الفنان المغربي محمد المليحي يقدم خلاصة 60 سنة من الإبداع والابتكار

معرض استرجاعي في الرباط تكريماً لأحد رواد التشكيل في المغرب

الفنان محمد المليحي في مرسمه
الفنان محمد المليحي في مرسمه
TT

الفنان المغربي محمد المليحي يقدم خلاصة 60 سنة من الإبداع والابتكار

الفنان محمد المليحي في مرسمه
الفنان محمد المليحي في مرسمه

تحت شعار «60 سنة من الإبداع... 60 سنة من الابتكار»، يتواصل حالياً في رواق الفن «فضاء التعبيرات»، التابع لصندوق الإيداع والتدبير، في الرباط، حتى 30 أبريل (نيسان) المقبل، معرض استرجاعي لأعمال الفنان التشكيلي المغربي محمد المليحي، الذي يجرّ وراءه تاريخاً حافلاً بالعطاء على مدى 60 سنة، إذ يعتبر من الرواد الأوائل الذين كان لهم شرف التأسيس للحركة التشكيلية المعاصرة في المغرب.
والاحتفاء بالمليحي، من خلال هذا «المعرض الاستثنائي»، كما وصفه صندوق الإيداع والتدبير، الذي يحتفل أيضاً بمرور 60 سنة على إنشائه، هو في رأي عدد من متابعي تجربته المتجذرة في التربة التشكيلية المغربية، احتفاء بذاكرة جمالية لا تتوقف عن التجدد والبحث، ويتجلّى ذلك في سائر أعماله، التي وصلت إلى أكبر المتاحف في العالم، وأغنت المشهد التشكيلي في المملكة منذ خمسينات القرن الماضي.
والمليحي، كما يقرّ بذلك النّقاد، صاحب بصمة معروفة، وأسلوب فني متميز، ولا يحتاج إلى توقيع لوحاته، لكونها معروفة بشكلها الفني وتموجاتها، في تناغم مع الألوان، التي تعطيها أبعاداً جمالية ذات سحر وجاذبية، فيقف أمامها المتلقي منبهراً ومحاولاً استقراءها بكل شغف.
في الدليل الفني الصادر بمناسبة هذا المعرض، إبحار في حياة هذا الفنان، من خلال استعراض مراحله الفنية، ومبادراته لتطوير الحركة التشكيلية في المغرب، انطلاقاً من الستينات، ومروراً بالسبعينات والثمانينات من القرن الماضي، وصولاً إلى المرحلة الراهنة.
ومن أبرز تلك المحطات الفنية، وهي كثيرة ومتنوعة، تجدر الإشارة - على سبيل المثال لا الحصر - إلى إسهامه الفني في مجلة «أنفاس» قبل إطلاق مجلته الخاصة، وسعيه «لإقناع طلبة مدرسة الفنون الجميلة في الدار البيضاء بأهمية الموروث البصري المغربي»، وكذا جهوده لتقريب التشكيل من المواطن العادي في فضاء مفتوح، بعيداً عن قاعات المعارض، بمعية بعض أصدقائه الرسامين؛ فريد بلكاهية، ومحمد شبعة، ومحمد حميدي، ومحمد أطاع الله، الذين أقاموا معرضاً تشكيلياً في ساحة جامع الفناء بمراكش صيف سنة 1969؛ لتحقيق التواصل المباشر بين الفنان والجمهور من دون حواجز، في أول سابقة من نوعها. وهي التجربة التي تكررت في إحدى ساحات مدينة الدار البيضاء، عاصمة المغرب الاقتصادية.
وفي سياق انشغاله بإشكالية البيئة، ومن أجل إضفاء لمسات من الجمال على بعض الساحات العمومية والحدائق والفضاءات الخضراء، حرص المليحي على تأثيثها بمنحوتات مشرئبة نحو السماء، في شموخ وعنفوان، إضافة إلى إعطائه بعداً تزيينياً لأرضية ممرات مدينة أصيلة، التي رأى فيها النور سنة 1936، وظل مرتبطاً بها وجدانياً وروحانياً أيام تنقلاته في إسبانيا وإيطاليا وأميركا، سعياً وراء الدراسة، قبل أن يعود إليها من رحلة الاغتراب.
ومما كتبه وليم العروسي، الكاتب والأكاديمي والخبير الفني، في دليل المعرض عن «الفترة الأميركية أو ولادة الفنان المليحي»، ما يلي: «قبل مغادرة أميركا لم يجد في حوزته إلا الأمواج رصيداً تشكيلياً وحيداً يحمله معه. أمواج سوف تقترن دونما إسفاف، بكل النظريات والرؤى التي ستعبر حياة المليحي لاحقاً. سيتخذها سيمفونيته الأخيرة، جملته التشكيلية التي من خلالها يرى العالم، يفهمه، يفسره ويعيد خلقه، وأيضاً وسيلته المثلى للدفاع والمقاومة. خلال معرضه عام 1965 برواق باب الرواح في الرباط، وصف أحد الصحافيين لوحاته بكونها أميركية بحتة، ولا تمت للمغرب بصلة. دفاعاً عن نفسه استجلب المليحي زربية قروية من سوق المدينة، وعلقها بجانب لوحته».



بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
TT

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى، فإن المصرية مريم شريف تفوقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بالدورة الرابعة لـ«مهرجان البحر الأحمر السينمائي» التي تَنافس على جوائزها 16 فيلماً، وترأس لجنة تحكيمها المخرج العالمي سبايك لي، لتحوز جائزة «اليسر» لأفضل ممثلة عن أدائها لشخصية «إيمان»، الشابة التي تواجه التّنمر بسبب قِصرِ قامتها في فيلم «سنو وايت»، وذلك خلال حفل ختام المهرجان الذي أقيم الخميس في مدينة جدة السعودية.

وعبّرت مريم عن سعادتها بهذا الفوز قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «الحمد لله، هذه فرحة كبيرة تكلّل جهودنا طوال فترتي التحضير والتصوير، لكنني أحتاج وقتاً لأستوعب ذلك، وأشكر أستاذة تغريد التي أخضعتني لورشِ تمثيلٍ عدة؛ فكُنا نجلس معاً لساعات طوال لتُذاكر معي الدّور وتوضح لي أبعاد الشخصية، لذا أشكرها كثيراً، وأشكر المنتج محمد عجمي، فكلاهما دعماني ومنحاني القوة والثقة لأكون بطلة الفيلم، كما أشكر مهرجان (البحر الأحمر السينمائي) على هذا التقدير».

المخرجة تغريد أبو الحسن بين منتج الفيلم محمد عجمي والمنتج محمد حفظي (إدارة المهرجان)

سعادة مريم تضاعفت بما قاله لها المخرج سبايك لي: «لقد أذهلني وأبهجني برأيه حين قال لي، إن الفيلم أَثّر فيه كثيراً بجانب أعضاء لجنة التحكيم، وإنني جعلته يضحك في مشاهد ويبكي في أُخرى، وقلت له إنه شرفٌ عظيم لي أن الفيلم حاز إعجابك وجعلني أعيش هذه اللحظة الاستثنائية مع أهم حدث في حياتي».

وأضافت مريم شريف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنها لم تُفكّر في التمثيل قبل ذلك لأن السينما اعتادت السخرية من قِصار القامة، وهو ما ترفضه، معبّرة عن سعادتها لتحقيق العمل ردود أفعال إيجابية للغاية، وهو ما كانت تتطلّع إليه، ومخرجته، لتغيير أسلوب تعامل الناس مع قِصار القامة لرؤية الجمال في الاختلاف، وفق قولها: «نحن جميعاً نستحق المساواة والاحترام، بعيداً عن التّهكم والسخرية».

وكان قد شهد عرض الفيلم في المهرجان حضوراً لافتاً من نجوم مصريين وعرب جاءوا لدعم بطلته من بينهم، كريم فهمي الذي يشارك بصفة ضيف شرف في الفيلم، وبشرى التي أشادت بالعمل، وكذلك أمير المصري ونور النبوي والمنتج محمد حفظي.

قُبلة على يد بطلة الفيلم مريم شريف من الفنان كريم فهمي (إدارة المهرجان)

واختارت المخرجة أن تطرح عبر فيلمها الطويل الأول، أزمة ذوي القامة القصيرة الذين يواجهون مشاكل كبيرة، أقلّها تعرضهم للتنمر والسخرية، وهو ما تصدّت له وبطلتها عبر أحداث الفيلم الذي يروي قصة «إيمان» قصيرة القامة التي تعمل موظفة في أرشيف إحدى المصالح الحكومية، وتحلم مثل كل البنات بلقاءِ فارس أحلامها وتتعلق بأغنية المطربة وردة الجزائرية «في يوم وليلة» وترقص عليها.

