هدوء في تعز بعد يومين من الاشتباكات العنيفة وسط المدينة القديمة

TT

هدوء في تعز بعد يومين من الاشتباكات العنيفة وسط المدينة القديمة

عادت الأوضاع وسط مدينة تعز اليمنية أمس، إلى الهدوء بعد يومين من الاشتباكات العنيفة بين فصائل موالية للحكومة الشرعية أدت إلى مقتل وجرح العشرات وترويع السكان المدنيين، بحسب ما أفادت به مصادر محلية وشهود.
ويتخوف ناشطون يمنيون من أن يؤدي الصراع الداخلي في تعز بين أجنحة الشرعية إلى فتح شهية الميليشيات الحوثية للعودة للتمدد عسكرياً للسيطرة على المدينة وبقية المديريات المحررة، مستغلة حالة الفوضى الأمنية والتنابز الحزبي بين القوى المنضوية تحت الشرعية.
وجاءت التهدئة إثر تشديد من الرئيس عبد ربه منصور هادي على وقف التصعيد من كل الأطراف والسعي إلى تثبيت مؤسسات الدولة وعدم إعطاء الميليشيات الحوثية فرصة لاستغلال الخلاف الطارئ لمصلحتها الميدانية.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر حكومية أن محافظ تعز نبيل شمسان أمر أمس، بتشكيل لجنة تهدئة في الأحياء القديمة من تعز التي كان يتمركز فيها عناصر من كتائب القيادي أبو العباس الذي يتهم أنصاره قوات أمنية تابعة لحزب الإصلاح بتفجير الأوضاع في المدينة تحت ذريعة ملاحقة «عناصر مطلوبين أمنياً».
واستخدمت في المواجهات مختلف أنواع الأسلحة بما فيها الصواريخ الحرارية، قبل أن تتوقف بناء على توجيه المحافظ شمسان وأوامر الرئيس هادي، حيث تشكلت اللجنة من كل من: وكيل المحافظة الشيخ عارف جامل ووكيل المحافظة لشؤون الدفاع والأمن اللواء الركن عبد الكريم الصبري والوكيل المساعد لشؤون الأمن محمد المحمودي ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في المحافظة العميد عبده البحيري ونائب مدير الشرطة العقيد الركن أنيس الشميري.
وزارت لجنة التهدئة أحياء المدينة كما تفقدت أحوال الجرحى في المستشفيات، في وقت علمت فيه «الشرق الأوسط» بتشكيل المحافظ نبيل شمسان لجنة تضم 3 قضاة يترأسهم رئيس محكمة الاستئناف بتعز، للتحقيق في تطورات الأوضاع التي أدت إلى ترويع وقتل وجرح مدنيين.
وذكرت المصادر الرسمية أن الرئيس هادي اتصل هاتفياً بمحافظ تعز نبيل شمسان مساء السبت، للوقوف على تداعيات الأحداث الأخيرة التي شهدتها المحافظة، ووجه «بضرورة ضبط النفس وحقن الدماء لتوحيد الإمكانات والجهود لمواجهة قوى التمرد والانقلاب من الميليشيات الحوثية الإيرانية التي ما زالت تتربص بتعز والوطن عموماً».
ووجه هادي - بحسب وكالة «سبأ» الحكومية - «محافظ تعز بالعمل على وقف الاختلالات الأمنية من خلال بسط نفوذ الدولة عبر أجهزتها الأمنية والعسكرية وتطبيع الأوضاع بصورة عامة وعاجلة بالتعاون مع مختلف الأجهزة والمؤسسات ذات العلاقة».
وشدد الرئيس اليمني «على ضرورة وقف التصعيد غير المبرر من قبل كل الأطراف والالتزام التام بتوجيهات محافظ المحافظة باعتباره رئيس اللجنة الأمنية بالمحافظة».
وقال هادي إن «قطرات الدماء التي سالت خلال الأيام الماضية في محافظة تعز هي خسارة في النهاية على الوطن ومسار التحرير الذي ينشده أبناء تعز الباسلة».
وكان شمسان أمر بحملة أمنية لملاحقة مطلوبين في أحياء المدينة، إلا أن قادة الحملة المحسوبين على حزب «الإصلاح» خرجوا عن السياق المرسوم لها بحسب اتهامات وجهت لهم، ما أدى إلى اصطدامهم بقوات موالية للقيادي السلفي أبي العباس.
وذكرت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» أن لجنة التهدئة تسلمت أمس «مجمع هايل»، حيث المقر الرئيسي لمسلحي أبي العباس في مدينة تعز القديمة، وتم الاتفاق على آلية لإنهاء وجود المسلحين وانتشار الشرطة لتأمين السكان.
وتقول مصادر أمنية في تعز، إن الحملة كانت تستهدف عناصر مطلوبين على خلفية تنفيذ اغتيالات بحق عناصر الجيش والأمن، كانوا يختبئون في هذه الأحياء الواقعة تحت حماية عناصر أبي العباس.
وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بمحافظ تعز نبيل شمسان لاستيضاح تطورات الأوضاع في المدينة التي وصل إليها أخيراً للقيام بمهامه خلفاً للمحافظ السابق أمين محمود، إلا أنها لم تتلقَ رداً.
وأفادت مصادر أمنية بأن القيادي في كتائب أبي العباس مؤمن المخلافي، هو من قام بتسليم «مجمع هايل» للجنة المكلفة من المحافظة، وسط هدوء تام ووقف لإطلاق النار.
ويتهم ناشطون حزبيون في المدينة حزب «الإصلاح» بأنه يحاول تعزيز سلطاته على أجهزة الأمن الرسمية وقوات الجيش لتنفيذ أجندته الحزبية بعيداً عن التوافق الوطني، فيما يقول أنصار الحزب إنهم يعملون تحت مظلة الشرعية والسلطات المحلية ممثلة في المحافظ وقائد المحور العسكري.
وكان المحافظ نبيل شمسان عقد بعد وصوله إلى المدينة لقاء مع اللجنة الأمنية التي تضم قادة الجيش والأمن ووكلاء المحافظة، وشدد على ضرورة إنهاء الاختلالات الأمنية ووضع حد لعمليات الاغتيال والخطف.
وفي الاجتماع الذي عقد بحضور وكيل المحافظة لشؤون الدفاع والأمن اللواء عبد الكريم الصبري وقائد المحور اللواء سمير الحاج وقادة الألوية العسكرية والأمنية، اتفق أعضاء اللجنة على إخلاء المدينة من المعسكرات والتوجه نحو الجبهات، بحيث تتولى الأجهزة الأمنية بتشكيلاتها تحقيق الأمن والاستقرار بصورة تامة.
كما أقر الاجتماع خروج حملة أمنية تتولى ضبط الخارجين عن القانون والمتهمين بجرائم القتل والفوضى وإقلاق السكينة العامة داخل المدينة ووضع قائمة بكل القيادات والأفراد الضالعين في ارتكاب الجرائم والاختلالات الأمنية خلال الفترة الماضية واتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم، وفي مقدمتها الفصل من الوظيفة سواء في الجيش أو الأمن.
وكلف الاجتماع قائد المحور بوضع خطة عسكرية لإعادة تموضع الجيش الوطني لاستكمال مهمة التحرير من خلال الوجود في الجبهات ومواقع المواجهة مع الميليشيا الحوثية المتربصة بالمدينة، وكذلك تكليف مدير أمن المحافظة بوضع خطة أمنية شاملة لإحلال الأمن وبسط سيطرة الأجهزة الأمنية على المدينة بما في ذلك إخلاء النقاط من قبل الجيش وتسليمها للأجهزة الأمنية والشرطة العسكرية.


