تنديد عربي ودولي بتصريح ترمب بشأن الجولان

«الأوروبي» لن يعترف بسيادة إسرائيل على الهضبة... وروسيا اعتبرت دعوة الرئيس الأميركي «غير مسؤولة»

جنود أمميون في الجولان المحتل (أ.ف.ب)
جنود أمميون في الجولان المحتل (أ.ف.ب)
TT

تنديد عربي ودولي بتصريح ترمب بشأن الجولان

جنود أمميون في الجولان المحتل (أ.ف.ب)
جنود أمميون في الجولان المحتل (أ.ف.ب)
ندّدت الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي ودول عربية وغربية اليوم (الجمعة)، بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنّ الولايات المتّحدة ستعترف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان المحتلّة. 
وكان ترمب كتب في تغريدة، مساء أمس (الخميس): «بعد 52 عاماً، حان الوقت لكي تعترف الولايات المتحدة بالكامل، بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان»، مشيراً إلى أن هذه المنطقة الاستراتيجيّة التي احتلتها إسرائيل من سوريا في حرب 1967 وضمّتها، في خطوة لا يعترف بها المجتمع الدولي، تُعتبر «ذات أهمّية استراتيجيّة وأمنيّة بالغة لدولة إسرائيل واستقرار المنطقة».

وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، مساء أمس، إن «التصريحات الصادرة عن أقطاب الإدارة الأميركية، والتي تمهد لاعتراف رسمي أميركي بسيادة إسرائيلية على الجولان السوري المحتل، تعتبر خارجة بشكل كامل عن القانون الدولي».
وتابع في تصريحات صحافية: «كما أنه اعتراف - إن حصل - لا ينشئ حقوقاً أو يرتب التزامات، ويعتبر غير ذي حيثية قانونية من أي نوع».
وأكد أنّ «الجولان أرضٌ سورية محتلة، بواقع القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، وباعتراف المجتمع الدولي».
وتابع أن «قرار مجلس الأمن 497 لعام 1981 صدر بالإجماع، وأكد بصورة لا لبس فيها عدم الاعتراف بضم إسرائيل للجولان السوري، ودعا إسرائيل إلى إلغاء قانون ضم الجولان، الذي أصدرته في نفس ذاك العام».
وأكد أبو الغيط أن «الجامعة العربية تقف بالكامل وراء الحق السوري في أرضه المحتلة... ولدينا موقف واضح مبنيّ علي قرارات في هذا الشأن، وهو موقف لا يتأثر إطلاقاً بالموقف من الأزمة في سوريا».
ودعا الأمين العام للجامعة العربية الولايات المتحدة إلى مراجعة موقفها «الخاطئ والتفكير بعمق في تبعاته القريبة والبعيدة». 
من جانبها، أكدت مصر موقفها الثابت، باعتبار الجولان السوري أرضاً عربية محتلة، وفقاً لمقررات الشرعية الدولية، وعلى رأسها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 497 لعام 1981 بشأن بطلان القرار الذي اتخذته إسرائيل بفرض قوانينها وولايتها القضائيّـة وإدارتها على الجولان السوري المحتل، واعتباره لاغياً، وليست له أي شرعيّة دولية.
كما شددت وزارة الخارجية المصرية، في بيان، على ضرورة احترام المجتمع الدولي لمقررات الشرعية الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، من حيث عدم جواز الاستيلاء على الأرض بالقوة..
وأكد وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي موقف بلاده «الثابت بأن الجولان أرض سورية محتلة وفقا لجميع قرارات الشرعية الدولية التي تنص بشكل واضح وصريح على عدم جواز الاستيلاء على الأرض بالقوة».
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (بترا) عن الصفدي قوله إن «السلام الشامل والدائم يتطلب انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة، والجولان السوري جزء لا يتجزأ من هذه الأراضي المحتلة».
وأكد الصفدي «ضرورة التزام المجتمع الدولي بقرارات الشرعية الدولية».
كما أكد الاتحاد الأوروبي أنه لا يعترف بسيادة إسرائيل على الجولان، وقالت متحدثة باسم الاتحاد لوكالة «رويترز»: «موقف الاتحاد الأوروبي لم يتغيّر... الاتحاد الأوروبي لا يعترف، كما يتماشى مع القانون
الدولي، بسيادة إسرائيل على الأراضي التي تحتلها منذ يونيو (حزيران) 1967 بما فيها هضبة الجولان ولا يعتبرها جزءا من السيادة الإسرائيلية».
من جهتها، قالت وزارة الخارجية الفرنسية إن فرنسا لا تعترف بضم إسرائيل لهضبة الجولان وإن الاعتراف به يتعارض مع القانون الدولي.
وقالت الوزارة في إفادة يومية اعتيادية «الجولان أرض تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، وفرنسا لا تعترف بضم إسرائيل لها عام 1981»، مؤكدة أن «الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، وهي أرض محتلة، سيتعارض مع القانون الدولي وبخاصة الالتزام بألا تعترف الدول بوضع غير مشروع».
وفي السياق نفسه، قال الكرملين، اليوم، إنه لا يزال يأمل أن تظل دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان مجرد «دعوة»، وألا تتحول إلى إعلان رسمي.
وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، في مؤتمر صحافي عبر الهاتف: «إنها مجرد دعوة حتى الآن. دعونا نأمل أن تظل كذلك».
وأضاف المتحدث أن مثل هذه الدعوات تهدد بزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط على نحو خطير، وتضرّ جهود التوصل إلى تسوية سلمية في المنطقة.
وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، قالت في وقت سابق، إن تغيير وضع هضبة الجولان سيمثل انتهاكاً مباشراً لقرارات الأمم المتحدة، معتبرة دعوة ترمب «غير مسؤولة».
كما أكدت متحدثة باسم الحكومة أولريكه ديمر أن هضبة الجولان أرض سورية تحتلها إسرائيل. وقالت: «تغيير الحدود الوطنية لا بد أن يكون عبر وسائل سلمية بين جميع الأطراف المعنية».
وأضافت: «ترفض الحكومة الخطوات الأحادية».
من جانبه، حذّر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من أن تصريح ترمب بشأن الجولان يجرّ المنطقة إلى أزمة جديدة.
وفي كلمة خلال الاجتماع الطارئ لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول، لبحث تداعيات مجزرة المسجدين في نيوزيلندا، قال إردوغان: «لن نسمح إطلاقاً بشرعنة احتلال مرتفعات الجولان. تصريح ترمب حول مرتفعات الجولان يجر المنطقة إلى حافة أزمة جديدة».
وأكدت الرئاسة الفلسطينية، اليوم، أن شرعية القدس والجولان يحددها الشعب الفلسطيني والشعب السوري.
وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، في بيان صحافي، إن أي قرارات تتخذها الإدارة الأميركية مخالفة للقانون والشرعية الدولية لا قيمة لها، ولن تعطي الشرعية للاحتلال الإسرائيلي، وستبقى حبراً على ورق.
وأضاف: «أن هذا التصعيد الإسرائيلي، الذي يقابله انحياز أميركي أعمى، سيؤدى إلى مزيد من التصعيد والتوتر في المنطقة. ولن يتحقق السلم والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم إلا إذا طُبقت قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية الداعية إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة كافة، مقابل تحقيق السلام مع الدول العربية والإسلامية».
واحتلّت إسرائيل مرتفعات الجولان والضفة الغربية والقدس الشرقيّة وقطاع غزة في حرب 1967. وبعد ذلك ضمّت إسرائيل مرتفعات الجولان والقدس الشرقيّة، في خطوة لا يعترف بها المجتمع الدولي.
ويعيش في منطقة الجولان، المطلّة على الأراضي السورية، نحو 20 ألف مستوطن إسرائيلي.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».