز سكوير في نيويورك (رويترز)

تضخم الجملة يقاوم الانخفاض في الولايات المتحدة

ارتفعت تكاليف الجملة في الولايات المتحدة بشكل حاد خلال الشهر الماضي، ما يشير إلى أن ضغوط الأسعار لا تزال قائمة في الاقتصاد حتى مع تراجع التضخم من أعلى مستوياته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)

زيادة غير متوقعة في طلبات إعانات البطالة الأميركية

ارتفع عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع، الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

كوريا الجنوبية تتعهد بالحفاظ على استقرار الأسواق بعد عزل يون

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
TT

كوريا الجنوبية تتعهد بالحفاظ على استقرار الأسواق بعد عزل يون

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)

تعهدت وزارة المالية في كوريا الجنوبية، يوم الأحد، بمواصلة اتخاذ تدابير استقرار السوق بسرعة وفعالية لدعم الاقتصاد، في أعقاب إقالة الرئيس يون سوك-يول، بسبب فرضه الأحكام العرفية بشكل مؤقت.

وأكدت الوزارة أنها ستستمر في التواصل بنشاط مع البرلمان للحفاظ على استقرار الاقتصاد، مشيرة إلى أنها تخطط للإعلان عن خطتها السياسية نصف السنوية قبل نهاية العام الحالي، وفق «رويترز».

وفي هذا السياق، دعا زعيم الحزب الديمقراطي المعارض، لي جاي-ميونغ، إلى تشكيل «مجلس استقرار وطني» يضم الحكومة والبرلمان لمناقشة القضايا المالية والاقتصادية وسبل تحسين مستوى معيشة المواطنين. وأشار إلى أن التحدي الأكثر إلحاحاً هو تراجع الاستهلاك بسبب الطلب المحلي غير الكافي، وتقلص دور الحكومة المالي. وأضاف لي أن معالجة هذا الأمر تتطلب مناقشة عاجلة لموازنة إضافية يمكن أن تشمل تمويلاً لدعم الشركات الصغيرة، بالإضافة إلى استثمارات في الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية، لمواجهة تحديات نقص الطاقة.

وكان البرلمان الذي يسيطر عليه الحزب المعارض، قد مرر مشروع موازنة 2025 بقيمة 673.3 تريليون وون، متجاوزاً اقتراح الحكومة الذي بلغ 677.4 تريليون وون، وذلك دون التوصل إلى اتفاق مع حزب «قوة الشعب» الذي ينتمي إليه الرئيس يون والحكومة.

من جهته، أعلن بنك كوريا -في بيان- أنه سيعتمد على كافة الأدوات السياسية المتاحة بالتعاون مع الحكومة، للرد على التحديات الاقتصادية، وتفادي تصاعد التقلبات في الأسواق المالية وأسواق العملات الأجنبية. وأكد البنك ضرورة اتخاذ استجابة أكثر نشاطاً مقارنة بالفترات السابقة من الإقالات الرئاسية، نظراً للتحديات المتزايدة في الظروف الخارجية، مثل تصاعد عدم اليقين في بيئة التجارة، وازدياد المنافسة العالمية في الصناعات الأساسية.

كما أكدت الهيئة التنظيمية المالية في كوريا الجنوبية أن الأسواق المالية قد تشهد استقراراً على المدى القصير، باعتبار الأحداث السياسية الأخيرة صدمات مؤقتة؛ لكنها ستوسع من الموارد المخصصة لاستقرار السوق إذا لزم الأمر.

من جهة أخرى، شهدت أسواق الأسهم في كوريا الجنوبية ارتفاعاً للجلسة الرابعة على التوالي يوم الجمعة؛ حيث بدأ المستثمرون يتوقعون تراجع حالة عدم اليقين السياسي بعد تصويت البرلمان على إقالة الرئيس يون. كما لم يتوقع المستثمرون الأجانب أن تؤثر الاضطرابات السياسية الأخيرة بشكل كبير على نمو الاقتصاد أو تصنيفه الائتماني لعام 2025، إلا أنهم أشاروا إلى تأثيرات سلبية محتملة على معنويات السوق، مما قد يؤدي إلى زيادة في سعر صرف الوون مقابل الدولار الأميركي، واستمرار عمليات بيع الأجانب للأسواق المحلية.

