متظاهرة بيضاء: إذا كانوا عاملوني بهذه القسوة فكيف سيعاملون السود؟

الشرطة اعتقلتها بعد أن شاركت الملونين احتجاجاتهم

متظاهرة بيضاء: إذا كانوا عاملوني بهذه القسوة فكيف سيعاملون السود؟
TT

متظاهرة بيضاء: إذا كانوا عاملوني بهذه القسوة فكيف سيعاملون السود؟

متظاهرة بيضاء: إذا كانوا عاملوني بهذه القسوة فكيف سيعاملون السود؟

بينما كان متظاهرون سود يتجمعون أمام مركز شرطة فيرغسون، خرجت منه شابة بيضاء جميلة، تبدو في العشرينات من عمرها.. لكن كان شعرها غير منتظم، وملابسها غير مرتبة، وبدت مرتكبة.. صفق لها المتظاهرون، وهتفوا باسمها: «تعيش امبار.. تعيش امبار»، وصار واضحا أنهم يعرفونها قبل أن تعتقلها الشرطة قبل 4 أيام خلال مظاهرات فيرغسون.. «الشرق الأوسط» التقتها بعد أن خرجت من السجن مباشرة وأجرت معها هذا اللقاء لمعرفة تفاصيل اعتقالها وكيف كان تعامل الشرطة معها:
* تبدين خائفة؟
- أخاف أن تغير الشرطة رأيها، وتأتي إلى هنا وتعتقلني مرة أخرى.
* كيف اعتقلت؟
- كنت أتظاهر قبل 4 أيام.. كنت واحدة من مجموعة تضم 14 شخصا.. كان ذلك يوم قنابل المولوتوف والقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي. لم نكن جزءا من الذين هجموا على الشرطة، لكن كانت الشرطة غاضبة، وصارت تعتقل الناس هنا وهناك.. ووسط الدبابات والمصفحات، كانت هناك شاحنات، وضعوا فيها الناس ونقلوهم إلى السجن.
* دبابات ومصفحات؟ هل كانوا شرطة أم جيشا؟
- لا أعرف.. لقد جاءوا بأسلحة ثقيلة مثل التي يستعملها البنتاغون، وكانوا يرتدون ملابس الجنود الذين شاهدناهم في العراق وفي أفغانستان.. قنابل أوتوماتيكية، وقبعات حديدية، ونظارات ليلية.. لقد كان الجو جو حرب في هذا المكان الهادئ.
* وكيف عاملوكم في السجن؟
- وضعونا في زنزانات؛ اثنان في كل زنزانة، وكانوا عنيفين في معاملتهم.. إذا كانت هذه معاملتهم لنا نحن البنات، فلك أن تتصور معاملتهم للرجال.
* هل كانت هناك فتاة بيضاء غيرك، أو فتى أبيض؟
- لا.. كل الباقين كانوا سودا وسوداوات.
* هل أخرجوك لأنك بيضاء؟
- لا أعرف.. ربما.. لكنى لا أركز على هذه الموضوع.. لا أرى فرقا بيني وبين غيري في موضوع اللون، لكن أقول لنفسي: إذا كانوا عاملوني أنا البيضاء بهذه القسوة، فكيف يعاملون الشبان السود؟
* لماذا اشتركت في المظاهرات في البداية؟
- أنا لست متعلمة أو مثقفة، ولم أشترك في مظاهرات في الماضي، لكن عندما شاهدت ما حدث في التلفزيون، وعنف الشرطة نحو المتظاهرين، وصور الدبابات والمصفحات، قلت لنفسي: يا امبار، هذا شيء غير عادل.. هذا ظلم.. اذهبي واحتجي. أنت لا تعرف ولاية ميسوري.. هذه ولاية عنصرية.
* كنت أعتقد أن ولايات مثل ميسيسيبي ولويزيانا وألاباما هي الولايات العنصرية..
- لا.. ميسوري أكثر عنصرية، ففيها «كوكلاكس كلان»، وفيها عنصرية واضحة لا يعرفها السود مثلما أعرفها أنا.. أعرفها في كلامهم، وغمزاتهم، وإشاراتهم.. أنا واحدة منهم.. لا يقولون عنك أي شيء سلبي أمامك.. يقولون إن الإنسان يجب أن يكون مهذبا، لكن تعال لترى ماذا يقولون في غيابك.
* هل كنت البيضاء الوحيدة مع المتظاهرين؟
- في مجموعتنا، كنت البيضاء الوحيدة. شاهدت أبيض في مجموعة أخرى، لكن، لم أشاهد بيضاء غيري.
* كيف عاملك زملاؤك السود؟
- صديقي أسود.. وكما قلت لك، لا أهتم كثيرا بمسألة اللون.. أنظر إلى الرجل بصفته رجلا، وأريده أن يكون عادلا، وطيبا، وودودا، مهما كان لونه.
* أين أهلك؟ هل سألوا عليك؟
- علاقتي مع عائلتي ليس قوية.
* ألم تسال عنك؟
- ربما اعتقدتْ أنني فقط لم أتصل بها، أو أزورها، لسبب آخر غير أن الشرطة اعتقلتني.
* ماذا في هذه الحقيبة البلاستيكية؟
- حاجياتي التي احتفظت بها الشرطة ثم أعادتها لي بعد أن أطلقت سراحي، لكن كان في محفظتي 26 دولارا، لم يعيدوها لي.. لم أسألهم.. لا أريد مشكلات أخرى.
* هل سمع صاحب الشركة باعتقالك؟
- لا أعتقد.. لكن لا بد أن اعتقالي سجل في سجلي.. أعتقد أننى فقدت وظيفتي.
* ماذا ستفعلين الآن؟
- سأذهب إلى شقتي وأستحم لأول مرة منذ 4 أيام، وأغير ملابسي، ثم أعود إلى هنا.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.