أطراف نزاع الصحراء تتفق على جولة ثالثة من المحادثات

TT

أطراف نزاع الصحراء تتفق على جولة ثالثة من المحادثات

اتفق المشاركون في الجولة الثانية من المائدة المستديرة بين أطراف نزاع الصحراء، المنعقدة قرب جنيف أمس، على عقد لقاء ثالث يضم الأطراف ذاتها، وعلى الحاجة إلى المزيد من «بناء الثقة».
وعبر المشاركون في الاجتماع، الذي عقد بدعوة من هورست كولر، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة حول الصحراء، في البيان الختامي للاجتماع، بأن الجلسات مرت في جو من الصراحة والانفتاح والاحترام المتبادل. وشارك في الاجتماع كل من وزير الخارجية والتعاون المغربي ناصر بوريطة، ووزير خارجية الجزائر رمطان لعمامرة، ووزير خارجية موريتانيا إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وممثل جبهة بوليساريو.
وفي لقاء صحافي بمقر الأمم المتحدة في جنيف، عقده كولر عقب انتهاء الاجتماع، أكد هذا الأخير أنه «يجب عدم انتظار نتائج سريعة» من سلسلة المباحثات الجارية بين أطرف أزمة الصحراء تحت إشرافه، مشيرا إلى أن هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهد من أجل إرساء ثقة مختلف الفاعلين في أزمة الصحراء خلال المحادثات الجارية، والتي يؤطرها القرار الأخير لمجلس الأمن حول الصحراء.
ودعا كولر الأطراف المشاركة إلى إظهار المزيد من حسن النية خارج إطار المائدة المستديرة. وعقب الإدلاء بهذه الملاحظات، التي قال إنها ملاحظات خاصة، قام كولر بتلاوة البيان الختامي الصادر عن الاجتماع على الصحافيين.
وأشار البيان إلى أن «وفود كل من المغرب والجزائر وموريتانيا وجبهة البوليساريو، التقت يومي 21 و22 مارس (آذار) الحالي، في مائدة مستديرة ثانية نواحي جنيف، بدعوة من المبعوث الأممي للصحراء، وذلك بما يتوافق مع قرار مجلس الأمن 2440».
وأضاف البيان أن الوفود المشاركة رحبت بنتائج المائدة المستديرة السابقة، وأكدت التزامها بمواصلة العمل بجدية مع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للصحراء. مؤكدا أن الوفود المشاركة في الاجتماع ناقشت سبل إيجاد حل سلمي وواقعي، ودائم ومقبول من جميع الأطراف لنزاع الصحراء، بما يتوافق مع قرارات مجلس الأمن، والمحددات التي وضعها لتأطير الحوار بين الأطراف والحل السياسي المرغوب، والمتمثلة في الواقعية والتوافقية والاستمرارية.
وأشار مصدر دبلوماسي مغربي إلى أن هذا الشكل يكرس المشاركة الفعلية للجزائر في هذه المباحثات كطرف فاعل في الأزمة. كما أن التأكيد على محددات الواقعية والقابلية للتطبيق والتوافقية والاستدامة، يشكل دعوة للتخلي عن الأفكار المتحجرة والانخراط بحسن نية في المسلسل السياسي. وأشار المصدر ذاته إلى أن الاقتراح المغربي بمنح الحكم الذاتي للمحافظات الصحراوية في إطار الجهوية الموسعة، يتطابق كليا مع هذه المعايير، كما أنه يتمتع بترحيب واسع على المستوى الدولي.
في غضون ذلك، قال ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، في لقاء صحافي عقب انتهاء «لقاء جنيف 2»، إن المغرب «شارك في المائدة المستديرة الثانية، كما شارك في الأولى بروح بناءة وإيجابية، تحدوه الرغبة في المساهمة في إعادة إطلاق المسلسل السياسي الذي يريده مجلس الأمن والمجتمع الدولي».
وأوضح بوريطة أن مشاركة المغرب في هذا الاجتماع تستند إلى مرجعية وطنية واضحة، حددها العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة الذكرى الـ42 للمسيرة الخضراء في 6 نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، إضافة إلى المعايير والمواصفات، التي حددها قرار مجلس الأمن، والمتمثلة في الواقعية والاستمرارية والروح التوافقية.
وشدد بوريطة على أن مبادرة الحكم الذاتي، التي طرحها المغرب، تبقى هي الحل السياسي الوحيد الذي تنطبق عليه المواصفات التي حددها مجلس الأمن، سواء الواقعية أو القابلية للتحقيق والاستمرار، وأيضاً تقرير المصير، الذي أصبح مجرد عنصر من بين عناصر هذه المواصفات.
وأضاف بوريطة أن هذه المعايير والمواصفات التي حددها قرار مجلس الأمن تشكل بالنسبة للمغرب الإطار والنطاق المحدد لأي حل سياسي، إضافة إلى كونها تستبعد أي حديث عن الاستقلال أو الاستفتاء.
كما أشار بوريطة إلى أن الحديث حول موضوع الاندماج الإقليمي للمنطقة المغاربية أبرز وجود تقارب في الرؤى بين جميع الأطراف حول كلفة عدم قيام الاتحاد المغاربي، وحول تحديات وفرص التعاون الإقليمي، التي يمثلها بالنسبة للبلدان المغاربية الخمسة.
في سياق ذلك، نوه بوريطة بالمشاركة النشطة لممثلي الصحراء المنتخبين في المباحثات، ومساهمتهم القيمة في التعريف بمستوى النماء الذي تعرفه المحافظات الصحراوية، والمشاركة الديمقراطية للسكان في تدبير شأنهم المحلي وأجواء الحرية، التي تسود في محافظات الصحراء، بالإضافة إلى المجهود الذي يبدل من أجل إدماج العائدين إلى الوطن الأم.
وأضاف بوريطة: «إن على باقي الأطراف، بعد هذه الدورة الثانية للمائدة المستديرة، أن تبين للمنتظم الدولي حسن نيتها، وإرادتها السياسية في المضي قدماً باتجاه حل سياسي متطابق مع المعايير، التي وضعها مجلس الأمن»، داعياً باقي الأطراف إلى تقدير الفرصة التي تمنحها هذه الدينامية الفضلى من أجل الانخراط بحسن نية في المباحثات حول الحل السياسي، على أساس مبادرة الحكم الذاتي، التي توفر الإطار الأكثر واقعية لحل النزاع الإقليمي في الصحراء بشكل نهائي.
وخلص بوريطة إلى أن المغرب يعتبر أن الزخم والأجواء الجيدة التي مر فيها الاجتماع تبقى لوحدها غير كافية لضمان استمرارية هذه الدينامية. وقال بهذا الخصوص: «فقط الالتزام الصادق والقوي لباقي الأطراف سيمكن من إحداث قطيعة نهائية مع المواقف المتصلبة والمتجاوزة والذهاب قدماً لملقاة الواقعية والتوافق».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.