وجمع الفيلم بين بطلته مريم شريف وبعض الفنانين، ومن بينهم، كريم فهمي، ومحمد ممدوح، ومحمد جمعة، وخالد سرحان، وصفوة، وكان الفيلم قد فاز بوصفه مشروعاً سينمائياً بجائزة الأمم المتحدة للسكان، وجائزة الجمعية الدولية للمواهب الصاعدة في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وعلى الرغم من أن مريم لم تواجه الكاميرا من قبل، بيد أنها بدت طبيعية للغاية في أدائها وكشفت عن موهبتها وتقول المخرجة: «كنت مهتمة أن تكون البطلة غير ممثلة ومن ذوات القامة القصيرة لأحقق المصداقية التي أردتها، وحين التقيت مريم كانت هي من أبحث عنها، وكان ينقصنا أن نقوم بعمل ورش تمثيل لها، خصوصاً أن شخصية مريم مختلفة تماماً عن البطلة، فأجرينا تدريبات مطوّلة قبل التصوير على الأداء ولغة الجسد والحوار، ووجدت أن مريم تتمتع بذكاء لافت وفاجأتني بموهبتها».

لم يكن التمثيل يراود مريم التي درست الصيدلة في الجامعة الألمانية، وتعمل في مجال تسويق الأدوية وفق تأكيدها: «لم يكن التمثيل من بين أحلامي لأن قِصار القامة يتعرضون للسخرية في الأفلام، لكن حين قابلت المخرجة ووجدت أن الفيلم لا يتضمّن أي سخرية وأنه سيُسهم في تغيير نظرة كثيرين لنا تحمست، فهذه تجربة مختلفة ومبهرة». وفق تعبيرها.

ترفض مريم لقب «أقزام»، وترى أن كونهم من قصار القامة لا يحدّ من قدرتهم ومواهبهم، قائلة إن «أي إنسان لديه مشاعر لا بد أن يتقبلنا بدلاً من أن ننزوي على أنفسنا ونبقى محبوسين بين جدران بيوتنا خوفاً من التنمر والسخرية».

تغريد أبو الحسن، مخرجة ومؤلفة الفيلم، درست السينما في الجامعة الأميركية بمصر، وسافرت إلى الولايات المتحدة للدراسة في «نيويورك أكاديمي» قبل أن تُخرج فيلمين قصيرين، وتعمل بصفتها مساعدة للمخرج مروان حامد لسنوات عدّة.

المخرجة تغريد أبو الحسن وبطلة الفيلم مريم شريف (إدارة المهرجان)

وكشفت تغريد عن أن فكرة الفيلم تراودها منذ 10 سنوات: «كانت مربية صديقتي من قِصار القامة، اقتربتُ منها كثيراً وهي من ألهمتني الفكرة، ولم أتخيّل أن يظهر هذا الفيلم للنور لأن القصة لم يتحمس لها كثير من المنتجين، حتى شاركنا الحلم المنتج محمد عجمي وتحمس له».

العلاقة التي جمعت بين المخرجة وبطلتها كانت أحد أسباب تميّز الفيلم، فقد تحولتا إلى صديقتين، وتكشف تغريد: «اقتربنا من بعضنا بشكل كبير، وحرِصتُ على أن تحضر مريم معي ومع مدير التصوير أحمد زيتون خلال معاينات مواقع التصوير حتى تتعايش مع الحالة، وأخبرتها قبل التصوير بأن أي مشهد لا ترغب به سأحذفه من الفيلم حتى لو صوّرناه».

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

وتلفت تغريد إلى مشروعٍ سينمائيّ يجمعهما مرة أخرى، في حين تُبدي مريم سعادتها بهذا الالتفاف والترحيب من نجوم الفن الذين شاركوها الفيلم، ومن بينهم: كريم فهمي الذي عاملها برفق ومحبة، ومحمد ممدوح الذي حمل باقة ورد لها عند التصوير، كما كان كل فريق العمل يعاملها بمودة ولطف.