البعثة الأممية تبحث الاستعدادات لإجراء الانتخابات الليبية

TT

البعثة الأممية تبحث الاستعدادات لإجراء الانتخابات الليبية

منذ أن سلّم مجلس النواب الليبي، القانون المعدل الخاص بعملية الاستفتاء على الدستور الدائم للبلاد إلى المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في السادس من فبراير (شباط) الماضي، ولم تتحرك الأمور خطوة ملموسة باتجاه الشروع في عملية الاستفتاء تلك، وسط مطالبات حقوقية بضرورة إنجاز هذا الاستحقاق أولاً قبل المضي إلى الملتقى الوطني الجامع، المزمع انعقاده منتصف الشهر المقبل في مدينة غدامس الليبية.
وأمام هذه المطالبات، التقى فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، أمس، الدكتور الجيلاني رحومة، رئيس الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، وتناول اللقاء، موضوع الاستفتاء «في ظل مستجدات الوضع السياسي الراهن»، في وقت تكثف البعثة الأممية من تحركاتها باتجاه إجراء انتخابات رئاسية ونيابية في البلاد قبل نهاية العام الحالي.
وأعلنت المفوضية، في بيان أمس، عن اجتماع نائب المبعوث الأممي، للشؤون الإنسانية، لدى ليبيا ماريا ريبيرو، برئيس مجلس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عماد السايح، حيث بحثا «استعدادات المفوضية لتنفيذ الاستحقاقات الانتخابية المقبلة». وجاء اللقاء، الذي انعقد بديوان مجلس المفوضية، وبحضور فريق بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتخابات في ليبيا «لاستعراض مدى جاهزية المفوضية للعملية الانتخابية المرتقبة، وسبل دعم الأمم المتحدة لها، وآلية التنسيق بين المنظمات التابعة للأمم المتحدة بالخصوص».
وبموازاة التحركات الأممية، تساءل عبد القادر الفارسي المحلل السياسي والحقوقي الليبي: «ما الذي يمنع مجلسي النواب والدولة من الاجتماع معاً وإصدار قانون للاستفتاء على الدستور في جلسة واحدة باعتباره أسهل قانون يمكن إصداره وترك الشعب يقول كلمته في هذا المسار التأسيسي الذي اختاره الشعب عبر انتخاب حر نزيه؟». واتهم الفارسي عبر حسابه على «فيسبوك» بعض الأطراف بـ«تشويه» الملتقى الجامع، وقال إن «ذلك لن يجدي نفعاً، فالكل علم أن هؤلاء هم سبب الأزمة ولن يكونوا حلاً لها».
وقال عز الدين عقيل، رئيس «حزب الائتلاف»، في حديث إلى «الشرق الأوسط» أمس، إن «لقاء السراج مع رئيس الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور يتناقض مع واقع الإعلان عن موعد الملتقى الجامع».
ورأى عقيل أن الحل للأزمة الراهنة في البلاد، اختلف بعد دخول الجيش الوطني إلى مدن الجنوب، وقال: «قبل دخول الجيش إلى الجنوب كان يقوم على اقتفاء خريطة الطريق التي استخدمت بإنهاء الصراعات المسلحة في أكثر من خمسين دولة، وتتمثل في جمع أمراء الحرب حول مائدة تفاوض لوضع الخريطة السياسية المناسبة مقابل تفكيك ميليشياتهم وتسريح مقاتليهم وإعادة إدماجهم بمجتمعهم».
وذهب عقيل إلى أنه بعد العملية العسكرية للجيش في الجنوب، أصبح «لا يؤمن إلا بالحل العسكري القائم على تحرير المدن من الاحتلال الميليشياوي»، لافتاً إلى أن الجيش بحاجة لاستعادة مكانته بالقوة لضمان قدرته على الرد على محاولات التمرد وسهولة إفساد التسويات الهاشة التي تقوم غالباً على الحلول السلمية.
من جانبه، نقل المكتب الإعلامي للسراج، قوله، أمس خلال اجتماعه مع رحومة إن «الاستفتاء على الدستور يعد استحقاقاً تاريخياً مهماً، كما يمثل أساساً لبناء الدولة الليبية الجديدة، وثمن سيادته الجهد الكبير الذي بذله أعضاء الهيئة المنتخبة لإنجاز هذه الوثيقة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».