الأمم المتحدة: تغريدة الرئيس الأميركي لا تغيّر موقف الشرعية الدولية

TT

الأمم المتحدة: تغريدة الرئيس الأميركي لا تغيّر موقف الشرعية الدولية

أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، على لسان الناطق باسمه فرحان حق، لـ«الشرق الأوسط» أن «موقف الشرعية الدولية لن يتغير»، فيما يتعلق بالاحتلال الإسرائيلي للجولان السوري، مشدداً على «ضرورة التزام كل قرارات مجلس الأمن في هذا الشأن»، ورافضاً في الوقت ذاته التعقيب مباشرة على تغريدة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في شأن دعوته إلى الاعتراف بالمرتفعات المحتلة لجزء من إسرائيل.
ومن المقرر أن يبحث مجلس الأمن موضوع التمديد لقوة الأمم المتحدة لفك الاشتباك (أندوف)، في ضوء تقرير جديد أعده غوتيريش حول الأوضاع الهشة في المرتفعات المحتلة. وقال حق إن الأمم المتحدة «ملتزمة بكل قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة»، التي تنص على أن احتلال الجولان «عمل غير مشروع بموجب القانون الدولي»، وأكد أن «موقف الأمم المتحدة لم يتغير بعد تغريدة الرئيس الأميركي؛ نحن لا نرد على تغريدات».
وأصدر مجلس الأمن بالإجماع قراره رقم (497)، في 17 ديسمبر (كانون الأول) 1981، مؤكداً أن الإجراءات والقوانين الإسرائيلية في الجولان «لاغية وباطلة، وليس لها أثر قانوني دولي».
وفي تقريره الذي يتزامن مع تغريدة ترمب، عبر الأمين العام للأمم المتحدة عن «القلق البالغ من تصاعد التوتر» بين طرفي اتفاق فصل القوات، كما ظهر في أحداث 29 نوفمبر (تشرين الثاني)، و20 يناير (كانون الثاني)، و11 فبراير (شباط)، ملاحظاً «بقلق» النشاطات العسكرية المتواصلة، وتواجد الجماعات المسلحة السورية في منطقة الفصل على الجانب برافو (أي المنطقة المحررة من الجولان).
وأشار غوتيريش أيضاً إلى رسالة قدمها له المندوب الإسرائيلي الدائم لدى الأمم المتحدة، داني دانون، في 13 مارس (آذار) الجاري، حول وجود «شبكة إرهابية واسعة النطاق تابعة لـ(حزب الله)» في الجانب برافو، مضيفاً أن «(حزب الله) اغتنم الفرصة لإنشاء جبهة إرهابية سورية منها لمهاجمة إسرائيل»، وأوضح أن الشبكة تمتد من الحضر إلى أرنبة وخان أرنبة والقنيطرة، محملاً السلطات السورية المسؤولية الكاملة عن أي أعمال قد تحصل من هذه المنطقة. وقال دانون إن «إسرائيل لن تتجاهل تحويل سوريا ولبنان إلى جبهة عسكرية مشتركة ضدنا، وسترد بقوة لصد عدوان طهران»، واعتبر أن «مجلس الأمن لا يصنف (حزب الله) منظمة إرهابية، رغم تراكم الأدلة على وجود نشاط إرهابي واضح عبر الحدود»، وطالب مجلس الأمن بـ«التنديد بنشاط (حزب الله)، وتصنيفه منظمة إرهابية».
وأضاف غوتيريش أنه «ينبغي للقوات الإسرائيلية أن تمتنع عن إطلاق النار عبر خط وقف النار»، موضحاً أن «الوجود المتواصل للأسلحة والمعدات غير المرخصة في المنطقة المحدودة على جانب ألفا (أي الجزء المحتل من الجولان) يبعث أيضاً على القلق»، وشدد على أن هذه التطورات «تعرض للخطر اتفاق فصل القوات»، وحض الطرفين على «التحلي بأقصى درجة من ضبط النفس في كل الأوقات»، مكرراً أنه «ينبغي ألا تكون هناك قوى مسلحة في منطقة الفصل، غير تلك التابعة لـ(أندوف)»، وشجع أعضاء مجلس الأمن على «دعم الجهود المبذولة لتوعية كلا الطرفين بخطر التصعيد، والحاجة إلى الحفاظ على وقف النار القديم بين إسرائيل وسوريا»، مضيفاً أنه «لا يزال من الأهمية بمكان أن يحافظ الطرفان على صلاتهما بقوة الأمم المتحدة لمراقبة فك الاشتباك في المقام الأول، للحيلولة دون أي تصعيد للحالة عبر خط وقف النار»، ولاحظ «الدعم المستمر من الأطراف للجهود المتواصلة التي تبذلها قوة (أندوف) للعودة تدريجياً إلى عملياتها الكاملة من جانب (برافو)»، داعياً الطرفين إلى تقديم «كل الدعم اللازم للسماح باستخدام (أندوف) معبر القنيطرة بشكل كامل، تمشياً مع الإجراءات المعمول بها».
وأشار إلى أنه «مع مواصلة (أندوف) جهودها (...) في منطقة الفصل، يظل من الأهمية بمكان ضمان سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة»، إذ إن «الظروف التي تعمل في ظلها القوات والمراقبون العسكريون لا تزال تستوجب تدابير اليقظة وتخفيف المخاطر»، وطالب الحكومة السورية بـ«مواصلة الوفاء بمسؤوليتها الرئيسية عن سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة على الجانب برافو».
وقال غوتيريش إن «الالتزام المتواصل من إسرائيل وسوريا حيال اتفاق فك الاشتباك، ودعم وجود (أندوف)، لا يزالان أمراً أساسياً»، معولاً على «استمرار تعاون كلا الطرفين لتيسير النهوض بخطط البعثة للعودة التدريجية إلى العمليات والمواقع في منطقة الفصل، ولضمان أن تتمكن البعثة من تنفيذ ولايتها».

،



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.