واشنطن تفرض عقوبات على 17 كياناً و13 عالماً نووياً إيرانياً

بعد رفض طهران الإجابة عن أسئلة تتعلق بأرشيفها الخاص بتصنيع الأسلحة الذرية

وزارة الخارجية الأميركية
وزارة الخارجية الأميركية
TT

واشنطن تفرض عقوبات على 17 كياناً و13 عالماً نووياً إيرانياً

وزارة الخارجية الأميركية
وزارة الخارجية الأميركية

أعلنت وزارتا الخارجية والخزانة الأميركيتان إدراج 31 من الكيانات والأفراد الإيرانيين على قائمة العقوبات النووية بسبب رفض طهران الإجابة عن أسئلة متعلقة بأرشيفها الخاص بأبحاث سرية لتصنيع أسلحة نووية. واستهدفت الجولة الجديدة من العقوبات 17 كياناً وشركة مرتبطة بمنظمة الابتكار والبحث الدفاعي الإيراني والمعروفة اختصاراً باسم SPND، إضافة إلى إدراج 13 من العلماء والفنيين والخبراء في تكنولوجيا الصناعات النووية على قائمة العقوبات لدورهم في تطوير البحث العلمي المتعلق بأنشطة إيران النووية وبرنامجها لتطوير سلاح ذري.
وحذّرت الولايات المتحدة في شكل صريح، أمس، إيران، من استغلال مجموعة من العلماء والباحثين في مجال الأسلحة النووية ومواصلة شراء مواد حساسة تدخل في إطار برنامجها النووي، وأكدت أن من يعمل في هذا البرنامج يخاطر بالوقوع في دائرة العقوبات الأميركية. وقال روبرتو بالادينو نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية في بيان، إن «إدارة ترمب ستواصل مساءلة النظام الإيراني عن الأنشطة التي تهدد استقرار المنطقة وتضر بالشعب الإيراني وستعمل على ضمان عدم تطوير إيران سلاحا نوويا أبداً».
وبموجب القرار الجديد سيتم حرمان الأفراد والكيانات الخاضعين للعقوبات من الوصول إلى النظام المالي الأميركي، وسيخضع أي أشخاص أو شركات أجنبية للعقوبات بسبب تقديم الدعم المادي لهذه الكيانات الإيرانية والأفراد العاملين في برامج إيران المتعلقة بالانتشار النووي، بمن في ذلك العلماء ووكلاء الشراء والخبراء الفنيون.
وأصدرت وزارة الخارجية الأميركية بياناً أوضحت فيه تلك الكيانات والأفراد، وتضمن محسن فخري زادة رئيس برنامج الأسلحة النووية الإيراني وبرنامج Amad، والذي قام بتأسيس منظمة الابتكار والبحث الدفاعي الإيراني في فبراير (شباط) 2011. وطبقاً لمعلومات الوكالة الدولية للطاقة الذرية فإن زادة احتفظ بأرشيف البرنامج لتصنيع الأسلحة النووية. وبعد توقف العمل في Amad، بأوامر من القيادة الإيرانية عام 2003، استخدم زادة الأرشيف والسجلات خلال عمله رئيسا لمنظمة الابتكار والبحث الدفاعي الإيراني. وقال بيان الخارجية إن منظمة الابتكار والبحث الدفاعي الإيراني يعمل بها 1500 فرد من الباحثين السابقين ببرنامج Amad الذين واصلوا القيام بأنشطة البحث والتطوير ذات الاستخدام المزدوج، والتي من المحتمل أن تتضمن أنظمة لتطوير وتصنيع الأسلحة النووية.
وقال مسؤولان من الخارجية والخزانة في مؤتمر صحافي عبر الهاتف، صباح أمس، إن هناك كثيرا من الأسئلة التي أثارها كشف إسرائيل عن الأرشيف النووي الخاص بإيران والذي كشف عن أسماء عملاء وفنيين منخرطين في تطوير البرنامج، كما كشف عن أنشطة متعلقة بتطوير سلاح نووي على صاروخ.
وقالت مسؤولة بالخزانة الأميركية، إن الجولة الجديدة من العقوبات تفرض عزلة على العلماء والفنيين المدرجين على القائمة وتمنع الكيانات والشركات من القدرة على الحصول على قدرات تكنولوجية وتعوق دون سفر هؤلاء العلماء والفنيين للمشاركة في أي مؤتمرات علمية في الخارج، كما تمنع إيران من توظيف جيل جديد من الخبراء والفنيين في هذا المجال. وقالت: «سنستمر في ملاحقة هذه الكيانات التي تتخفى تحت أسماء وهمية وسنلاحق كل من يساند برنامج إيران النووي، وهذه رسالة قوية للنظام الإيراني بأننا لن نسمح له بامتلاك برنامج لتصنيع الأسلحة النووية وأن على طهران المجيء إلى طاولة المفاوضات».
وأضافت مسؤولة الخزانة الأميركية أن الجولة الجديدة من العقوبات تطالب بحساب كامل وصادق من إيران حول أنشطتها السابقة المتعلقة بالأسلحة النووية خاصة في ضوء قرار إيران بالإبقاء على سرية أرشيفها النووي، وقيام فخري زادة بمتابعة الأبحاث والتجارب لعلماء منظمة الابتكار والبحث الدفاعي الإيراني، وقيام هذه المنظمة بالتخفي وراء منظمات فرعية وشركات بأسماء مختلفة ووكلاء للمشتريات من أجل الحصول على مواد للاستخدام في الأبحاث النووية من بلدان أخرى.
وقال مسؤول الخارجية الأميركية في رده على أسئلة الصحافيين، إن ما تقوم به إيران من أنشطة سرية تكشف عيوب الاتفاق النووي الإيراني، وإن الولايات المتحدة كانت محقة في الانسحاب منه. وأشار إلى أن وزير الخارجية مايك بومبيو دعا إلى التوصل إلى اتفاق شامل جديد ينهي بشكل دائم جميع المسارات التي تؤدي بإيران إلى تصنيع سلاح نووي ويضع إيران تحت المساءلة عن كامل أنشطتها السابقة والخضوع بشكل كامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية ووقف جميع أنشطة التخصيب وإغلاق مفاعل الماء الثقيل.
وحذّر مسؤول الخارجية الأميركية العلماء الإيرانيين من الانخراط في أي أنشطة مع منظمة الابتكار والبحث الدفاعي الإيراني، وإلا فإنهم سيواجهون عواقب خطيرة.