مقالات ذات صلة

بن مبارك: الالتزامات الدولية تجاه اليمن تشمل المجالات الأمنية والدفاعية

خاص رئيس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك خلال لقاء سابق مع السفيرة البريطانية لدى اليمن (سبأ)

بن مبارك: الالتزامات الدولية تجاه اليمن تشمل المجالات الأمنية والدفاعية

قال رئيس الوزراء اليمني إن الالتزامات الدولية تجاه اليمن لن تقتصر على الجوانب السياسية والاقتصادية، بل ستشمل أيضاً المجالات الأمنية والدفاعية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
الخليج نزع فريق «مسام» في محافظة عدن 154 ذخيرة غير منفجرة (واس)

مشروع «مسام» ينتزع 732 لغماً في اليمن خلال أسبوع

تمكّن مشروع «مسام» لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام، خلال الأسبوع الثالث من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي، من انتزاع 732 لغماً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي لقاء سابق بين رئيس الوزراء اليمني والسفيرة البريطانية لدى اليمن (سبأ)

«اجتماع نيويورك»... نحو شراكة استراتيجية بين اليمن والمجتمع الدولي

تأمل الحكومة اليمنية تأسيس شراكة حقيقية مع المجتمع الدولي، وحشد الدعم السياسي والاقتصادي لخططها الإصلاحية، وجوانب الدعم الدولية المطلوبة لإسناد الحكومة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي عضو في فريق يمني لمكافحة الألغام خلال حملة توعوية بمحافظة الحديدة (أ.ف.ب)

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

كشفت بعثة الأمم المتحدة لتنفيذ اتفاق ستوكهولم الخاص بالحديدة ومنظمتان حقوقيتان في مأرب عن سقوط أكثر من 150 ضحية للألغام خلال العامين الماضيين.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».