الحكومة المغربية: إضراب الأساتذة لم يعد له مبرّر

أكدت استجابتها للمطالب المشروعة للأطر التعليمية

TT

الحكومة المغربية: إضراب الأساتذة لم يعد له مبرّر

غيّرت الحكومة المغربية لهجتها بخصوص إضرابات الأساتذة المتعاقدين، التي اقتربت من إنهاء أسبوعها الثالث على التوالي، وقالت إن «الإضراب لم يعد له مبرر»، بعد استجابتها للمطالب المشروعة للأطر، ومراجعة مقتضيات النظام الأساسي الخاص بتشغيلهم.
وقال مصطفى الخلفي، الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، في لقاء صحافي عقب اجتماع المجلس الحكومي أمس، إن الحكومة التزمت بمراجعة مقتضيات النظام الأساسي الخاص بأطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين: «بما يكفل للأطر الاستقرار المهني والأمن الوظيفي، ويمكنهم من نفس الحقوق التي يتمتع بها باقي الأساتذة، ويرتب عليهم نفس الواجبات».
وأضاف الخلفي أن استمرار الإضراب «لم يعد له مبرر سوى السعي إلى تحقيق أهداف سياسية لا علاقة لها بمصالح الأساتذة، وإلى استهداف إرباك المرفق العام»، وذلك في إشارة إلى وجود أطراف من خارج الأساتذة تستغل الملف، وتستثمره لتحقيق مكاسب سياسية.
وشددت الحكومة على موقفها الثابت من التوظيف الجهوي، الذي تعتبره «خيارا استراتيجيا لا رجعة فيه، ويندرج في إطار إرساء الجهوية المتقدمة، وتفعيل ميثاق اللاتمركز الإداري، وتحقيق العدالة المجالية والدفاع عن المدرسة العمومية، وتوفير شروط مدرسة النجاح».
ووجهت الحكومة رسالة طمأنة لأسر التلاميذ، أكدت فيها أنها ستواصل اتخاذ «جميع التدابير اللازمة من أجل ضمان حق جميع التلاميذ في التمدرس، عبر تأمين الزمن المدرسي، واستمرارية المرفق العام في كافة المؤسسات التربوية»، وذلك ردا على التقارير التي تحدثت عن تهديد إضرابات الأساتذة للموسم الدراسي.
وزاد الخلفي مبينا أن الحكومة «لن تتوانى في التصدي لكل الممارسات، التي لا تحترم القانون، وتستهدف المس بالأمن العمومي، مهما اتخذت من ذرائع، أو رفعت من شعارات»، مؤكدا في الآن ذاته حرصها التام على ضمان ممارسة الحقوق والحريات التي يكفلها الدستور.
في غضون ذلك، أكد الخلفي أن الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين «مؤسسات عمومية لها مواردها البشرية الذاتية، التي تديرها في إطار قوانينها وأنظمتها الخاصة، التي لا تخضع للوظيفة العمومية، شأنها في ذلك شأن المؤسسات العمومية الأخرى». موضحا أن الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين تستفيد من تمويل الدولة عن طريق «اعتمادات سنوية ملزمة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتخلى الدولة عن تمويل هذه المؤسسات التي تؤدي خدمة عمومية، وهي ضمان الحق في التعليم»، مبرزا أن توجه الدولة يسير نحو مزيد من الدعم المالي لقطاع التعليم والبرامج المرتبطة به.
وبينت الحكومة أن التوظيف الجهوي بالأكاديميات «لا علاقة له بالتراجع عن مجانية التعليم»، وأكدت على لسان الناطق الرسمي باسمها أن مجانية التعليم «خيار أساسي للدولة؛ خصوصاً مع تبني توسيع سنوات إلزامية التعليم»، معتبرة أن ما يتم ترويجه بهذا الشأن مجرد «مغالطات».
وأشار الخلفي إلى أن التوظيف الجهوي مكن من توفير الأطر التعليمية بـ«أضعاف ما كان يتحقق في السابق»، موضحا أن المواسم الدراسية الأربع الأخيرة، شهدت «تشغيل 70 ألف إطار تربوي، مقارنة بنحو 60 ألف خلال السنوات الثماني السابقة، وذلك سعيا للحد من نسبة الاكتظاظ في الأقسام الذي يؤثر على جودة التعليم».



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.