إسرائيل تقصف دمشق... وتُهجّر أهالي قرى في جنوب سوريا

TT

إسرائيل تقصف دمشق... وتُهجّر أهالي قرى في جنوب سوريا

جنود إسرائيليون يعبرون الخميس السياج الذي يفصل مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل عن سوريا (أ.ب)
جنود إسرائيليون يعبرون الخميس السياج الذي يفصل مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل عن سوريا (أ.ب)

عززت إسرائيل المخاوف من وجودها بشكل طويل في الجولان السوري، بالبدء في تهجير أهالي قرى بالجنوب السوري، بموازاة شن الطيران الحربي غارات على محيط دمشق.

وأفادت وسائل إعلام سورية، الخميس، بأن «جيش الاحتلال دخل الأطراف الغربية لبلدة جباتا الخشب بريف القنيطرة، وطالب الأهالي بتسليمه ما لديهم من أسلحة».

ووفق وسائل الإعلام السورية، فإن «الجيش الإسرائيلي هجّر أهالي قريتي الحرية والحميدية واستولى عليهما، ودخل إلى بلدة أم باطنة مدعوماً بعربات عسكرية ودبابات، فضلاً عن رصد دبابات داخل مدينة القنيطرة جنوبي سوريا».

وشن الطيران الإسرائيلي غارات على محيط العاصمة السورية، وقال سكان في أحياء دمشق الغربية، إنهم سمعوا انفجارَين قويَين يعتقد أنهما في مطار المزة العسكري، وأضاف السكان أنهم سمعوا أصوات طائرات حربية تحلق في أجواء ريف دمشق الجنوبي الغربي.

بدوره أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الخميس، لمستشار الأمن القومي الأميركي، جايك سوليفان، ضرورة منع «الأنشطة الإرهابية» من الأراضي السورية ضد إسرائيل بعد إطاحة بشار الأسد.

وقال نتنياهو في بيان، إنه التقى سوليفان في القدس، وتطرق معه إلى «الحاجة الأساسية إلى مساعدة الأقليات في سوريا، ومنع النشاط الإرهابي من الأراضي السورية ضد إسرائيل».

إقامة طويلة

وتتوافق التحركات العسكرية الإسرائيلية مع ما كشفت عنه مصادر عسكرية في تل أبيب، بأن الممارسات التي يقوم بها الجيش في الجزء الشرقي من الجولان، تدل على أنه يستعد لإقامة طويلة الأمد في الأراضي السورية، التي احتلها إثر انسحاب قوات النظام السوري من مواقعها في المنطقة العازلة وفض الاشتباك في الجولان.