غرفة تداول بأحد البنوك في سيول (رويترز)

وفي استطلاع أجرته «بلومبرغ»، أفاد 18 في المائة فقط من المشاركين بأنهم يعتزمون تعديل توقعاتهم بشأن نمو الاقتصاد الكوري الجنوبي لعام 2025، بسبب الأحداث السياسية الأخيرة، بينما أكد 82 في المائة أن توقعاتهم ستظل دون تغيير. كما توقع 64 في المائة من المشاركين أن يظل التصنيف الائتماني السيادي كما هو، في حين توقع 27 في المائة خفضاً طفيفاً. ووفقاً للاستطلاع، يُتوقع أن يتراوح سعر صرف الوون مقابل الدولار الأميركي بين 1.350 و1.450 وون بنهاية الربع الأول من 2025.

أما فيما يتعلق بأسعار الفائدة، فقد زادت التوقعات بتخفيضات مسبقة من قبل بنك كوريا؛ حيث توقع 55 في المائة من المشاركين عدم حدوث تغييرات، بينما توقع 27 في المائة تخفيضاً في الأسعار قريباً. وتوقع 18 في المائة تخفيضات أكبر. وأشار كيم سونغ-نو، الباحث في «بي إن كي للأوراق المالية»، إلى أن تحركات السوق ستعتمد بشكل كبير على قرارات لجنة السوق الفيدرالية الأميركية في ديسمبر (كانون الأول)؛ حيث قد يسهم أي تخفيض لأسعار الفائدة من جانب الولايات المتحدة في تعزيز توقعات تخفيض الفائدة في كوريا الجنوبية في الربع الأول من 2025.

وقد أكد كيم أن العوامل السياسية ليست المحرك الرئيسي للأسواق المالية؛ مشيراً إلى أن الاضطرابات السياسية عادة ما تكون لها تأثيرات قصيرة الأجل على الأسواق. وأضاف أن الركود الاقتصادي -وليس الأحداث السياسية- هو المصدر الرئيس للصدمات المالية الكبيرة.

كما أشار كثير من المسؤولين الماليين إلى أن إقالة الرئيس يون قد تعود بالفائدة على الاقتصاد الكوري الجنوبي. وفي مقابلة إعلامية، أكد محافظ هيئة الرقابة المالية، لي بوك هيون، أن عزل الرئيس سيكون خطوة إيجابية للاستقرار الاقتصادي في البلاد، معرباً عن اعتقاده بأن القضاء على حالة عدم اليقين السياسي أمر بالغ الأهمية لتحقيق استقرار الاقتصاد، وفق صحيفة «كوريا تايمز».

وفيما يخص التوقعات المستقبلية، أشار صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى أن النمو الاقتصادي في كوريا الجنوبية من المتوقع أن يصل إلى 2.2 في المائة في 2024 بدعم من صادرات أشباه الموصلات، في حين يُتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي نمواً بنسبة 2 في المائة في 2025 مع اقتراب الاقتصاد من إمكاناته الكاملة. وأكد الصندوق أن حالة عدم اليقين لا تزال مرتفعة، والمخاطر تميل إلى الاتجاه السلبي.

وبينما يظل التضخم قريباً من هدف بنك كوريا البالغ 2 في المائة، شدد الصندوق على ضرورة تطبيع السياسة النقدية تدريجياً في ظل هذه الظروف، مع الحفاظ على تدخلات محدودة في سوق الصرف الأجنبي لمنع الفوضى. كما أشار إلى أهمية تعزيز التوحيد المالي في موازنة 2025 لمواجهة ضغوط الإنفاق الطويلة الأجل، مع التركيز على السياسات المتعلقة بمخاطر العقارات.

كما أشار إلى أهمية الإصلاحات الاقتصادية على المدى المتوسط والطويل لدعم النمو وسط التحولات الهيكلية؛ مشيراً إلى ضرورة معالجة تراجع القوة العاملة من خلال تحسين الخصوبة، وزيادة مشاركة النساء في العمل، وجذب المواهب الأجنبية، بالإضافة إلى تعزيز تخصيص رأس المال، وتحسين مرونة المؤسسات المالية.