وتجرى هذه العمليات وسط موافقة أميركية صامتة، وهو ما يُقلق أوساطاً عدة تخشى من فتح الشهية لتدمير خطوط الحدود وتوسيع نطاق الاستيطان في سوريا.

وأشارت المصادر إلى أن هذه العمليات تتم من دون معارضة دولية علنية، باستثناء فرنسا التي نشرت بيان تحذير.

وكان الجنرال مايك كوريلا، قائد القوات الأميركية المركزية في الشرق الأوسط (سنتكوم) زار إسرائيل، الأربعاء، واطلع على تفاصيل العمليات، وعلى نتائج القصف الإسرائيلي، الذي دمر نحو 80 في المائة من مقدرات الجيش السوري، وحطم له سلاح الجو وسلاح البحرية والمضادات الجوية ومخازن الأسلحة، كما أجرى وزير الأمن، يسرائيل كاتس، مكالمة مع نظيره الأميركي، لويد أوستن.

بنية تحتية

وقالت مصادر عسكرية في تل أبيب، إن الجيش الإسرائيلي شرع بتحويل المواقع العسكرية السورية، التي احتلتها الكتيبة 101 من وحدة المظليين، إلى مواقع عسكرية إسرائيلية.

وذكر تقرير عبري أن «الجيش الإسرائيلي بدأ بتأسيس بنية تحتية لوجيستية شاملة، حيث تم إحضار حاويات تحتوي على خدمات مثل الحمامات، والمطابخ، وحتى المكاتب الخاصة بالضباط»، ورجح أن «يتوسع النشاط ليشمل أعمدة اتصالات».

وأفاد بأن الجيش الإسرائيلي أحكم سيطرته على المناطق الحيوية في المنطقة، واحتل قمم التلال التي تكشف مساحات واسعة من سوريا، خصوصاً في المناطق الحدودية، وأقام حواجز عسكرية في التقاطعات داخل القرى السورية، مثل الحواجز المنتشرة في الضفة الغربية.

ومع نشر أنباء تقول إن عمليات الجيش تدل على أنه يخطط للبقاء هناك لمدة سنة على الأقل، قالت المصادر العسكرية لإذاعة الجيش الإسرائيلي إنه «من المبكر تقييم مدى استدامة هذا الوضع، ولكن قادة الجيش يعتقدون أنه لا أحد يعرف كيف ستتطور الأمور الآن في سوريا مع القيادات الجديدة، التي تدل تجربتها على أنها تحمل تاريخاً طافحاً بممارسات العنف الشديد والإرهاب من جهة، وتبث من جهة ثانية رسائل متناقضة حول المستقبل».

وأضافت المصادر: «وفي الحالتين ستواجه إسرائيل تحديات مستقبلية تتطلب بقاء طويل الأمد في المنطقة وتعزيز عدد القوات، ما قد يتطلب استدعاء قوات الاحتياط».

اليمين المتطرف

وتثير العمليات الإسرائيلية في الأراضي السورية قلقاً لدى أوساط عقلانية من أن تفتح شهية اليمين المتطرف على توسيع الاستيطان اليهودي في سوريا. ففي الأراضي التي تم احتلالها سنة 1967 أقامت إسرائيل نحو 30 مستوطنة يهودية، وتبرر إسرائيل احتلالها الأراضي السورية الجديدة بحماية هذه المستوطنات.

وقد لوحظ أن نتنياهو الذي وقف على أرض الجولان يوم الأحد الماضي، وأعلن إلغاء اتفاقية فصل القوات مع سوريا، تكلم خلال محاكمته الثلاثاء عن «شيء بنيوي يحصل هنا، هزة أرضية لم تكن منذ مائة سنة، منذ اتفاق (سايكس - بيكو 1916)».

وبحسب متابعين لسياسته فإنه لم يقصد بذلك إعطاء درس في التاريخ عن اتفاق من عام 1916 بين الدولتين العظميين الاستعماريتين في حينه، بريطانيا وفرنسا، اللتين قُسّمت بينهما أراضي الإمبراطورية العثمانية في الشرق الأوسط، وأوجدت منظومة الدول القائمة حتى الآن؛ بل قصد أنه يضع حداً لمنظومة الحدود في المنطقة.

ولربما باشر تكريس إرثه بصفته رئيس الحكومة الذي وسع حدود إسرائيل مثل دافيد بن غوريون وليفي أشكول، وليس الذي قلصها أو سعى لتقلصيها مثل مناحيم بيغن وإسحق رابين وأرئيل شارون وإيهود أولمرت وإيهود باراك.